|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 63426
|
الإنتساب : Dec 2010
|
المشاركات : 86
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الشيعي الصادق
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 01-02-2011 الساعة : 03:15 PM
الشرق الاوسط / ...... لماذا تختلف تونس؟
(صوت العراق) - 23-01-2011
بقلم: جابر حبيب جابر/ كاتب عراقي
سؤال صار مدار بحث الكثيرين في الفترة الأخيرة هو: هل يمكن أن تتكرر الثورة التونسية في بلدان شمال افريقية وشرق اوسطية يطلق عليها البعض (بالعربية) ؟
بوسعنا القول: إن الثورة قد أحدثت شحنة عاطفية قوية وألهبت الكثير من المشاعر وبدت لأول مرة في التاريخ الشرق الاوسط وشمال افريقيا..
الحديث تجسيدا للإرادة الشعبية، خلافا للكثير من الأحداث التي أضفى عليها أصحابها تسمية الثورة، وهي كانت عبارة عن انقلابات عسكرية أو نتيجة لصراعات في هرم السلطة، كما أن الطابع المدني وغير المؤدلج للتحرك الجماهيري كان مفاجأة أخرى؛ بحيث لم يكن ممكنا إخضاع هذا التحرك لتصنيف سياسي معين كالقول إنه تحرك إسلامي أو شيوعي أو ليبرالي، الأمر الذي جعل الجميع، بمن في ذلك المشككون، يقبلون بتسميته بالتحرك الشعبي.
مع ذلك، وبعيدا عن الجيشان العاطفي الذي أثاره هذا التحرك الشجاع، فإن هناك الكثير من المحددات التي تجعل احتمال انتشاره الكاسح اقليميا.. كما قد تمنى البعض، غير وارد.
وتلك المحددات تتعلق أساسا بخصوصية تونس واختلافها عن بقية البلدان الشرق اوسطية.. لا سيما المشرقية منها. فتونس، أولا، هي بلد صغير نسبيا ومتجانس اجتماعيا، ليست هناك انقسامات إثنية أو طائفية مهمة فيه، والانقسام الرئيسي الوحيد كان طبقيا بين الأقلية المستفيدة والأغلبية المهمشة،
وهذا الانقسام هو أهم عوامل الثورة. العلمنة المتبناة من قبل الدولة والسياسات التحديثية التي أطلقت في عصر بورقيبة والتأثر الشديد بثقافة المستعمر الفرنسي.. كلها عوامل أسهمت في إنتاج ما يمكن أن يطلق عليه «الأمة التونسية»؛ حيث هناك شعب واحد متجانس له ثقافته المتميزة ولا يستشعر فروقا أساسية بين أبنائه على أساس الانتماءات السابقة للأمة.
هذا الاختلاف تحديدا هو الذي يجعل تكرار انتفاضة شعبية كتلك التي حدثت في تونس أمرا محل شك بالنسبة للبلدان المشرقية الاسيوية بشكل خاص؛ حيث التنوع الإثني والطائفي يمثل شرخا سياسيا واجتماعيا رئيسيا، والسياسة تدار عبر تسييس الانتماءات الإثنية والطائفية والتركيز على قضايا الهوية وحيث ينطلق كل تعريف للهوية الجمعية من مصلحة فئوية معينة.
في البلدان المشرقية من الصعب الحديث عن أمم متجانسة وموحدة خارج سياق الخطاب الرسمي والإعلامي، وأي تحرك شعبي يصعب عليه أن يتخطى الانقسامات والمخاوف الإثنية والطائفية، فانتفاضة 1991 في العراق، التي أطلقها جنود شعروا بإذلال هزيمة الكويت، تحولت بسرعة إلى انتفاضتين شيعية وكردية، ولم تؤدِّ حتى إلى توحد الضباط الكبار مع جنودهم؛ لأن الجيش بدوره كان منقسما وفق الخطوط ذاتها، وهو ما يختلف تماما عن حال الجيش التونسي.
إن أي تغيير سياسي هائل في هذه البلدان، كما أوضحت التجربة العراقية، يقود إلى وضع يهدد وحدتها ونسيجها الاجتماعي الذي عززت الديكتاتورية من تفككه.
البعد الثاني هو طبيعة الظرف الاقتصادي والاجتماعي الذي أنتج الثورة التونسية.. فإن كانت تونس تشارك جميع البلدان العالم الثالث الأخرى سمة كون شريحة الشباب هي الكبرى بين سكانها، فإن كون الخريجين الجامعيين يمثلون جزءا كبيرا من هذه الشريحة في تونس، وكون الدولة تعتمد بشكل أساسي على السياحة والاستثمار وتحويلات المهاجرين، خلقا ظرفا تونسيا خاصا إثر الأزمة الاقتصادية العالمية،
فالبلدان الأوروبية بدأت تضع مزيدا من القيود على الهجرة، فضلا عن أن فرص العمل فيها تضاءلت إلى حد كبير، مما أغلق أحد أبواب الحلم لدى الشباب التونسي، ثم إن السياحة والاستثمارات تراجعتا للسبب ذاته، في الوقت الذي كانت فيه الفروق الاقتصادية بين الطبقتين المستفيدة والمتضررة قد بلغت حدا بات معه استمرار الوضع القائم يعني موتا بطيئا للكثيرين.
لكن في البلدان المشرقية الاسيوية التي تعتمد على النفط والموارد الطبيعية، تبدو القصة مختلفة بعض الشيء؛ فتلك البلدان لديها في الغالب فائض مالي يمكنها من احتواء بعض الأزمات الاقتصادية وتوفير وظائف جديدة، وكما لاحظنا فإن أسعار الموارد الطبيعية لم تتأثر سلبيا بالأزمة الاقتصادية، بل بالعكس إن ارتفاعها كان أحد مظاهر تلك الأزمة، بالتالي فإن قدرتها على احتواء التذمر الشعبي تبدو أكبر.
ثم يأتي دور العامل الخارجي، فإذا كانت الكثير من الدول الأوروبية قد وقفت من الثورة التونسية موقفا سلبيا، على الأقل في بداياتها، بسبب خشيتها من الفوضى أو البديل الإسلامي المتطرف السني ، فإن تلك السلبية لم تنعكس بإجراءات جذرية لدعم نظام بن علي، خصوصا في ظل ما يبدو أنه لامبالاة أميركية تجاه مصير الرجل ونظامه. لكن هل يمكن توقع القدر ذاته من اللامبالاة من الجانب الأميركي إذا حدث شيء مشابه في بلد آخر لديه تأثير استراتيجي أكبر، كأن يكون التغيير فيه له أثر على تدفق النفط، أو نواحي اخرى..
مع ذلك وكما أثبت الحدث التونسي، يصعب علينا جميعا أن نتكهن بما يمكن أن يحدث وهنالك الكثير من العوامل التي تفرض على جميع الدول الدكتاتورية أن تعيد التفكير بطرقها التقليدية في معالجة الأمور، ففي مجتمعات غالبية أبنائها من الشباب اليائس، في عصر تخترق فيه تكنولوجيا المعلومات كل الحواجز، يبدو التجاهل والقمع وصفتين لغليان مقبل، إن لم يكن اليوم ففي غد ليس ببعيد.
الشرق الاوسط
|
|
|
|
|