تعتبر واقعة غدير خمّ من أهمّ قضايا الامة الاسلامية ؛ فهي الواقعة التي تحدد اتجاه مسير الأمة الاسلامية و مستقبلها ، بل و مستقبل العالم وهي من الأحداث التاريخية الهامة و المصيرية التي أدلى بها رسول الله ( ص ) في السنة الأخيرة من حياته المباركة ولأهمية هذا الموضوع تم انشاء هذا الموقع لتبيان أحداث هذه الواقعة .
معنى كلمةالغدير :
تعني كلمة الغدير في اللغة، مسيل ينزل منه الماء ، وكان غدير خم مكان يجتمع فيه ماء المطر و لذلك اشتهر بغدير خم.
موقع غدير خم الجغرافي :
يقع غدير خم بمسافة 3-4 كيلومترات تقريباً شمال شرق من ميقات الجحفة، ويقع ميقات الجحفة في سهل منبسط شرق مدينة رابغ، ويبعد عن المدينة المنورة حوالي 183 كيلومتر في غرب شبه الجزيرة العربية ، والجحفة هي إحدى الخمس مواقيت للاحرام .
ما الذي حدث في غدير خم ؟
لما وصل رسول الله يوم الاثنين 18 من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة الى غدير خم، نزل اليه جبرائيل الأمين عن الله بقوله : « يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك فان لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس»سورة المائدة – الآية 67.
أمر الله رسوله أن يبلّغ الناس بما أنزل ، فأمر رسول الله أن يرد من تقدّم و يحبس من تأخّر عنهم .
فأمر اصحابه أن يهيئوا له مكان تحت الأشجار و يقطعوا الأشواك و يجمعوا الأحجار من تحتها. في ذاك الوقت، نودي الى فريضة الظهر فصلاها في تلك الحرارة الشديدة مع الجماعة الغفيرة التي كانت حاضرة . ومن شدة الحرارة كان الناس يضعون رداءهم على رؤوسهم والبعض تحت أقدامهم من شدة الرمضاء . وليحموا الرسول من حرارة الشمس وضعوا ثوباً على شجرة سمرة كي يظللوه، فلمّا انصرف من صلاته، قام خطيباً بين الناس على أقتاب الأبل و أسمع الجميع كلامه وكان بعض الناس يكررون كلامه حتى يسمعه الجميع .
فبدأ بخطبة الناس، وهذه فقرة من خطبته المباركة:
الحمد لله و نستعينه و نؤمن به، و نتوكل عليه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا الذي لاهادي لمن ضل، و لامضل لمن هدى، و أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمداً عبده و رسوله – أما بعد-:
أيها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير وأنى أوشك أن أدعي فأجيب و إني مسؤول و أنتم مسؤلون فماذا أنتم قائلون ؟
قال الحاضرون: نشهد أنك قد بلّغت و نصحت و جهدت فجزاك الله خيراً.
ثم قال رسول الله: ألستم تشهدون أن لاإله إلا الله، وأن محمداً (ص) عبده و رسوله، وأن جنته حق و ناره حق و أن الموت حق و أن الساعة آتية لاريب فيها و أن الله يبعث من في القبور؟
قال: أللهم اشهد.
ثم أخذ الناس شهود على ما يقول ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون؟
قالوا: نعم يا رسول الله .
قال: فأني فرط على الحوض، و أنتم واردون على الحوض، و إن عرضه ما بين صنعاء و بصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلّفوني في الثقلين .
فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ .
قال الرسول: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا لاتضلوا، و الآخر الأصغر عترتي، و إن اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدّموهما فتهلكوا، و لاتقصروا عنهما فتهلكوا
ثم أخذ بيد علي فرفعها حتى يراه الناس كلهم فسأل الرسول الحضور : أيها الناس ألست اولى بكم من أنفسكم؟ .
فأجابوا: نعم يا رسول الله .
فقال: إن الله مولاي و أنا مولى المؤمنين و أنا أولى بهم من أنفسهم .
