في أدلّة أهل السنّة على وجوب ذكر ( الآل ) في الصلوات فهي ما ورد من الاعتراف بأنّ الصلاة عليهم صلوات الله عليهم أمرٌ مراد في آية الصلوات ففي ظلّها أورد ابن حجر جملة من الأخبار الواردة فيها أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قرن الصلاة على آله بالصلاة عليه حين سًئل عن كيفية الصلاة عليه . ثم قال ابن حجر بعد ذلك : وهذا دليل ظاهر على أن الأمر بالصلاة على أهل بيته وبقيّة آله مراد في هذه الآية وإلا لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ولم يُجابوا بما ذُكر فلما أجيبوا به دلّ على أن الصلاة على آله ( صلوات الله عليهم ) من جملة المأمور به وأنه صلى الله عليه وآله وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه ( أي من تعظيمه ) تعظيمهم ( أي الآل ) . ومن ثمّ لمّا دخل من مرّ في الكساء قال صلى الله عليه وآله وسلم : (( اللهم إنّهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم )) .
ثم قال ابن حجر : وقضيّة استجابة هذا الدعاء : أن الله صلى عليهم معه فحينئذٍ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه .
بعد هذا نقل ابن حجر هذين البيتين للشافعي وهما :
يا أهلَ بيت رسول الله حبّكم
فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ
كفاكم من عظيم الشأن أنكمُ
من لم يُصلِّ عليكم لا صلاة له
وعلّق عليهما بالقول : فيُحتمل لا صلاة له صحيحة فيكون موافقاً لقوله ( أي الشافعي ) بوجوب الصلاة على الآل ويُحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه . ( الصواعق المحرقة : 87 )
أما الفخر الرازي فقد قال – على ما ذكره ابن حجر - ( الصواعق المحرقة : 87 ) :
جعل الله أهل بيت نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم مساوياً له في خمسة أشياء :
الأول : في المحبة .
قال الله تعالى : { فاتبعوني يحببكم الله } ( سورة آل عمران الأية 31 ) وقال لأهل بيته :
{ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) ( سورة الشورى الأية 23)
الثاني : في تحريم الصدقة .
قال عليه السلام : (( حُرمت الصدقة عليّ وعلى أهل بيتي )) .
الثالث في الطهارة .
قال الله تعالى : { طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرةً } ( سورة طه : 1-3 )
الرابع : في السلام .
( يقال للنبيّ : السلامُ ) عليك أيها النبي . وقال في أهل بيته : { سلام على آل ياسين } ( هكذا ( آل ياسين ) لا إلْ ياسين كما عند الفخر الرازي وغيره كثير على قراءة ورواية وَرْش وغيره ْ . والآية في سورة الصافات رقم
130
الخامس : في الصلاة على الرسول وعلى الآل .
كما في آخر التشهّد . ( أورد هذا القول أيضاً الجويني في ( فرائد السمطين : 1\ 35 )
ونتساءل نحن : أليس من الاتّباع الذي هو مصداق المودّة – إن كنا نحبّ الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم حقاً – أن نأتي بذكر ( آله ) لدى الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم كما علّمنا وأمرنا ولا نأتي بالصلاة البتراء لأنه عنها نهانا ؟!
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم أجمعين
اللهم ألعن كل من يعادي محمد وآل محمد عليهم السلام أجمعين
أما شبهة عدم جواز الصلاة إلاّ على الأنبياء عليهم السلام أجمعين فتلك دعوى مردودة يقول الشهيد الثاني رحمه الله : وقد جرت العادة باختصاص الصلاة والسلام بالأنبياء وينبغي أن يجعل ( أي الكاتب أو المتكلم ) للأئمة عليهم السلام أجمعين السلام وإن جاز خلاف ذلك كله بل يجوز الصلاة على كلّ مؤمن كما دلّ القرآن والحديث ( منية المريد : 347 ) كيف ؟
قال تعالى : { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } ( سورة البقرة : الآية 156-157 )
وقال تعالى : { .. وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } ( سورة التوبة :103 )
ومن الحديث : ما رُوي في ( جامع الفوائد ) المطبوع في أوّل ( إيضاح الفوائد : 1\6 ) و ( تفسير ابن كثير : 2\400 ) و ( صحيح مسلم : 2\757 ) و( غوالي اللآلي : 2\39 ، 232 ) من أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( اللهم صلِّ على آل أبي أوفى )) .
وفي ( سنن ابن ماجه : 1\ 572 ح 1796 ) : كان رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) إذا أتاه الرجل بصدقة ماله صلّى عليه . وفي ( فيض القدير : 5\ 88 ح 6527 ) : إذا أتاه الرجل قوم فصدقتهم قال : (( اللهم صلِّ على آل أبي فلان )) . وفي ( سنن أبي داود : 2\ 88 ح 1533 ) : إن امرأة قالت للنبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلم : صلِّ عليّ وعلى زوجي فقال : صلّى الله عليكِ وعلى زوجكِ . ( كذلك أخرجه أبو داود في الخبر : 1533 من سننه ورواه الجهضميّ القاضي المالكيّ ( 199- 282 ه ) في كتابه ( فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) 69 ح 77 ) .
قال المحدّث الجزائريّ في ( الجواهر الغوالي في شرح العوالي ) : لم يجوّز العامّة الصلاة على آل محمد وحده مع جواز آحاد المؤمنين وعلى آل أبي أوفى والعذر ما قاله الزمخشري : إنه صار شعاراً للرافضة فلا ينبغي التشبّه بهم ( هامش غوالي اللآلي : 2\40 ) .
