العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.07 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2009 الساعة : 01:36 PM


... الجـــــزء الثالـــــث عشـــــر ...

... فـــــي قبضـــــة الذنـــــب ...

لقد كانت مواصلة الطريق صعبة للغاية , لكنني كنت أسير مستعينا بـ(( حسن )) وفجأة وقع بصري نحو قعر الجبل فذهلت حيث شاهدت هيكلا ضخما يحمل شخصا مكبل اليدين والرجلين وهو غير آبه بعويله وصراخه متوجها به نحو أعلى الجبل .
عرفت أن هذا الهيكل هو ذنب ذلك الشخص , وشاهدت (( حسن )) واقفا مثلي يراقب المنظر , لم يقترب ذلك الهيكل الأسود منا بعد وإذا بملائكة العذاب أطلوا من خلف الجبل يحملون معهم الأغلال كأنهم على علم بمجيء هذا الشخص . وعندما وصل الذنب لهم ألقى بذلك المسكين وعاد إلى حيث أتى ضاحكا بصوت عال , فتناول الملائكة ذلك الشخص وكبلوا رجليه بالسلاسل وسحبوه نحو وادي العذاب يضربون به الصخور .
دنا (( حسن )) مني وقال : هذا هو مصير الكافرين , ثم ضرب بيده على كتفي وقال : هيا بنا فالطريق صعب وطويل .


... نـــــور الإيمـــــان ...

السلسلة الجبلية التي كنا نسير في سفحها كانت تعلو جبلا تتصاعد منه النيران وتتصل بعنان السماء وقد سدت الطريق أمام العابرين , شعرت بأن بلاءا جديدا قد برز أمامنا , فدنوت من (( حسن )) مضطربا مرعوبا وقلت له : يبدو أننا وصلنا طريقا مسدودا , والطريق موصد أمامنا , قال لي (( حسن )) وهو يواصل طريقه : لا بأس عليك وتعال معي فهنالك كهوف صغيرة وقصيرة في هذا الجبل علينا أن نعبر أحدها لتدرك قوة إيمانك , فسلته متعجبا : قوة إيماني ؟
قال : بلى .
قلت : وكيف ؟
قال : أعلم أن كل إنسان ينال السعادة يوم القيامة على قدر إيمانه , وهنا صورة مصغرة لمقياس قوة الإيمان وعلى كل حال عليك النظر لا الكلام .
من رده فهمت أنه علي الصمت .
ثم ظهر أمامنا نفق ضيق مظلم لا نافذة فيه ولما دخلناه أصابني الهلع لشدة ظلامه , وبعد خطوات توقفت وقلت لـ(( حسن )): المسير في هذه الظلمة موحش وغيرممكن وما العمل إذا لحق بي الذنب في هذه الظلمة ؟
دنا (( حسن )) مني وقال : لا تفكر بمجيء الذنب , فالضربة التي أنزلتها به لن تجعله يلحقنا بهذه السرعة بالإضافة إلى أنه يضعف أكثر فأكثر في كل لحظة .
سررت لخلاصي من شر الذنب لفترة , لكن التفكير بظلمة الطريق استحوذ علي مرة أخرى لذلك فقد توجهت إلى (( حسن )) متسائلا : كيف سنتقدم في هذه الظلمة ؟
قال (( حسن )): نظرا لما تتمتع به من إيمان سيظهر أمامنا نور يضيء لنا الدرب , بعد قليل من الوقت شع من وجه (( حسن )) نور أضاء الطريق لعدة أمتار .
سرت إلى جانب (( حسن )) مسرورا , وكنا نمر أحيانا بمستنقعات عميقة استطعت العبور منها بقوة إيماني .


... المتوسلـــــون ...

قطعنا قليلا من الطريق وإذا بصرخات وصياح في وسط ذلك الظلام يطرق مسامعي , ولما أنصت قليلا تبين أنه صوت بعض المتوسلين بنا كي نفيض عليه من نورنا فيقتبسوا منه ويسيروا على ضوئه .
كان (( حسن )) يسير أمامي فناداني قائلا : لا تستمع لهم فإنهم حثالات المنافقين والكافرين جاؤوا إلى هنا إنهم لايستحقون ولا قبسا ضعيفا من النور ومصيرهم السقوط في واحد من هذه الحفر الموحشة , وحيث واجهنا إصرارا منهم توقف (( حسن )) وخاطبهم : إن كنتم بحاجة إلى نور الإيمان فارجعوا إلى الدنيا وأتوا به .
التفت أحدهم نحوي وقال : يا عبد الله ألم نكن نحن وأنتم من المصلين الصائمين ؟ فلماذا تقولون ارجعوا إلى ذلك العالم وأنت تعلم أنه مستحيل .
استشطت غضبا وصككت أسناني على بعضها وقلت لهم : نعم لقد كنتم معنا لكنكم كنتم تعملون للقضاء على ديننا لا نصرته , لقد كنتم بالمرصاد تحاولون ضرب الإسلام وها أنتم الآن قد عرفتم أنكم كنتم من المخدوعين .


