69 - مجموعة من مستبصري المغرب (بريد الموقع الخاص :(ما السر في اصراركم على الحديث عن علامات مثل الحرب العالمية وانشقاق الأكراد؟ علماً إنها ليست من العلامات المحتومة.
الجواب: صحيح أن العلامتين ليستا من الحتميات، ولكن كونها ليست من الحتميات لا يعني أنها غير مهمة، إذ أن طبيعة العلامات غير الحتمية بما أنها قابلة للتغيير ومنضوية تحت مقتضيات الآية الكريمة: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}[1] أو ما نعبّر عنه عقائدياً بالبداء، فإن دراستها المبكرة والتنبيه إليها وإلى استحقاقاتها وما يترتب عليها أمر في غاية الأهمية، لما ينطوي ذلك من فسحة إما للتغيير أو للإحتياط العملي من نتائج حصولها وما يترتب عليها.
وفي اعتقادي أن لا أبالية المسلمين أو ابتعادهم عن معين مدرسة أهل البيت عليهم السلام سيجعل هذه الأمور تتحقق وإن كانت غير حتمية، لأنها مرهونة بظروف وأحداث، وهذه العلامات بطبيعتها هي استحقاق طبيعي لتلكم الظروف، وكونها قد وردت في أحاديث صحيحة، فالتنبيه عليها والإشارة إليها لا تخلو من أحد فائدتين على الأقل، فإما يرتدع أصحاب القرار وتعود الأمور لما كانت عليه قبل الحدث، أو أن يعتبرها المؤمن علامة جادة وحاسمة على ظهور الإمام صلوات الله عليه، لا سيما وأن هذين الحدثين هما من جملة السلسلة التي وصفت بأنها نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً والتي تنتهي إلى خروج السفياني، وهو ليس إصرار كما وصفه الأخوة الأفاضل حفظهم الله، وإنما هو عرض لتفاصيل الرواية الشريفة التي تحدثت عن هذين الأمرين، وعن غيرهما وسيأتي الحديث عنها جميعا بالتتابع إن شاء الله.
70 -
Adnan Hssoun (website): My question is about the scream from the sky in the morning which we have to follow, and to denounce the second one in the evening which is from Iblis. So if the first one in the morning it means and evening scream in north America so when the the scream takes place in Iraq or the middle east in the morning I will be having supper at evening in Canada so to me it is not the morning scream and time change in every continent in the world where people will receive it at different times but not in the morning.
الجواب: الحديث الجاري في روايات أهل البيت عليهم السلام عن الصيحة وكونها تحصل في ليلة القدر، يخص منطقة الحدث وأعني بذلك الحجاز والعراق ومنطقة الشرق الأوسط عموما، أما غيرها من المناطق فستسمع كل واحدة منها نفس الصوت في الوقت الذي يخصها، بمعنى أن حصول الصيحة في ليلة القدر في الحجاز لا يعني ان أهل أمريكا أو كندا أو استراليا لن يسمعوه في عين ذلك الوقت والذي سيكون لدى بعضهم في ظهيرة ذلك اليوم أو في صبيحة يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان وفقاً لفارق الوقت، ولهذا تم وصف ردود فعل الحدث بأوضاع مختلفة فيها النائم والقاعد والواقف، وهي اوصاف تشير إلى طبيعة نشاط الإنسان بين النوم وسكون الحركة والنشاط، أما القول بأن الصيحة ستسمعها كل دول العالم في ليلة القدر فهذا ينفي أن كل العالم سيسمع الصيحة، لأن الكثيرين سيسمعون الصيحة قبل ليلة القدر لكونهم سيسمعونها من قبل الفضائيات، وبعضهم سيسمع بها بعد ليلة القدر مما لا ينسجم مع حالة الذهول التي تقترن بحصول الحدث والتي وصفها حديث الإمام الباقر عليه السلام بقوله :الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان، لأن شهر رمضان شهر الله، والصيحة فيه هي صيحة جبرائيل إلى هذا الخلق، ثم قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السلام فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإن الصوت الأول هو صوت جبرئيل الروح الأمين عليه السلام.
ثم قال عليه السلام: يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكّوا في ذلك، واسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس اللعين ينادي: ألا إن فلانا قتل مظلوما ليشكك الناس ويفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شاكّ متحير قد هوى في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا فيه أنه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنه ينادي باسم القائم واسم أبيه عليهما السلام حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج، وقال: لا بد من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السلام: صوت من السماء وهو صوت جبرئيل باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه، والصوت الثاني من الأرض هو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوماً، يريد بذلك الفتنة ، فاتبعوا الصوت الأول وإياكم والأخير أن تفتنوا به[1].
71 - مجموعة أسئلة من الموقع: تتحدث الروايات أن ما بين السفياني وبين الإمام المنتظر عجل الله فرجه سيكون حمل إمرأة أي تسعة أشهر، وهو يخرج من رجب، بينما يكون أمر الإمام صلوات الله عليه في شهر محرم، فكيف توضحون هذا الأمر؟
الجواب: تحدثت الروايات عن موعدين ما بين السفياني وبين الإمام روحي فداه الأول حمل ناقة أي خمسة عشر شهراً، والأخرى هو حمل امرأة أي تسعة أشهر، ولكن هذين الموعدين ليسا من يوم واحد، وهي في كل الأحوال لا تتحدث عن موعد خروج الإمام صلوات الله عليه، وإنما تتحدث عن موعد ظهوره، فالأولى تحدثت عن موعد وجود السفياني، وسيكون حكماً في شهر رجب، وستأتي من بعدها مرحلة تحرير الكور الخمس وهي المحافظات الشامية المفككة عن حكم الشام بسبب صراع الأصهب مع الأبقع، وهي في رواياتنا تستمر لستة أشهر، ولذلك تبقى من بعد الكور الخمسة مدة تسعة أشهر لظهور الإمام أرواحنا فداه، أما الفاصلة بين رجب ومحرم كيف يمكن التوفيق بينها وبين هذه الحسابات، فالأمر ناشئ من توهم البعض بأن لا فرق بين الظهور والخروج، ولكن الحقيقة خلاف ذلك، فالظهور إنما يكون متزامناً مع الصيحة الجبرئيلية في شهر رمضان، والتي بها تنتهي الغيبة الكبرى، ولكن ثمة فارق أن الظهور شيء وخروج الإمام روحي فداه برايته شيء آخر، لأن الخروج متأخر على الظهور وموعده في شهر محرم الحرام، ولذلك لا يوجد تناقض بين المواعيد المطروحة في الروايات الشريفة.
