من المعلوم ان العادات والتقاليد والمواريث التي يرثها الناس من افكار وافعال وطقوس واعمال كلها لابد وان يكون لها جذور ممتدة على مر الدهور اما هذه الجذور تكون عقلائية او غير عقلائية وحتما نحن عقلاء ونعلم بل متأكدين ان الجذور الغير عقلائية لايمكن ان تستمر وتبقى الى فترة طويلة وكما رأينا فيما مضى كم فرق عقائدية ظهرت ثم اندثرت لا لشيء الا لان قواعدها وجذورها هشة ولاتستطيع ان تصمد امام الافكار القوية الاخرى فأنتهت وذهبت هي وناسها في ادراج الرياح فلم يبقى الا اسمها وذكرها .
ولكن هل قضية الحسين ع مثل هذه الفرق والمعتقدات سوف لاتصمد امام التيارات التكفيرية والعلمانية والملحدة ؟ والجواب واضح حتى للاعمى فمانراه من استمرار الزحف والمشي والزيارة الى ابي عبدالله ع الا هو تأكيد على صحة وعظمة قضيته التي اساسها وجذورها وقواعدها اسلامية بحتة بناها وشيدها جده رسول الله ص فما كان منه الا ان ضحى بنفسه من اجل ان تستمر هذه الصرخة المحمدية الى يوم القيامة .
ولكن من اول من اسس لقضية الحسين ع ربما يعتقد البعض ان التشيع وحب الحسين ظهر بعد استشهاده ولكن الحقيقة والواقع لكل باحث ومتتبع للتاريح الاسلامي والروايات يرى ا ن اول من وضع القواعد الاساسية لثورة الحسين والتشيع هو رسول الله ص وهذا ماسنتناوله في الصفحة الخامسة .
قلنا ا ن اول من اسس لقضية الحسين ع هو النبي محمد ص لذا في هذه الصفحة سنترك المجال للروايات وهي تحدثنا عن ذلك حيث ذكرت بعضها ان النبي ص اول من بكى على الحسين ع حيث جاء في الرواية الاولى الواردة عن عروة عن عائشة قالت : « دخل الحسين بن علي عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يوحى اليه ، فبرك عل ظهره وهو منكب ولعب على ظهره ، فقال جبرئيل : يا محمد ، إن أمتك ستفتن بعدك وتقتل ابنك هذا من بعدك ، ومد يده فأتاه بتربة بيضاء وقال : في هذه الأرض يقتل ابنك ـ اسمها الطف ـ . فلما ذهب جبرئيل خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى أصحابه والتربة في يده ، وفيهم أبو بكر وعمر وعلي وحذيفة وعمار وأبو ذر وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فقال : أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه » ويعلق صاحب كتاب اقناع اللائم على اقامة المأتم السيد محسن الامين العاملي ويقول بعد ذكره للرواية : ولابد أن يكون الصحابة لما رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبكي لقتل ولده وتربته بيده ، وأخبرهم بما أخبره جبرئيل من قتله ، وأراهم تربته التي جاء بها جبرئيل ، أخذتهم الرقة الشديدة فبكوا لبكائه وواسوه في الحزن على ولده ، فان ذلك مما يبعث على أشد الحزن والبكاء لو كانت هذه الواقعة مع غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة ، فكيف بهم معه ؟! فهذا أول مأتم أقيم على الحسين عليه السلام يشبه مآتمنا التي تقام عليه ، وكان الذاكر فيه للمصيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمستمعون أصحابه .
وجاء في الرواية الثانية .............. في الصفحة السادسة ان شاء الله سنذكرها
وجاء في الرواية الثانية الواردة عن أم سلمة قالت : كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالساً ذات يوم في بيتي فقال : « لا يدخلن علي أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبكي ، فاطلعت فاذا الحسين في حجره أو الى جنبه يمسح رأسه وهو يبكي . فقلت : والله ما علمت به حتى دخل . قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن جبرئيل كان معنا في البيت فقال : أتحبه ؟ فقلت : أما من حب الدنيا نعم ، فقال : إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء . فتناول من ترابها فأراه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما أحيط بالحسين حين قتل قال : ما اسم هذه الأرض ؟ قالوا : ارض كربلاء ، قال : صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرض كرب وبلاء .. » .
ونقلت هذه الرواية بعبارة اخرى عن الامام محمد الباقر عليه السلام:
« كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت أم سلمة فقال لها : لا يدخل علي أحد ، فجاء الحسين وهو طفل فما ملكت معه شيئاً حتى دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فدخلت أم سلمة على أثره ، فاذا الحسين على صدره ، وإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبكي وإذا في يده شيء يقبله . فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا أم سلمة ، إن هذا جبرئيل يخبرني أن ابني هذا مقتول ، وهذه التربة التي يقتل عليها ، فضعيها عندك فاذا صارت دماً فقد قتل حبيبي ...
وجاء في الرواية الثالثة نذكرها في الصفحة السابعة ان شاء الله
الصفحة السابعة
وجاء في الرواية الثالثة الواردة عن عبد الله بن شداد عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقالت : يارسول الله ، رأيت الليلة حلما منكراً . قال : وما هو ؟ قالت : انه شديد . قال : ما هو ؟ قلت : رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : خيراً رأيت تلد فاطمة غلاماً فيكون في حجرك ، فولدت فاطمة الحسين عليهما السلام ، قالت : وكان في حجري كما قال رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم فدخلت به يوماً على النبي ـ وأنا أحمل الحسين ـ فوضعته في حجره ، ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله تهرقان بالدموع ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما لك ؟! قال : أتاني جبرئيل فأخبرني ان طائفة من أمتي ستقتل ابني هذا . وقلت : هذا ؟ قال : نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء » .
وروى سماك ، عن ابن مخارق ، عن ام سلمة رضي الله عنها قالت : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم جالس والحسين جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع ، فقلت له : يا رسول الله ، مالي أراك تبكي ، جعلت فداك ؟! فقال : « جاءني جبرئيل فعزاني بابني الحسين وأخبرني أن طائفة من أمتي تقتله ، لاأنالهم الله شفاعتي » .
وروى باسناد آخر عن أم سلمة أنها قالت : خرج رسول الله وهو اشعث أغبر ويده مضمومة ، فقلت له : يا رسول الله ، مالي أراك شعثاً مغبراً ؟ فقال : أسري بي في هذا الوقت الى موضع من العراق يقال له : كربلاء ، فأريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي ، فلم أزل ألقط دماءهم فها هي في يدي وبسطها الي فقال : خذيها واحتفظي بها ، فاخذتها فاذا هي شبه تراب أحمر ، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها ، فلما خرج الحسين من مكة متوجهاً نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة فأشمها وأنظر اليها ثم أبكي لمصابه ، فلما كان اليوم العاشر من محرم ـ وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين ـ أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ثم عدت اليها آخر النهار ، فاذا هي دم عبيط فضججت في بيتي وبكيت ، وكظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة ، فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي بنعيه فحقق ما رأيت .
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على خاتم الانبياء و المرسلين
محمد و اله الطيبين الطاهرين
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته اجمعين
اخي الموقر عظيم الفضل
دوما تكون متالق بمواضيعك و ننتظر جديدك دوما
فمن منا لا يريد معرفة المزيد عن الامام الحسين عليه افضل الصلاة و السلام
و هو قدوتنا و اساس دخولنا الى الجنة, فان لم نكن نحمل حبا له في قلوبنا لكنا حطب في نار جهنم
اسال الباري ان يرزقنا و اياكم زيارة الامام الحسين عليه السلام و المشيء اليه في شهر محرم الحرام
ان يرزقنا المشيء في مسيرة الامام الحسين عليه السلام و وجودنا في ارض كرب و بلاء
ختاما اود ان اقول اننا بانتظار ما تنثره اناملك البهية من مواضيع و بالاخص الصفحات
اللتي تطرح هنا في هذا الموضوع, فان ما تكتبه يزيدنا شوقا لزيارة الامام الحسين عليه السلام
وجاء في الرواية الرابعة الواردة في « مسند أحمد بن حنبل » : « بسنده عن عبد الله بن نجى عن ابيه انه سار مع علي عليه السلام وكان صاحب مطهرته ـ أي الاناء الذي يتطهر به ويتوضأ منه ـ فلما حاذى نينوي ، وهو منطلق الى صفين ، فنادى علي عليه السلام : إصبر أبا عبد الله ، إصبر أبا عبد الله بشط الفرات . قلت : وما ذاك ؟ قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان ، قلت ؛ يا نبي الله ، أغصبك أحد ، ما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : بل قام من عندي جبرئيل قبل أمد فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات . قال : فقال : هل لك الى أن أشمك من تربته ؟ قال : قلت : نعم ، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا .. » .
ونقل هذا الحديث بنفس العبارة أو مع إضافة عليها كتاب « الصواعق المحرقة » لابن حجر ، وكتاب « منتخب كنز العمال » ، وسبط ابن الجوزي الحنفي في « تذكرة الخواص » ، والبغوي في معجمه ، وغيرهم كثيرون من رواة السنة والشيعة .