... تخاصـــــم المجرميـــــن ...

انتهى كلامي معهم ثم دنوت من (( حسن )) وقلت له : هيا بنا لئلا يعاودون الإلحاح .
قال (( حسن )): أما ترغب أن تستمع تخاصمهم وتنازعهم ؟
تأمل جيدا , فأنصت لهم فسمعت أصواتهم في قلب الظلام وإذا بهم يخاطب بعضهم بعضا ( لولاكم لكنا من المؤمنين وتمتعنا بنور الإيمان )) فرد عليهم أولئك : أنحن صددناكم عن الإيمان ؟ فإن كنتم تريدون الإيمان لآمنتم .
مضت لحظات من الصمت ثم صرخ أحدهم غاضبا : إن فلانا هو السبب فقد بدأ بلاؤنا منذ أن استمعنا لما قاله وأطعناه !
فأجابه : لو أنكم لم تطيعوني طاعة عمياء , فارتفع صوت شخص آخر : لقد أطعناك في الدنيا فهيا أنقذنا مما نحن فيه .
وهنا ارتفع صوت كبيرهم قائلا ( أما ترون أننا جميعا مشتركون في العذاب فأنى لي إنقاذكم )) وما أن انتهى كبيرهم من الكلام حتى بدأ الذي اتبعوه بالدعاء بالويل والثبور عليه قائلين ( ربنا إننا بريئون هو كبيرنا ومرشدنا في الدنيا فضاعف عليه العذاب )).
لم ينتهي تخاصمهم بعد فجذبني (( حسن )) وقال : هيا بنا فإن نزاعهم لا نهاية له وسيطول نزاعهم في جهنم أيضا . وبعد خطوات تناهى إلى مسامعي صوت رهيب فسألت (( حسن )) عن مصدره فقال : هو صوت أحد المجرمين قد سقط في حفره سحيقة .
سررنا لأن مثل هذا العذاب لا يطالني وهذا ما دفعني إلى مواصلة الطريق بمزيد من الأمان .

... سرعـــــة العبـــــور ...

تقدمنا قليلا وإذا ببعض أنوار خافتة وأخرى قوية نسبيا تلفت انتباهي . فتصورت أنهم طائفة مثلنا يسيرون على ضوء نورهم , ولم يمضي سوى قليل من الوقت حتى وصلنا شخصا يتخطى رويدا رويداعلى ضوء واحد من الأنوار الخافتة جدا فسلمت عليه وسألته عن حالته فقال : لقد أصابني الإرهاق , فعلى الرغم من أنني أسير في هذا النفق منذ مدة طويلة لكنني لازلت في بداية الطريق .
قلت : هذا بسبب قلة إيمانك , أيد ما قلته له , وفي الوقت الذي كان يمشي ببطء تأوه بشدة وقال : واحسرتاه واحسرتاه , ولم نبتعد عنه سوى خطوات وإذا بصراخ يعلو , أردت الرجوع لكن (( حسن )) قال بسرعة : لقد تعجل وحيث أن نور إيمانه ضعيف جدا فقد هوى في إحد الحفر قلت : وما الذي سيحصل في نهاية المطاف ؟
توقف (( حسن )) وقال : لا شيء فإن (( حسن )) الخاص به سينقذه , لكنه يصل مقصده متأخر جدا . وما أن انتهى (( حسن )) من كلامه سطع أمامنا نور أخذ بأبصارنا ولما اختفى سألت (( حسن )) متعجبا : ما الذي حصل ؟
فتأوه (( حسن )) وقال : لأنه أحد علماء الدين قضى عمره مطيعا عابدا مخلصا لله , وها هو الآن طوى هذا الطريق المظلم بسرعة فائقة مستنيرا بنور إيمانه , فتحسرت أنا أيضا وقلت : طوبى له , فياله من نور ويا لها من سرعة .
دخل الهم فؤادي ووضعت رأسي بين ركبتي من الندم والخجل وقلت : واحسرتاه فهذا النور هو نتيجة أتعابي لسنوات طويلة من عمري .
ناديت نداء انطلق من أحشائي : يا إلهي , يا عليما بأحوال الأحياء والموتى انظر إلي وزدني نورا ليسهل علي العبور من هذا المعبر الشاق .
وبقيت على تلك الحال أبكي وأبكي حتى شعرت بأن النفق ازداد نورا ولما رفعت رأسي من بين ركبتي شاهدت (( حسن )) وقد أصبح أكثر نورانية من ذي قبل فنهضت وتوجهت نحوه مذهولا وقلت له : لقد أصبحت أكثر نورانية !
قال : لقد من الله عليك برحمته وأفاض عليك بنور مضاعف وهذا بلا شك يعتبر استجابة لدعائك في الدنيا حيث كنت كثيرا ما تطلب رحمة الله لسفرك الأخروي , ثم واصل كلامه : لا أحد يستطيع العبور من برهوت معتمدا على عمله الصالح , فلابد من أن تشمله رحمة الله إلى جانب عمله .
سررت كثيرا وحمدت الله على لطفه ورحمته اللامتناهية , كنت أسير بسرعة وأمان أكثر حيث تجاوزت بعض الناس فيما استطاعت مجموعة أخرى تجاوزنا , مع أني كنت أشعر بالإرهاق لكنني لم أكن أبالي بسبب لهفي لوادي السلام , فقلت لـ(( حسن )): ما أطول هذا الممر ؟
فأجابني (( حسن )) وهو يحث الخطى بسرعة : لو أنك صمدت أمام غبار الشهوات لكان الطريق قد سهل عليك كثيرا , والآن لا بأس فعليك الصبر قليلا فما أسرع أن ينتهي هذا الطريق ......