72 - جبار الكردي (مجموعة حكيميون ):ما هو الدليل على القرآني ظهور صاحب الزمان عجل الله فرجه؟
الجواب: عرض القرآن الكريم لموضوع الإمام المنتظر صلوات الله عليه من عدة جوانب، وسأجمل القول هنا إذ نلمس أن القرآن المجيد تحدّث تارة عن محورية وجوده صلوات الله عليه بشكل عام، وذلك لأن كل الآيات الكريمة التي تعلّقت بالإمامة هي متعلقة به صلوات الله عليه، وأخرى تحدّث عن وجوده بأبي وأمي بشكل أخص لأهل زمانه إذ أن هناك آيات لا يمكن أن تفهم إلا من خلال القول بوجوده كما هو الحال في سورة القدر، فالقرآن الكريم يتحدّث عن تنزّل الملائكة (وهم هنا أعاظم الملائكة وكبّارها) والروح فيها، وهذا الروح شيء غير الملائكة لأن القرآن تحدّث عن الملائكة وعن الروح بفاصلة واو العطف في آية سورة القدر أي أنهما جهتان، وتأكيده هو ما جاء في الآية الكريمة: {ينزّل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده}[1] ومن الواضح أن الروح هو الذي قال عنه سبحانه وتعالى: {ويسألونك عن الروح؟ قل الروح من أمر ربي}[2] كما وقد وصف سبحانه وتعالى هذا الأمر بالقول: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}[3] وقد وصف الله تعالى آليات هذا الأمر بقوله تعالى: {هو الذي يحيي ويميت، فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون}[4] وعليه فمن الواجب أن نتساءل عن الجهة التي سيتنزّل عليها في ليلة القدر بأمر الله تعالى والذي يستوعب كل شيء من أمور العالم الرباني؟ كما أوضح سبحانه وتعالى عن طبيعة مهمة الروح في ليلة القدر: {تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر}[5] فإن قيل أن الروح تتنزل في زمان رسول الله صلوات الله عليه وآله على نفس الرسول صلوات الله عليه وآله وهو الحق، فالتساؤل الملح على من ستتنزل هذه الروح في العهود التي أعقبت شهادة رسول الله صلوات الله عليه وآله؟ ولو أردنا أن نقرّب الصورة أكثر تعال لنتساءل عن أي جهة تنزّلت عليها الروح بأمر الله المستوعب لكل أمر في عامنا هذا، فإن قيل بأن ليلة القدر لا وجود لها من بعد زمن رسول الله صلوات الله عليه وآله، وهو قول لم يقل به إلا ما ندر من شواذ الحشوية، وهو قول باطل لأنه يستلزم القول بانتفاء الحاجة إلى سورة القدر، وهذا ما لا يمكن لأحد أن يقول به، وعندئذ نعود ونتساءل عن هذه الجهة التي ستستقبل هذه الروح وهي المتنزّلة بهذا الأمر الجليل في عامنا هذا وفي عامنا القادم والذي سبق من أعوامنا التي عشناها؟ لا شك أن الجهة الوحيدة التي تستطيع الإجابة على ذلك هي الشيعة الإمامية زادها الله شرفاً بقوله بوجود الإمام المنتظر روحي فداه، وهنا ثمة تفصيل تجده في الجزء الأول من كتابنا علامات الظهور.
أضف إلى ذلك إن قوله تعالى لرسول الله صلوات الله عليه وآله: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}[6] هو الآخر يحتاج منا إلى أن نشخّص من هو الهادي في زماننا هذا، ومن الواضح أن الهادي المشار إليه في القرآن الكريم يجب أن يكون معصوماً ومشخّصاً حتى يمكن الاحتجاج به، لأن الهادي إن كان غير معصوم عندئذ ستكون مهمته الهادية يتخللها أعمال مخالفة لأمر الله تعالى وبالتالي ستكون مهمة الهداية منتفية، بل قد تكون معكوسة تماماً، كما وأن تعميم القول بالهداة من دون تشخيص لهم سيوصل الأمور لمن هو أكثر إعلاماً وضجيجاً، في وقت قد يكون هو في داخله من أكثر الناس ضلالاً، ولذلك يتوجب علنا أن نتساءل عن الهادي في زماننا هذا؟ ولا مجال لحل هذه المشكلة إلا بالرجوع إلى قول الإمامية بوجود إمام في كل زمان، وهناك العديد من الآيات الكريمة التي لها نهايات كنهاية هذه الآية وسابقتها من حيث عدم إمكانية تفسيرها إلا من خلال القول بوجود إمام لكل زمان، لا يسع المجال لاستعراضها هنا.
