مشرف المنتدى العقائدي
|
رقم العضوية : 81228
|
الإنتساب : Jul 2014
|
المشاركات : 5,176
|
بمعدل : 1.36 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
وهج الإيمان
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 09-11-2016 الساعة : 12:34 AM
واجمالا لم تحظ الاستعارة بكثير من التقدير من قبل النقاد والباحثين العرب القدماء وذلك لانهم لم يتعرضوا إلا عرضا لجماليات الاستعارة وومضاتها المدهشة مما نتج عنه احلال لمناهج المنطق فى دراسة الاستعارة التي هي بطبيعتها كسر والغاء لكل منطق حيث انها بطبيعتها رؤية غير مسبوقة لتشابه لم يكشف من ذى قبل بين شيئين فى هذا الكون المملوء بالمتناقضات.
**النقاد الغربيون والاستعارة **
يمكن ملاحظة رؤيتين مختلفتين عند استقراء كتابات النقاد واللغويين الغربيين فى الاستعارة ترى اولاهما ان الاستعارة تزود القراء برؤية عميقة لما وراء ظواهر الاشياء او لماهية الاشياء وجوهرها، اما الثانية فتنتقص من شأن الاستعارة ولا تعتبرها إلا نوعا من الزخرفة اللغوية المضللة للقراء.
فالاستعارة فى عين النظرة الأولى هي استخدام مبدع للغة يزود البصيرة بقدرة غير عادية للنفاذ الى اصل الاشياء وهو ما يمثل الحقيقة فى مقابل الواقع - الشكل والنموذج الاساسي لهذه الرؤية هو”اوفيد” فى كتابه “التحول “ حيث يقوم اوفيد بتحويل ابطاله الى حيوانات ونباتات وجمادات, ورغم الاختلاف الواضح فى المظهر الشكلي الخارجي إلا ان جوهرها يبقى رغم هذا التحول, وهذا يعنى ان المهم ليس هو المظهر وانما الشخصية النفسية الداخلية التي تظل كما هي بعد تحول الجسم الى جسم أخر، وحسب هذه الرؤية فإن اللغة “استعارية “ حتما فلو قال “اوفيد كلايتى” اسم شخصية - او قال "زهرة “بعد التحول فإنه لايقصد ايهما وانما يصف جوهرهما او لبهما الذي هو الحب الخالد.
وقد ترددت اصداء هذه الرؤية لدى بعض مفكري العصور الوسطى فى اوروبا لدى الرومانطيقيين فرأى فكر العصور الوسطى الاستعارة من خلال منظار ديني، فلكي يتصل الله ببنى البشر خلق استعارات جمة فى شتى مناحي الكون وواجب الانسان ان يرى الحقيقة التي تقع خلف هذه الاستعارات, وقد رأى. الرومانطيقيون, نفس الرؤية التي تقدر الاستعارة, فـ” كولريدج “ يعتقد ان الاستعارة مرآة تعكس قدرة الخيال على رصد دلائل التشابه في الكون, وانها وسيلة تعيد تشكيل الكون عن طريق خلق واقع جديد.
اما النظرة الاخري للاستعارة فلا تعتبرها اكثر من زخرفة لغوية تقود فى نهاية المطاف الى إساءة ادراك العالم الواقعي الذي لايمكن ادراكا إلا عن طريق استخدام اللغة العادية لا المجازية فارسطو - وهو رائد هذه النظرة - يوصى باستخدام اللغة المعتادة التي تبدى حقائق الواقع معراة اي كما هي حقيقة, ويلخص “ليفى” هذه النظرة بقوله “فقط عن طريق ايضاح الكلمات اليومية نستطيع مباشرة النفاذ الى حقيقة الكون المستقلة التي تظل غير مبتذلة بالطريقة التي يعبر عنها وهكذا تعتبر الاستعارة دليلا غير مناسب ليقودنا الى تفسير جوهر الاشياء.
وقد انتشرت هذه الرؤية ايضا فى العصور الوسطى والازمنة المعاصرة المبكرة, فعند جماعة البيوريتان مثلا تعتبر الاستعارة انفصالا وبعدا عن التواصل المباشر والمفيد، ولذا فهي تشكل حائلا وعائقا دون المعنى، وقد اتهمت الاستعارة فى القرن الثامن عشر كذلك بأنها اساءة فى استخدام اللغة.