انتظروني في الأجزاء القادمة


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

رضى
عضو جديد
رقم العضوية : 32020
الإنتساب : Mar 2009
المشاركات : 5
بمعدل : 0.00 يوميا

رضى غير متصل

 عرض البوم صور رضى

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2009 الساعة : 03:05 PM


شكرا جزيلا على هذه القصص

من مواضيع : رضى

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.07 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 21-03-2009 الساعة : 02:59 PM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رضى [ مشاهدة المشاركة ]
شكرا جزيلا على هذه القصص

لا شكر على واجب

وأتمنى أن تحوز القصة على إعجابك


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية عشق الكلمة
عشق الكلمة
عضو ذهبـي
رقم العضوية : 27927
الإنتساب : Dec 2008
المشاركات : 2,774
بمعدل : 0.49 يوميا

عشق الكلمة غير متصل

 عرض البوم صور عشق الكلمة

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 21-03-2009 الساعة : 05:03 AM


أحببت ان اقف هنا لاسجل شكري وتقديري لهذا الطرح المتميز القيم ولى عودة مجددا ان شاء الله لمتابعة كاملة للاجزاء ..

توقيع : عشق الكلمة
من مواضيع : عشق الكلمة 0 إمنحونى دعائكم
0 مــــــا هذا ؟؟؟
0 سرطان البحر ( القبقب)
0 نجاد يثير احتجاجات في مؤتمر العنصرية
0 ABC's OF LIFE

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.07 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 21-03-2009 الساعة : 03:00 PM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشق الكلمة [ مشاهدة المشاركة ]
أحببت ان اقف هنا لاسجل شكري وتقديري لهذا الطرح المتميز القيم ولى عودة مجددا ان شاء الله لمتابعة كاملة للاجزاء ..

تسلم اخي العزيز

انتظر تعليقاتكم بفارغ الصبر


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.07 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 24-03-2009 الساعة : 02:41 PM


... الجـــــزء الرابـــــع عشـــــر ...

... طـــــرق فرعيـــــة ...

