ما السر في حبنا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد خاتم النبيين وتمام عدة المرسلين
وصل على عليٍ أمـــير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين وقائد الغر المحجلين
وصل على الصـــديقة فاطمة الزهراء سيدة نـــساء العالمين من الأولين والآخرين
وصل على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الــجنة
وصل على التــــ 9 ـــــسعة المعصومين من ذرية الحسين الأطـــهار
صلوات الله وسلامه علـــيهم اجمعين
نص الرواية :
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاء أعرابي من بني عامر فوقف وسلّم . فقال : يا رسول الله !.. جاء منك رسولٌ يدعونا إلى الإسلام فأسلمنا ، ثم إلى الصلاة والصيام والجهاد فرأيناه حسنا ، ثم نهيتنا عن الزنا والسرقة والغيبة والمنكر فانتهينا ، فقال لنا رسولك علينا أن نحبّ صهرك علي بن أبي طالب ، فما السرّ في ذلك وما نراه عبادة ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
لخمس خصال :
أولها :
أني كنت يوم بدر جالساً بعد أن غزونا إذ هبط جبرائيل عليه السلام وقال : إنّ الله يقرئك السلام ، ويقول : باهيت اليوم بعليّ ملائكتي وهو يجول بين الصفوف ، ويقول : الله أكبر ، والملائكة تكبّر معه ، وعزّتي وجلالي ! لا أُلهمُ حبه إلا مَن أحبه ، ولا أُلهم بغضه إلا من أبغضه .
والثانية :
أني كنت يوم أُحد جالساً وقد فرغنا من جهاز عمي حمزة ، إذ أتاني جبرائيل عليه السلام وقال : يا محمد !.. إنّ الله يقول : فرضت الصلاة ووضعتها عن المريض ، وفرضت الصوم ووضعته عن المريض والمسافر ، وفرضت الحجّ ووضعته عن المقلّ المدقع ، وفرضت الزكاة ووضعتها عمّن لا يملك النصاب ، وجعلت حبّ علي بن أبي طالب ليس فيه رخصة .
الثالثة :
أنه ما أنزل الله كتاباً ولا خلق خلقاً إلا جعل له سيّداً ، فالقرآن سيّد الكتب المُنزلة ، وجبرائيل سيّد الملائكة ? أو قال : إسرافيل ? وأنا سيّد الأنبياء ، وعلي سيّد الأوصياء . ولكل أمر سيّد ، وحبي وحبّ علي سيّد ما تقرّب به المتقرّبون من طاعة ربهم .
الرابعة :
أنّ الله تعالى ألقى في روعي أن حبّه شجرة طوبى التي غرسها الله تعالى بيده .
الخامسة :
أنّ جبرائيل عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة نُصب لك منبرٌ عن يمين العرش ، والنبيون كلّهم عن يسار العرش وبين يديه ، ونُصب لعلي عليه السلام كرسي إلى جانبك إكراماً له , فمَن هذه خصائصه يجب عليكم أن تحبّوه ، فقال الأعرابي : سمعاً وطاعةً
اللهم ثبتنا على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والبرائة من أعدائه ابدآ ما أبقيتنا
لماذا يقول الشيعة في قيامهم وقعودهم وفي عدّة حالات كلمة « يا عليّ » أو « يا محمّد » بدل « يا الله » ؟
الجواب :
المؤمن يطلب العون من محمّد أو علي والأئمّة الطاهرين عليهم السّلام ، ويتوسّل بهما إلى الله تعالى الذي أمرنا بابتغاء الوسيلة إليه : ( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) [ المائدة : 35 ].
وفي الحقيقة تكون كلمة : يا علي أو يا محمّد مستبطناً لكلمة يا الله ، فإن عليّاً ومحمّداً وغيرهما لا حول ولا قوة لهم إلا بالله تعالى ، فيهم يطلبون من الله تعالى قضاء حوائجنا ، والله تعالى يفعل ما يشاء ، ويقضي حوائجنا كرامة لمحمّد وعلي والأئمّة الطاهرين عليهم السّلام.
وبما أنّ العبد الخاطيء والعاصي يرى نفسه غير لائق ؛ لأنّ يخاطب الله تعالى ويسأل منه مباشرة ، ويحتمل أنّ الله تعالى لا يجيب دعاءه لأجل عصيانه ، فمن الطبيعي أن يجعل بينه وبين الله تعالى وسيلة وواسطة وشفيعاً لا يردّ الله دعاءه ؛ لأنّه وليّ الله وحبيبه ، و الله تعالى أمرنا بالتوسّل بأوليائه ليظهر للناس كرامتهم ومقامهم عند الله ، وقربهم منه ، بل من الممكن أن يعطي الله تعالى أولياءه القدرة على قضاء حوائجنا من شفاء المرضى ونحوه بإذن الله تعالى كما خاطب عيسى بن مريم فقال : ( وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي ) [ المائدة : 110 ].
وكما قال الله تعالى : ( وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ) [ التوبة : 74 ].
فجعل إغناء الرسول عِدلاً لإغناء الله تعالى مع أنّه لا حول ولا قوّة للرسول لا وللغيره إلّا بالله العليّ العظيم.
وعلى كلّ حال فالتوسّل والتبرك بأولياء الله أصل من أصول الإسلام ، ويوجد في القرآن الكريم آيات تدلّ عليه :
منها : قوله تعالى : ( قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ ) [ يوسف : 97 ـ 98 ].
وقد كان بإمكان إخوة يوسف أن يستغفروا الله مباشرة ، ولا يطلبوا من أبيهم الإستغفار ، لكنّهم جعلوا أبائهم ودعائه واستغفاره وسيلة بينهم وبين الله تعالى ، وقرّرهم أبوهم على ذلك ، ووعدهم الاستغفار لهم.
ومنها : قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) [ النساء : 64 ].
يدلّ على أنّ مجرّد استغفارهم لا يفيد بل لابدّ أن يأتوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ويطلبوا منه أن يستغفر لهم ليغفر الله لهم ، فهذه الآية تأمر المؤمنين بالتوسّل والمجيء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله.
وقد ورد في صحاح العامّة أنّ عمر بن الخطّاب توسّل بالعبّاس عمّ النبيّ صلّى الله عليه وآله في الاستستقاء وقال : « اللهم إنّا كنّا نتوسّل بنبيّك ، فتمطرنا ، وها نحن اليوم نتوسّل بعمّ نبيك ».
كما ورد أنّ السماء لم تمطر على عهد عمر بن الخطّاب فوقع الناس في شدّة وضيق فجاؤوا إلى عائشة وشكوا إليها ، فأمرت أن يفتح كوّة على قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله بحيث يقع القبر تحت السماء ، فلمّا فعلوا ذلك مطرت السماء.
وهل هذا إلّا تبرّك وتوسّل بقبر رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد موته ؟