مسألة 992 : حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة وكذا في الاستحاضة المتوسطة على الأظهر ، وأما في الاستحاضة الكثيرة فالمشهور أنه يعتبر في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح وكذا للظهرين ولليلة الماضية ، ولكن لا يبعد عدم اعتباره وإن كان أحوط ، بل الأحوط أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر ثم تعيده بعده .
-----------------------
تقدم حكم الجنب في العمد والنسيان في بداية التعرض لهذا المفطر السابع وفي المسألة 988 ، كما تقدم حكم الحائض والنفساء في المسألتين 988 و 991
وفي هذه المسألة تعرض الماتن الى حكم صوم المستحاضة ، ونعلم أن الاستحاضة ثلاثة أقسام : قليلة ومتوسطة وكثيرة
والسؤال المطروح أن صوم المستحاضة هل يشترط في صحته أن تؤدي المستحاضة أعمالها التي تتوقف عليها صحة صلاتها ؟ أم أن صومها صحيح ولو من دون تلك الأعمال ؟ فلو أخلت بتلك الأعمال هل يبطل صومها ؟
والمقصود بأعمال المستحاضة : الوضوء لكل صلاة في الاستحاضة القليلة ، والوضوء لكل صلاة مع غسل واحد في اليوم في الاستحاضة المتوسطة ، والغسل لصلاة الصبح والغسل للظهرين والغسل للعشائين في الاستحاضة الكثيرة
فحتى يصح صوم المستحاضة الكثيرة هل يشترط أن تلتزم بالأغسال الثلاثة بحيث لو أخلت بها بطل صومها ؟ أم أن صومها صحيح وإن أخلت بتلك الأغسال ؟
الكلام في الأغسال التي تكون للصلاة دون ما لا يكون لها ، فلو نزل دم الاستحاضة الكثيرة قبل الصلاة فعليها الاغتسال للصلاة والكلام في هذا الغسل فلو لم تأت به وتركته هل يبطل صومها ؟ أما إذا نزل الدم بعد الصلاة فليس عليها أن تغتسل ولا خلاف في أنه ليس شرطاً لصحة صومها كما لو نزل دم الاستحاضة بعد صلاة الفجر فلم تغتسل الى حين أداء الظهرين أو نزل بعد أداء الظهرين فلم تغتسل الا حين إرادة أداء العشائين فلا شيء عليها . كما لاخلاف في عدم اشتراط صحة الصوم بباقي الأعمال غير الغسل كالتبديل والتطهير فصومها صحيح ولو لم تقم بذلك .
وقد تسأل فتقول / لا ثمرة ولا وجه لطرح هذا التساؤل وهذا البحث في هذه المسألة ، لأن المستحاضة لا شك ستلتزم بهذه الأعمال وتأتي بها من أجل تصحيح صلاتها ومعه سيصح صومها جزماً ، لأنه إن كان مشروطاً بها فقد أتت بها وإن لم يكن مشروطاً بها فواضح !
وجوابه / ليس بالضرورة أن تلتزم المستحاضة بهذه الأعمال ، فيمكن أن نفترض تقصيرها في هذا الجانب فينفتح السؤال عن صحة صومها ، كما أن الكلام في صحة الصوم يشتمل على بعض التفاصيل فقد لا يصح الصوم حتى مع التزامها لهذه الأعمال كما لو اغتسلت ذات الاستحاضة المتوسطة قبل الفجر فمن الفقهاء من لم يكتفِ بذلك في صحة صومها واشترط أن يكون الغسل بعد الفجر أو على الأقل أن تصِل الصلاة بالغسل ، فليس كلما التزمت المستحاضة بالأعمال وصحت صلاتها لزم صحة صومها أيضاً ، هذا مضافاً الى أن ظاهر كلامهم على القول بالاشتراط بطلان الصوم مع الإخلال بالأعمال ولو نسياناً أو جهلاً فيمكن تصور الجهل والنسيان في عدم إتيان المستحاضة بالأعمال فيبطل صومها فيكون هناك وجه لهذا البحث وهذه المسألة .
وعلى أي حال فتفصيل الكلام أن يقال :
أما المستحاضة القليلة فلا خلاف في عدم توقف صحة صومها على شيء من جهة الاستحاضة فهي كالطاهرة صومها صحيح ولو لم تتوضأ لكل صلاة كما هو الواجب عليها ، فكما أن الطاهرة لو صامت من دون صلاة فصومها صحيح فكذا المستحاضة القليلة لو صامت من دون أن تتوضأ لكل صلاة فصومها صحيح .
