"مع الخيل يا شقراء" ... ( 20 )
قصة المثل تقول أنه كان هناك فلاح يملك مجموعة من الخيول الأصيلة وكان الفلاح يدرب خيوله يوميا
فيفتح لها الاصطبلات ويطلق لها العنان في أرجاء المزرعة ...
وكان لهذا الفلاح
بقرة ( شقراء..)عزيزة على قلبه...فكلما أطلق الخيل انطلقت البقرة رافعة ذيلها وتركض بأقصى سرعتها والفلاح مندهش من فعل تلك البقرة ...
وكان كلما انطلقت الخيول ورأى ما رأى قال:
مع الخيل يا شقراء
فذهبت هذه العبارة مثلا يضرب لمن يحاكي ويقلد كل شيء ويندفع فيما خلق له وما جعله الله لغيره ولا يصلح له ....
فى آواخر القرن الثالث الميلادى وعلى ارض العراق كان هناك مملكتان مملكة تدمر وتملك نهر الفرات وما حوله ومملكة الحيرة فى الجنوب وكان ملك تدمر يدعى "عمرو بن الاظرب" وليس هو المقصود بالمثل وملك الحيرة يدعى "جذيمة الأبرش" ، ودارت بينهما حروبا كثيرة حتى قتل جذيمة عمروبن الاظرب وتولت بعده حكم البلاد ابنته "الزباء" ، وكانت على دراية واسعة بفنون الحرب والقتال وبعد ان استقرت بالحكم واستجمعت امرها ارسلت الى ملك الحيرة "جذيمة " تخبره انها تريد الزواج منه ، ليحكم بلادها لأن الناس تكره حكم النساء فجمع عقلاء قومه وحاشيته وسألهم عن هذا الأمر ، ليرشدوه فاجمعوا ان يذهب اليها ليأخذ الحكم ولكن عارضهم احد حكماءه ويدعى "القصير" ، وكان داهية وقال له لقد قتلت اباها ولن تنسى ذلك ارسل اليها تأتيك هى فلم يسمع كلام القصير ، وارسل لإبن اخته "عمرو بن عدى"ليورثه حكم البلاد بعد سفره واخبره بالأمر ثم سافر الملك اليها وعند الدخول بها وجدها ارتدت ثياب الحرب كاملة "وقالت له:اشوار عروس ترى؟؟"
اى اتريدنى اتهيا لك كعروس؟ وصارت كلمتها مثلا وقتلته فعلم القصير بذلك وذهب الى عمرو واخبره بما حدث لخاله ، وحثه على الثأر وخطط القصير للثأر فقال لعمرو اجدع انفى أي اقطعها واجلدنى ، فشاع الأمر فى المدينة وقال الناس "لمكر ما جدع القصير انفه"اى لخطة ما اوشر ما قطع القصير انفه وصارت مثلا ثم مزق ملابسه وذهب الى الزباء يبكى ويشكو ان عمرو بن عدى ، عذبه وتوعده لأنه ظن انه هو من اشار على خاله بالزواج منها فجاء اليها ليستنجد بها فاكرمته ، وجعلته فى قصرها وقد درس القصر جيدا مخارجه ومداخله حتى النفق السرى الخاص بها عند حدوث طارئ للهرب ثم ، استاذنها فى العوده لأن له تجارة كبيرة فى الحرير اراد ان ياتى ببضاعته اليها واذنت له بالذهاب ، وكانت الزباء سالت احدى الكهنه عن هلاكها فحذروها من "عمرو بن عدي"فأرسلت افضل مصور لديها الى هناك ليرسم عمرو ، واقفا وجالسا وراكبا وماشيا وفى زى الحرب وتخفى المصور وسط حاشية عمرو وتقرب منهم حتى نفذ ماطلبته منه.
وعاد القصير اليها محملا بالعطور والهديا والثياب فاهداها فعجبت الزباء بهذه البضاعه ، واستأذنها مرة ثانية فارسلته وعاد ايضا محملا بالكثير كما سبق وفى المرة الثالثة ، كانت الإبل كثيرة وتحمل اثقالا كبيرة حتى انه تكاد تمشى بها حتى وصلت الإبل ساحة المدينة فنخت ، فإذا على كل ابل جولقين بكل جولق رجل من رجال جيش عمرو فخرجوا على الناس ولما رأت الزباء ذلك ذهبت الى النفق فوجدت عمرو على بابه الآخر ، فعرفته من الصور فقالت " بيدي لا بيد عمرو" ومصت السم من خاتمها فاجهز عليها عمرو بسيفه ثم عاد الى بلده.
أراد النعمان ملك الحيرة أن يبني قصراً ليس كمثله قصر يفتخر به على العرب ، ويفاخر به أمام الفرس , حيث أن ابن سابور ملك الفرس كان سيقيم بهذا القصر ، إذ أرسله أبوه إلى الحيرة والتي اشتهرت بطيب هوائها،وذلك لينشأ بين العرب ويتعلم الفروسية, ووقع اختيار النعمان على سنمارلتصميم وبناء هذا القصر.
وكان سنمار رجلاً رومياً مبدعاً في البناء فبنى القصر ، على مرتفع قريب من الحيرة حيث تحيط به البساتين والرياض الخضراء،وكانت المياه تجري من الناحية العليا من النهر على شكل دائرةحول ارض القصر وتعود الى النهرمن الناحية المنخفضة، وعندما انتهى سنمار من بناء القصر ، وأطلقوا عليه اسم الخورنق , وكانت الناس تمر به وتعجب من حسنه وبهائه ، وقف سنمار والنعمان على سطح القصر، فقال له النعمان: هل هُناك قصر مثل هذا القصر؟ فأجاب كلا
ثم قال: هل هناك بَنّاء غيرك يستطيع أن يبني مثل هذا القصر؟
قال: كلا
ثم قال سنمار مُفتخراً: ألا تعلم أيها الأمير أن هذا القصر يرتكزعلى حجر واحد، وإذا أُزيل هذا الحجر فإن القصر سينهدمفقال: وهل غيرك يعلم موضع هذا الحجر؟
قال: كلا
فألقاه النعمان عن سطح القصر، فخر ميتاً.
وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثلهُ لغيره،
فضربت العربُ به المثل بمن يُجزى بالإحسان الإساءة.
الصيف ضيعت اللبن ... ( 23 )
مثلٌ يضرب بامرأة تزوجت رجلاً شهماً كريماً مسنا ، يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين مع حسن معاملة وإجلال وإكرام ، لكنها لم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها وانتفاعها منها ، وحرصها عليها وقابلت ذلك بإعراض وتضييع ، وبجحود وإنكار ، فكانت العاقبة أن طلّقها ..... تزوجها الذي كانت تحبه لم تجد عنده يداً مبسوطة بالكرم ، ولا وجهاً مشرقاً بالسرور ، ولا معاملة محفوفة بالإعزاز والإكرام ، فتندمت وتحسّرت على ما فات عليها وما ضاع منها ، لكنها لم تنحو باللائمة على غيرها ، وإنما خاطبت نفسها تذكّرها تفريطها ، وتبيّن لها سوء تدبيرها ، فجاءت يوما تطلب الرزق وتتسول فلما وصلت بابه طلبت منه لبناً
فقال : " الصيف ضيعت اللبن " ، ومضى مثلاً لكل من أضاع الفرصة وفرط في الغنيمة.
أصله أن قوما اجتمعوا يتشاورون في صُلح بين حيين، قتل أحدُهُما من الآخَر قتيلا، ويحاولون إقناعهم بقبول الدِّية. وبينما هم في ذلك جاءت أمة اسمها "جهيزة" فَقَالت : إن القاتل قد ظَفِرَ به بعضُ أولياء المقتول وقتلوه!
فَقَالوا عند ذلك: "قَطَعَتْ جهِيزةُ قول كل خطيب".
أي: قد استُغنى عن الخُطَب.
ويضرب هذا المثل لمن يقطع على الناس ما هم فيه بَحَمَاقة يأتي بها.
(25)
" يداك أوكتا و فوك نفخ "
============
واصل المثل : ان قوما ارادوا ان يعبروا خليجا من البحر فجعلوا ينفخون أوعية الماء الجلدية ثم يعبرون عليها فعمد رجل منهم فأقل نفخه واضعف الربط فلما توسط الماء جعلت الريح تخرجمن الوعاء حتى لم يبق فيه شيء وغشيه الموت ، فنادى رجلا من أصحابه : يا ...(فلان ) اني هلكت ! فقال الرجل : وما ذنبي ، يداك أوكتا وفوك نفخ .
و يضرب هذا المثل لمن يرتكب الذنب و يتحمل عاقبته .
واصل هذا المثل : أن هذيل بن هبيرة الثعلبي خرج مع اصحابه لقتال بني ضبة فانتصروا وغنموا وفي اثناء عودتهم طلب منه أصحابه أن يقتسموا ولكنه خاف من مفاجأة الأعداء فطلب امهاله حتى يصلوا إلى الديار ولكنهم أصروا فنفذوا ما أرادوا و قال : " إذا عز أخوك فهن "
وصارت مثلا يضرب في التسامح و اللين مع الأصدقاء و الاقارب .
قيل هذا المثل في يوم انتصر فيه الغساسنة على المناذرة واصله : أن حليمة بنت الحارث الغساني استقبلت جند ابيها عند عودتهم بعد انتصارهم على المناذرة فضمختهم بالطيب وذاع خبر هذا النصر وما فعلته حليمة في هذا اليوم ، فقيل : "ما يوم حليمة بسر "
و يضرب للأمر اذا شاع و انتشر و أصبح معروفا
قائله هو الحارث بن عمرو و آكل المرار الكندي لصخر بن نهشل ، و كان الحارث قد اتفق مع صخر ان دله على غنيمة ان يعطيه خمسها ، فقبل صخر ، ووعد ، فدله الحارث على اناس من اليمن فاغار عليهم صخر و قومه فظفروا و غنموا .فلما انصرفوا قال الحارث لصخر : انجز حر ما وعد . و مازال صخر بقومه حتى اضطرهم على تقديم خمس الغنيمة للحارث .
و يضرب هذا المثل للحر غذا وعد بشيء فعل.