وقال الشيخ محمد حسن النجفي : حتى جاء عن بعضهم قوله : إن الصلاة على الآل – وإن ثبتت بالنص متضمّنةً إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم – إلا أن الرافضة لما اتخذتها شعاراً فنحن نتركه والترك أولى . ( جواهر الكلام : 10 \ 262 )
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم أجمعين
اللهم ألعن كل من يعادي محمد وآل محمد عليهم السلام أجمعين
أما أدلّة وجوب إتمام الصلوات عند الشيعة فهي وافرة نأخذها من ثلاثة أوجه :
الأول : أن الروايات الواردة عن النبي وآله صلوات الله عليه وعليهم أجمعين سواء في الأحاديث المبيّنة لكيفية الصلوات أو الكاشفة عن فضائلها أو نصوص الأدعية والزيارات إنما جاءت بصورة الصلاة التامة لا البتراء حتى إن رجلاً سأل الإمام الصادق عليه السلام : كيف أقول ؟
فقال له : قل : اللهمّ صلِّ على محمد وآل محمد . ( ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : 143 )
والوجه الثاني : ورود النهي عن الصلاة المبتورة نهياً يُستفاد منه الحرمة في حالات عديدة فقد روي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قوله : (( لا تصلّوا عليّ صلاةً مبتورة بل صلوا إلى أهل بيتي ولا تقطعوهم فإن كلّ نسب وسبب يوم القيامة منقطع إلاّ نسبي )) { رسالة ( المحكم والمتشابه ) للشريف المرتضى نقلاً عن تفسير النعماني بإسناده إلى الإمام علي عليه السلام وكذا وسائل الشيعة : 4\ 1222 } .
وسمع الإمام الباقر عليه السلام رجلاً متعلّقاً بالبيت ( أي بالكعبة ) يقول : اللهم صلِّ على محمد فقال له : لا تبترْها لا تظلمنا حقَّنا قل : اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته . ( وسائل الشيعة : 7 \ 302 ح 2 الباب 42 من أبواب الذكر ) .
فالبتر ظلم والظلم ينافي المودّة التي أمرنا بها : { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } ( سورة الشورى الآية 23 ) كما ينافي الاتّباع والتولّي .
الوجه الثالث : النصوص المستفيضة عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين في ترتّب العقوبات الدنيوية والأخروية على باتر الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وفي المقابل ترتّب الفضائل والحسنات الدنيوية والأخروية على المتمّ لصلاته على المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لنتأمّل في شيء من الأحاديث الشريفة :
عن رسول الله الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( لا يزال الدعاء محجوباً حتى يُصلّى عليّ وعلى أهل بيتي )) ( كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر : الرازي 293 بإسناده عن أبي ذر رحمه الله وروى العامة قريباً منه : أخرج الديلميّ في مسند ( الفردوس ) عن أنس والطبرانيّ في ( الأوسط ) والبيهقيّ في ( شُعب الإيمان ) عن علي عليه السلام مرفوعاً ( ورفعه بعض الرواة ) : (( كلّ دعاءٍ محجوب حتى يُصلّى على محمد وآل محمد )) يراجع كتيب ( صلّوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم : مبشر الطرازي الحسيني 53 ح 6 ط القاهرة )
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (( أخبرني ( أي جبرئيل عليه السلام ) أن الرجل من أمتي إذا صلّى عليّ وأتبع بالصلاة على أهل بيتي فُتحت له أبواب السماء وصلّت عليه الملائكة في سبعين صلاة وإن كان مذنباً خطّاءً ثم تتحاتّ عنه الذنوب كما يتحاتّ الورق من الشجر ويقول الله تبارك وتعالى : لبّيك عبدي وسعديك ويقول الله لملائكته : يا ملائكتي أنتم تصلّون عليه سبعين صلاةً وانا أصلّي عليه سبعمائة صلاة وإذا صلّى عليّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجاباً ويقول الله جلّ جلاله : لا لبّيك ولا سعديك يا ملائكتي لا تُصعدوا دعاءه إلا أن يُلحق بنبيّي عترته فلا يزال الدعاء محجوباً حتى يُلحق بي أهل بيتي )) ( أمالي الصدوق : 464 ح 18 ) .
ورُوي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل قال : من ذُكرتُ عنده فصلّى عليّ فلم يُغفر له فأبعده الله . قيل : يا رسول الله كيف يُصلّي عليك ولا يُغفر له ؟! قال : إن العبد إذا صلّى عليّ ولم يصلِّ على آلي تلك الصلاة فضُرب بها وجهه وإذا صلّى عليّ وعلى آلي غُفر له . ( فضائل الأشهر الثلاثة : الشيخ الصدوق 53 ح 31 ) .
كذا جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله : من قال : صلّى الله على محمد ولم يصلِّ على آله لم يجد ريح الجنّة وريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام . ( أمالي الصدوق : 310 ح 7 )
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم كذلك : من أراد التوسّل إليّ وأن تكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة فليُصلِّ على أهل بيتي ويدخل السرور عليهم . اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الأبرار . ( وسائل الشيعة : 7 \ 203 ح 5 الباب 42 من أبواب الذكر عن مجالس الطوسيّ . ومرآة العقول : الشيخ المجلسيّ : 12\ 96 ) .
وفي تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام : إن أشرف أعمال المؤمنين في مراتبهم التي رتّبوا فيها من الثرى إلى العرش : الصلاة على محمد وآله الطيبين صلى الله عليهم أجمعين واستدعاء رحمة الله ورضوانه لشيعتهم المتقين واللعن للمتابعين لأعدائهم المجاهرين المنافقين . ( تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 271 ) .
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم أجمعين
اللهم ألعن كل من يعادي محمد وآل محمد عليهم السلام أجمعين