مسألة 1002 : إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا تقيأ ، أو لم يكن عازما على ترك التقيؤ مع الالتفات إلى كونه مانعا عن صحة الصوم في الوقت الذي لا يجوز تأخير النية إليه اختيارا المختلف باختلاف أنحاء الصوم كما تقدم في المسألة 976 ولا فرق في ذلك كله بين ما إذا انحصر اخراج ما ابتلعه بالقئ وعدم الانحصار به .
--------------------
هناك مسألتان : الأولى / أن المكلف إذا ابتلع شيئاً في الليل يعلم أنه يكون سبباً لتقيئه في النهار كالدواء فما حكم صومه ؟
الثانية / أن المكلف إذا ابتلع شيئاً في الليل يجب عليه شرعاً أن يتقيأه في النهار فما حكم صومه ؟
وكلام الماتن في المسألة الثانية فما حكم صوم من ابتلع شيئاً في الليل يجب أن يتقيأه في النهار عمداً ؟
وقد تسأل كيف يجب التقيأ شرعاً ومتى ؟ والجواب / ذكروا مثلاً لذلك ما لو ابتلع في الليل مالاً للغير ولم يتلف بابتلاعه كذهب أو جوهر وأمكن اخراجه ، فيجب إخراجه ولو بالتقيؤ لوجوب رد مال الغير الى صاحبه . ففي مثل هذه الحالة يدور أمر المكلف بين أن يمتثل وجوب الصوم فلا يتقيأ لأن التقيؤ مبطل للصوم ، وبين أن يمتثل وجوب رد المال الى صاحبه بالتقيؤ ، فماذا يفعل وأي الوجوبين يمتثل لوضوح عدم إمكان امتثال الوجوبين معاً ، والمهم هو السؤال عن صحة الصوم .
أجاب الماتن / بأنه في مثل هذه الحالة يبطل الصوم في حالتين :
الأولى / أن يحصل التقيؤ في النهار فعلاً ، بأن يمتثل الصائم الأمر بإرجاع المال لأصحابه فيتقيأ عمداً لإخراجه ، فلا إشكال حينئذٍ في بطلان الصوم لتعمد القيء الذي هو من المفطرات .
الثانية / أن لا يتقيأ فعلاً لكن لم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان عنده استعداد وإرادة للتقيؤ أو على الأقل هو متردد بين أن يتقيأ أو لا ، وحينئذٍ يبطل صومه أيضاً ولا يصح وإن لم يتقيأ فعلاً ، لأنه حينئذٍ يعتبر غير ناوٍ للصوم ومع عدم النية يبطل الصوم ، وذلك لأنه كما تقدم أن نية الصوم هي العزم على ترك المفطرات فمن لم يعزم على ترك المفطر فهو غير ناوٍ للصوم ومن لم ينوِ الصوم فلا صوم له ، وهذا الشخص بعدم عزمه على ترك التقيؤ في النهار الذي هو أحد المفطرات فلا تتصور منه نية الصوم فيبطل صومه .
فقوله : ( إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا تقيأ ) فعلاً ، إشارة الى الحالة الأولى فإذا تقيأ فعلاً بطل صومه ( أو لم يكن عازما على ترك التقيؤ ) وهو إشارة الى الحالة الثانية أي وإن لم يحصل التقيؤ فعلاً فكذلك يبطل صومه إذا لم يكن عازماً على ترك التقيؤ .
لكن في هذه الحالة الثانية وهي ما إذا لم يكن عازماً على ترك التقيؤ وإن لم يتقيأ فعلاً إنما يبطل الصوم بشرط ، وهو أن يكون ملتفتاً الى أن تعمد التقيؤ من المفطرات ، أما إذا لم يكن ملتفتاً الى ذلك فصومه صحيح وإن لم يكن عازماً على تركه ، وذلك لما تقدم في المسألة (973) من أنه لو لم يتصور بعض المفطرات في عزمه على الصوم او اعتقد عدم مفطريتها لم يضر ذلك بصومه وأنه يكفي العزم الإجمالي على ترك المفطرات وإن لم يعلم بكل المفطرات بالتفصيل ، لذا قال الماتن ( مع الالتفات إلى كونه مانعا عن صحة الصوم ) إشارة الى هذا الشرط .