وتحدث ثالثة عن طبيعة أعماله وهنا يعرب أن الأمر لن يبقى في حدود الفكرة النظرية بل نزع إلى تصوير الحدث بعنوانه مسألة اجتماعية منجّزة ففي قوله تعالى في سورة الإسراء يدلّنا بشكل كبير على نموذج من الأعمال التي سينفذها الإمام صلوات الله عليه، ففي حديثه تعالى عن طغيان بني إسرائيل ومآل أمورهم وما سينتهون إليه قال سبحانه: {وقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيرا* فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً* إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً}[7] ولا كلام لنا في طبيعة ما جرى لهم في فسادهم الأول ومن كان المتسبب بدمارهم هل هو سابور ذي الأكتاف أو سنحاريب أو نبوخذ نصر أو احد ملوك الروم كما يتحدّث المؤرخون مما لا طائل في نقاشه، وما يهمّنا هو طبيعة طغيانهم الثاني وطبيعة العباد الذين سيدخلوا المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة، فمن الواضح أن الحديث هنا عن مرحلة ما بعد تحويل الأقصى إلى مسجد، وهو إنما تم ففي عهد رسول الله صلوات الله عليه وآله إبّان رحلة الإسراء والمعراج، لا كما حاول بعض مغفلي المفسرين بتفسير ذلك بأن عهدا الفسادين قد انتهيا قبل الإسلام، وعليه فإن القرآن يتحدث بشكل واضح وصريح عن مهمة تحرير القدس وتدمير إسرائيل، وقد اتفق أهل الإسلام على أن من سيقوم بذلك هو الإمام المنتظر صلوات الله عليه.
كما أن قوله تعالى: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}[8] هو الآخر يشير إلى طبيعة مهمة الإمام روحي فداه وما سيتمه في زمانه من إخراج الأرض ومستضعفيها من الظلم والجور إلى القسط والعدل.
أما الحديث التفصيلي عن علامات الظهور فلا يمكن طلبه من القرآن الكريم، لأن هذه مهمة الكاشفين عن أسرار العلم الإلهي، وأقصد بذلك نبينا الأكرم وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم، وهو ما يتوافر عليه حديثهم عليهم السلام بشكل مكثف.
73 - جعفر العراقي (الموقع في الفيس بوك): لديّ سؤال بخصوص (يأجوج و مأجوج) من هم؟
ومن أي الأقوام هم؟
وهل هم من البشر و تمت الإشارة إليهم بهذا المصطلح؟
أم هم مخلوقات أخرى؟
و ما قصتهم و متى يظهرون؟
وما هو تأثير ظهورهم على الساحة الزمانية و المكانية ..؟؟
الجواب: في مرويات أهل السنة وكذا في شروحات التوراة والإنجيل هناك الكثير من الأقاويل التي تقرب من الخرافات والأساطير عن يأجوج ومأجوج وسأعرض لبعضها لاحقاً، ولكن جميع هؤلاء يتفقون على أن يأجوج ومأجوج هم من علامات القيامة ونهاية العالم، وقد انسابت هذه المرويات إلى الثقافة العامة حتى عدّهم البعض من علامات ظهور الإمام المنتظر عجل الله فرجه، وبالرغم من أني لم أجد رواية صحيحة من مدرسة أهل البيت عليهم السلام يمكن الاعتماد عليها للربط بينهم وبين علامات الظهور أو علامات القيامة، اللهم إلا رواية وردت في تفسير القمي جاء فيها: إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا وياكلون الناس.[1]
إلا أن ورود القصة في القرآن الكريم وربطها سياقاً مع أحداث مستقبلية وكونها قريبة مما سماه القرآن الكريم بالوعد الحق يجعلني أتوقف توقف المتأمل فيها، والباحث عن مكنوناتها، لأن هذا الاقتراب قد يكون المقصود به أحداث ما قرب الظهور الشريف.
وبعيداً عما جاء في روايات القوم فقد طرح الموضوع في القرآن الكريم ضمن قصة ذي القرنين بقوله تعالى: {حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً، قالوا: يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً}[2] وقد جاء الحديث عن يأجوج ومأجوج من بعد موضعين قد بلغهما ذو القرنين الأول أطلق عليه القرآن الكريم موضع مغرب الشمس والآخر سماه بمطلع الشمس، مما يجعل موضع يأجوج ومأجوج خلف هذين الموضعين حتماً.
وحتى نعرف موضع يأجوج ومأجوج المشار إليه في القرآن الكريم لا بد لنا من الوصول إلى الموضعين الآخرين، وفي تصوري أن هذه القصة بأبعادها الجغرافية الثلاثية تمثل إعجازاً مذهلاً للقرآن الكريم، لأنها أشارت إلى مواضع كان من المحال معرفتها في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله، بل إن معرفة أن هناك موضعاً لمطلع الشمس ومغرباً هو بحد ذاته يمثل معجزة للكتاب الكريم، ولقد بقي موضع مطلع الشمس على الأقل سرّاً من الأسرار إلى فترة قريبة جداً، إذ كان المعتقد ـ لو حذفنا الأساطير والخرافات هنا ـ على نطاق واسع بين المفسرين أن حديث الآيتين يشير إلى حالة الغروب والشروق في مكان ما على هذه الأرض، دون تشخيص كون الآية تشير إلى موضع تبتدأ الشمس منه طلوعها وآخر تنتهي إليه الشمس في غروبها، ولربما كان الفضل يعود للإحتفال بالألفية الثانية والذي جعل العالم يراقب أول إطلالة للشمس في يوم 1\1\2000 وهي أول اطلالة للشمس في القرن الواحد والعشرين، فلولا ذلك لما عرفنا سر هذه الآية العجيبة والتي كان المفسرون قد تمحّلوا فيها تمحلاً شديداً، ولبقي الحديث بعيداً عن عالم الجغرافية.
