|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 48447
|
الإنتساب : Feb 2010
|
المشاركات : 531
|
بمعدل : 0.10 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ابو طالب العاملي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
شرح القدر بإيجاز
بتاريخ : 15-04-2010 الساعة : 03:54 AM
لفائدة المتابع سأقوم بشرح القدر بإيجاز داعيا المولى التوفيق في التوضيح ..
كما ذكرنا فإن الإيمان بالقدر من أركان الإيمان التي يجب على المؤمن الإيمان به و التيقن منه ، و للقدر أربع مراتب ..
المرتبة الأولى هي : العلم .. و هو أن يؤمن المسلم بأن الله سبحانه و تعالى يعلم كل شيء قبل حصوله و حدوثه ، و يعلم ما كان و ما يكون و ما سيكون و ما لم يكن لو كان كيف يكون .
المرتبة الثانية هي : الكتابة ... وهو أن يؤمن المسلم بأن الله كتب ما علمه بعلمه الأزلي في اللوح المحفوظ .
المرتبة الثالثة هي : المشيئة ... و هو أن يؤمن المسلم أن مشيئة الله هي التي تسيّر الكون ، فلا شيء يقع في الكون إلا بإذنه و مشيئته و إرادته .
المرتبة الرابعة هي : الخلق و الإيجاد .. و هو أن يؤمن المسلم أن الله هو خالق كل شيء و موجدها .
و القدر أنوع ،:
النوع الأول ما لا يتسطيع الإنسان تغييره مثل نواميس الكون و حركة الأرض و الشمس و يوم موت الإنسان و عمره و أبوه و أمه .. فلا يستطيع إنسان أن يتحكم في أمه فيقرر قبل أن يولد أن تكون أمه فلانه .. بل يأتي إلى الحياة و هو ابن فلان و ابن فلانة دون أن يكون للإنسان أي دخل في أبويه ..
النوع الثاني : ما لا يستطيع الإنسان تغييره و لكن قد يخفف منه أو يزيد فيه بعض الشيء ، مثل الغريزة و لونه و شكله الخارجي الذي خلقه الله به و كونه ولد أعمى أو بصير أو عاقل أو مجنون أو مشلول ، فهي أمور لا دخل للإنسان بها و لا يستطيع تغييرها و لكن قد يأثر فيها بعض الشيء ، فتجده يحاول أن يكون بصيرا رغم أنه أعمى أو يغير لونه الخارجي و ماشابه ..
و النوع الأول و الثاني لا يحاسب الله العبد عليها ، إذ لا دخل للإنسان فيها ، فلا يسأله عن سيرة أبيه و أمه إذ لا دخل له بما كانا يفعلان قبل ولادته و لا يسأله عن شكله و لونه و حجمه إلى غير ذلك ... و المسلم يتعامل مع هذه الأنواع من القدر بالرضى .. فيرضى الأسود على سواده و يرضى المشلول على شلله و الأعمى على عماه و يكونوا على يقين تام أن الله سيأجرهم على هذا الابتلاء إن هم سلّموا له و رضوا بقدره ..
النوع الثالث : أمور بيد الإنسان و هي أعماله التي يقوم بها في الحياة ، من ذهاب و إياب و أخذ و عطاء و طاعة و معصية إلى غير ذلك .. و هذا النوع هو الذي يحاسب الله الناس عليها و يحاكمهم فيها و يسألهم عنها إذ أعطاهم حق التصرف و الاختيار و عمل ما يرغبون ...
و جميع الأنواع الثلاثة خاضعة لعلم الله و كتابته و مشيئته و إيجاده ...
و ما يستشكل على الغالب إدراكه هو النوع الثالث و هو أعمال الإنسان .. فكيف يكون الإنسان مخير و في نفس الوقت لا يقع شيء إلا بإذن الله و إرادته ؟؟
و جواب ذلك الآتي :
لنفرض أن شخصا اسمه فاضل ما قرر أن يذهب إلى محاضرة دينية في أحد المساجد الساعة الساعة مساءا غدا ..
لو استطاع إنسان أن يرى الغد سيرى ما سيحدث و بالتالي لو رجع إلى اليوم فسيخبرنا عن ما سيحدث غدا ، هذا الذي يخبرنا لا دخل له بما رآه ، بل هو يصف ما شاهده كل مافي الأمر أنه استطاع أن يذهب إلى المستقبل و يرى المستقبل قبل أوانه .. مثل الرسول الذي عرج إلى السماء و رأى الجنة و النار و من فيها و رآى بعض الأمور المستقبلية و أخبر الناس بها .. فالرسول لا دخل له بما سيحدث في آخر الزمان من خروج الدجال و تقاتل الناس ، و لكنه علم بذلك من علم الله بما سيحدث ..
و بالتالي فهمنا معنى علم الله بما سيحدث ، فالله سبحانه علمه أزلى يعلم ما سيقوم به البشر قبل أن يخلقهم ، و لم يحتاج إلى أن يذهب إلى المستقبل و يتأكد من معلوماته جل و على عن ذلك ، بل هو علاّم الغيوب فما سيكون مثل ما هو كائن في علمه مثل ما قد كان .. و حيث أنه علم بأن " فاضل " سيذهب إلى محاضرة دينية يوم كذا الساعة السادسة مساء ، كتب ذلك في اللوح المحفوظ الذي فيه مقادير الخلق و كل مافي الكون ..
