المحقق د. القزويني: وصف الذهبي للحمويني بـ "حاطب ليل" غير موجود إطلاقًا في كتبه
بتاريخ : اليوم الساعة : 07:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
في الحلقة الرابعة من مناظرات قناة المستقلة، نسف المحقق الدكتور السيد محمد القزويني الشبهة القائلة بأن الذهبي وصف الحمويني بـ"حاطب ليل". ونفى الدكتور القزويني هذا الاعتقاد، مؤكداً على مكانة الحمويني الكبيرة عند الذهبي، وأثبت أن هذه العبارة غير موجودة إطلاقاً في كتب الذهبي، وذلك رداً على الشيخ حسن الحسيني.
جاء في كتاب ( شبهات وردود حول مظلومية الزهراء(علیها السلام)حوارات أ. د السيد محمد الحسيني القزويني على قناة المستقلة الفضائية سنة 1429هـ، أنقل بالنص والهامش:"
هناك مسألة مهمة، لا بدّ من الإشارة إليها، أطلب من الأخوة الأعزاء المشاركين في الحوار والمشاهدين الكرام الالتفات إليها، ألا وهي: أنّ ما جرى على السيدة فاطمة الزهراء(علیها السلام)، لم يقتصر ذكره على المصادر الشيعية فقط، بل ذكرته بعض مصادر أهل السنّة أيضاً، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: 1 ـ رواية الجويني التي تدل على كسر الضلع وإسقاط الجنين
فقد ذكرها الجويني الشافعي المتوفى سنة (722) للهجرة، وهو أستاذ الذهبي ـ الذي هو من أركان علم الرجال لدى أهل السنّة ـ والذي يقول بحق أستاذه الجويني: “الإمام، المحدث، الأوحد، الأكمل، فخر الإسلام”([32]).
ينقل الشيخ إبراهيم بن محمّد بن مؤيد الجويني في كتابه (فرائد السمطين)، رواية عن رسول الله(ص): أنّه لما رأى فاطمة وقد دخلت بيته، قال: “لمّا رأيتها ذكرتُ ما يُصنع بها بعدي، كأنّي بها قد دخل الذلّ بيتها، وانتُهكت حرمتها، وغُصب حقّها، ومُنعت إرثها، وكُسر جنبها، وأُسقط جنينُها، وهي تنادي يا محمّداه فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدِمُ عليّ محزونةً مغمومةً مهمومةً مغصوبةً مقتولةً”([33]).
الحسيني: الشيء الغريب أن السيد القزويني يقول: إنّ الجويني، واسمه الحقيقي محمّد بن مؤيد بن حمويه الجويني، هو شيخ الذهبي، ولكن ماذا قال الذهبي عن شيخه؟ قال: “كان حاطب ليل”.
يا سيّد: كان الجويني حاطب ليل، جمع أحاديث ثنائيات وثلاثيات ورباعيات، من الأباطيل المكذوبة([56]).
اتّق الله عزّ وجلّ، نحن أمام ملايين الناس، تنقل روايات مكذوبة وغير صحيحة، وتنشرها أمام الناس على أنّها موجودة، ثمّ تأتي وتقول: إنّنا لا نسبّ الصحابة، هذا أكبر دليل على أنّكم تسبّون الصحابة([57]).
الهاشمي: هذه النقاط واضحة. الدكتور القزويني، لك دقيقتان للرد على الحسيني.
جوابنا على كلام الحسيني
السيّد القزويني: الأخ الحسيني يقول: بأنّ الرواية التي نقلها الجويني موضوعة ومكذوبة، وأقول: إنّ الادعاء شيء وإثبات المدّعى شيء آخر، ثم هل من المنطقي أن يقول الذهبي في حق أستاذه الجويني: أنه حاطب ليل، هذا في الوقت الذي يصفه فيه بأنه: “الإمام، المحدث، الأوحد، الأكمل، فخر الإسلام”([58])." انتهى النقل.
دمتم برعاية الله
كتبته الدكتورة : وهج الإيمان
__________________
([32]) الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج4 ص1505. وأضاف: “وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء، حسن القراءة مليح الشكل، مهيباً ديناً صالحاً، وعلى يده أسلم غازان الملك، مات سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة، وله ثمان وسبعون سنة، رحمه الله تعالى”.
([33]) الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص35 ح371.
([56]) لا شكّ ولا شبهة في أنّ الجويني هو شيخ الذهبي, والذهبي مدحه في ترجمته ووصفه بأنّه الإمام المحدّث الأوحد وأنّه ذو عناية بالحديث, فكيف يصفه بذلك وفي الوقت نفسه يقول عنه: حاطب ليل, فهذا التناقض لا يمكن أنْ يصدر من مثل الذهبي, ولذا فإنّ هذه العبارة: (حاطب ليل)، لا توجد في كتب الذهبي إطلاقاً, فعلى الطرف الآخر إثبات أنّ هذه العبارة للذهبي ثمّ الاستدلال بها.
([57]) الروايات التي نقلناها صحيحة وليست مكذوبة, وأنّ نقل الروايات الصحيحة لا يلازم سبّ الصحابة, وإلا فسيكون علماء السنّة ـ كما قلنا سابقاًـ هم من الذين يسبّون الصحابة لأنّهم نقلوا الكثير من السلبيات عن الصحابة وصرّحوا بصحّتها.
فإنّ السب شيء وذكر أعمالهم وأفعالهم مهما كانت قبيحة ـ إذا كانت ثابتة بطرق صحيحةـ شيء آخر، وذلك طبقاً لما قاله أمير المؤمنين(علیه السلام): “إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر” نهج البلاغة، خطب الإمام علي(علیه السلام): ج 2 ص 185.
ومن ذلك يتضح أن القول بأن الشيعة تسب الصحابة بمجرد نقلهم للروايات التي تشير إلى أنهم هجموا على دار الزهراء(سلام الله علیها)، أو التي تذكر بعض سلبياتهم ومواقفهم المناقضة لنظرية عدالتهم جميعاً؛ ما هي إلا مغالطة واضحة يراد بها التموية على المتلقي السني وخداعة بأن الشيعة أعداء للصحابة ولذلك يسبونهم ويلعنونهم، ومن أجل ذلك ساغ قتلهم وإبادتهم.
([58]) الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج4 ص 1505. هذا هو رأي الذهبي بالجويني، وماذكره الحسيني أن الذهبي يقول عنه حاطب ليل، فهذا لم يثبت عن الذهبي، وإليك تفصيلاً في ذلك.
الجويني: هو إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الجويني صدر الدين أبو المجامع، قال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ: «وسمعتُ من الإمام المحدث، الأوحد الأكمل، فخر الإسلام، مدر الدين إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني . . . وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء، حسن القراءة، مليح الشكل مهيباً، دينا صالحاً، وعلى يده أسلم غازان الملك». ج 4 ص 1506. وترجم له الذهبي في معجم شيوخه قائلاً: “ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَيَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بِنْ حَمُّوَيْهِ، الشَّيْخُ الْقُدْوَةُ، صَدْرُ الدِّينِ أَبُو الْمَجَامِعِ الْجُوَيْنِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ الصُّوفِيُّ الْمُحَدِّثُ... وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيثٍ وَاعْتَنَى بِالرِّوَايَةِ... وَكَانَ صَدْرُ الدِّينِ تَامُّ الشَّكْلِ مَلِيحًا مَهِيبًا خَيِّرًا، مَلِيحَ الْكِتَابَةِ حَسَنَ الْفَهْمِ مُعَظَّمًا بَيْنَ الصُّوفِيَّةِ إِلَى الْغَايَةِ” معجم الشيوخ الكبير، ج1، ص157ـ 158. تحقيق: د. محمد الحبيب الهيلة، ط1، 1408هـ.
وقال عنه الصفدي: “الإمام الزاهد المحدث شيخ خراسان، صدر الدين أبو المجامع ابن الشيخ سعد الدين بن المؤيد بن حمويه الجويني الشافعي الصوفي... وكانت له صورة إلى تلك البلاد الكبيرة، ومنازلهُ في صدور التتار أثيرة، تتضاءل النجوم لعلو قدره، وتنكشف الشموسُ الضاحية لطلوع بدره، لا يصل أحد إلى لمس كمه، ولا يطمع القان الأعظم في اعتناقه وضمه”. أعيان العصر وأعوان النصر، أيبك الصفدي، ج1، ص121ـ 122. ط دار الفكر المعاصر، 1418هـ.
وقال ابن حجر في الدرر الكامنة: “إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد بن حمويه الْجُوَيْنِيّ صدر الدّين أَبُو المجامع ابْن سعد الدّين الشَّافِعِي الصُّوفِي...وَكَانَ ديّناً وقوراً مليح الشكل جيد الْقِرَاءَة، وعَلى يَده أسلم غازان”. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، ابن حجر العسقلاني، ج1، ص176. ط عام 1972.
أما قول الذهبي عنه بأنه بحاطب ليل، فهذا لم يثبت عنه في أي كتب من كتب الذهبي، بل هو مما ذكره ابن حجر في الدرر الكامنة، فهو بعد أن وثّقه بما سبق مما ذكرناه عنه، نقل عن ظهير الدين الكازروني صاحب مختصر التاريخ أنه ادعى أن يحيى الكرخي شافهه بذلك، فقال نقلاً عن الكازروني:”وشافهني يحيى الْكَرْخِي بهمذان عَن القَاضِي نجم الدّين أَحْمد بن أبي سَالم أَحْمد بن يزِيد بن نَبهَان الْأَسدي عَن أبي عَليّ الْحداد، قَالَ الذَّهَبِيّ: كَانَ حَاطِب ليل جمع أَحَادِيث ثنائيات وثلاثيات ورباعيات من الأباطيل”.
فكيف يتم الاعتماد على هذه المشافهة المزعومة والإصرار عليها، وترك ما صرح به الذهبي وابن حجر وغيره ـ بنحو صريح ومكتوب ـ من مديح وثناء؟ هل هذا مقتضى الإنصاف؟". انتهى النقل.