وعلى أي حال فمن الواضح أن الحديث عن مغرب الشمس يعني أنها آخر منطقة تغرب عنها الشمس في العالم، كما أن مطلع الشمس يشير إلى أول منطقة تبزغ فيها الشمس في العالم، وقد خصّ القرآن الكريم الموضع الأول بالقول: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً}[3] فيما خص الموضع الثاني بقوله تعالى: {حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً}[4] ونلاحظ في الحديثين تفصيلاً عن المنطقتين إن في المجال الجغرافي والتضاريسيي، أو في المجال الحضاري والاجتماعي، لأن المتحدث حينما يتحدّث بتفصيل عن منطقة ما وجماعة ما، يعني معرفته بها وإلمامه بما يجري فيها. مما يؤكد أن الطرح القرآني هنا في صدد التعريف بمنطقة محددة، وليس مجرد الحديث عن غروب الشمس في عين حمئة.
ومن حيث المبدأ فإن الحديث بهذه الطريقة يعرب عن إشارة القرآن إلى مناطق ثلاثة محددة المعالم ذكرت في مجال مترابط وضمن سفرة واحدة لذي القرنين، وقد ربط اثنين منها بواقع طلوع الشمس وغروبها، فيما تحدث عن المنطقة الثالثة المتعلقة بيأجوج ومأجوج بأوصاف تضاريسية مختلفة، مما يعطينا المجال للقول بأن هذا خط السير في هذه السفرة يعرب عن أن منطقة مغرب الشمس هي الأقرب إلى منطقة انطلاق ذو القرنين، ثم تليها منطقة مطلع الشمس، ومن بعدهما تأتي منطقة يأجوج ومأجوج، وهذا بدوره يشير إلى أن منطقة انطلاق هذا العبد الصالح مطلة على البحر حكماً بالشكل الذي نجد فيه حركة الإبحار الواسعة هذه، وبالتالي يستبعد حديث بعض المفسرين والمؤرخين بأنه كان أحد ملوك الفرس او الأتراك أو ما إلى ذلك، لوضوح أن البحر كان بعيداً عنهم وعن حركتهم.
على أي حال أتصور أن أمام مهمة تحديد هذه الأماكن لا بد من أن نذعن إلى حقيقة أن الأماكن التي تصلح كي تكون مطلعاً للشمس ومغرباً لها لا يمكن أن تكون أبعد من خط الإستواء، لأن المناطق الواقعة على هذا الخط يتساوى فيها الليل والنهار تقريباً في كل أيام السنة، مما يمكن معه رصد المطلع والمغرب بشكل دقيق، لأن ثبات حركة الشمس فيهما تختلف عن المناطق التي تشهد تبايناً بين مدد النهار والليل وفقاً للفصول التي تمر بها، وكلما ازدادت حالة التساوي بين الليل والنهار كلما نكون قد اقتربنا من تشخيص المنطقة المطلوبة، وقد بات بإمكان التقنيات المعاصرة أن تحدد أول لحظة تطل بها الشمس على الأرض، وآخر لحظة تغرب بها لتكون هذه المنطقة تحديدياً هي مطلع الشمس ومغربها، ولعل إعلان دولة كريباس في يوم 1|1|2000 من أنها هي أول منطقة في الأرض أطلّت فيها شمس الألفية الثالثة ما يقطع الجدل في كونها هي أقرب المناطق إلى مطلع الشمس إن لم تك هي تحديداً، خصوصاً وأن الآية الكريمة تحدثت عن وجود قوم لدى مطلع الشمس، ولذلك فمطلع الشمس ليست مجرد منطقة على سطح البحر، وما يحتاجه للتيقن في هذا المجال أن تكون أراضيها مسطحة دون تضاريس مانعة لرؤية الشمس وهو مقتضى قوله تعالى عن القوم الذين يحيون فيها: (لم نجعل لهم من دونها ستراً)، ولم تشر الآية الكريمة إلى وجود أي نمط حضاري معقد في تلك المنطقة، بل ربما أوحت إلى أن الذين يعيشون عليها كانوا أقرب إلى البداوة منهم إلى شيء آخر، وهو أمر سنجد ما يعاكسه اثناء الحديث عن المنطقة الثانية (مغرب الشمس)، ومن خلال مراجعة جغرافية دولة كريباس أو ما يعرف بكريباتي والتي تقع على خط الاستواء في عمق المحيط الهندي متوسطة تقريباً ما بين قارات آسيا واستراليا وأمريكا الجنوبية نلاحظ أن هذه الدولة هي مجموعة جزر أشبه بالمسطحة التي لا تعلوها اي تضاريس تعلو بها عن مستوى الأرض العادية بالشكل الذي يجعلنا نطمئن أن حديث القرآن الكريم ربما عنى هذه المنطقة تحديداً، والمذهل هنا أن هذه الجزر الموغلة في أعماق المحيط والتي لم تكتشف إلا صدفة من قبل بحاري المستعمرات كيف تأتى للقرآن الكريم أن يتضمن الإشارة إليها لو لم يك كتاب وحي لايأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه.
أما المنطقة الثانية التي أشير إليها بمصطلح مغرب الشمس، فيجب أن نتلمسها في منطقة مقاربة للمنطقة التي سبق أن تحدثنا عنها، ولكن يجب أن تكون أقرب من حيث المسار الجغرافي إلى منطقة انطلاق ذي القرنين، لأنها هي المنطقة الأولى في حركته، ومن مجموع آياتها يظهر أنها أقرب إلى التجمعات البشرية الحضارية، لأن الحديث عن الظلم وعن العمل الصالح الوارد في الآية الكريمة يشير إلى أن المنطقة ممن بلغتها الأديان، والذي بمقتضاه طلب من ذي القرنين أن يعذب أو يحسن، مما يجعلها على ممر حركة السفن التجارية أو أنها أقرب إلى الحواضر البشرية الكبيرة، ولكنها يجب أن تكون قريبة من خط الاستواء لخصوصية تساوي الليل والنهار المطلوبة في ذلك.