أما المستحاضة المتوسطة فكذلك على المشهور والمعروف فلو لم تغتسل في اليوم مرة كما هو الواجب عليها فصومها صحيح لعدم ما يدل على بطلان صومها واشتراطه بالغسل الواجب عليها .
وإنما الكلام في الاستحاضة الكثيرة والمعروف والمشهور اشتراط صحة صومها بفعلها الأغسال ، فلو لم تغتسل الأغسال الواجبة عليها للصلوات لم يصح صومها وخالف في ذلك السيد الماتن فجعل الاشتراط مبنياً على الاحتياط الاستحبابي ، فلو صامت من دون أن تأتي بالأغسال الواجبة عليها لأجل الصلوات فصومها صحيح ، ومنشأ الخلاف التشكيك بصحة الرواية الدالة على اشتراط صحة الصوم بالأغسال في الاستحاضة الكثيرة .
ثم إنه على القول المعروف من اشتراط صحة الصوم بفعل الأغسال وقع الخلاف في أمور :
الأمر الأول / هل الصحة متوقفة على الأغسال الثلاثة أم يكفي بعضها ؟
الجواب / القدر المتيقن اشتراط صحة الصوم بغسلي النهار أي غسل الفجر وغسل الظهرين ، أما غسل العشائين ففيه خلاف فالمعروف هو الاشتراط أيضاً ولو على نحو الاحتياط الوجوبي ، وذهب بعض العلماء كالسيد اليزدي والسيد محمد الصدر والسيد محمد صادق الروحاني موافقة لبعض السابقين كصاحب الجواهر الى عدم الاشتراط الا على نحو الاحتياط الاستحبابي ، فلو اغتسلت لصلاة الفجر وللظهرين ولم تغتسل للعشائين صح صومها ، والمعروف البطلان .
الأمر الثاني / بناء على القول المعروف من اشتراط الصحة بغسل العشائين أيضاً فهل الشرط هو غسل العشائين في الليلة السابقة أو في الليلة اللاحقة ، فحتى يصح صوم يوم الخميس هل الشرط أن تغتسل للعشائين في الليلة الماضية أي ليلة الخميس أو أن تغتسل للعشائين في الليلة اللاحقة أي ليلة الجمعة ؟
خلاف والمعروف بين الفقهاء المعاصرين أن الشرط هو الاغتسال في الليلة الماضية فصوم يوم الخميس لا يصح إن لم تكن قد اغتسلت للعشائين في الليلة السابقة ، وقيل يكفي أن تغتسل للعشائين في الليلة اللاحقة بعد انقضاء يوم الخميس ، واحتاط البعض بالاغتسال في كلا الليلتين حتى يصح صوم اليوم الواقع بينهما ، وقيل غير ذلك .
الأمر الثالث / بالنسبة الى اغتسال الفجر هل يجب تقديمه على الطلوع أم يصح الصوم ولو مع تأخيره الى ما بعد طلوع الفجر ؟
المعروف عدم وجوب تقديمه على الفجر فلو اغتسلت بعد الفجر كفى في صحة صومها ، خلافاً لبعضهم كالعلامة ولأجل ذلك احتاط الماتن فقال ( بل الأحوط أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر ) وهو احتياط استحبابي مراعاة لرأي العلامة ، وأما قوله ( ثم تعيده بعده ) أي وتحتاط أيضاً بإعادة الغسل بعد الفجر لذهاب كثير من الفقهاء الى أنها لو قدمته على الفجر وجب إعادته بعده لأجل الصلاة مع نزول الدم أو فوات الموالاة بوجود فاصل معتدٍ به بين زمان الغسل وزمان الصلاة ، نعم لو لم ينزل الدم ووصلت الصلاة بالغسل لم تجب إعادته بعد الغسل .
خلاصة الكلام /
المستحاضة بالاستحاضة الصغرى والوسطى يصحّ صومها سواء قامت بعملية الوضوء أو الغسل أم لا ، فلا تكون صحّة صومها مشروطة بما تكون صلاتها مشروطة به بلا خلاف . وأما المستحاضة بالكبرى فصحّة صومها مشروطة بأن تغتسل بالأغسال النهارية والليلية معاً على القول المعروف ، وخالف السيد الماتن فجعل حكمها كالصغرى والوسطى وهو عدم اشتراط صحة صومها بالأغسال الا على نحو الاحتياط الاستحبابي .