وأخيرا انتهينا من تلك الظلمة الموحشة ودخلنا صحراء مترامية الأطراف وبعد أن سرنا فيها خطوات توقف (( حسن )) وقال : انظر يا صديقي , إن السير في هذا الطريق محفوف من الآن وصاعدا بالمخاطر أكثر مما سبق , ثم ألقى نظرة سريعة على الطريق واستمر في حديثه : كل من ابتلي في الدنيا بنوع من الإنحراف سينحرف هنا أيضا , ثم أشار بيده إلى الطريق الذي يقابلنا وقال : هذا هو الطريق المستقيم الذي ينتهي بوادي السلام ولكن لابد من الإنتباه فهنالك الكثير من الطرق الفرعية فالطرق المتناثرة على اليمين والشمال مضلة وأما الجادة الوسطى فهي المستقيمة ـ فأخذت أردد : اللهم اهدنا الصراط المستقيم . ثم طلب مني أن أسير خلفه وسرنا في الطريق الذي أمامنا, وكان جميع الذين عبروا الكهف ساروا في هذا الطريق للوصول إلى وادي السلام وكان الناس يطوون هذا الطريق بما لديهم من حسنات صغيرة أو كبيرة وبسرعات مختلفة .
بعد أن سرنا مسافة وصلنا مفترق طريقين ودون أن يتوقف (( حسن )) أشار إلى الطريق الواقع على الشمال وقال : هذه جادة الحسد والطغيان من دخلها خرج من جادة الشرك التي تنتهي بوادي العذاب .
وفي تلك الأثناء شاهدنا شخصا قد وطأ بقدمه تلك الجادة ورحت أفكر بأمره فتألمت لأنه اختار هذا الطريق المنحرف بعد كل تلك المصاعب والطريق الذي قطعه . وكنت أتمنى أن يندم ويؤوب قبل وصوله إلى جادة الشرك . لم يزل ذلك المنظر يشغل بالي حتى واجهت مشهدا آخر في طريقي حيث شاهدت رجلا صغير البنية يسير إلى جانب الطريق خائفا مرتعدا , فالتفت إلى (( حسن )) وقال : طأ بقدمك رأس هذا وتقدم .
توقفت وسألته متعجبا : لماذا ؟ قال : المتكبرون في الدنيا تصغر أبدانهم هنا كي يركلهم الناس بأقدامهم .
ولما تذكرت تكبر هؤلاء في الدنيا أخذتني العصبية فركلته بقدمي وألقيت به على الأرض وواصلت طريقي دون اكتراث بعويله وصراخه . وما أن ابتعدنا قليلا حتى وصلنا مفترق ثلاثة طرق . فتوقف (( حسن )) ليدلني فقال : واصل طريقك المستقيم ولا تلتفت يمينا ولا شمالا . لأن طريق اليمين طريق النمامين الذين يؤذون الناس بألسنتهم , وأضاف : وفيه حيوانات لادغة تلسع المارين من هناك . في غضون ذلك دخله شخص فخرجت بعض الأفاعي من الأرض وأنبتت أنيابها بجسده فتركته مطروحا على الأرض يصرخ بصوت عال ونظرا لرعب المنظر أدرت بوجهي شمالا فدهشت لرؤية شخص ضخم البطن لا يستطيع السير وكثير ما يسقط على الأرض . ولفقدانه التوازن انحرف نحو طريق الشمال وأخذ يواصل طريقه زحفا .
سألت (( حسن )): أي طريق هذا الذي يسير فيه ؟ قال : هذا طريق آكلي الربا حيث يذوقون أشد العذاب .

... الغلـــــي ...

سار بنا الطريق نحو قمة تل , ومن الأعلى انتبهت إلى الجانب الثاني من التل فشاهدت مجموعة من المأمورين يقفون على الطريق وقد وقفوا عدة أشخاص , وإلى جانب المأمورين كانت تتصاعد ألسنة من النيران , ولشدة خوفي ورعبي دنوت من (( حسن )) ومنعته من المسير, فمسح (( حسن )) بيده على رأسي وقال : لا تخف فلا شأن لهم بك فقد وقفوا يتصيدون أفرادا معينين . وفي تلك الحال ارتفع صوت عويل وصراخ ولما نظرت عرفت أن شخصا كان واقفا والنيران والدخان يتطاير من جبهته ولما أمعنت النظر شاهدت مسكوكة مغلية قد طبعت على جبهته , ثم أحمى المأمورون مسكوكة أخرى ووضعوها على ظهره فملأ صراخه وعويله أجواء الصحراء , نظرت في وجه (( حسن )) متحيرا , ونظر هو أيضا في وجهي وقال : هذا جزاؤه (( فهذه المسكوكة كان قد جمعها في الدنيا , وكان يرد المحرومين والمستضعفين ولم يؤدي حقوقهم ))ـ قال (( حسن )) ذلك وسار نحو الأسفل ولحقت به مرعوبا وخائفا .
ولما وصلنا عند هؤلاء المأمورين الغلاظ الشداد تضاعف خوفي ورهبتي ولكن ما خفف من روعي وجعلني أهدأ هو أنهم أفسحوا لنا الطريق للمرور فعبرنا من بينهم دون الشعور بالخطر ..

... قطعـــــة مـــــن نـــــار ...