والحديث عن العين الحمئة في الآية الكريمة إما أن يشير إلى المظهر بمعنى أن يكون مغيب الشمس يقترن بانعكاس الضوء على البحر، بحيث يبدو البحر وكأنه عين حمئة ـ أي طينية ستميل إلى السواد ـ أو أن المنطقة فيها عيون بركانية من النمط الذي يختلط فيه الطمي البركاني مع التربة مع الماء لتشكل ما يعبر عنه Mud Volcano ولكن الأخذ بهذا الاحتمال يقتضي التحدث عن جزر بركانية أو أنها واقعة على الخطوط البركانية في المنطقة، وهو ما يجعل الأمر أشبه بالمستبعد، اللهم إلا أن تكون هذه الجزر كبيرة نسبياً بحيث أن الحدث البركاني أو الزلزالي لا يؤدي إلى غمرها بالماء واندثار آثارها بتقادم الزمن، والقرآن الكريم حينما أشار إلى هذه المنطقة إنما أشار إلى منطقة تتوافر فيها عناصر البقاء حتى مع تقادم الزمن، لأنها احدى الشواهد على حجية القرآن الكريم، وما نستظهره أن المقصود هو الإنعكاس الضوئي على المحيط والذي يؤدي بدوره إلى تحول شكل المحيط وكأنه بركة طينية، وما يقرب ذلك هو أن الحديث هنا عن الشمس أصلاً، ولذا فإن ضوؤها هو المعني بذلك.
ومثل هذا الوصف لا ينعدم في الكثير من الجزر المقابلة لمنطقة سرنديب أو سريلانكا المعاصرة من جهة عمق البحر، وهذه أنسب لأنها في طريق ذي القرنين إن كان قد جاء من جهة الغرب أي من المنطقة العربية وما يجاورها وأيضاً لأنها الأقرب إلى الحواضر البشرية الدينية، مما يجعلها تتطابق مع المواصفات المطروحة في القرآن الكريم، وعليه فإن جزائر المالديف وما يقرب منها هي المرشحة لمثل هذا الموقع، أولاً لأن غروب الشمس فيها يماثل ما طرحه القرآن الكريم، ويمكن مراجعة صور غروب الشمس في هذه المناطق والتي تبين لنا صورة العين الطينية بشكل واضح تماماً، ناهيك عن أن هذه الجزائر لعلها هي الوحيدة في المنطقة التي شهدت تجمعات بشرية وصلت إليها الديانات بشكل مبكر، كما وأن قربها النسبي من مناطق الكريباس يمكنه أن يوحي لنا باطمئنان كبير بأن هذه المنطقة هي المعنية دون غيرها والله أعلم.
إن تشخيص هاتين المنطقتين يجعلنا نتجه لما هو أبعد منهما مناطقياً في مجال تشخيص منطقة يأجوج ومأجوج، لوضوح أنه ذهب أبعد من ذلك حينما قال: {ثم أتبع سبباً}وحينما تحدث عن وصوله أشار إلى حضارة اجتماعية تهددها حضارة اجتماعية أخرى وتفصل ما بينهما جبال ولا يوجد من بعد هذه المناطق غير مناطق الهند الصينية ونفس الصين لكي تكون هي موضع بحثنا، لا سيما وأن كلمة جوج هي من المفردات المألوفة في اللغة الصينية وأخواتها، وتكرارها في الكلمتين يؤكد ذلك لأنها أيضا من أساليب اللغة الصينية، ويتأكد ذلك من خلال معرفة أن كلمة (مأ) تعني الحصان في الصينية (马) وكلمة (يأ) تعني القارة (洲) وكلمة (جوج) المشتركة في الكلمتين تعني كلمة شعب في الصينية (亚)، فيكون لدينا شعب الحصان أو الخيل أو أرض الخيول أو الأحصنة في كلمة مأجوج، وشعب القارة والتعبير ربما يرمي إلى الأرض الفسيحة، وقد قال بعضهم بأن الكلمة تعني آسيا، ولعله مناسب، ولكن علينا البحث أساساً عن أصول كلمة آسيا، وهل أنها كانت من الأسماء القديمة؟ بالرغم من أن الوثائق التاريخية تستخدم كلمة الصين بشكل مكثف، ولعل ما جاء في قوله تعالى في سورة الأنبياء: في وصف مستقبلهم بالقول: {وهم من كل حدب ينسلون}[5] ما يؤكد أن المراد هم بعض الصين المعاصرة وما يليها، لأنهم الشعب الأكثر عدداً في العالم مما يتطابق مع الآية الكريمة، وهذه في الواقع من معاجز القرآن الكريم التي نراها أمامنا اليوم، لأن العبارة القرآنية تشير إلى كثرة تناسلهم.
ومن الواضح أن هذا الوصف لا ينافي ما في مرسلة أبي يحيى الواسطي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : الدنيا سبعة أقاليم: يأجوج ومأجوج الروم والصين والزنج وقوم موسى وأقاليم بابل.[6] فلو صح الخبر فإن اعتبار الصين غير يأجوج ومأجوج يشير إلى مدى ما تمثله الصين في ذلك الزمان، وهي في تلك الزمنة أصغر بكثير مما تمثله اليوم.