ورغم ان اللغويات الحديثة قد انتجت بعض النظريات النافذة فى طبيعة الاستعارة فإن كثيرا من الدارسين المعاصرين مازالوا يرددون هاتين الرؤيتين القديمتين فى الاستعارة, فيعتقد "ريتشاردز" على سبيل المثال وجود ارتباط بين مفهومى الاستعارة والحقيقة, ويرى فى العديد من كتاباته ان اللغة هي السبيل الذي يمكن عن طريقه خلق الواقع فالكلمات لاتصف اشياء موجودة اصلا بل تهب الوجود لهذه الاشياء.
اما «روبي جريليت » فيري ان الاستعارة هي فرض لعلاقات مصطنعة ومضللة, وانها تخلق الاضطراب فى رؤية الكون وتحجب الحقيقة والواقع.
وتوجد ثلاث نظريات حديثة تحاول تفسير طبيعة الاستعارة وهى نظرية الاستبدال ونظرية المقارنة ونظرية التفاعل حيث ترى نظرية الاستبدالSubstitution كل استعارة تحتوي على تناقض ما، كما هو الحال فى المثال التالي:
الجمل سفينة الصحراء
ففي الواقع ان الجمل حيوان بينما السفينة جماد "غير حي” لذا فاعتبار الجمل سفينة هو تناقض جلي, ولحل هذا التناقض يقوم القارىء بايجاد مقابل مقبول ليستبدل به هذه العبارة المتناقضة كاستخدام التشبيه مثل:
الجمل كالسفينة فى الصحراء:
وهى عبارة مقبولة حرفيا - ويمكن رؤية التناقض الاستعاري فى صور منها الغلط النوعي والكذب الحرفي, فالغلط النوعي يعنى ان الموضوع والصورة ليسا من نوع واحد او فئة واحدة مما يتسبب فى استحالة الفهم الحرفي للاستعارة, فالجمل فى المثال السابق ينتمى الى نوع او فئة الحيوان بينما السفينة من الجمادات وبهذا فإنهما يشكلان غلطا نوعيا فى حالة القراءة الحرفية للاستعارة.
اما الكذب الحرفي فيكون بربط الكلمات غير المترابطة فى العادة او فى الحديث العادى مما ينتج عنه ان القراءة الحرفية التي تبدى المعنى الظاهري -تعتبر زيفا وكذبا، فالجمل فى العادة هو حيوان صحراوي فى حين ان السفينة وسيلة انتقال فى البحر، وربط الجمل بالسفينة والاخيرة بالصحراء لا يقبل فى حالة الفهم الحرفي مما يشكل كذبا حرفيا.
اما نظرية المقارنة او التشابه فترى ان الاستعارة تظهر السمات المشتركة بين المستعار والمستعار له “او الموضوع والصورة “ فالاستعارة فى الجمل سفينة الصحراء تبدى الخصائص المشتركة بين كل من الجمل والسفينة وهو كونهما وسيلتي نقل يستخدمهما الانسان للانتقال من مكان لآخر.
وهناك صورة معدلة من نظرية المقاربة اقترحها “تفيرسكى” وأيده فيها اورتونى وترى ان القارىء لايفهم الاستعارة إلا عبر استرجاع الفوارق بين الموضوع والصورة فى الاستعارة اي ان القارىء يزن وجه الشبه فى ميزان الاختلافات, وحسب هذه النظرية فإن القارىء يشعر بشىء من
المفاجأة الجمالية او الادهاش لغرابة الربط بين الصورة والموضوع, فمثلا يتعزز اشتراك الجمل والسفينة لغرابة الربط بين الصورة والموضوع فمثلا يتعزز اشتراك الجمل والسفينة فى كونهما وسيلتي نقل بالخصائص العديدة التي تميز كلا منهما عن الآخر، وهذا ما ينتج عنه شعور القارىء بجمال الاستعارة, واجمالا فإن التقبل الناجح لاستعارة معينة لا يتم حسب هذه الرؤية إلا عن طريق استحضار الفوارق بين الصورة والموضوع واستحضار الارتباطات غير المتقاطعة بينهما.
اما نظرية التفاعل فترى ان سمة التناقض فى الاستعارة تقوم بإنتاج نوع من الشد او التوتر الدلالي الذي يحل بالنظرات الثاقبة التي تجعل من الاستعارة ظاهرة بديعة ولخلق وجه الشبه, فإن هذه النظرية ترى وجود تفاعل يتم بين الموضوع والصورة, فالتفاعل بين كلمتي جمل وسفينة هو الذي ينتج وحدة وجه الشبه البديع بينهما.