ابتعدنا عنهم خطوات فراودتني فكرة الإلتفات إلى الخلف ولما نظرت دهشت لرؤيتي المأمورين وهم يمسكون بشخص من رجليه ويديه ويحاولون إدخال قطعة من نار بالقوة في فمه , توقفت عن المسير ورجعت إلى الوراء فهالني المنظر , فكانت صرخاته وعويله أليمة للغاية , وفي الوقت الذي كان داخله يستعر فقد كان يقطع الطريق زحفا , وفجأة شعرت بيد حسن على كتفي فنظرت إليه وسألته : ما الأمر ؟
قال : إن الذين يأكلون أموال الناس بالباطل يتولى أمرهم مثل هؤلاء الملائكة المكلفين بإطعامهم قطعة مستعرة من الحديد .
وبعد صمت قليل واصل (( حسن )) كلامه فقال : بطبيعة الحال فإن هؤلاء يقفون عند معبر حقوق الناس .
وبعد استماعي لكلام (( حسن )) اطمأن قلبي قليلا ولكن نظرا لتألمي من ذلك المنظر توجهت إليه وطلبت منه الإبتعاد عن ذلك المكان .
ثم سرنا وسرنا حتى وصلنا شخصا رافعا يديه إلى الأمام وهو يتخطى خطوات قصيرة بحذر , فقال (( حسن )) وهو يواصل مسيره مشيرا بإصبعه إلى ذلك الشخص : منذ أن خرج هذا المسكين من النفق أصيب بالعمى .
ثم سار في طريق فرعي يبعد عنا خطوات وقال (( حسن )): هذا طريق أهل الدنيا وسرعان ما يدخله , فسألته لماذا ؟
قال : ذلك واضح لأنه فضل الدنيا وأهلها على الآخرة وعلى المؤمنين . وهذه الطائفة من الناس ممن يشترون الخسران المبين لأنفسهم , وذلك هو شراء الدنيا بالآخرة . ولم ينتهي (( حسن )) من حديثه وإذا بهذا الشخص يطأ بقدمه طريق أهل الدنيا , وبقيت أسير في طريقي وتارة أعود إلى الخلف لأنظر من ذلك الأعمى البائس .
كنا نطوي الطريق على ما يرام , وكنا أحيانا نسبق غيرنا فيما يسبقنا آخرون وقد صادفنا في طريقنا طرقا فرعية وأناسا عجيبين , ومن بينهم أشخاصا ذوي لسانين امتدت من أفواههم وتستعر فيها النيران , فقال لي (( حسن )): إنهم المنافقون .
كما شاهدنا الذين ارتكبوا أعمالا تخالف العفة وانغمسوا في الشهوات غير المشروعة وقد لجموا بلجام من نار . لكن الأكثر إزعاجا هو الطريق الفرعي الذي تسير به النساء , فهو طريق ينتهي إلى صحراء وتتعذب فيها نساء كثيرات , فمنهن من علقن بشعورهن وذلك لأنهن كن يبدين شعورهن للأجانب , منهن من يأكلن لحومهن , وهن من كن يتزين أمام الأجانب , منهن من كانت رؤوسهن رأس خنزير وأبدانهن بدن حمار لأنهن مارسن النميمة في الدنيا .
والذي أثار دهشتي خلال مشاهدتي لجميع تلك المناظر هو عجز (( حسن )) الخاص بهؤلاء بحيث أنه كان يتخلف عن صاحبه أحيانا مسافة مئات الأمتار فيعجز عن هدايته وإعانته .




تابع..


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.07 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 24-03-2009 الساعة : 02:45 PM


... الجـــــزء الخـــــامس عشـــــر ...

... المرصـــــاد ...