و عليه أعتقد أن مرتبة العلم و الكتابة واضحان .. و الآن وصلنا إلى مرتبة المشيئة
صديقنا فاضل يجب عليه أن لا يقول و يجزم أنه سيذهب إلى المحاضرة غدا بلا شك ولا ريب .. فهذا خطأ ، لأن ذهابه مرهون بمشيئة الله و إرادته في حصول إرادة فاضل ... فقد يشاء الله أن يمرض فاضل و لا يذهب إلى المحاضرة أو يتعرض لحادث في الطريق فلا يذهب أو ما شابه .. فبرغم إرادة الإنسان في فعل الأمر لكن على أرض الواقع لا يقع إذا إذا أذن الله أن يقع ما يريده الإنسان ، فإن شاء أن يقع وقع و إن شاء أن لا يقع لا يقع .. و لكن الله سبحانه يحاسب الإنسان على إرادته و نيته في عمل الأمر و ليس في وقوعه على الحقيقة .. بمعنى أن فاضل إن تعرض لحادث حال دون ذهابه للمحاضرة فسيأجره الله و يثيبه و كأنه حضر المحاضرة تماما لأن الله يجزي على النية و الإرادة و ليس على وقوع العمل .. لذلك من يصلي رياءا فإن الله يعاقبه لأن إرادته في الصلاة كانت ليراه الناس ، فيحاسب الله الناس على إرادتهم الباطنة في القيام بالعمل و هذا بيد الإنسان المحض لأن الله أعطاه الخيار فيه ، أما وقوع هذه الإرادة على الواقع فمرهون بإذن الله في حدوثه ..
و عليه فالله سبحانه قد أعطى الإنسان حرية الإختيار و الإرادة لفعل ما يشاء ، و عادة ما يأذن الله في وقوع ما عزم عليه الإنسان ، و لكن أحيانا كثيرة لا يأذن بذلك ، و في كلا الحالتين يحاسب الإنسان على ما عزم القيام به .. فهناك إرادتين :
1 - إرادة فعل الفعل
2 - إرادة حصول الفعل
إرادة فعل الفعل هي باختيار الإنسان و محض إرادته ، فقد يريد الإنسان أن يحج و قد يريد أن يذهب إلى الخمارة ليشرب الخمر ، فالله أعطى للإنسان حرية اختيار العمل الذي يريده .. و هنا إرادة فعل الفعل
و لكن .. هل كل ما يريده الإنسان سيحدث بغض النظر خير أو شر ؟؟
الجواب لا .. لأن حصول الفعل مرهون بإرادة حصوله و هي من الله .. فهذا الرجل الذي عزم و قرر الحج ، قد يشاء الله أن تقع إرادته فيحج ... فيثيبه الله على إرادته في فعل الفعل و يثيبه على حصول الفعل على أرض الواقع و قيامه بشعائر الحج ... و قد يشاء الله أن لا يحج ، فتحدث ظروف تحول دون سفره للحج ، و في هذه الحالة يثيبه الله كذلك على إرادة فعل الفعل و كأنه حج تماما فهي كالهدية السماوية أجر بلا عمل .. و هي أجر النية الصادقة ، كالذي يعزم على القيام لصلاة الفجر و يغلبه النوم و لا ينتبه للمنبه ... و بالنسبة لإرادة الشر ، فذك الذي قرّر أن يشرب الخمر في الخمارة ، فإن إرادته لا تقع إلا إذا أذن الله أن تقع ، فإن شاء أن تقع ، فإن هذا الشخص سيذهب إلى الخمارة و يشرب و حينها يأثم على إرادته في فعل الفعل و على حصول الإرادة و الفعل على الحقيقة ... و قد يشاء الله أن لا يقع فيتعرض هذا الشخص لحادث يحول دون ذهابه للخمارة أو يتصل به شخص مهم يغير مساره ، فإن كان الشخص مصر على الذهاب للخمارة و لكن القدر هو من حال دون ذلك فإنه يأثم على إرادته لفعل الحرام حتى و إن لم يفعله ، أما إن غير إرادته و ندم و حمد الله أنه لم يأذن في حصول ما أراده في قرارة نفسه ، فحينها يثيبه الله على تغيير الإنسان أردة فعل الفعل القبيح إلى ندم و توبة حتى و إن لم يفعله و هذا من رحمة الله على خلقه ..
أطلت الاسهاب في التوضيح و ذلك لأن كثييرين لا يفهمون معنى القدر و كيف أن الإنسان مخير في اختيار ما يريد فعله و لكنه في نفس الوقت لا يقوم بأمر إلا إذا أذن الله في حصوله سواء خيرا أو شرا .. لكن الإنسان لا يحمل الله المسؤولية لأن الإنسان هو من قرر من البداية أن يفعل ، و الله فقط سمح بحصول ما قرره الإنسان و إن كان أمرا يكرهه و ذلك لأن الله أعطى الإنسان الحرية و الخيار فسمح له بالقيام بما لا يرضيه !
أما المرتبة الأخيرة وهي الخلق و الإيجاد هو أن جميع مافي الكون هو من خلق الله ، فلا يقول شخص أن الله خلق الحلال فقط و لم يخلق الحرام ، بحجة أن فعل الإنسان للحرام ناتج عن خلق الله للحرام فلو لم يكن الله خلق خنزيرا لما أكله أحد . و هذا ضلال كبير ، فالله خلق البقرة و خلق الخنزير على سبيل المثال ، و أحل أكل البقرة و حرم أكل الخنزيرة ، و أعطى الإنسان حرية الاختيار في فعل من يشاء ، فمن شاء أكل البقرة و من شاء أكل الخنزير مع العلم أنه محاسب في حاله اختياره فعل القبيح .. و لكنه لا يتحمل مسؤولية فعل الإنسان القبيح بحجة أنه الذي خلقه ، فهو خلقه للامتحان و الاختبار وليس للأكل ..
أتمنى أن من قرأ شرحي استفاد منه و الله ولي التوفيق ...
|
|
|
|
|