ثم قال: " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " يقولها ثلاث مرات " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " " فمن كنت مولاه فعلي مولاه" " فمن كنت مولاه فعلي مولاه" ثم قال " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله "
ثم خاطب الناس: يا أيها الناس، ألا فليبلّغ الشاهد الغائب .
ولمّا تفرّقوا حتى نزل جبرائيل بقوله من الله « اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا» سورة المائدة – الآية 3 فلما نزلت هذه الآية قال النبى: الله أكبر على اكمال الدين و إتمام النعمة و رضي الرب برسالتي ولولاية علي من بعدي.
ثم طفق القوم يهنّئون أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وممن هنأه في مقدّم الصحابة: أبوبكر وعمر. وقال عمر: بخٍ بخٍ لك يابن أبي طالب أصبحت و أمسيت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة .
وفي هذا الوقت، حسان بن ثابت الذي كان من شعراء العرب، أذن من الرسول (ص) أن يقول في ما سمع من رسول الله (ص) في هذا الموقف حول الإمام علي (ع)، فقال الرسول الأكرم (ص): "قل على بركة الله"، فقام حسان وقال: "يا معشر المشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله ماضية" ثم أنشد:
"يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم فاسمع بالرسول مناديا"
ولإثبات وقوع الحدث نورد من ذكرها من أئمّة المؤرِّخين :
البلاذري في أنساب الأشراف ،وابن قتيبة في المعارف والإمامة والسياسة ، والطبريّ في كتاب مفرد ، وابن زولاق الليثي المصري في تأليفه ، والخطيب البغدادي في تاريخه ، وابن عبدالبَرّ في الاستيعاب ،والشهرستاني في الملل والنحل ، وابن عساكر في تاريخه ، وياقوت الحَمَوي معجم الأدباء من الطبعة الأخيرة ، وابن الأثير في أُسد الغابة ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، وابن خلّكان في تاريخه ، واليافعي في مرآة الجنان ، وابن الشيخ البَلَوي في ألف باء، وابن كثير الشامي في البداية والنهاية ، وابن خلدون في مقدّمة تاريخه ، وشمس الدين الذهبي في تذكرة الحفّاظ ، والنويري في نهاية الأَرَب في فنون الأَدَب ، وابن حجر العسقلاني في الإصابة وتهذيب التهذيب ، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة ، والمقريزي في الخطط ، وجلال الدين السيوطي في غير واحد من كتبه ، والقرماني الدمشقي في أخبارالدول ، ونور الدين الحَلَبي في السيرة الحَلَبيّة ، وغيرهم .
و من ذكرها من أئمّة الحديث :
إمام الشافعية أبو عبداللَّه محمد بن إدريس الشافعي كما في نهاية ابن الأثير ، وإمام الحنابلة أحمد بن حنبل في مسنده ومناقبه ، وابن ماجة في سننه ، والترمذي في صحيحه ، والنسائي في الخصائص ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده ، والبغوي في السنن ، والدولابي في الكنى والأسماء ، والطحاوي في مشكل الآثار ،والحاكم في المستدرك ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب ، وابن مندة الأصبهاني بعدّة طرق في تأليفه ، والخطيب الخوارزمي في المناقب ومقتل الإمام السبط عليه السلام ، والكنجي في كفاية الطالب ، ومحبّ الدين الطبريّ في الرياض النضرة وذخائر العقبى ، والحمّوئي في فرائد السمطين ، والهيثميّ في مجمع الزوائد ، والذهبي في التلخيص ، والجَزْري في أسنى المطالب ، وأبو العبّاس القسطلاني في المواهب اللدنيّة ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال ، والهَرَويّ القاري في المرقاة في شرح المشكاة ، وتاج الدين المناوي في كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق وفيض القدير ، والشيخ القادري في الصراط السويّ في مناقب آل النبيّ ، وباكثير المكّي في وسيلة المآل في مناقب الآل ، وأبو عبداللَّه الزرقاني المالكي في شرح المواهب ، وابن حمزة الدمشقي الحنفي في كتاب البيان والتعريف ، وغيرهم .
و من ذكرها من أئمّة التفسير :
الطبريّ في تفسيره ،والثعلبي في تفسيره ، والواحدي في أسباب النزول ، والقرطبي في تفسيره ، وأبو السعود في تفسيره ، والفخر الرازي في تفسيره الكبير ، وابن كثير الشامي في تفسيره ، والنيسابوري المتوفّى في القرن الثامن في تفسيره ، وجلال الدين السيوطي في تفسيره ، والخطيب الشربيني في تفسيره ، والآلوسي البغدادي في تفسيره ، وغيرهم .
رواة الحديث :
نرى في النظرة الأولى أسامي أهل بيت رسول الله، ومنهم :
الإمام علي (ع)، فاطمة الزهراء (ع)، الإمام الحسن (ع) و الإمام الحسين(ع)
ومن بعدها نرى 110 أشخاص من صحابة رسول الله و منهم أصحابه البارزين مثل:
1ـ ابوبكر بن ابي قحافه 2 ـ عمر بن الخطاب 3ـ عثمان بن عفان 4 ـ عايشه بنت ابيبكر
5ـ سلمان فارسى 6 ـ ابوذر غفارى 7ـ عمار ياسر 8- زبير بن عوام
9ـ عباس بن عبدالمطلب 10- ام سلمه 11- زيد بن ارقم 12- جابربنعبدالله انصارى
13ـ ابوهريره 14ـ عبدالله بن عمر بن الخطاب و الخ. . .
وقد کانوا کلهم من الحاضرين فی موقع الغدير و نقلوا حديث الغدير دون أي واسطة.
ثم من بين التابعين ، 83 شخص الذين نقلوا هذا الحديث و نذكر من بينهم:
1ـ اصبغ بن نباته 2- سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب 3ـ سعيد بن جبير
4 ـ سليم بن قيس 5- عمر بن عبدالعزيز(الخليفه الاموي) و الخ. . .
و فی المرحلة التالية ، جمع كبير من علماء السنة كتبوا حديث الغدير في كتبهم .
و كثير من محدثين الشيعه نقلوا هذا الحديث في كتب مختلفة .
على أساس ما نقلنا ، كثير من كبار أهل السنة و محدثيهم، بعد أن دقّقوا في طرق نقل هذا الحديث، إحتسبوه حديث حسن و كثير من العلماء حكموا أنه رواية صحيحة وحتى بعض من علماء السنة ذكروا بأنه من الاحاديث المتواترة لأنه قد نقل من طرق متعددة .
و علماء الشيعة متفقون على تواتر هذا الحديث .
النتيجة :
واقعة الغدير هي الواقعة التي أكمل الله فيها الدين وأتم فيها النعمة ،فهي اليوم الذي أمر الله نبيه (ص) أن يتوج فيه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بتاج الخلافة والإمامة ، وهذه الواقعة هي مفترق طرق بين المذاهب الإسلامية، ويمكن القول : إن الكتب والمؤلفات التي كُتبت حول هذا الموضوع بالذات وحول الإمامة والخلافة بصورة عامة قد جاوزت العد والضبط والإحصاء من إثبات أو رد أومناقشة وما يدور في هذا الفلك وهذه الواقعة من أشهر الحوادث بين المفسرين والمحدثين والمؤرخين ـ وتعتبر عندهم من أصح الأحاديث لتواتر الروايات الواردة حول الحديث .
هذا مجمل القول في واقعة الغدير ، و حديث الغدير هو أحد الأدلة المعتبرة في اثبات امامة و خلافة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام و هناك الكثير من الأدلة الأخرى القرآنية و الحديثية التي رواها علماء المسلمين و هذا الموقع معني بواقعة الغدير ، و لزيادة المعرفة و التدقيق في تفاصيل الواقعة نصا وسندا و معنى و دلالة راجع الكتب و المحاضرات الموجودة في أعلى الموقع .