ومن النظريات المتأخرة فى تفسير الاستعارة نظرية شولتز البرجماتية, ففي مقالة بعنوان “بعض المواضيع فى نظرية الاستعارة” يقترح شولتز نظرية برجماتية تقوم على مبادىء “جرايس “ الاربعة الشهيرة, حيث يقوم “شولتز” فى مقالته بدراسة مقربة للنظريات السابقة التي تفترض عموما نوعا من الانحراف او الخطأ المعنوي او الكذب الحرفي, ويخلص شولتز الى ان هذه النظريات تقع وعلى نحو غير مسوغ فى فخ تعميم بعض المؤشرات على الاستعارة واعتبارها تبعا لذلك شروطا ثانوية - او حتى انها شروط اساسية وكافية لوجود الاستعارة اي انه من غير الصواب تعميم بعض مميزات الاستعارة مثل الغلط النوعي والكذب الحرفي على انها شروط لازمة لابد منها لنقول ان تعبيرا معينا هو استعارة وليس اي شىء أخر، وهذه الكبوة لدى النظريات الموجودة توجب كما يرى شولتز - السعى وراء نظرية أخرى مناسبة.
تقوم نظرية شولتز البراجماتية على مبادىء جرايس الاربعة الشهيرة للحديث وهى: الكم والنوع والارتباط والاسلوب, فمبدأ الكم يفترض ان على المتحدث ان يجعل مشاركته فى حديث ما فى مستوى الافادة الذي يتطلبه الموقف, اما مبدأ النوع فيفترض ان المتحدث لا يقول ما يعتقد انه كذب وبهتان او ما ينقصه الدليل, ومبدأ الارتباط يرى ان على المتحدث ان يقول الشىء الذي يكون فى محله والذي يكون مرتبطا ويمت بصلة بموضوع الحديث, اما المبدأ الاخير الاسلوبي فيطلب من المتحدث ان يكون واضحا ومختصوا ومنظما.
ويرى “شولتز” ان الاستعارة هي نوع خاص من استغلال مبدأ او اكثر من المبادىء الاربعة, فاستثمار مبدأ النوع يعنى ان اي تفسير غير استعاري يكون لامحالة خاطئا مثلما هو الحال في قلعة الرستاق عملاق يحرس المدينة الوديعة اما استثمار مبدأ الكم مثلما هو الحال فى قولنا:
وهل الانسان سوى شجرة فى غابة ؟!.
فيجعل التفسير غير الحرفي للاستعارة غير ذى نفع او جدوى ويمكن استثمار مبدأ الارتباط بأن يقول المتحدث شيئا يكون فى غير محله اذا لم يفسر تفسيرا استعاريا كاستخدام التعبير العماني” زاد البحر جحلة “فى سياق حديث حول موضوع اجتماعي وهذا ما يجعل اي تفسير حرفي غير استعاري انحرافا عن الموضوع الاساسي للحديث الذي لا علاقة له بالبحر او بالجحلة ويقترح “شولتز” مستويين يمكن ان تلعب فيهما مبادىء جرا يس دورا فى موضوع الاستعارة هما:
أ ـ انها تساعد فى تحديد الاستعارة فى السياق الاتصالي, وفى هذه العملية فإنها قد تساعد فى اقصاء اي تفسير حرفي وفى اقصاء اي تفسير غير حرفى ما عدا التفسير الاستعاري.
ب ـ يمكن ان تضيق مدى التفسيرات الممكنة للاستعارة حيث يقوم القارىء او المستمع اي (المتلقى فى عملية الاتصال ) باختيارا تفسير او مجموعة التفا سير الانسب للمبادىء من بين التفسيرات المقنعة الظاهرية.
نستنتج ان مقترح شولتز من اجل نظرية براجماتية للاستعارة يسلط بعض الضوء على جوانب مجهولة فى الدراسات الاستعارية ومن المرجح ان تلقى هذه النظرية حظا من النجاح لكونها تتعامل مع الاستعارة فى سياقها الواقعي، وهذا ما يميزها عن النظريات السابقة كنظرية التفاعل ونظرية المقابلة والتي تهتم باستعارات "مثالية “ معزولة عن سياقها الحقيقي.