وما من غرابة أن يستخدم القرآن الكريم مفردات لغوية من اللغات الأخرى لأن الثابت في القرآن الكريم هو استخدامه لألفاظ أجنبية من لغات متعددة وليس صحيحاً ما أشار إليه البعض بأن القرآن نفسه ينفي ذلك من خلاله توصيفه لنفسه بالقول {بلسان عربي مبين}[7] إذ أن عشرات الإستخدامات القرآنية لمفردات لغوية من لغات أخرى هي من الحقائق الثابتة، فمن الأسماء نلاحظ كلمة موسى وعيسى وإلياس وداود وما إلى ذلك من أسماء ليست عربية، ومن الكلمات يمكننا ملاحظة مشكاة والفردوس وأبابيل وسجيل وما شاكلها من كلمات لا أصل عربي لها، وهي لا تقدح قطعاً بعربية القرآن، فهذه الكلمات هي سفيرة لغة القرآن إلى الأقوام المختلفة، وتؤكد انفتاح الإسلام على حضارات الآخرين واستيعابه لها.
وعليه فإن يأجوج ومأجوج هم شعوب كبقية شعوب العالم، وما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام بسند ضعيف عامي عن ابن عباس قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن الخلق، فقال: خلق الله ألفاً ومائتين في البر، وألفاً ومائتين في البحر، وأجناس بني آدم سبعون جنساً، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج.[8] لا يمكن التعويل عليه إن كان المراد بأنهم ليسوا من البشر، وأنهم خلق آخر، فالخلق كما بيّن القرآن الكريم هم الجن والإنس، وما من ريب أن القرآن الكريم لا يتحدث عنه كونهم من الجن لأن الحديث عن الردم وما إلى ذلك لا يمكن أن يتناسب مع الحديث عن الجن، فالجن لا يتوقفون عند سد أو ردم، لأنهم مخلوقات جبلت على تخطي ذلك، كما لا يخفى، مما يتعين كونهم من الإنس، ولكن هناك كلام في شأن عائدية كل الخلق إلى آدم الذي يرد ذكره في التوراة ويشار عبره إلى حصر عمر البشرية ببضع آلاف من السنين، إذ من الثابت واقعياً أن عمر الإنسان على هذه المعمورة يتجاوز الملايين من السنين، وحديث الإمام الباقر عليه السلام كما ورد في صحيحة عن محمد بن مسلم يؤكد على ذلك قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لقد خلقالله عز وجل في الأرض منذ خلقها سبعة، عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض، فأسكنهم فيها واحداً بعد واحد مع عالمه، ثم خلق الله عز وجل آدم أبا هذا البشر وخلق ذريته منه.[9]
أما ما ورد في بعض الروايات العامية من وصف أسطوري لهم هي من أكاذيب الرواة أو من حكايات الكهنة التي تناقلها هؤلاء ونسبت لرسول الله صلى الله عليه وآله زوراً وكذباً، ومنها ما رواه أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله: ان يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ليحفرن السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ حتى إذا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قال الذي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَداً فَيَعُودُونَ إليه كَأَشَدِّ ما كان حتى إذا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ الله عز وجل ان يَبْعَثَهُمْ إلى الناس حَفَرُوا حتى إذا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قال الذي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَداً ان شَاءَ الله وَيَسْتَثْنِى فَيَعُودُونَ إليه وهو كَهَيْئَتِهِ حين تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ على الناس فَيُنَشِّفُونَ الْمِيَاهَ وَيَتَحَصَّنَ الناس منهم في حُصُونِهِمْ فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إلى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ وَعَلَيْهَا كَهَيْئَةِ الدَّمِ فَيَقُولُونَ قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَبْعَثُ الله عليهم نَغَفاً في أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بها فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده ان دَوَابَّ الأَرْضِ لَتَسْمَنُ شَكَراً من لُحُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ.[10]
ومنها حديث النواس بن سمعان: فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ على بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فيها وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لقد كان بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ.[11]
وقد أشير إليهم في أحداث ما قبل يوم القيامة ضمن أحاديث الفتن وأشراط الساعة في كتب أهل السنة التي أكثرت من الحديث عنهم ووضعهوها ضمن أحداث ما بعد عيسيى عليه السلام، ولكن يلاحظ أن هذه الأحاديث تتفق من حيث الأصل مع حديث لأبي سعيد الخدري رواه ابن ماجة، ولم يضعه ضمن سياق أحداث عيسى عليه السلام بل جعله حديثاً متعلقاً بزمن مفتوح قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال تُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَخْرُجُونَ كما قال الله تَعَالَى وَهُمْ {من كل حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}فَيَعُمُّونَ الْأَرْضَ، وَيَنْحَازُ منهم الْمُسْلِمُونَ، حتى تَصِيرَ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ في مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ حتى أَنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَهُ حتى ما يَذَرُونَ فيه شيئا فَيَمُرُّ آخِرُهُمْ على أَثَرِهِمْ فيقول قَائِلُهُمْ: لقد كان بهذا الْمَكَانِ مَرَّةً مَاءٌ وَيَظْهَرُونَ على الأرض فيقول قَائِلُهُمْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الأرض قد فَرَغْنَا منهم وَلَنُنَازِلَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ حتى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَهُزُّ حَرْبَتَهُ إلى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ فَيَقُولُونَ: قد قَتَلْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ الله دَوَابَّ كَنَغَفِ الْجَرَادِ فَتَأْخُذُ بِأَعْنَاقِهِمْ فَيَمُوتُونَ مَوْتَ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيُصْبِحُ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسْمَعُونَ لهم حِسّاً.[12] ومن الواضح أن لا تعويل على مثل هذه الروايات، بالرغم من أنها تشير بشكل مجمل إلى حراك من قبل يأجوج ومأجوج في فتة متقدمة من الزمان.