قطعنا مسافة طويلة حتى وصلنا نفقا , وقبل أن نصل أعلى ذلك النفق تناهت إلى مسامعنا أصوات من الجانب الآخر للقمة أردت أن أسأل (( حسن )) عنها لكنني فضلت الإطلاع عنها شخصيا عند الوصول إلى القمة .
لما وصل (( حسن )) إلى أعلى القمة توقف , وبدوري التحقت به مسرعا أسحب أنفاسي بقوة , فذهلت لما رأيت واستحوذ علي الخوف والإضطراب .
فقد كانت الطرق والأودية المحيطة بتلك القمة مليئة بالملائكة والذين وقعوا في قبضتهم , فهم قد سيطروا على كل من كان يحاول المرور من هذا الطريق , فسألت (( حسن )): ما الخبر هنا ؟
كان (( حسن )) ينظر يمينا وشمالا , فقال : هذا هو المرصاد , قلت له مندهشا : وما المرصاد ؟
قال : مكان التحقيق حول حقوق الناس , توقف (( حسن )) هنيئة ثم واصل كلامه : لوكان في عنقك أدنى حق للناس بدءا من القتل وانتهاءا بالصفعة أو أي دين آخر , كل ذلك يصبح سببا في بؤسك .
مرة أخرى استطلعت الوادي , فكانت مجموعة من الناس محملين بالهموم والأحزان وقد افترشوا الأرض ولم يكونوا قادرين على التحرك لثقل السلاسل المطوقة في أعناقهم , وآخرون مصفدون بالحديد يتولاهم ملائكة غلاظ عظيموا الجثة , فيما تاه آخرون في الوادي لا يؤذن لهم بالمرور من الطريق .
كلما ارتفع صوت المأمورين في الأجواء بالإذن لأحد ما بالعبور وكان قد أوقف لمدة طويلة فإنه يواصل طريقه بكل سرور .
ثم التفت (( حسن )) إلي وقال : هيا بنا نذهب .
قلت مضطربا : لا يمكننا المضي من هذا المضيق .
فقال : إن الملائكة يسيطرون على كافة الطرق فلا يمكن التغاضي عن حقوق الناس وإن الله سبحانه لا يغض الطرف عن الظلم , ربما يتنازل الباري عن حقه ويقبل شفاعة الصالحين , لكنه لا يعفو عن حقوق الناس أبدا .
سألت (( حسن )): كيف يتم معرفة الأشخاص هنا ؟
قال : من كانت بذمته حقوق الناس يتم التعرف عليه ومنعه من العبور من قبل الملائكة , أردفت متسائلا : وإلى متى عليهم البقاء هنا ؟
قال : تختلف مدة بقائهم وتوقفهم , فالبعض يبقون أشهرا , وآخرون سنوات , ثم سألته : وكم يطول التحقيق في حقوق الناس ؟
قال : عدل الله هو الحاكم هنا , والتحقيق يجري لصالح المظلوم إلا أن يعفو المظلوم عن حقه , وإلا سيؤخذ من حسنات الظالم وتضاف إلى ميزان المظلوم حتى يرضى , وإذا لم تكن حسنات الظالم كافية أخذ من سيئات المظلوم وأضيفت إلى سيئات الظالم , وفي الحقيقة فإن هذا يعتبر قصاصا من الظالم .
دخل الرعب والخوف فؤادي لما سمعته من (( حسن )).
ولما وجدت أنه لا مفر من المرور من بين هؤلاء المأمورين قلت لـ(( حسن )): لا حيلة لا ... لنذهب .
طوينا منعطفات النفق ودخلنا المرصاد وما مضى إلا لحظات حتى وجدت نفسي وجها لوجه أمام أحد المأمورين وبإشارة من أحدهم وضعوا سلسلة ضخمة في عنقي ودون أن يمنحوني فرصة لمعرفة السبب أخذوا يسحبونني حتى أخرجوني من الطريق عبثا أخذت أحرك رجلي علني أفلح في الهروب منهم , غير أن جميع محاولاتي باءت بالفشل أما سطوتهم , وطلبت من (( حسن )) أن يستفسر عن سبب فعلتهم هذه لكنه اقترب مني وقال : عليك أن تعرف أن هؤلاء لا يعذبون أحدا دون علة .
تأملت قليلا فعرفت القصة , فلقد اقترضت مبلغا من المال من جارنا ولم أستطع تسديده له وذلك لسفره ثم مرضه , فصارحت (( حسن )) بذلك وطلبت منه البحث عن طريق للنجاة . وقد نظر (( حسن )) إلي وقال : لو استطعت أن تزور ذويك في عالم الرؤيا وتطلب منهم أداء ما بذمتك من دين ففي ذلك أمل في خلاصك وإلا فإنك ستظل هكذا .
وبمساعدة من (( حسن )) استطعت أن أزور ولدي الكبير في عالم الرؤيا وأحدثه عن حالي .
بقيت أنتظر ما يرد به أهلي وإذا بي أرى شخصا يحمل فوق ظهره أغلالا من نار ويهرول بهذا الإتجاه وذاك ويصرخ : الويل لي , فهذه الأموال التي اقترفتها بالخطايا هي التي أوقعتني هكذا في البلاء , في حين أنفقها الورثة في سبيل الله فنالوا السعادة , وعلى جانب آخر شاهدت حشدا كثيرا قد هجموا على شخص يطالبونه بحقوقهم .
وعند رؤيتي لهذه المشاهد الرهيبة والحال التي أنا فيها غرقت في تفكير عميق وأخذت أحدث نفسي : لو كنت أعلم أن حقوق الناس من الأهمية وغير قابلة للعفو إلى هذا الحد لبذلت المزيد من التأني في تعاملي مع الناس سواء أثناء المعاملات أو إبداء وجهة النظر والإدلاء بالشهادة أو حتى أثناء الحديث معهم , وهنا أخذت بالصراخ دون وعي : الويل من هذا المعبر إنه حقا معبر الهلاك والشقاء .
في تلك الأثناء فتح المأمورون الأغلال عن عنقي وابتعدوا عني . تصورت في الوهلة الأولى أنهم تركوني بسب صراخي , ولكن عندما ضمني (( حسن )) إليه مسرورا قال لي : لقد قضي دينك وإنك الآن حر في العبور من المرصاد , وارتفع صوت المأمور بإطلاق سراحي .
واصلنا طريقنا المستقيم للوصول إلى وادي السلام .



