أراد النعمان ملك الحيرة أن يبني قصراً ليس كمثله قصر يفتخر به على العرب ، ويفاخر به أمام الفرس , حيث أن ابن سابور ملك الفرس كان سيقيم بهذا القصر ، إذ أرسله أبوه إلى الحيرة والتي اشتهرت بطيب هوائها،وذلك لينشأ بين العرب ويتعلم الفروسية, ووقع اختيار النعمان على سنمارلتصميم وبناء هذا القصر.
وكان سنمار رجلاً رومياً مبدعاً في البناء فبنى القصر ، على مرتفع قريب من الحيرة حيث تحيط به البساتين والرياض الخضراء،وكانت المياه تجري من الناحية العليا من النهر على شكل دائرةحول ارض القصر وتعود الى النهرمن الناحية المنخفضة، وعندما انتهى سنمار من بناء القصر ، وأطلقوا عليه اسم الخورنق , وكانت الناس تمر به وتعجب من حسنه وبهائه ، وقف سنمار والنعمان على سطح القصر، فقال له النعمان: هل هُناك قصر مثل هذا القصر؟ فأجاب كلا
ثم قال: هل هناك بَنّاء غيرك يستطيع أن يبني مثل هذا القصر؟
قال: كلا
ثم قال سنمار مُفتخراً: ألا تعلم أيها الأمير أن هذا القصر يرتكزعلى حجر واحد، وإذا أُزيل هذا الحجر فإن القصر سينهدمفقال: وهل غيرك يعلم موضع هذا الحجر؟
قال: كلا
فألقاه النعمان عن سطح القصر، فخر ميتاً.
وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثلهُ لغيره،
فضربت العربُ به المثل بمن يُجزى بالإحسان الإساءة.
الصيف ضيعت اللبن ... ( 23 )
مثلٌ يضرب بامرأة تزوجت رجلاً شهماً كريماً مسنا ، يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين مع حسن معاملة وإجلال وإكرام ، لكنها لم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها وانتفاعها منها ، وحرصها عليها وقابلت ذلك بإعراض وتضييع ، وبجحود وإنكار ، فكانت العاقبة أن طلّقها ..... تزوجها الذي كانت تحبه لم تجد عنده يداً مبسوطة بالكرم ، ولا وجهاً مشرقاً بالسرور ، ولا معاملة محفوفة بالإعزاز والإكرام ، فتندمت وتحسّرت على ما فات عليها وما ضاع منها ، لكنها لم تنحو باللائمة على غيرها ، وإنما خاطبت نفسها تذكّرها تفريطها ، وتبيّن لها سوء تدبيرها ، فجاءت يوما تطلب الرزق وتتسول فلما وصلت بابه طلبت منه لبناً
فقال : " الصيف ضيعت اللبن " ، ومضى مثلاً لكل من أضاع الفرصة وفرط في الغنيمة.
أصله أن قوما اجتمعوا يتشاورون في صُلح بين حيين، قتل أحدُهُما من الآخَر قتيلا، ويحاولون إقناعهم بقبول الدِّية. وبينما هم في ذلك جاءت أمة اسمها "جهيزة" فَقَالت : إن القاتل قد ظَفِرَ به بعضُ أولياء المقتول وقتلوه!
فَقَالوا عند ذلك: "قَطَعَتْ جهِيزةُ قول كل خطيب".
أي: قد استُغنى عن الخُطَب.
ويضرب هذا المثل لمن يقطع على الناس ما هم فيه بَحَمَاقة يأتي بها.
(25)
" يداك أوكتا و فوك نفخ "
============
واصل المثل : ان قوما ارادوا ان يعبروا خليجا من البحر فجعلوا ينفخون أوعية الماء الجلدية ثم يعبرون عليها فعمد رجل منهم فأقل نفخه واضعف الربط فلما توسط الماء جعلت الريح تخرجمن الوعاء حتى لم يبق فيه شيء وغشيه الموت ، فنادى رجلا من أصحابه : يا ...(فلان ) اني هلكت ! فقال الرجل : وما ذنبي ، يداك أوكتا وفوك نفخ .
و يضرب هذا المثل لمن يرتكب الذنب و يتحمل عاقبته .
واصل هذا المثل : أن هذيل بن هبيرة الثعلبي خرج مع اصحابه لقتال بني ضبة فانتصروا وغنموا وفي اثناء عودتهم طلب منه أصحابه أن يقتسموا ولكنه خاف من مفاجأة الأعداء فطلب امهاله حتى يصلوا إلى الديار ولكنهم أصروا فنفذوا ما أرادوا و قال : " إذا عز أخوك فهن "
وصارت مثلا يضرب في التسامح و اللين مع الأصدقاء و الاقارب .
قيل هذا المثل في يوم انتصر فيه الغساسنة على المناذرة واصله : أن حليمة بنت الحارث الغساني استقبلت جند ابيها عند عودتهم بعد انتصارهم على المناذرة فضمختهم بالطيب وذاع خبر هذا النصر وما فعلته حليمة في هذا اليوم ، فقيل : "ما يوم حليمة بسر "
و يضرب للأمر اذا شاع و انتشر و أصبح معروفا
قائله هو الحارث بن عمرو و آكل المرار الكندي لصخر بن نهشل ، و كان الحارث قد اتفق مع صخر ان دله على غنيمة ان يعطيه خمسها ، فقبل صخر ، ووعد ، فدله الحارث على اناس من اليمن فاغار عليهم صخر و قومه فظفروا و غنموا .فلما انصرفوا قال الحارث لصخر : انجز حر ما وعد . و مازال صخر بقومه حتى اضطرهم على تقديم خمس الغنيمة للحارث .
و يضرب هذا المثل للحر غذا وعد بشيء فعل.
(29)
لا يُلْدَغ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين
================
اول من قال ذلك هو رسول الله (صلى الله عليه وآهم) لأبي عزة الجمحي الشاعر، وذلك أنه أسر يوم بدر فقال: "يا محمد، إني رجل مُعِيل، وإنما خرجت معهم ليعطوني ما أعود به على عيالي".
فمنَّ عليه النبي صلى الله عليه وآله بنفسه، وحذَّره من العودة لهجائه أو محاربته، فضمن ألا يكثر عليه أحدًا ولا جمعًا.
فلما كان يوم أحد، خرج فيمن يحرِّض الناس على محاربة المسلمين، وقد وقع أسيرًا ولم يُسْتَأْسَر في ذلك اليوم غير أبي عزة فقال: "يا محمد، عيالي.. مُنَّ عليَّ.. فإني حُمِلْتُ على الخروج إليك".
قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا يُلْدَغ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين"، ومعنى الكلام أن المؤمن فَطِنٌ لا يخدعه أحدٌ مرتين.
كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم , يقال له”شن” فقال والله لأطوفنّ حتى اجد امرأة مثلي أتزوجها .
فبينما هو في بعض مسيره اذ وافقه رجل في الطريق فسأله شن : أين تريد ؟
فقال موضع كذا يريد القرية التي يقصدها شن فوافقه حتى اخذا في مسيرهما
فقال له شن :أتحملني أم أحملك ؟ فقال له الرجل: ياجاهل انا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني ؟فسكت عنه شن وسارا حتى اذا قربا من القرية اذا يزرع قد استحصد فقال شن : أترى هذا الزرع أكل أم لا ؟
فقال له الرجل :ياجاهل ترى نبتا مستحصدا فتقول أكل أم لا ؟
فسكت عنه شن حتى اذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن : أترى صاحب هذا النعش حيا أو ميتا ؟ فقال له الرجل مارأيت أجهل منك ترى جنازة تسأل عنها أميت صاحبها أم حي؟ فسكت عنه شن فأراد مفارقته فأبى الرجل أن يتركه حتى يصير به إلى منزله فمضى معه فكان للرجل بنت يقال لها “طبقة” فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته اياه وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه فقالت ياأبت ماهذا بجاهل .
** أما قوله أتحملني ام احملك فأراد أتحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا
** وأما قوله أترى هذا الزرع أكل ام لا فأراد هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا
** وأما قوله في الجنازة فأراد هل ترك عقبا يحيا بهم ذكره أم لا .
فخرج الرجل فقعد مع شن فحادثه ساعة ثم قال : أتحب ان افسر لك ما سألتني عنه ؟ قال نعم فسره . ققال شن: ماهذا من كلامك , فأخبرني عن صاحبه قال ابنة لي فخطبها اليه فزوجه اياها وحملها الى أهله فلما رأوها أنها تشبهه او تفوقه في الذكاء والدهاء قالوا : وافق شن طبقة
(31)
أبصر من زرقاء اليمامة
=============
زرقاء اليمامة هو لقب لفتاة عربية عاقلة جميلة كانت عيناها زرقاء اجمل ما فيها وكانت ترى الاشياء من مسافات بعيدة جداً فترى الشخص على مسيرة ثلاثة أيام والناس يعجبون من قوة نظرها وكانت بلادها تسمى اليمامة؛ فسميت زرقاء اليمامة.
صعدت الزرقاء يوما إلى القلعة ونظرت فرأت شيئا عجيبا..
رأت من بعيد شجرا يمشي ويتنقل من مكان الى اخر فنادت رئيس قومها واخبرته فعجب الناس وقالوا: "الشجر يمشي يا زرقاء! اعيدي النظر "فأعادت النظر ثم قالت: "كما أراكم بجانبي أرى الشجر من بعيد يمشي" فقال واحد من أهلها: "ربما جاء الى تلك البلاد سيل شديد فقلع الشجر من مكانه وحمله لذا تراه الزرقاء يسير" فأعادت النظر وقالت: "لا، بل أراه الأن أوضح ، أرى تحت الشجر رجالا سائرين وراكبين والشجر يسير معهم" فلم يصدقها قومها وقالوا ان عيناها خدعتها .
لكن الحقيقة أن ما رأته زرقاء اليمامة كان صحيحا فقد استتر الأعداء بقطع الأشجار وحملها أمامهم لكي يتمكن من الاقتراب دون أن يشعر أحد, فلما وصل الأعداء إلى قومها أبادوهم وهدموا بنيانهم ، وقلعوا عين زرقاء اليمامة.