كما وقد أشير إليهم في أحداث ما قبل نهاية إسرائيل في سفر حزقيل من التوراة بحديث مطول استغرق الإصحاح الثامن والثلاثين، والتاسع والثلاثين من هذا السفر، ومجمله أن ياجوج ومأجوج سيهجمون حتى يصلوا إلى إسرائيل ضمن وصف ملحمي هائل ويشار فيه إلى حرب طاحنة قال: ألست في ذلك اليوم، حين يسكن شعبي إسرائيل في أمن، تذهب فتأتي من مكانك، من أقاصي الشمال، ومعك شعوب كثيرة، كلها من راكبي خيل، جمع عظيم وجيش كثير، وتصعد على شعبي إسرائيل كغمام يغطي الأرض؟ إنك في آخر الأيام تكون، فآتي بك على أرضي، لكي تعرفني الأمم، حين أتقدس بك أمام عيونها، ياجوج. هكذا قال السيد الرب: ألست أنت الذي تكلمت عليه في الأيام القديمة على ألسنة عبيدي أنبياء إسرائيل المتنبئين في تلك الأيام وطوال السنين بأني سأجلبك عليهم . ذلك اليوم، يوم يأتي جوج على أرض إسرائيل، يقول السيد الرب، يطلع سخطي في أنفي وفي غيرتي ونار غضبي تكلمت: ليكونن في ذلك اليوم ارتعاش عظيم على أرض إسرائيل، فيرتعش من وجهي سمك البحر وطير السماء ووحش الحقول وجميع الزحافات التي تدب على الأرض وجميع البشر الذين على وجه الأرض، وتندك الجبال وتسقط منحدراتها، كل سور يسقط إلى الأرض، لكني أدعو السيف عليه في جميع جبالي، يقول السيد الرب، فيكون سيف كل رجل على أخيه، وأحاكمه بالطاعون والدم والمطر الهاطل وحجارة البرد، وأمطر النار والكبريت عليه وعلى جيوشه وعلى الشعوب الكثيرة التي معه.[13]
وهذا الوصف يتحدث لمرحلة ما بعد قيام دولة إسرائيل، وفيه وضوح لمعركة شرسة ستجري مع الشعوب التي تنحدر من ياجوج ومأجوج.
وبطبيعة الحال لا يمكن التعويل على ذلك، غير أن حديث أهل البيت عليهم السلام الصحيح عن نشوب حرب عالمية كبرى سيذهب بها ثلثا الناس قبل ظهور الإمام المنتظر عجل الله فرجه وفي الأحداث المنبئة عن فجره لا يمكن تصورها من دون مشاركة هؤلاء في الثلثين، وفي واقعنا المعاصر لايمكن تصور حدوث حرب عالمية كبرى لا اشتراك فيها للصين والشعوب المغولية التي تنضوي تحت يافطة يأجوج ومأجوج، كما أن طبيعة الأسلحة المستخدمة المعاصرة تقترب من حديث أهل البيت عليهم السلام في هذا المجال عن الموت الأبيض والموت الأحمر وقد شرحنا بالتفصيل المراد منهما في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور، على أن وصف التوراة لهذه الأسلحة أيضا مقارب أيضاً لما ورد.
ولم أجد رواية من مصادرنا الموثوقة تشير إلى وقت محدد لخروج هؤلاء، غاية ما في الأمر رواية رواها علي بن إبراهيم في تفسيره إلا أنها مبهمة في مصدرها، فما قبلها كانت رواية صحيحة عن الصادقين عليهما السلام، وهذه الرواية صدّرها بقوله قال، من دون أن يشخّص من هو الذي قال، فهل هو محمد بن مسلم صاحب الرواية السابقة وبه ستكون الرواية صحيحة، أو وقع تصحيف في كلمة قال بدلاً من قالا، ويترتب عليها نفس ما ترتب على ما قبلها، أو أنه من كلام علي بن إبراهيم، مع أنه في موضع مغاير ذكرها مرسلة وكأنها مروية عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه،[14] ولكن على أي حال جاء فيه في تفسير قوله تعالى: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون} قال: إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا ويأكلون الناس.[15]
ومن الواضح هنا أن عبارة أكلهم للناس يعني كثرتهم ومزاحمتهم أو لطبيعة حروبهم وما ستأكل من الناس، ولا يقصد به ما توهمه بعضهم بان غذاءهم هو لحوم الناس.
74 - عبد الحميد الموسوي (الموقع الخاص): ارجو منك أن تحدّثنا بما قالته الروايات عن النجم الثاقب في سورة الطارق.. النجم ذو الذنب الذي تكلّم عنه مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه.. وهل هو كويكب العذاب الذي سيهلك ثلثي العالم؟؟.. لأني لم أجدك شيخنا تتطرق لهذا الموضوع بشرح واسع وخاصة أنه هنا في أوربا وأمريكا يتحدّثون عنه كثيراً.