** ترجمة الاستعارة **
يمكن تمييز رؤيتين لطبيعة مشكلة ترجمة الاستعارة أولاهما ترى ان الاستعارة امتداد معنوي يجب المحافظة عليه فى الترجمة, اما الثانية فتعتقد ان الاستعارة اداة او وسيلة ادبية يستخدمها الاديب بهدف تنمية شعور القارىء الجمالي.
ثالثا: الاستعارة كامتداد معنوى” نايدا ونيومارك “
** نايدا وترجمة الاستعارة**
يعتبر “نايدا” من اوائل من كتبوا وحللوا المشاكل التي تثيرها الاستعارة فى الترجمة حيث يعتبر الاستعارة نوعا مما يسميه Semanticlly exocentric expressios
اي ما يمكن ترجمته بالتعبيرات خارجية التمركز دلاليا، ويعرفها نايدا بأنها "العبارات الاصطلاحية والصور المجازية “ ويرى انه يمكن تصنيف انواع التماثل التي تحتوي هذه التعبيرات من خلال ما يسميا “نايدا” بالتكييف اللازم مثل ترجمة الاستعارة الى استعارة, الاستعارة الى تشبيه, الاستعارة الى لا استعارة Non****phor اواخيرا اللاستعارة الى استعارة.
ترجمة الاستعارة الى استعارة:
لايمكن كما يرى “نايدا” ترجمة استعارة معينة من لغتها الاصلية الى لغة أخرى دون وجود نوع من التعديل, فى الشكل اللغوى، ومرد هذا التعديل هو العوامل الاجتماع - ثقافية, فمثلا من عادة متحدثى لغة “لاهو” الصينية ألايقفوا لرؤسائهم, مما ينتج عنه ان الترجمة الحرفية للاستعارة, “قفوا قفوا ليسوع “ تكون مثيرة للضحك, ويمكن بدلا من ذلك القول “قفوا راسخين “وفى لغة “لوما” فى غينيا الجديدة لايمكن للمرء ان يقول “ يد ذابلة” لان مقارنة النباتات التي تذبل حقيقة باليد يخلو من المعنى، ويمكن بدلا من ذلك ترجمتها الى “يد ميتة “ وهى ترجمة مقبولة.
ترجمة الاستعارة الى تشيه:
لحل المشكلات التي يواجهها المترجم فى ترجمة الاستعارة فإن "نايدا" يفضل ترجمة الاستعارة الى تشبية كحل ناجح حيث ان ترجمة التعابير خارجية التمركز الدلالي حرفيا قد ينتج عنه تشويش دلالي اذ يتم استيعابها حرفيا دون الالمام بالجزء الاستعاري فيها، ويأتي التشبيه ليحل الاشكال حيث انه بطبيعته يستطيع اظهار التشابه الاصلي الذي تفترضا الاستعارة ومثال على هذا ترجمة جوعى وعطشى للتقوى الى تشبيه فى لغة “النافاجو” عند، الهنوا الحمر مثل “كالجوعى والعطشى يتوقون للتقوى “لان المعنى الاستعاري فى التعبر الاصلي لايمكن لمتحدثي النافاجو. تذوقه, وهذا يظهر ان التشبيه يدلك على كونه المقابل الحقيقي للاستعارة, كما يقول “نايدا”.
ترجمة الاستعارة الى لااستعارة :
ان الامتداد المعنوي الذي تحمله الاستعارة ليس له مقابل في لغة الترجمة ولهذا يرى فايدا وجوب ترجمة الاستعارة الى “لا استعارة” وهنا يشير فايدا الى ثلاث حالات اساسية يوجد فيها التغيير او التكيف الجذري في ترجمة الاستعارة الى لا استعارة, أولاها حينما تفتقد اللغة المترجم اليها السمات ذاتها التي ترتبط بالمدلول الموجودة فى اللغة الاصلية, فلأن متحدثي لغة”الزوك “ فى المكسيك لا يعرفون الاعمدة فليس بمقدورهم فهم الاستعارة التالية:
تم تسميتهم (اي اعتبارهم ) اعمدة الجتمع.
ولذا فليس امام المترجم سوى تحويل الاستعارة الى معناها مثل “اعتبروا رؤسا المجتمع “والحالة الثانية هي ترجمة الاستعارة المركبة mixed ****phor. فترجمة الاستعارة قلب لم يختن الى لغة كالكشتيكول فى جواتيمالا يجب ان تكيف جذريا نحو فى “قلب لم يتم اعداده “، والحالة الثالثة هي حينما يوجد امتداد دلالي فى جزءين او اكثر من اجزاء الاستعارة, فمثلا على مترجم الاستعارة ثمرة صلبة ان يقلص الصورة الى المعنى فيقول “ولده “ ترجمة اللااستعارة الى استعارة:
اخر اشكال التكييف اللازم هو ترجمة اللااستعارة الى استعارة, حيث يرى “دنايدا” ان ترجمة الاستعارة الى استعارة او تشبيه او لا استعارة قد يستوجب بعض الخسارة الدلالية, اما تحويل اللاستعارة الى استعارة فيمكن قبوله على اساس ان مثل هذا التحويل يحمل فى طياته كسبا دلاليا للغة المترجم اليها ويجعل الاتصال اكثر تأثيرا، فمثلا يصف متحدثوا لغة كابا كوفى غينيا الجديدة الاشياء ذات الاهمية الكبير على انها “محمولة على طرف الانف” فلو ترجم المترجم هذه الصورة الى لغة كالعربية او الانجليزية لكانت ترجمته مقبولة على اساس انها تحتوي على بعض الكسب الدلالي, إلا ان هناك مشكلتين قد يحدان من هذا المكسب أولاهما حينما تعتمد الصورة المجازية فى الاستعارة على دلالات ميثولوجية ترتبط بالمجتمع ولم يعد لها وجود واقعي، فهنوا “موسكيتو” حينما يصفون خسوف القمر يقولون ان “ القمر امسك بحماته “ رغم انهم يقصدون معنى واحدا وهو الخسوف ولا يهتمون بمعنى مكونات الاستعارة حول القمر وحماته, ومثل ذلك قولنا فى عمان ان فلانا” راكبنه بليس” دون ان نقصد اي اشارة الى ابليس بل نقصد ان فلانا فى حالة غضب وقد يرتكب اي حماقة.
والحالة الثانية هي حينما تحتوي الاستعارة على معتقدات دينية مرتبطة بسكان لغة الاصل والتي تصطدم بمعتقدات قراء اللغة المترجم اليها، فعلى سبيل المثال ان الطريقة الوحيدة للتحدث عن المرض فى لغة الشيلوك المستخدمة فى مقاطعة النيل الأعلى فى السودان هي ان يقول المرء ان فلانا “اخذه الله “وهو ما يصطدم بالمعنى الذي قد يفهمه متحدثو لغات كالعربية التي تعني هذه الصورة فيها ان فلان مات “وليس “ مرض.
واجمالا فإن فايدا يركز فى تناوله لترجمة الاستعارة على لدلالات الاجتماعية والثقافية التي تحملها الاستعارات والتي.يمكن ترجمتها بسهولة الى اللغة المترجم اليها.
** نيومارك وترجمة الاستعارة **
تتميز معالجة نيومارك لترجمة الاستعارة بتعريفه الواسع اولا للاستعارة, وبتقسيمه الاستعارة الى انواع واستعراض المشاكل التي يثيرها كل نوع منها للترجمة حيث يقدم” نيومارك “ تعريفا واسعا فضفاضا للاستعارة يعطيها المجال كي تشمل اشكالا عدة من اللغة المجازية, فهو يرى الاستعارة على انها استخدام كلمة بدلا من الاخري ويعرفها ايضا بأنها، “اي تعبير مجازي او المعنى المحول لكلمة محسوسة وتشخيص المجرد وتطبيق معنى كلمة او تلازم لفظي على ما لا يشير اليه... حرفيا اي وصف شىء بشىء أخر”، وهذا التعبير الفضفاض يسمح لظواهر لغوية كالأمثال والعبارات الاصطلاحية ان تندرج فى فئة الاستعارة.
ويرى “نيومارك “ ان ترجمة الاستعارة من لغة لاخري هي اهم مشكلة محددة تواجه الترجمة, ويرى ايضا ان ثمة انواعا مختلفة من الاستعارة يثير كل منها إشكالا مختلفا للترجمة واهم هذه الانواع الاستعارة المندثرة, والاستعارة المبتذلة, والاستعارة المتداولة, والاستعارة الحديثة, واخيرا الاستعارة الاصيلة.
الاستعارة المندثرة Dead ****phor
الاستعارة المندثرة هي تلك الاستعارة التي استخدمها الناس لفترة طويلة من الزمن من بحيث اصبحت شائعة جدا، مما ادى الى اننا لا نشعر فيها بالفرق بين الموضوع والصورة, اي انه من غير المتوقع ان يشعر الكاتب او القارىء بوجود اي صورة استعارية لان هذه الصورة قد اختفت نتيجة الاستخدام المتكرر، ويعتقد “نيومارك “ ان الاستعارة المندثرة ليست بمشكلة تواجه المترجم بسبب بعدها عن اصلها الاستعاري، اي ان المترجم لم يعد مهتما بالابقاء على الصورة الاصلية المندثرة.
ومثال ذلك استخدام المزارعين العمانيين لكلمة” مجنونة” لوصف بعض شجر النخيل الشاذ النمو والذي يتميز ببعض السمات غير السوية فى النخلة كاعوجاج الجذر وغرابة الثمر الذى نتيجة, فالمترجم الذي يترجم “ نخلة مجنونة “ الى اي لغة اخرى عليه ان يغمض عينيه عن صورة الجنون المجازية, لان هذه الصورة التي لازمتها فى مرحلة اصلها الاستعاري قد فقدت وماتت بسبب الاستخدام المتكرر، وبذا فإن المتحدث الذي يستخدم هذه الاستعارة الميتة او المندثرة لايعنى أي مظهر جنونى، وانما يقصد شيئا مثل” نخلة معوج الجذع “ ولذا فعلى المترجم ان يتجاوز عن صورة الجنون الاصلية وان يعامل الاستعارة ككلمة عادية لاتحمل اي دلالة استعارية, ولهذا فهي لاتمثل مشكلة للمترجم.
ورغم هذه السهولة فإن هناك حالات تكون فيها الاستعارة المندثرة معضلة للمترجم, أحدى هذه الحالات هي حينما تنفخ الحياة مرة أخرى فى الصورة مما ينتج عنه نوع من الاشتراك او تعدد الدلالات Polysemyوفى هذه الحالة على المترجم ان ينقل اللفظ متعدد الدلالات الى لغة الترجمة بشرط ان تقبل هذا اللفظ, ومثال على ذلك ترجمة استعارة نجيب محفوظ فى ميرامار فى وصف احد شخصيات الرواية “تمهل كعادته ليزن كلماته “التي ترجمتها فاطمة موسى محمود الى الانجليزية He paused welghing hys words حيث الفعل “يزن “ هو استعارة مندثرة, ويدل فى الاساس على معرفة مقدار ثقل شىء ما باستخدام الميزان, حيث مر هذا الفعل بتجربة استعارية تمثلة فى تشبيه التأنى فى الحديث بوزن شىء ما فى ميزان, إلا ان هذا التشبيه قد اندثر مخلفا استعارة مندثرة, وترجمة فاطمة موسى محمود ناجحة لان الفعل الانجليزي to weign يحمل نفس هذين الدلالتين: الوزن والتأنى في الحديث, ولكن ماذا لو لم توجد نفس الدلالات في اللغة المترجم اليها؟ هنا على المترجم ان يلتزم بترجمة المعنى مضحيا بالصورة الاستعارية, فمثلا حينما نقول “تزحزح النقاب عن شىء ما” فإننا لانقصد فى العربية سوى ان خفايا هذا الشىء قد كشفت بينما يشير التعبير في الاصل الى النقاب التي كانت المرأة العربية تلبسه على وجهها، فاندثرت صورة النقاب الملبوس بحيث بقى معنى التعبير في الاصل وهو “اظهار ما خفي” وفى استعارة نجيب محفوظ التالية:
“ليلة ام كلثوم “ ليلة الخمر والطرب, فيها تزحزح النقاب عن اشياء من حبايا النفوس “ التي ترجمة الي. the evrningof umm kulthum concert, an evening during which many a hiddin soul was bared
فإن تعبير “تزحزح النقاب “ حول الى معناهwas bared لعدم امكانية الاحتفاظ بصورة اللباس النسوى العربي فى اللغة الانجليزية لانه من غير المتوقع فى الثقافة الانجليزية ان ترتدى المرأة نقابا يغطى وجهها ويستره.