وقوله ( في الوقت الذي لا يجوز تأخير النية إليه اختيارا ) متعلق بقوله لم يكن عازماً على ترك التقيؤ ، أي الحالة الثانية التي يبطل فيها الصوم أن يكون غير عازم على ترك التقيؤ في الوقت الذي يجب فيه أن يكون عازماً على تركه وهو وقت تضيق النية ، فلو لم يعزم على ترك التقيؤ حتى تجاوز آخر وقت النية بطل الصوم ، كما إذا طلع الفجر في صوم رمضان وهو غير عازم على ترك التقيؤ فحينئذٍ يبطل صومه لعدم جواز تأخير النية وهي العزم على ترك المفطرات عن الفجر في صوم رمضان فإذا طلع الفجر وهو غير عازم على ترك المفطر وهو التقيؤ بطل صومه لعدم النية ، وهكذا كل نوع من أنواع الصوم حسب وقت تضيق النية فيه على ما تقدم في فصل النية لذا قال ( المختلف باختلاف أنحاء الصوم كما تقدم في المسألة 976 ) أي هذا الوقت الذي يختلف باختلاف أنحاء الصوم وأنواعه ففي رمضان بطلوع الفجر وفي الواجب المعين بالزوال وفي المستحب قبيل الغروب .
قوله : ( ولا فرق في ذلك كله بين ما إذا انحصر اخراج ما ابتلعه بالقئ وعدم الانحصار به ) هذا إشارة الى رأي بعض الفقهاء كالسيد اليزدي حيث ذهب الى التفصيل في المسألة بين ما إذا انحصر إخراج ما ابتلعه في الليل بالتقيؤ في النهار فيفسد صومه بمجرد ابتلاعه ولو لم يتقيأ ، وبين ما إذا كان ما ابتلعه يمكن إخراجه بغير التقيؤ فحينئذٍ لا يبطل الصوم بمجرد ابتلاعه الا إذا اختار إخراجه بالتقيؤ ، فذكر الماتن أنه لا فرق بين الصورتين في البطلان أو عدمه فيبطل الصوم إذا تقيأ أو لم يكن عازماً على ترك التقيؤ سواء مع الانحصار او عدمه .
والمسألة مبتنية على مبحث أصولي معمّق يسمى بمبحث الترتب ولأجل اختلاف الأنظار فيه اختلف الحكم هنا في هذه المسألة .
خلاصة الكلام /
إذا تناول في الليل ما يجب عليه أن يتقيأه في النهار ، فحكم صومه :
1. أن يتقيأه في النهار فعلاً وحينئذٍ يبطل صومه سواء كان عازماً على ترك التقيؤ أو لا فمع التقيؤ فعلاً يبطل الصوم .
2. أن لا يتقيأه في النهار فعلاً ولكن لم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان مستعداً ومريداً للتقيؤ أو متردداً فيه الى وقت تضيّق النية مع علمه بمفطرية تعمد التقيء فهنا يبطل صومه أيضاً .
3. أن لا يتقيأه في النهار فعلاً ولكن لم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان مستعداً ومريداً للتقيؤ أو متردداً فيه الى وقت تضيّق النية مع عدم علمه بمفطرية تعمد التقيء فهنا صومه صحيح .
4. أن لا يتقيأه في النهار فعلاً ولم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان مستعداً ومريداً للتقيؤ أو متردداً فيه ، لكن قبل وقت تضيّق النية يرجع ويعزم على ترك التقيؤ فهنا لا يبطل صومه أيضاً .