انتظروا الأجزاء القادمة


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية همس الغلا
همس الغلا
عضو فضي
رقم العضوية : 10993
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 1,760
بمعدل : 0.29 يوميا

همس الغلا غير متصل

 عرض البوم صور همس الغلا

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2009 الساعة : 01:33 AM


يااااعلي عن جد أشياااء مؤثــــرة
ومعلومات جديدة واول مرة اسمعهاا
مشكوووورة فطووومة على المعلومااات
يعطيك ربي الف عاافية
وننتظر باقي الاجزااء
ياريت تنزلينهم خميس وجمعة عشان نقدر نقرأهم
تحيااااتي
همـــــــوسة


توقيع : همس الغلا
من مواضيع : همس الغلا 0 تخيــــــــل ..//
0 الفن والإبــــــداع بالصوووف
0 كم تبلغ مساحة الجنة؟!!
0 خطورة عصير البرتقال على الأطفال؟!!
0 رحلتناا في مزرعتناا..حياكم عيشوا التفاصيل معانا ^_^

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.07 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2009 الساعة : 12:14 PM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الغلا [ مشاهدة المشاركة ]
يااااعلي عن جد أشياااء مؤثــــرة

ومعلومات جديدة واول مرة اسمعهاا
مشكوووورة فطووومة على المعلومااات
يعطيك ربي الف عاافية
وننتظر باقي الاجزااء
ياريت تنزلينهم خميس وجمعة عشان نقدر نقرأهم
تحيااااتي
همـــــــوسة

يا هلااااا هموسة

ان شاء الله يا الغلا هاليومين ان شاء الله تنتهي القصة إذا ما خاب ظني

مودتي

من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.07 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2009 الساعة : 12:20 PM


... الجـــــزء الســــادس عشـــــر ...
... صـــــراع مصـــــيري ...