الاستعارة المبتذلة Cliché ****phor
يعرف “نيومارك “ الاستعارات المبتذلة بأنها تلك الاستعارات التي عمرت مؤقتا، اطول من فائدتها والتي تستعمل كبدائل لافكار واضحة على نحو عاطفي على الاغلب, ولكن دونما تجانس مع حقائق الامور، ويرى “نيومارك “ وجود حالتين يتم فيهما التعامل مع الاستعارة المبتذلة فى الترجمة أولاهما فى النصوص العلمية حيث يتوجب على المترجم اقصاؤها لان مؤلف هذه النصوص لا يهدف إلا لتعريف القارىء بالحقائق المتضمنة, وثانيتهما فى حالة النصوص الفاعلة اجتماعيا كالاعلانات, وهنا تكون وظيفة المترجم هي تقديم العون للمؤلف في الحصول على افضل ردود الفعل من قبل القراء، وعلى المترجم هنا ان يتخلى عن الاستعارة المبتذلة ويبقي على المعنى او انه يستبدلها باستعارة أكثر منها حيوية ولمعانا.
الاستعارة المتداولة او المعيارية Stock ****phor
الاستعارة المتداولة - كما عرفها نيومارك - هى الاستعارة: المتمكنة وهى تعد طريقة فعالة ومقتضبة فى سياق غير رسمى لتغطية وضعية مادية أو عقلية اشاريا وذرائعيا على السواء وهى دفء عاطفي معين, وهو ما يميزها عن النوعين السابقين, وهنا يقترح نيومارك عددا من الاجراءات التي يمكن بها ترجمة استعارة معينة الى لغة غير لغتها الاصلية.
اول هذه الاجراءات هو اعادة انتاج نفس الصورة فى اللغة المترجم اليها، والامر الذي يضمن نجاح هذا الاجراء في الترجمة هو ان يكون للصورة رواج وتبادل مشابهان فى مجال اللغة المترجم اليها، وهذا الاسلوب شائع فى ترجمة استعارات الكلمة الواحدة مثل ray كلمة مثلما فى ray of hope التي يمكن ترجمتها الى شعاع من الامل غير انه من النادر ان يستخدم هذا الاجراء فى ترجمة الاستعارة المتمددة أو التعابير الاصطلاحية إلا اذا وجد تداخل بين ثقافة اللغة الاصلية ولغة الترجمة او لان الصورة فى الاستعارة ترمز الى تجربة انسانية كونية.
ومن الصعوبات ترجمة استعارة الكلمة الواحدة الى استعارة فى اللغة المترجم اليها حينما يكون المعنى فى الاستعارة الاصلية حدثا او صفة ما إلا ان الترجمة تتم بسهولة ويسر حيثما يكون معنى الاستعارة صفة كونية كذهبية الشعر فى “شعر ذهبي”.
والاجراء الثاني فى ترجمة الاستعارة هو استبدال الصورة الاصلية بصورة نموذجية فى لغة الترجمة, حيث لايحتفظ المترجم بصورة الاستعارة الاصلية بل يستبدلها بصورة موجودة اصلا فى لغة الترجمة, ومثال ذلك ترجمة المثل الاستعاري الانجليزي Halfa loaf is better than no bread الى العربية بلفظ “لرمد خير من العمى “وهى الصورة المألوفة عند القارىء العربي، ويمكن كذلك اتباع هذا الاجراء في ترجمة ما يعرف بلطف التعبير Euphemism وهو الاتيان بتعبير ملطف فرارا من تعبير مستكره او غير لائق او غير مقبول اجتماعيا، وهنا على المترجم ان يستبدلها بمثيلاتها فى اللغات الاخرى، فتعبير "ملامسة النساء" وهو تعبير ملطف يدل على القيام بممارسة الجنس يترجم الى ما يقابله فى الانجليزية وهو Make Love
وثالث هذه الاجراء ات هو تحويل الاستعارة الى تشبيه فحينما يعجز المترجم عن حفظ صورة الاستعارة الاصلية فبمقدوره تحويل الاستعارة الى تشبيه ، وهذا الاجراء يحافظ على قدرة الاستعارة على الادهاش الرائع ، ومثل هذا الترجمة على رضا لاستعارة الامام على كرم الله وجهه "!! هدرت ثم قرت " الى تشبيه
It was Like the foam a camel
حيث حافظ المترجم فى التشبيه على نفس الصورة الموجودة فى الاستعارة الاصلية.
يتبع ...
|