|
شاعر
|
رقم العضوية : 39574
|
الإنتساب : Aug 2009
|
المشاركات : 1,995
|
بمعدل : 0.36 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
زكي الياسري
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:50 AM
وبنص الأخبار الكثيرة الواردة في كتبنا وفي كتب كبار علمائكم الأعلام أن النبي (ص) قال: من سبّ عليا فقد سبّني وسب ّالله سبحانه.
وأما قولكم: إن هذا الكلام من موضوعات الشيعة، فهو اشتباه محض ، لأنكم تقيسون القضايا على أنفسكم، وأن كثيرا منكم لا يتورعون من الكذب وكيل الاتهامات على شيعة آل محمد (ص) من أجل الوصول إلى غاياتهم الدنيوية، فيغوون بكلامهم الباطل العوام الجاهلين، ولا يخشون يوم الدين ومحاسبة رب العالمين.
عبد السلام: إنما أنتم الشيعة كذلك! فأنت أحد علمائهم، وفي مجلسنا هذا لا تتورع عن سبّ الصحابة الكرام، والافتراءات عليهم، فكيف تتورع من الافتراء على علمائنا الأعلام؟!
قلت: ولكن التاريخ يشهد على خلاف ما تدعيه، فإن أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم منذ قبض رسول الله (ص) مضطهدون ومشردون ومحاربون!
إذ أن حكومة بني أمية حين أسست قررت محاربة آل محمد (ص) وعترته الطاهرة، وأعلنوا على المنابر سبّ علي بن أبي طالب ولعنه، وهو أبو العترة وسيدهم ، بل أمعنوا في السب واللعن حتى سبّوا الحسن والحسين وهما سبطا رسول الله و ريحانتاه وسيدا شباب أهل الجنة.
وقاموا بمطاردة الشيعة حتى إذا ظفروا بهم سجنوهم وعذبوهم، وكم قتلوا منهم صبرا تحت التعذيب!!
والمؤسف أن بعض علمائكم كانوا يساندون أولئك الظلمة ويفتون بمشروعية تلك الأعمال الجنائية والإجرامية!!
وبعضهم يحوكون الأكاذيب والأباطيل بأقلامهم المأجورة فينسبونها على الشيعة على أنها من معتقداتهم! وبناء عليها يحكمون على الشيعة المؤمنين بالكفر والشرك والرفض والغلو، وما إلى ذلك من التهم والأباطيل، فيزرعون في قلوب أتباعهم ، العوام الغافلين، بذور عداوة الشيعة المؤمنين.
عبد السلام: إن علماءنا الأعلام كتبوا عن واقعكم ولم ينسبوا إليكم ما ليس فيكم، وإنما كشفوا عن أعمالكم الفاسدة وعقائدكم الباطلة، فاتركوها حتى تسلموا من أقلام علمائنا الكرام.
مفتريات ابن عبد ربه
قلت: ما كنت أحب أن أخوض هذا البحث وأسوق الحديث في هذا الميدان، ولكنك اضطررتني إلى ذلك، فأبين الآن لمحة للحاضرين حتى يعرفوا كيف ينسب علماؤكم إلينا ما ليس فينا!!
فأقول: أحد كبار علمائكم، المشهور بالأدب واللغة، هو شهاب الدين أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي المالكي، المتوفي سنة328 هجرية، ففي كتابه العقد الفريد 269/1: يعبر عن الشيعة الموحدين المؤمنين، بأنهم يهود هذه الأمة، ثم إنه كما يتهجم على اليهود والنصارى ويبدي عداءه لهم، يتهجّم على شيعة آل محمد (ص) ويظهر لهم البغض والعداء.
ومن جملة مفترياته وأباطيله على الشيعة، يقول:
الشيعة لا يعتقدون بالطلاق الثلاث، كاليهود...
الشيعة لا يلتزمون بعدة الطلاق!
والحال أن أكثر الحاضرين من أهل السنة في المجلس يعاشرون الشيعة ويتزاورون معهم يشهدون بخلاف هذا العالم المعاند الضالّ المضلّ.
وأنتم إن كان عندكم أدنى اطلاع على فقه الشيعة فستعرفون بطلان كلام ابن عبد ربه، وإن لم يكن عندكم اطلاع فخذوا أي كتاب شئتم من فقه الشيعة واقرءوها حتى تعرفوا أحكامنا حول مسألة الطلاق الثلاث وعدة الطلاق.
ثم إن عمل الشيعة في كل مكان بمسائل الطلاق والتزامهم بالعدة، أكبر دليل على بطلان كلام ابن عبد ربه.
ويقول هذا المفتري أيضا: إن الشيعة كاليهود، يعادون جبرئيل، لأن في اعتقادهم أنه أنزل الوحي على محمد بدل أن ينزله على علي بن أبي طالب!
" الشيعة الحاضرون كلهم ضحكوا من هذا الكلام "
فتوجهت إلى العامة الحاضرين وقلت لهم: انظروا هؤلاء الشيعة كلهم ضحكوا من هذا الكلام السخيف وسخروا منه، فكيف يعتقدون به؟!
فلو كان ابن عبد ربه يطالع كتب الشيعة ويحقق في معتقداتهم ما كان يتكلم بهذا الكلام المهين، وما كان اليوم يظهر جهله للحاضرين، أو يحكم عليه بأنه من المغرضين، وفي قلبه داء دفين، يريد أن يفرق بين المسلمين!!
أما نحن الشيعة فنعتقد أن محمدا المصطفى هو خاتم الأنبياء، بل نصدق الحديث النبوي الشريف: " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " فهو نبي مبعوث من عند رب العالمين، اختاره، واصطفاه، واجتباه، وأرسله للناس أجمعين، ونعتقد بأن جبرئيل هو أمين وحي الله، وهو معصوم ومصون عن الخطأ والسهو والاشتباه.
ونعتقد أن الإمام علي (ع) منصوب بأمر الله تعالى في مقام الولاية والإمامة، فهو خليفة النبي (ص) بلا فصل، نصبه رسول الله (ص) بأمر الله عز وجل يوم الغدير.
ويقول ابن عبد ربه الضال المضل: ومن وجوه الشبه بين الشيعة واليهود، أنهم لا يعملون بسنة النبي (ص)، فهم عندما يتلاقون لا يسلّمون، بل يقولون: السام عليكم!
" ضحك الشيعة الحاضرون، ضحكا عاليا "
فوجهت كلامي إلى العامة، وقلت: وإن معاشرتكم مع الشيعة في هذا البلد وتحيتهم معكم وفيما بينهم، بتحية الإسلام: " السلام عليكم " ينفي مزاعم هذا الإنسان وأباطيله.
ويستمر ابن عبد ربه في أكاذيبه ومفترياته على شيعة آل محمد (ص) فيقول: إن الشيعة كاليهود، يحلون قتل المسلمين ونهب أموالهم!!
أقول: إنكم تعيشون مع الشيعة في بلد واحد وتشاهدون معاملتهم الحسنة معكم ومع غيركم.
فنحن الشيعة لا نحل دماء وأموال أهل الكتاب (غير المحاربين) فكيف نحل دماء وأموال إخواننا المسلمين من أهل السنة والجماعة؟!
وإن حق الناس عندنا من أهم الحقوق، وقتل النفس من أعظم الذنوب وأكبر حوب!
هذه بعض مزاعم وأباطيل أحد علمائكم ضد الشيعة.
والوقت لا يسمح لأكشف لكم أكثر مما ذكرت من كلماته الواهية السخيفة.
مفتريات ابن حزم
وأبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، المتوفى سنة 456 هجرية، هو أشهر علمائكم المعروف بحقده وعدائه للشيعة، فلقد تحامل على شيعة أهل البيت (ص) وافترى عليهم في كتابه " الفصل في الملل والنحل " الجزء الأول، فيقول: إن الشيعة ليسوا بمسلمين، وإنما اتخذوا مذهبهم من اليهود والنصارى!
وقال في الجزء الرابع من الكتاب نفسه، صفحة 182: الشيعة يجوزون نكاح تسعة نساء!
ويظهر كذب الرجل وافتراءه علينا إذا راجعتم كتبنا الفقهية، فقد أجمع فقهاؤنا الكرام في كتبهم: أن نكاح تسعة نساء في زمان واحد هو من خصائص رسول الله (ص)، ولا يجوز لأحد من رجال أمته، بل يجوز لهم نكاح أربعة نساء في زمن واحد بالنكاح الدائم، بدليل الآية الكريمة: ( فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)(14).
فإذا طالعتم مجلدات كتاب " الفصل في الملل والنحل " وتقرءون سبابه وشتمه وكلامه البذيء للشيعة المؤمنين لعرق جبينكم خجلا، لانتسابه إليكم، وأنه يعد من علمائكم!!
مفتريات ابن تيميّة
وأحد علمائكم الذي اشتهر بشدة عدائه للشيعة الأبرار الأخيار، هو أحمد بن عبد الحليم الحنبلي، المعروف بابن تيمية، المتوفى سنة 728 هجرية وهو حاقد لا على الشيعة فحسب، بل يكمن في صدره بغض الإمام علي (ع) والعترة الطاهرة.
ولو يطالع أحدكم مجلدات كتابه المسمى بـ: " منهاج السنة " لوجدتم كيف يحاول الرجل أن يخدش في كل فضيلة ومنقبة ثابتة للإمام علي بن أبي طالب وأبنائه الطيبين والعترة الطاهرين!
فكأنه آلى على نفسه أن لا يدع فضيلة واحدة من تلك الفضائل والمناقب ـ التي لا تعد ولا تحصى لأهل البيت (ع) ـ إلا يردها ويرفضها أو يشكك فيها ! حتى التي أجمعت الأمة على صحتها ورواها أصحاب الصحاح.
ولو أردت أن أذكر لكم كل أكاذيبه وأباطيله لضاع الوقت، ولكن أذكركم لكم نبذة من كلامه السخيف وبيانه العنيف! لكي يعرف جناب الشيخ عبد السلام، أن الافتراء والكذب من خصائص وخصال بعض علمائهم لا علماء الشيعة!!
والعجب أن ابن تيمية بعد ذكر أباطيله وأكاذيبه وافترائه على الشيعة المؤمنين، يقول في الجزء الأول من " المنهاج " صفحة 15: لم تكن أية طائفة من طوائف أهل القبلة مثل الشيعة في الكذب، فلذا أصحاب الصحاح لم يقبلوا رواياتهم ولم ينقلوها!
وفي الجزء العاشر، صفحة 23 يقول: أصول الدين عند الشيعة أربعة : " التوحيد والعدل والنبوة والإمامة " ولم يذكر المعاد، مع العلم أن كتبنا الكلامية التي تبين عقائد الشيعة منشرة في كل مكان وفي متناول كل إنسان.
وكما أشرنا في بعض مجالسنا السالفة: فإن الشيعة تعتقد أن أصول الدين ثلاثة: التوحيد والنبوة والمعاد، وبحث عن عدل الباري سبحانه ضمن التوحيد، وتجعل الإمامة جزء النبوة.
وفي الجزء الأول، صفحة 131، من " منهاج السنة " يقول: إن الشيعة لا تعتني بالمساجد، فمساجدهم خالية من المصلين، غير عامرة بصلاة الجمعة والجماعة، وبعض الأحيان يحضر بعضهم في المسجد فيصلي فرادى!!
وجهت خطابي حينئذ إلى الشيخ عبد السلام وقلت: أيها الشيخ! أسألك وأسأل الحاضرين، أما تنظرون بأعينكم إلى مساجد الشيعة في بلادكم وهي عامرة أوقات الصلوات بكثرة المصلين وإقامة الجماعة بالمؤمنين؟!
وهذه إيران، وهي عاصمة الشيعة، نجد في كل مدينة منها، بل في كل قرية منها مساجد عديدة، مبنية بأحسن شكل وأجمل بناء وهندسة، وفي أكثرها، أو كلها، تقام الصلوات في أوقاتها جماعة.
(عرضت لهم تصاوير عن صلوات الجماعة لعلماء الشيعة).
وأنتم العلماء! راجعوا كتبنا الفقهية سواء المفصلة أو المجملة ، كالرسائل العملية لمراجع ديننا المعاصرين، تجدون فيها فصولا ومسائل كثيرة في ثواب الصلاة في المسجد وصلاة الجماعة، فإن ثوابها أضعاف الصلاة في البيت أو الصلاة فرادى.
ويستمر ابن تيمية في افترائه على شيعة أهل البيت (ع) في نفس الصفحة فيقول: الشيعة لا يحجون بيت الله الحرام كسائر المسلمين، وإنما حجهم يكون زيارة القبور، وثواب زيارة القبور عندهم أعظم من ثواب حج بيت الله الحرام، بل هم يلعنون كل من لا يذهب إلى زيارة القبور!!
" ضحك الشيعة من هذا الكلام ضحكا عاليا "
والحال أنكم إذا راجعتم موسوعاتنا الفقهية، وكتبنا العبادية، لرأيتم مجلدات عديدة باسم: كتاب الحج، وهي تحتوي على آلاف المسائل عن كيفية أداء الحج وأحكامه ومسائله الفرعية.
وكل فقيه يقلده الناس في الأحكام الشرعية لابد أن ينشر كتابا باسم " مناسك الحج " حتى يعمل مقلدوه وتابعوه وفق ذلك.
ورأى جميع فقهائنا الكرام وعلمائنا الأعلام: أن تارك الحج ـ المستطيع الذي يترك الحج عنادا ـ كافر، يجب الاجتناب منه والابتعاد عنه، عملا بالآية الكريمة: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)(15).
والتزاما بالحديث الشريف: " يقال لتارك الحج: مت إن شئت يهوديا أو نصرانيا ".
فهل بعد هذا كله، يترك الشيعة حج بيت الله؟!
ثم بإمكانكم أن تذهبوا عند قبور أئمة أهل البيت (ع) وهي أفضل المزارات عند الشيعة، واسألوا الزائرين وحتى السوقيين منهم والقرويين: أن أداء الحج، أين يكون وكيف يكون؟؟ تسمعون الجواب منهم: إنه يكون في مكة المكرمة... إلى آخره.
ثم نجد هذا الرجل المفتري الكذاب، وهو: ابن تيمية، يتهم أحد مفاخر العلم والدين، وأحد كبار علماء المسلمين، وهو الشيخ الجليل، والحبر النبيل ، العلامة محمد بن محمد النعمان، المعروف بالشيخ المفيد (قدس سره)، فيقول: إن له كتابا باسم: " مناسك حج المشاهد " بينما لم يكن لفضيلة الشيخ المفيد هكذا كتاب وإنما له كتاب باسم: " منسك الزيارات " وهو في متناول الأيدي، ويحتوي على التحيات والعبارات الواردة قراءتها عند مشاهد ومراقد أئمة أهل البيت (ع).
ولو راجعتم كتب الشيعة التي ألفت في الزيارات والمزارات تجدون فيها تأكيد المؤلفين على أن زيارة المشرفة والمراقد المتبركة، مندوبة وليست واجبة.
وإن أكبر دليل قاطع، وبرهان ساطع، على كذب ابن تيمية وافترائه علينا، أنكم تشاهدون في كل عام عشرات الآلاف من الشيعة يحجون ويقصدون بيت الله الحرام في الموسم، ويحضرون في الموقف بعرفات والمشعر الحرام مع إخوانهم المسلمين من سائر المذاهب.
وقد ورد في كتب الأدعية عندنا أهل البيت (ع)، في أدعية شهر رمضان المبارك، أن يقرأ في الليل والنهار وفي الأسحار: اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام، ولا تخلني من تلك المواقف الكريمة، والمشاهد الشريفة، و زيارة قبر نبيك والأئمة (ع).
ويقول الحاقد المعاند، في الجزء الثاني من كتابه " منهاج السنة ": الشيعة ينتظرون إمامهم الغائب، ولذلك في كثير من البلاد كمدينة سامراء، يذهبون إلى سرداب هناك ويهيئون فرسا أو بغلا أو غيره، ويصيحون وينادون باسم إمامهم ويقولون: نحن مسلحون ومهيئون لنكون معك ونقاتل بين يديك، فاظهر واخرج!!
ثم يقول: وفي أواخر شهر رمضان المبارك يتوجهون نحو المشرق وينادون باسم إمامهم حتى يخرج ويظهر.
ويستمر في خزعبلاته قائلا: ومن بينهم من يترك الصلاة، حتى لا تشغلهم الصلاة عن إدراك خدمة الإمام (ع) لو ظهر.
(ضحك الحاضرون كلهم)
فهذه الأراجيف والكلام السخيف من ابن تيمية الجلف العنيف، ليس بعجيب، لكني أتعجب من بعض علماء مصر وسوريا، الذين كنا نعتقد أنهم أهل علم وتحقيق لا أهل وهم وتحميق!! كيف قلدوا ابن تيمية وكرروا خزعبلاته الهزلية وكلماته الهستيرية.
مثل: عبد الله القصيمي في كتابه " الصراع بين الإسلام والوثنية ".
ومحمد بن ثابت المصري في كتابه " جولة في ربوع الشرق الأدنى ".
وموسى جار الله في كتابه " الوشيعة في نقد علماء الشيعة "
وأحمد أمين المصري في كتابيه: " فجر الإسلام " و " ضحى الإسلام ".
وغير هؤلاء من دعاة التفرقة والطائفية وأصحاب الجاهلية العصبية.
وهناك بعض الجاهلين منكم اشتهروا بالعلم والتحقيق، وانتشرت كتبهم، وأصبحت عندكم من المصادر المعتمدة حتى أخذتم كل ما جاء فيها حول الشيعة وجعلتموها من المسلمات الحتمية.
منهم محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، وهو من علمائكم وكتابه " الملل والنحل " مشهور عندكم، وقد أصبح من مصادركم المعتمدة، بينما أهل العلم والتحقيق يرفضون هذا الكتاب ولا يعتمدون عليه أبدا، لأنه مشحون بالأخبار الضعيفة، بل الأخبار الباطلة المخالفة للواقع!
فمثلا: ضمن وصفه للشيعة الاثني عشرية يقول: بعد الإمام محمد التقي، الإمام علي بن محمد النقي ومشهده في مدينة قم بإيران!!
بينما كل من عنده اطلاع عن تاريخ الإسلام وعلم الرجال، يعلم أن الإمام علي بن محمد النقي (ع) مرقده في مدينة سامراء بالعراق، وتعلوه قبة ذهبية عظيمة لامعة، أمر بتذهيبها المرحوم ناصر الدين شاه، الملك القاجاري الإيراني.
ومن هنا نعرف مدى علم الشهرستاني وتحقيقاته العلمية والتاريخية حول الشيعة!! فيسمح لنفسه أن ينسب إليهم أنهم يعبدون علي بن أبي طالب، وأنهم يعتقدون بتناسخ الأرواح والتشبيه، وما إلى ذلك، مما يدل على جهله وعدم اطلاعه على الملل والنحل!!
يكفينا هذا المقدار في هذا الإطار، وقد ذكرته ليعرف الشيخ من الكاذب والمفتري، فلا يقول بعد هذا: إن علماء الشيعة يكذبون ويفترون على علماء العامة، فقد ثبت أن الأمر على عكس ما قاله الشيخ عبد السلام.
الكلام في ذم أبي هريرة
ولكي يعرف الشيخ أن الشيعة لم ينفردوا في ذم أبي هريرة، بل كثير من علماء العامة ردوا عليه أيضا ورفضوا رواياته، أنقل بعض ما جاء منهم في هذا المجال:
1ـ ابن أبي الحديد، في شرح نهج البلاغة: 4/63 ـ ط دار إحياء التراث العربي، قال: وذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى... أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (ع)، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلا وعطايا مغرية، فاختلفوا ما أرضاه ، منهم: أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين: عروة بن الزبير...
وفي الصفحة 67 من الجزء نفسه ذكر ابن أبي الحديد، أن أبو جعفر قال: وروى الأعمش، قال لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة، جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبته ثم ضرب صلعته مرارا وقال:
يا أهل العراق! أتزعمون أني أكذب على الله وعلى رسوله، وأحرق نفسي بالنار؟!
والله لقد سمعت رسول الله (ص) يقول: إن لكل نبي حرما، وإن حرمي بالمدينة، ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها!!
فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة.
أسألكم أيها المستمعون بالله عليكم! ألا يكفي هذا الخبر وحده لرد أبي هريرة وإسقاط رواياته عن الاعتبار؟! أم أن الشيخ عبد السلام يعتقد أن أبا هريرة لما كان من الصحابة، فيحق له أن يقول ما يحب ويفتري ويكذب، وله أن يتهم أفضل الخلفاء الراشدين وأكملهم حسب رواياتكم وهو الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وليس لأحد أن يرد عليه ويضعفه أو يطعن فيه؟!
الشيخ عبدالسلام: لو فرضنا صدق كلامكم وصحة بيانكم فكل ذلك لا يوجب لعن أبي هريرة؟! وأنا إنما استشكل عليكم وأقول: بأي دليل تلعنون أبا هريرة ؟!
قلت: بديل العقل والنقل أنه: لا يسب النبي (ص) إلا ملعون، وحسب الأخبار والأحاديث المعتبرة المروية عن طرقكم والمسجلة في كتب كبار علمائكم، أن رسول الله (ص) قال:
من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله سبحانه وتعالى.
وأبو هريرة كان من الذين يسبون عليا (ع)، وكان يجعل الأحاديث في ذمه (ع) ليشجع المسلمين الغافلين والجاهلين على سب أمير المؤمنين (ع).
أبو هريرة مع بسر بن أرطأة
2ـ ذكر الطبري في " تاريخه " وابن الأثير في " الكامل " وابن أبي الحديد في " شرح النهج " والعلامة السمهودي وابن خلدون وابن خلكان، وغيرهم: أن معاوية حينما بعث بسر بن أرطأة، الظالم الغاشم، إلى اليمن لينتقم من شيعة الإمام علي (ع) كان معه أربعة آلاف مقاتل، فخرج من الشام ومر بالمدينة المنورة ومكة المكرمة والطائف وتبالة ونجران وقبيلة أرحب ـ من همدان ـ وصنعاء وحضر موت ونواحيها، وقتلوا كل من ظفروا به من الشيعة في هذه البلاد، وأرعبوا عامة الناس، فسفكوا دماء الأبرياء، ونهبوا أموالهم، وهتكوا حريمهم، وقضوا على كل من ظفروا به من بني هاشم حتى لم يرحموا طفلي عبيد الله بن العباس ـ ابن عم رسول الله (ص) ـ وكان واليا على اليمن من قبل الإمام علي (ع).
وذكر بعض المؤرخين: أن عدد الذين قتلوا بسيوف بسر وجنده في تلك السرية بلغ ثلاثين ألفا!!
وهذا غير عجيب من معاوية وحزبه الظالمين، فإن التاريخ يذكر ما هو أدهى وأمر من هذا الأمر.
والجدير بالذكر أن أبا هريرة الذي تعظموه غاية التعظيم، ولا ترضون بذكر مثالبه ولعنه كان قد رافق بسرا في رحلته الدموية وحملته الإرهابية الدموية، وخاصة جناياته على أهل المدينة المنورة، وما صنع بكبار شخصيات الأنصار، مثل: جابر بن عبدالله الأنصاري، وأبي أيوب الأنصاري إذ حرقوا داره! وأبو هريرة حاضر وناظر ولا ينهاهم عن تلك الجرائم والجنايات!!
بالله عليكم أنصفوا!!
أبو هريرة الذي صحب النبي (ص) مدة ثلاث سنوات ويروي خمسة آلاف حديث عنه (ص)، هل من المعقول أنه لم يسمع الحديث النبوي المشهور الذي يرويه كبار العلماء والمحدثين، مثل السمهودي في " تاريخ المدينة " والإمام أحمد بن حنبل في " المسند " وسبط ابن الجوزي في " التذكرة " وغيرهم عن النبي (ص) أنه قال:
" من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ".
وقال (ص): " لعن الله من أخاف مدينتي ـ أي أهل مدينتي ـ ".
وقال (ص): " لا يرد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص ".
فهل من المعقول أن أبا هريرة ما سمع واحدا من هذه الأحاديث الشريفة؟!
إنه سمع! ومع ذلك رافق الجيش الذي هاجم المدينة المنورة وأخاف أهلها، ثم وقف بجانب معاوية المارق على إمام زمانه علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو يومئذ خليفة رسول الله بحكم بيعة أهل الحل والعقد في المدينة المنورة.
فانضم أبو هريرة إلى معاوية مخالفا لأمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب، بل محاربا له عليه السلام، وما اكتفى بكل هذه الأمور المنكرة حتى بدأ يجعل الأحاديث المزورة والأخبار المنكرة في ذم ولي الله وحجته علي بن أبي طالب عليه السلام، برواية يرويها عن رسول الله (ص)، وحاشا رسول الله (ص) ثم حاشاه من ذلك كله.
والعجيب، أن مع كل هذه الأمور المفجعة والقضايا الفظيعة، قول القائل: إنه لا يجوز لعن أبي هريرة وطعنه، لأنه من صحابة النبي (ص)!
وفي منطق أبي هريرة يجوز سب الإمام علي عليه السام ولعنه والعياذ بالله وهو أكرم الصحابة وأفضلهم، وأحب الناس إلى الله ورسوله (ص).
الشيخ عبد السلام: الله الله! كيف تقول هكذا في شأن أبي هريرة وهو أعظم راو وأوثق صحابي؟!
فالطعن واللعن رأي الشيعة، وأما رأي عامة المسلمين في أبي هريرة، فإنهم يعظموه ويحترموه ويجلوه عن كل ما تقولون.
قلت: إن ما قلناه فيه لم يكن رأي الشيعة فحسب، بل هو رأي كثير من علمائكم ورجالكم، حتى الخليفة الثاني عمر الفاروق، فقد ذكر المؤرخون، كابن الأثير في الكامل في حوادث عام 23، وابن أبي الحديد في شرح النهج 2/104ط مصر وغيرهما، ذكروا: أن عمر بن الخطاب في سنة 21 أرسل أبا هريرة واليا على البحرين، وأخبر الخليفة بعد ذلك بأن أبا هريرة جمع مالا كثيرا، واشترى خيلا كثيرة على حسابه الخاص، فعزله الخليفة سنة23 واستدعاه، فلما حضر عنده، قال له عمر: يا عدو الله وعدو كتابه، أسرقت مال الله؟!
فقال: لم أسرق، وإنما هي عطايا الناس لي.
ونقل ابن سعد في طبقاته 4/90، وابن حجر العسقلاني في " الإصابة " وابن عبد ربه " العقد الفريد " الجزء الأول، كتبوا: أن عمر حينما حاكمه قال له: يا عدو الله! لما وليتك البحرين كنت حافيا لا تملك نعالا، والآن أخبرت بأنك شريت خيلا بألف وستمائة دينار!!
فقال أبو هريرة: عطايا الناس لي وقد أنتجت.
فغضب الخليفة وقام وضربه بالسوط على ظهره حتى أدماه! ثم أمر بمصادرة أمواله، وكانت عشرة آلاف دينار، فأوردها بيت المال.
وقد ضرب عمر أبا هريرة قبل هذا، كما ذكر مسلم في صحيحه 1/34 قال: في زمن رسول الله (ص) ضرب عمر أبا هريرة حتى سقط على الأرض على قفاه!
ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج 1/360 ط مصر أنه قال أبو جعفر الإسكافي: وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا، غير مرضي الرواية، ضربه عمر بالدرة وقال : قد أكثرت من الرواية، أحرى بك أن تكون كاذبا على رسول الله (ص).
وذكر ابن عساكر في تاريخه، والمتقي في " كنز العمال ": أن الخليفة عمر بن الخطاب زجر أبا هريرة، وضربه بالسوط، ومنعه من رواية الحديث ونقله عن رسول الله (ص) وقال له: لقد أكثرت نقل الحديث عن النبي (ص) وأحرى بك أن تكون كاذبا على رسول الله (ص)!! وإذا لم تنته عن الرواية عن النبي (ص) لأنفينك إلى قبيلتك دوس، أو أبعد إلى أرض القردة.
ونقل ابن أبي الحديد في شرحه 1/ 360 ط مصر، عن أستاذه جعفر الإسكافي، أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ألا إن أكذب الناس ـ أو قال: أكذب الأحياء ـ على رسول الله (ص) أبو هريرة الدوسي.
وذكر ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث " والحاكم في الجزء الثالث من " المستدرك " والذهبي في " تلخيص المستدرك " ومسلم في صحيحه، ج2 في فضائل أبي هريرة: أن عائشة كانت تقول مرات وكرات: أبو هريرة كذاب، وقد وضع وجعل أحاديث كثيرة عن لسان النبي (ص)!!
فأبو هريرة لم يكن مرفوضا وكذابا عندنا فحسب، بل هو مردود وكذاب عند سيدنا الإمام علي عليه السلام، وعند مولاكم عمر الفاروق، وعند أم المؤمنين عائشة، وعند كثير من الصحابة والتابعين، والعلماء المحققين!!
كما إن شيوخ المعتزلة وعلماء المذهب الحنفي كلهم رفضوا مروياته وردوها، وأعلنوا: أن كل حكم وفتوى صدرت على أساس رواية عن طريق أبي هريرة، باطل وغير مقبول.
كما أن النووي في " شرح صحيح مسلم " في المجلد الرابع يتعرض لهذا الأمر بالتفصيل.
وكان إمامكم الأعظم أبو حنيفة يقول: أصحاب النبي (ص) كلهم عندي ثقات وعدول، والحديث الواصل عن طريقهم عندي صحيح ومقبول، إلا الأحاديث الواصلة عن طريق أبي هريرة وأنس بن مالك وسمرة بن جندب، فلا أقبلها، وهي مردودة ومرفوضة.
(وصل الحديث إلى هنا فصار وقت صلاة العشاء).
وبعد أداء الصلاة وتناول الشاي.
قلت: نظرا إلى ما سبق من أقوال العلماء والأئمة حول أبي هريرة ونظرائه، لا بد لنا أن نحتاط في قبول مطلق الأحاديث، والاحتياط الذي هو سبيل النجاة يقتضي التحقيق والتدقيق في ما يروى عن النبي (ص).
وكما ورد عنه (ص): كلما حدثتم بحديث عني فاعرضوه على كتاب الله سبحانه، فإذا كان موافقا فخذوه، وإن كان مخالفا لكلام الله تعالى فاتركوه.
الحديث في فضل أبي بكر
وأما الكلام حول الحديث الذي نقله الشيخ عبد السلام عن أبي هريرة: أن جبرائيل نزل على النبي (ص) فقال: إن الله تعالى يقول: إني راض عن أبي بكر فاسأله هل هو راض عني؟!
فأقول:
أولا: نجد في سند هذا الحديث أبا هريرة، وهو عندنا وعند كثير من علمائكم مردود وساقط، ورواياته غير مقبولة، كما مر.
ثانيا: حينما نعرض الحديث على كتاب الله تعالى كما أمرنا النبي (ص) نجده مخالفا للقرآن المجيد، فإنه سبحانه يقول: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)(16).
وقال: (.... فإنه يعلم السرّ وأخفى)(17).
وقوله تعالى: (إنه يعلم الجهر وما يخفى)(18).
وقوله سبحانه: (ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن)(19).
فبحكم هذه الآيات الكريمة، وبحكم العقل السليم، فإن الله عز وجل يعلم كل ما هو في قرارة نفس الإنسان ومكنون سره، وكل ما يختلج في صدره.
فالحديث الذي يقول: " سل أبا بكر هل هو راضٍ؟! ".مفهومه: إن الأمر لا يخفى على الله سبحانه، فيسأل ليعلم!! وهذا ينافي القرآن الحكيم والعقل السليم.
ثم مما لا شك فيه أن رضا الباري عز وجل يحصل بالنسبة للعبد الذي هو راض عن ربه، فالعبد إذا لم يصل إلى درجة الرضا، أي: لا يرضى بقضاء الله وقدره ، فإن الله لا يرضى عنه، ولا يكون مقربا إليه تعالى.
فعلى هذا، كيف يبدي الله عز وجل رضاه عن أبي بكر وهو لا يدري هل إن أبا بكر وصل إلى درجة الرضا أم لا؟!
الشيخ عبد السلام: لا بأس، نترك هذا الحديث الذي تشككون فيه ولكن عندنا أحاديث لا شك فيها أنها صدرت عن النبي (ص) في شأن الخليفة أبي بكر، منها أنه:
وقال (ص): إن الله يتجلّى للناس عامة، ويتجلّى لأبي بكر خاصة.
وقال (ص): ما صب الله في صدري شيئا إلا صبه في صدر أبي بكر.
وقال (ص): إن في السماء الدنيا ثمانون ألف ملك يستغفرون لمن أحب أبا بكر وعمر، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر.
وقال (ص): أبو بكر وعمر خير الأولين.
وقال (ص): خلقني الله من نوره وخلق أبا بكر من نوري وخلق عمر من نور أبي بكر وخلق أمتي من نور، وعمر سراج أهل الجنة.
هذه الأحاديث وأمثالها كثيرة، وهي مروية في كتبنا المعتبرة وقد ذكرت بعضها لتعرف ويعرف الحاضرون فضل الشيخين ومقامهما الرفيع عند الله وعند رسوله (ص).
أحاديث مدسوسة
قلت: هذه الأحاديث تدل ظواهرها على بطلانها وفسادها. وحاشا رسول الله (ص) أن تصدر منه هكذا كلمات!!
فإن الحديث الأول: يدل بظاهره على تجسم الباري عز وجل وسبحانه عن ذلك وعلا علوا كبيرا.
والحديث الثاني: يصرّح بأن أبا بكر شريك رسول الله (ص) في ما نزل عليه من الوحي.
والحديث الثالث: يدل على أن النبي (ص) ما كان أرفع درجة وأعلى رتبة من أبي بكر، بل يساويه في المقام والمنزلة.
والخبران الأخيران، مخالفان لأحاديث كثيرة متواترة ومقبولة عند الفريقين، فالأحاديث الصحيحة تصرّح بأن خير أهل العالم محمد المصطفى وآله النجباء ، سلام الله عيهم أجمعين.
وأما الجملة الأخيرة: " وعمر سراج أهل الجنة ".
فأقول: إن أهل الجنة مستغنون عن السراج فيها، لأن وجوههم منيرة يومئذ، كما قال تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم...)(20).
وقوله تعالى: (.. يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم...)(21).
وقد ورد في الأخبار المروية في كتب الفريقين: أن الجنة تكون مضيئة في حد ذاتها كالدرة البيضاء والياقوتة الحمراء، فلا قيمة فيها للسراج، لأن السراج إنما يفيد في الظلام، ولا ظلام في الجنة.
وإضافة على ما ذكرنا، فإن كبار علمائكم في علم الدراية والرجال ، وكبار محدثيكم الذين يميزون الأحاديث الصحيحة عن السقيمة مثل: العالم الجليل المقدسي في: " تذكرة الموضوعات ".
والفيروز آبادي الشافعي ـ صاحب " القاموس " ـ في: " سفر السعادة ".
والذهبي في " ميزان الاعتدال ".
والخطيب البغدادي في: " تاريخ بغداد ".
وأبي الفرج ابن الجوزي في: " الموضوعات ".
وجلال الدين السيوطي في: " اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " هؤلاء صرحوا: أن هذه الأخبار موضوعة ولا اعتبار بها، لسببين:
1ـ أسانيدها ضعيفة، لأن في طريقها رجال متهمون بالكذب وجعل الأحاديث.
2ـ عدم موافقتها للقواعد العقلية والآيات القرآنية.
الشيخ عبد السلام: لو فرضنا صحة كلامكم في الأحاديث المذكورة، فما تقول في هذا الحديث الشريف المشهور بين علماء المسلمين، والمذكور في الكتب المعتبرة الموثوقة، أن النبي (ص) قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة؟!
قلت: أما قولك: " الحديث.....المشهور "... فربّ مشهور لا أصل له!
وأما قولك: " والمذكور في الكتب " فليتك تذكر لنا هذه الكتب المعتبرة، الموثوقة!!
وأما الحديث، إضافة على أنه مردود وغير مقبول عند علمائكم ومحدثيكم المتخصصين في علم الدراية والرجال والحديث والرواية، وقد حسبوه من الموضوعات، فإن ظاهره يخالف الحق الذي يتجلى في الأخبار الصحيحة المقبولة عند الفرقين.
أهل الجنة كلهم شباب
من معتقدات المسلمين أن الجنة ليس فيها غير شباب ولا يدخلها شيوخ وكهول.
والخبر المشهور في كتب الفريقين صريح في الموضوع، وهو أن رسول الله (ص) قال لامرأة عجوز وهو يمازحها، حين طلبت منه (ص) أن يدعو لها بالجنة.
فقال (ص): " إن الجنة لا تدخلها العجائز " فحزنت المرأة وقالت : واخيبتاه إذا لم أدخل الجنة!
فتبسم رسول الله (ص) وقال: تدخلين الجنة ولست يومئذ بعجوز، بل تنقلبين إلى فتاة باكرة، كما قال الله سبحانه: (إنا انشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا * عربا أترابا) (22).
وكما ورد في الحديث النبوي الشريف: المؤمنون يدخلون الجنة جردا ، مردا، بيضا، جعادا، مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين.
على هذا ذكر الفيروز آبادي في " سفر السعادة:142 ".
والسيوطي في: " اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " وابن الجوزي في " الموضوعات ".
والمقدسي في: " تذكرة الموضوعات " والشيخ محمد البيروتي في " سنى المطالب: 123 ".
قالوا: في سند حديث: " أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة " يحيى بن عنبسة.
وقال الذهبي: هو ضعيف.
وقال ابن جان: إن يحيى جعال وضاع للحديث.
لذلك هذا الحديث ساقط عن الاعتبار!
ونحتمل احتمالا معقولا، أن هذا الحديث من جعل بني أمية البكريين، لأنهم كانوا يضعون الأحاديث قبال كل حديث نبوي صدر في فضل أهل البيت عليهم السلام، وقد وضعوا هذا الحديث مقابل حديث شريف متفق عليه بين الشيعة والسنة.
النواب: أي حديث تقصدوه، بينوه للحاضرين؟!
قلت الحديث النبوي الشريف: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما. وفي بعض أفضل منهما وقد جاء هذا النص في كثير من كتبكم المعتبرة، وصرح به كبار علمائكم الأعلام، منهم:
الخطيب الخوارزمي في " المناقب ".
والمير السيد علي الهمداني في المودة الثامنة من كتابه: " مودة القربى ".
والإمام النسائي في " الخصائص العلوية ".
وابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة " ص 159.
وسليمان الحنفي القندوزي، في الباب 54 من: " ينابيع المودة " نقلا عن الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد.
وسبط ابن الجوزي في ص 133 من: " التذكرة ".
والإمام أحمد بن حنبل في " المسند ".
والترمذي في " السنن ".
ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في الباب 97 من " كفاية الطالب " بعد نقله للحديث الشريف بإسناده يقول: هذا حديث حسن ثابت، لا أعلم أحدا رواه عن ابن عمر غير نافع، تفرد به: المعلى عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذيب، رزقناه عاليا بحمد الله ومنه.
قال: وجمع إمام أهل الحديث، أبو القاسم الطبراني في " معجمه الكبير " في ترجمة الحسن (ع) طرقه عن غير واحد من الصحابة، منهم: عمر بن الخطاب، ومنهم: علي بن أبي طالب (ع)، وطرقه عن علي بطرق شتى... إلى آخره.
وبعد كلام طويل، وذكره الحديث بشكليه: " وأبوهما خير منهما " ... " وأبوهما أفضل منهما " بأسانيد عديدة. قال: وانضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض دليل صحته.
انتهى كلام الكنجي.
ونقله أبو نعيم في " الحلية " وابن عساكر في تاريخه الكبير 4/206، والحاكم في
" المستدرك " وابن حجر في الصواعق: 82.
فعلماؤكم قد اتفقوا وأجمعوا على أن هذا الحديث الشريف صدر عن النبي (ص): " الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما ".
الشيخ عبد السلام: سأذكر حديثا معتبرا مقبولا عند جميع علمائنا إذ لم ينكره أحد منهم، وهو الحديث النبوي الشريف: " ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يتقد عليه غيره " وهذا أفضل دليل على أن أبا بكر بعد النبي (ص) هو إمام المسلمين والمقدم عليهم.
قلت: أسفي عليكم، أنتم علماء الأمة! إذ تتقبلون الأخبار والأحاديث من غير تفكر وتدبر!
هلا فكرتم أن هذا الخبر إن كان صحيحا، فلماذا النبي (ص) بنفسه لم يعمل به، ولم يقدم أبا بكر في قضايا كثيرة مهمة في تاريخ النبي (ص) وتاريخ الإسلام، مثل يوم المباهلة، إذ أخذ معه فاطمة وعليا ابنيهما، وقدمهم على من سواهم.
وفي غزوة تبوك إذ خلّف الإمام عليا (ع) في المدينة مكانه وقال له: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى... " إلى آخره.
وفي تبليغ الآيات الأوائل من سورة براءة، للمشركين، إذ عزل أبا بكر وأرسل عليا (ع) وقال (ص): " لا يبلغ إلا أنا أو رجل مني ـ أو قال من أهل بيتي ـ(23).
وفي فتح خيبر حين أعطاه النبي (ص) الراية وكان الفتح على يديه.
ويوم فتح مكة، رفع النبي (ص) علي بن أبي طالب (ع) على كتفه فكسر الأصنام التي على سطح الكعبة.
وأرسله النبي (ص) لأهل اليمن يبلغهم الدين ويقضي فيهم.
وأهم من كل ذلك: أن النبي (ص) جعل عليا (ع) وصيه، وأوصى إليه بكل ما أراد ليقوم به بعد موته. ولم يوص لأبي بكر!
وكان أبو بكر في كل هذه القضايا والأمور حاضرا، لا غائبا ولا مسافرا، والنبي (ص) اختار عليا وقدمه في تلك الأمور وغيرها من القضايا الكثيرة وترك أبا بكر!!
|
|
|
|
|