تجاوزنا معبر المرصاد المحفوف بالمخاطر , وتقدمنا حتى بدا هيكل أسود مذهل يتوسط الطريق , ولما تقدمنا أكثر ظهر أنه معروف لدينا ولما اقتربنا أكثر عرفته جيدا , إنه الذنب لكنه أصغر من ذي قبل وأكثر نحولا ويرتدي زيا غريبا .
سرت خطوات إلى جنب (( حسن )), لقد كان وجهه ـ الذنب ـ مكفهرا ورائحته كريهة متقلدا سيفا حادا وينظر إلي بعيون ناقمة .
وقف (( حسن )) وكنت أقف خلفه وأخذ الخوف يخيم على قلبي شيئا فشيئا .
نظر إلي (( حسن )) برأفة ووضع يده على كتفي وقال : استعد للصراع مع الذنب !
استحوذت علي الدهشة وقلت : صراع مع من ؟
نظرت إلى الذنب وأعدت سؤالي : مع الذنب ؟
قال : مع الذنب .
دخلني الرعب والإضطراب وعرق جبيني , ولما عرف (( حسن )) بالخوف الذي انتابني قال : في هذه الرحلة وفي هذا المكان لا خوف على أولياء الله ,(( والمؤمنين بالله واليوم الآخر والمحسنين ))(( والذين خافوا الله في الدنيا , ولا هم يحزنون )).
استلهمت الصلابة من حديث (( حسن )) فنظرت إليه وكان في يده سيف بتار فقلت له : من غير الممكن خوض صراع بيد خالية أمام عدو شهر السيف بوجهي .
قال : لا عليك فإن نفس ذلك الملك الذي أعانك مرات ومرات سيأتي ليجهزك .
قلت له : وما هو دورك في هذا الصراع ؟
تأمل قليلا وقال : سأحدثك عن عدوك وإعدادك وتشجيعك , ثم صافحني وقال : بعد أن يئس الذنب من إضلالك والإيقاع بك في الطرق الفرعية والمرصاد هاهو يقف أمامك الآن للمرة الأخيرة وبكل قواه متصورا أنه ربما يقضي عليك وقد جاءك هذه المرة بثوب الدنيا شاهرا سيف الشهوات , فعليك الحذر من أسنان سيفه فكل واحد منها يمثل واحدة من الشهوات . وهي حادة وجارحة وإذا ما تمكنت واحدة منها من بدنك فإننا سنواجه صعوبة في بلوغ مقصدنا .
الذنب واقف وسط الطريق ويراقب تصرفاتنا و (( حسن )) ألقى ببصره مرة أخرى نحو الأعلى , وأنا أيضا توجهت ببصري نحو تلك الجهة فلمحت من بعيد ذلك الملك المغيث بدا محلقا , وبطرفة عين حلق فوق رؤوسنا ثم سلم وأعطى (( حسن )) سيفا وثوبا قتاليا ودرعا وخنجرا ثم غادر .
لما رأى الذنب ذلك تحرك من مكانه قليلا وبدا الخوف على وجهه القبيح , والتفت إلى (( حسن )) مسرورا وقلت له : إن عدتي تفوق عدة الذنب .
ثم سألته : هذه الآلات ثمرة أي من أعمالي ؟
كان (( حسن )) يهز السيف في يده فقال لي : هذه ثمرات الأعمال التي قمت بها في الدنيا , فالسيف ثمرة دعائك ومناجاتك , ثم قال وهو يلبسني الثوب : وهذا علامة التقوى في الدنيا , وقوته ترتبط بقوة تقواك .
ولما ارتديت لامة الحرب وأخذت السيف بيدي وفي الأخرى أمسكت بالدرع , قال : وهذه ثمار صيامك , ثم قبلني (( حسن )) وشحنني بالقوة والصلابة ببسمته المليحة ثم قال لي : لا تخف أبدا , فإنك ستقضي عليه بضربة واحدة , هززت رأسي مؤيدا لكلامه وتوجهت نحو الذنب الذي أشهر سيفه وأخذ يرتجز قائلا : إنني أبرز إليك نيابة عن الدنيا والشيطان ولن أدعك تجتاز هذا الطريق وسوف أهجم عليك بسيفي هذا من بين يديك ومن يمينك وشمالك ومن أمامك وخلفك , وسأنزل ضرباتي الماحقة على رأسك , ثم التفت إلى يمينه وقال : إن كنت تريد مني ن أتركك فاخرج من هذا الطريق واحملني على ظهرك ثم أشار بإصبعه وقال : كما يفعل ذلك الشخص , فلما نظرت رأيت شخصا حاملا ذنبه على ظهره ويمشي بخطوات بطيئة جدا . هنا أدركت أنها إحدى خدع الذنب يريد بها تحطيمي في هذا الوادي ويمنعني من بلوغ مقصدي , فصحت به : هيهات , سوف أقارعك ولن أخضع لك ذليلا .
وفي تلك اللحظة شعرت بسيف الذنب وهو يهوي على رأسي فرفعت الدرع فوق رأسي فكانت ضرباته قوية بحيث أن واحدة من أسنانه نفذت فأصابت رأسي , وهويت بسيفي على خاصرة الذنب فولى هاربا صارخا مولولا , ثم باشرت بعلاج جرحي وإذا بـ(( حسن )) يصرخ بي : احذره فقد جاءك من الخلف , فرجعت فجأة إلى الخلف وفاجأته بضربة ثانية على خاصرته الأخرى فتقهقر .
استمر الصراع بهذه الحالة وأنزلت بالذنب عدة ضربات أخرى , فيما كان يهاجمني يمينا وشمالا وهو يلهث , ففاجأني بضربة فرقت درعي وأصابت بدني , ولكن مازلت أنا بطل الميدان بفضل ما يقدمه (( حسن )) من تشجيع لي .
وبين الفينة والأخرى أسمع صوت (( حسن )) وهو يقول : ثمن الجنة القضاء على الذنب , من هذا الكلام ازدادت معنوياتي , كان الوقت يمضي والذنب يصاب بالإرهاق ويزداد تعبه حتى سقط على الأرض وسط الطريق فقد أرهقته شدة الجراح لكنه لم يزل يحاول إعاقة عبوري .
تقدمت عازما على إنزال الضربات الأخيرة على رأسه فلحق بي (( حسن )) وسلمني الخنجر الذي بيده اليمنى وقال : بهذا الخنجر فقط بإمكانك الخلاص من شرور الذنب إلى الأبد , وفي تلك اللحظة فهمت أنني دخلت ميدان الحرب بلا خنجر , فأخذت الخنجر وأنا أمعن النظر به وقلت : عجبا لك من آلة نافعة ! هل بإمكانك أن تفصح ... فقط كلامك فقال : لعلك تريد أن تعرف نتجة أي من أعمالك ؟
قلت : نعم , فقال : إنها نتيجة الصلوات التي كنت ترسلها إلى النبي وآله في الدنيا , فهي قوية بحيث أنها تستطيع القضاء على الذنب .
دنوت من جثة الذنب شبه الهامدة وغرست الخنجر في بدن الذنب وابتعدت عنه مباشرة , فكان بدنه يكبر ويزداد حجمه وكنت أشعر بالسرور لأنينه , وبعد قليل انهار جسد الذنب محدثا صوتا رهيبا وتناثرت أشلاؤه هنا وهناك في الوادي .
فارتفع صوت (( حسن )) مسرورا فجاءني مسرعا وضمني إليه وهنأني بكل حرارة وأنا بدوري لم أخفي فرحتي واحتضنته ولما انتهى عناقنا قال لي : لقد شفيت كافة جروحي تماما بالقضاء على الذنب , ومن الآن فصاعدا سأبذل لك العون بكل نشاط وحيوية .
لقد كنت ناسيا جروح (( حسن )) وما أن سمعت كلامه هذا طرت فرحا وهنأته على ذلك وضممته إلي وأخيرا فتح الطريق أمامنا فواصلنا طريقنا يحدونا الأمل والسرور .





تابع..


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 11:19 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية