|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
الإمامة
بتاريخ : 08-12-2012 الساعة : 01:07 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام
الإمامة
الإمامة في العقيدة الإسلاميّة منصب إلهيّ يكون بعد النبوّة، بمعنى أنّ الإمامة من لوازم النبوّة التي لا تنفكّ عنها، أي لا بدّ للأمّة بعد النبيّ من إمام، من أجل "تبيين" الدين وحفظ الشريعة والمنجزات الدينيّة، وإقامة حدود الله وأحكامه في المجتمع.
إنّ فلسفة الإسلام السياسيّة في إدارة المجتمع طبقاً لأحكام الدين تتجلّى في قالب وشكل الإمامة، من هنا فإنّ "الجعل والنصب الإلهيّ" من مقوّمات ومعالم الإمامة فضلاً عن الأهليّة في العلم والتقوى، كما هو من مقوّمات النبوّة ومعالمها.
إنّ أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بلحاظ التأهّل الأعلى والقرب الأقرب من منبع الدين، هم الأولى من غيرهم بقيادة وزعامة المسلمين، وما حصل في غدير خمّ كان تأكيداً مجدّداً لبلاغات نبويّة سابقة متعدّدة، في أنّ الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي حقّ للإمام الذي هو أسمى وأفضل فرد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يعني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
وقد أكّد هو عليه السلام قبل وبعد وصول الخلافة إليه على هذا الحقّ في مواجهاته ومناقشاته مع الخلفاء ومع معاوية، كما أكّد أئمّة أهل البيت الآخرون عليهم السلام بعد شهادة عليّ عليه السلام على هذا الحقّ الصريح بصورة متواصلة، إذ إنّهم عليهم السلام كانوا يرونه حقّاً مسلّماً لهم.
ولقد كانت نهضة عاشوراء تجلّياً لتحقيق هذا الحقّ، من خلال الارتباط بهذا الركن الركين للمجتمع الإسلاميّ، ومع أنّ الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في إطار ظروف وشروط خاصّة (ليس هنا مجال بحثها) كان قد أمضى الصلح مع معاوية، وكان الإمام الحسين عليه السلام أيضاً قد التزم بهذه المعاهدة ما دام معاوية حيّاً، إلّا أنّ أهل هذا البيت عليهم السلام كانوا وبصورة مستمرّة يصرّحون بحقّهم في إمامة المسلمين ومنصب الخلافة، وكانوا يسعون بصورة متواصلة - بحسب الإمكان والاستطاعة- إلى تحقيق الوصول الفعليّ إلى هذا الحقّ منه خلال توعية النّاس وتهيئة المقدّمات والممهّدات اللازمة.
وفي هذا السبيل كان لأبي عبد الله الحسين عليه السلام عدّة برامج محوريّة، هي:
1- بيان موقع ومكانة الإمامة، وشرائط وخصائص الإمام.
2- بيان فقدان الآخرين لأهليّة التصدّي لهذا المنصب الإلهيّ.
3- بيان أهليّة الإمام نفسه عليه السلام وأحقيّته بإمامة المسلمين.
ولقد كانت للإمام الحسين عليه السلام في كلٍّ من هذه المحاور الثلاثة بيانات وتصريحات عالية، نشير إلى بعض منها:
شرائط الإمام
بعد أن جاءت رسائل وجوه وأعلام أهل الكوفة وجماهيرها وكبار شيعتها إلى الإمام الحسين عليه السلام وهو في مكّة المكرّمة، يدعونه فيها إلى القدوم إلى الكوفة، ليثوروا في ظلّ إمامته على الطاغية يزيد بن معاوية، كتب الإمام عليه السلام إليهم رسالة، وبعثها إليهم مع اثنين من الرسل، وأشار فيها إلى أنّه قد بعث إليهم بابن عمّه مسلم بن عقيل عليه السلام ممثّلاً عنه، وقد صرّح عليه السلام في ختامها قائلاً: "... فلعمري ما الإمام إلّا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحقّ، الحابس نفسه على ذات الله...".
هذا البيان كاشف عن مواصفات الإمام الحقّ عليه السلام من منظاره هو، وإمام كهذا هو التجسيد الكامل لدين الله تبارك وتعالى، ومعرفة هذا الإمام ضرورة دينيّة وعقليّة، وإطاعته حتميّة.
فمعرفة الإمام المفترض الطاعة، وتسليم زمام الأمر إلى ولايته وهدايته شرط لعبادة الله تعالى، وأرضيّة لمعرفة الله الكاملة، فقد ورد في إحدى زياراته عليه السلام:
"اللّهمّ إنّي أشهد أنّ هذا القبر قبر حبيبك، وصفوتك من خلقك، والفائز بكرامتك، أكرمته بالشهادة، وأعطيته مواريث الأنبياء، وجعلته حجّة على خلقك".
ونقرأ في نص آخر من زيارته هذه الفقرة الشريفة:
"وأشهد أنّك الإمام الراشد والهادي، هديت، وقمت بالحقّ وعملت به، وأشهد أنّ طاعتك مفترضة وقولك الصدق، وأنّك دعوت إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة...".
أهليّته عليه السلام للإمامة ونفيه لأهليّة الآخرين
عندما تتّضح وتتبيّن الشرائط الكليّة للإمامة ومواصفات الإمام الصالح، يكون المحور الآخر للبحث هو انطباق ذلك العنوان على شخص خاصّ.
ولقد كان قائد نهضة عاشوراء، في مناسبات مختلفة ومواقع متعدّدة، يوجّه أذهان المسلمين نحو "الإمام الصالح" ويسوقها إليه، من خلال بيانه لمكانة أهل البيت السامية، وعدّه لفضائله وما يتمتّع به من ملاكات الإمامة، وذكره أيضاً لنقاط ضعف الأمويّين والإشكالات الأساسيّة لا يمكن الإغماض عنها فيهم عامّة، وفي يزيد بن معاوية خاصّة.
ونماذج هذه البيانات وهذه التحذيرات كثيرة، نشير هنا إلى بعض منها: بعد أن التقى الإمام الحسين عليه السلام في الطريق إلى الكوفة مع جيش الحرّ بن يزيد الرياحيّ، وبعد أن صلّى عليه السلام فيهم صلاة العصر جماعة، خطب فيهم وكان من خطبته: "أمّا بعد أيّها النّاس، فإنّكم إنْ تتّقوا الله وتعرفوا الحقّ لأهله يكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمّد أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان...".
وفي رسالته التي كتبها بعد لقائه بجيش الحرّ بن يزيد الرياحيّ إلى وجهاء الشيعة وجماعة المؤمنين في الكوفة، كان ممّا ذكر عليه السلام فيها: أنّ هؤلاء القوم (أي الحكّام الأمويّين) قد لزموا طاعة الشيطان، وتولّوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيئ، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، ثمّ قال عليه السلام بعد ذلك: "وإنّي أحقّ بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ".
وفي بدء نهضته عليه السلام لمّا وصل خبر موت معاوية إلى المدينة، واستدعاه والي المدينة آنذاك الوليد بن عتبة بأمر من يزيد ليأخذ منه البيعة له، فجاءه الإمام عليه السلام، ورفض أن يبايع، قال عليه السلام في ختام ذلك اللقاء الساخن معلناً عن بدء قيامه ونهضته: "أيّها الأمير! إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمة، وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب خمر، قاتل النفس المحرّمة، معلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع لمثله، ولكن نُصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة ".
لقد كانت هذه هي نظرة الإمام الحسين عليه السلام ليزيد بن معاوية من قبل ذلك بسنين، إذ لمّا أراد معاوية أخذ البيعة من النّاس بولاية العهد ليزيد في حياته، كان همّه الأكبر أن يحصل أوّلاً على موافقة وجهاء وكبار شخصيّات العالم الإسلاميّ يومذاك، وخصوصاً من كان منهم في المدينة، فلّما التقى معاوية ابن عبّاس والإمام الحسين عليه السلام في المدينة، وجمع الثلاثة مجلس خاصّ، دعاهما معاوية إلى بيعة يزيد، فكان ممّا ردّ عليه الإمام عليه السلام موبّخاً إيّاه على جسارته ووقاحته: "... ولقد فضَّلت حتّى أفرطت، واستأثرت حتّى أجحفت، ومنعت حتّى بخلت، وجرت حتّى جاوزت، ما بذلت لذي حقّ من أتمّ حقّه بنصيب حتّى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ونصيبه الأكمل.
وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمّة محمّد! تريد أن توهم النّاس في يزيد، كأنّك تصف محجوباً! أو تنعت غائباً! أو تخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاصّ! وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ يزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبّق لأترابهنّ، والقينات ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصراً، ودع عنك ما تحاول!".
وممّا كتبه عليه السلام في رسالة إلى معاوية بصدد نفس هذا الموضوع:
"واتّق الله يا معاوية! واعلم أنّ لله كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها، واعلم أنّ الله ليس بناسٍ لك قتلك بالظنّة، وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبيّاً يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب! ما أراك إلّا قد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعيّة...".
ويخاطبه عليه السلام في نفس هذه الرسالة أيضاً قائلاً:
"وقلت فيما قلت: لا تردنَّ هذه الأمّة في فتنة! وإنّي لا أعلم لها فتنة أعظم من إمارتك عليها! وقلت فيما قلت: أنظر لنفسك ولدينك ولأمّة محمّد! وإنّي والله ما أعرف أفضل من جهادك، فإنْ أفعل فإنّه قربة إلى ربّي، وإنْ لم أفعله فأستغفر الله لديني...".
هذه نظرة الإمام الحسين عليه السلام في صدد خلافة وسلطة غير الصالحين، وقد ورد أيضاً في نقل آخر أنّ الإمام عليه السلام كتب رسالة إلى معاوية يؤنّبه فيها على جملة من الأمور، منها قوله عليه السلام:
"ثمّ ولّيت ابنك وهو غلام يشرب الشراب، ويلهو بالكلاب، فَخِنْتَ أمانتك وأخربت رعيّتك، ولم تؤدّ نصيحة ربّك، فكيف تولّي على أمّة محمّد من يشرب المسكر!. وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الأشرار، وليس وشارب المسكر بأمين على درهم فكيف على الأمّة؟! فعن قليل ترد على عملك حين تطوى صحائف الاستغفار" !
إنّ الرجل المؤهّل لإمامة المسلمين - في نظرة الإمام الحسين عليه السلام - هو الرجل الأعلى والأفضل في العلم والتقوى والأصل والنسب.
ففي سفر معاوية إلى المدينة، كان قد أمر بعد وصوله إليها أن ينادى في النّاس: أن يجتمعوا لأمر جامع، فاجتمع النّاس في المسجد، ورقى معاوية المنبر- وكان مجموعة من وجهاء المدينة الذين لم يبايعوا ليزيد على ولاية العهد يومذاك جالسين حول المنبر وكان منهم الإمام الحسين عليه السلام - فشرع معاوية في خطبته بذكر فضائل يزيد! وكان ممّا قاله فيها: "يا أهل المدينة! لقد هممتُ ببيعة يزيد، وما تركت قرية ولا مدرة إلّا بعثت إليها ببيعته، فبايع جميعاً وسلّموا، وأخّرت المدينة بيعته! وقلتُ: بيعته وأصله ومن لا أخافهم عليه، وكان الذين أبوا البيعة منهم من كان أجدر أن يصله، والله! لو علمت مكان أحد هو خير للمسلمين من يزيد لبايعت له" !
فقام الحسين عليه السلام وقال: "والله! لقد تركت من هو خير منه أباً وأمّاً ونفساً!"، فقال معاوية: كأنّك تريد نفسك!؟ فقال الحسين عليه السلام:"نعم، أصلحك الله".
وورد في رواية أخرى أنّ الإمام الحسين عليه السلام قال لمعاوية: "أنا والله أحقّ بها منه، فإنّ أبي خير من أبيه، وجدّي خير من جدّه، وأمّي خير من أمّه، وأنا خيرٌ منه".
إنّ الانقياد لأمر الحاكم- أيّاً كان- ليس صحيحاً في منطق عاشوراء والدين إذ ليس كلّ إمام وحاكم أهلاً للإتّباع، وفي الثقافة القرآنيّة هناك "إمام نارٍ" و"إمام نور"، فأئمّة الظلم والباطل هم "أئمّة النّار" الذين يردون جهنّم ويوردونها أتباعهم، أمّا "أئمّة النور" فهم الأئمّة الإلهيّون المنوَّرون والمنوِّرون، المهديّون الهادون من اتّبعهم إلى الصراط المستقيم.
ولقد كان أبطال عاشوراء على معرفة عميقة بهذه الحقيقة، فحينما انتهى الإمام الحسين عليه السلام إلى أرض نينوى، بالمكان الذي نزل به، كان رسول من قبل ابن زياد قد أقبل يحمل رسالة منه إلى الحرّ بن يزيد الرياحيّ، يأمره فيها أن يجعجع بالإمام عليه السلام، فنظر أحد أصحاب الإمام عليه السلام وهو يزيد بن المهاجر الكنديّ إلى رسول ابن زياد فعرفه، فقال له: ثكلتك أمّك! ماذا جئت فيه؟! قال: أطعتُ إمامي ووفيت ببيعتي! فقال له ابن المهاجر: بل عصيت ربّك، وأطعت إمامك في هلاك نفسك، وكسبت العار والنّار، وبئس الإمام إمامك، قال الله عزَّ وجلَّ: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّار وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ) فإمامك منهم.
بلاغ عاشوراء هو هذا: أنّ الحاكميّة والولاية في المجتمع الإسلاميّ حقّ لأفضل أفراد هذا المجتمع، الذين هم أعلى النّاس إيماناً، وأشدّهم التزاماً، الذين لا يألون جهداً في سبيل تطبيق القرآن، وتحقيق أوامر الله تبارك وتعالى، وهداية المجتمع إلى الإسلام الخالص، ومنهاج حكومتهم قائم على أساس العدل والقسط واحترام أموال وأرواح وأعراض المسلمين، ولا يكون هذا الأمر إلّا بتنصيب الإمام من قبل الله تبارك وتعالى، أو من ينصبه الإمام المعصوم عليه السلام، وإلّا فلن يؤدّى حقّ هذا المنصب الإلهيّ، ولن تؤدّى حقوق النّاس.
ومع تسلّط غير الصالحين فإنّ مصير المجتمع سيؤول إلى سفال وسقوط، وسيزول دين الله، والإمام الحقّ لا يقبل مثل هذه الحكومة ولا يبايعها أبداً، ولقد صرّح الإمام الحسين عليه السلام بهذا الرفض القاطع ضمن عدّه لمعايب يزيد، ونفيه لأهليّته للخلافة، حيث قال عليه السلام:"... لا والله! لا يكون ذلك أبداً".
وفي سبيل هداية النّاس، واستنقاذهم من كلّ هلكة، الأمر الذي هو من شؤون الإمامة الحقّة، كان سيّد الشهداء عليه السلام قد اندفع إلى ميدان المواجهة التي ستختم بالشهادة، وهذا بالذات هو الأرضيّة الممهّدة لرفع الجهل عن الأمّة ولإيقاظها من سبات الغفلة والحيرة.
لنقرأ هذه الفقرة الشريفة من زيارة الإمام الحسين عليه السلام:
"فأعذَرَ في الدّعوة، وبَذل مُهجَته فيك ليَسَتنقذ عبادك مِن الضّلالة والجهالة والعمى والشكّ والارتياب، إلى باب الهدى والرشاد".
إنّ عمل الإمام كاشف عن الرؤية الإسلاميّة الصحيحة للزعامة والخلافة، والإمام الحسين عليه السلام حتّى لو لم يجد معيناً أو ناصراً، وحتّى لو لم يدعه أو يبايعه أحد لما بايع يزيد، ذلك لأنّ حكومة يزيد لا مشروعيّة لها، وقد صرّح الإمام الحسين عليه السلام بذلك قائلاً:
"والله! لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية".
نسألكم الدعاء
|
|
|
|
|