الجواب: التزمنا بمنهج في التعامل مع العلامات التي وردت في الروايات طوال هذه الفترة، وهو الاكتفاء بالعلامات التي جاءت الإشارة إليها بسند صحيح أو موثّق، مع تسامح محدد في أدلة السنن في بعض التفاصيل المتعلقة بهذا النمط من العلامات، والحديث عن الكوكب ذي الذنب جرى في موضعين أحدهما في الكافي في رواية ضعيفة عن الإمام الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات الله عليه وفيه: وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ولاح لكم القمر المنير.[1]
والآخر جرى ذكره أيضاً بسند ضعيف في كتاب كفاية الأثر عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وفيه: ألا وإن لخروجه علامات عشرة أولها طلوع الكوكب ذي الذنب، ويقارب من الجاري (الحاوي ، الحادي خ ل) ويقع فيه هرج ومرج وشغب.[2]
ولعل هذا هو ما أشار إليه الشيخ المفيد رضوان الله عليه حينما أجمل ذكر العلامات قال: وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه.[3]
وما ذكره الشيخ المفيد إجمال منه قدس سره، ولكني لم أجده في الروايات وفق استقصائي عنه، ولعل ذلك قصور مني، وما يلاحظ على هذه الروايات غير مسألة أسانيدها وضعفها أنها لا تنطوي على دلالة قريبة من الظهور الشريف، وحتى حديث كفاية الأثر فإنه لا ينطوي على هذه الدلالة، فلربما تكون قبل الظهور بمئات السنين ولربما تكون غير ذلك، أما رواية الكافي فمع انها قد تحمل طابعاً كنائياً ورمزياً فيما تحدثت به، ولكن لو حملنا العبارة على ظاهرها، فإن النجم المذنب هو ظاهرة فلكية ثابتة، ويرى هذا النجم ما بين مدة وأخرى، وأنت ترى أن الحديث عن مطابقة ذلك ما يتم التحدّث عنه في امريكا وأوربا بشكل مكثف خلال هذه الفترة، لو صحّ حصوله وهو مما لم يجر تأكيده العلمي بعد ـ حسب علمي ـ فكل الحديث الذي يجري أن كويكباً أو جسيماً يقترب من المدار الفضائي الأرضي، واحتمال اصطدامه بالأرض هي فرضيات صحفية أكثر مما هي تقريرات علمية، وإلا لو كان لبان، فالعلماء يتحدثون بصورة تقديرية فيها نمط من الدقة، ومثل هذا الجسيم حينما أمكن تشخيص مداره أمكن تشخيص امتدادات هذا المدار إن كانت متجهة صوب الأرض أو لا، نعم للصحفيين العلميين هنا إمكانية الافتراض بإمكان تعرضه لعوامل متعددة تؤدي إلى انحراف توجهه نحو الأرض، ولكن هذه الإمكانية موجودة بالعكس أيضاً، ولذلك اعتبرنا في كتابنا راية اليماني الموعود مثل هذه الأمور مجرد سيناريوات للتقريب قد تحصل وقد لا تحصل.
أما حديث ذهاب ثلثي الناس وما إلى ذلك مما جاء في الروايات الصحيحة، فيبدو لي أنها متعلقة بالحرب العالمية التي أشير إليها في رواية صحيحة أنها تحصل من بعد التفجير الذي يطال مدينة دمشق، ولا علاقة لها في هذه الأحداث.
أما الحديث عن النجم الثاقب وما جاء في تفسير القمي عن أنه نجم العذاب،[4] فلا دلالة له بموضوع الظهور الشريف، ومن الواضح أن النجم الثاقب هو من الظاهر الفلكية التي تم كشف النقاب عنها مؤخراً، وفي الكتب المختصة بالإعجاز الفلكي في القرآن الكثير من الإثارات في هذا الصدد تراجع في محلها
ذكر فضيلة الشيخ دخول اصحاب الرايات الصفراء في احداث الشام فهل يستطيع ان يعطي اي تصور لما سيحل بهم وبوجودهم اثناء ظهور دولة السفياني؟.
الجواب:يرد ذكر الرايات الصفر في روايات السنة والشيعة، وترد هذه الروايات عند أهل السنة بشكل أكبر من الشيعة، ولكن استقصائنا لها يؤكد لنا أن جميع ما رواه أهل السنة في هذا المجال يتعلق برايات الاسماعيليين الفاطميين حينما تتحدث عن ارتباطها بمصر، وكذا رايات الأدارسة الحسنيين حينما تتحدث عن المغرب، وكل أحداثها مرتبط بما جرى في تلك الحقبة، ولا علاقة لها بأحاديث الظهور الشريف.
أما في روايات أهل البيت عليهم السلام فقد ورد عن الامام الباقر عليه السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات الله عليه في شأن الرايات الصفر في أحداث الشام من بعد الرجفة التي ستطال دمشق والتي عدّها أمير المؤمنين عليه السلام بأنها ستكون رحمة للمؤمنين ونقمة على الكافرين، قال عليه السلام: إذا اختلف الرمحان بالشام لم تنجل إلا عن آية من آيات الله.
قيل : وما هي يا أمير المؤمنين ؟
قال : رجفة تكون بالشام يهلك فيها أكثر من مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين ، وعذابا على الكافرين ، فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين[1] الشهب[2] المحذوفة[3] والرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام ، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر ، فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا، فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس حتى يستوي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي ( عليه السلام ).[4]
ولقد اشرت في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور وكذا في أكثر من حديث الى أن هذه الرجفة ستكون تفجيرا نووي يطال دمشق أو ما يشبهه، ولقد عدّ الامير صلوات الله عليه ظهور هذه الرايات، بمعية البراذين الشهباء المحذوفة من تداعيات حادث الرجفة، مشيراً إلى أنها ستأتي من المغرب، ولا يوجد هناك اي إمكانية للقبول بما تحدّث به بعضهم من أن المغرب في الرواية هو الغرب، ومن ثم ليجعل الرايات الصفراء رايات غربية، لان مغرب الشام هو لبنان، لا سيما وأن الغرب يكون في تلك اللحظة منشغل بما يعبّر عنه الامام الباقر عليه السلام في حديث آخر بهرج الروم،[5] وهو ما يعني بتفسيرنا انهم سينشغلون بحرب عالمية كبرى، ستطيح بثلثي الناس،[6] و ستطيح بخمسة من كل سبعة،[7] او بتسعة أعشار الناس[8] وفق اختلاف الفاظ الروايات الصحيحة الواردة في هذا المجال، مما يعني أن الغرب لن يجد فرصة لكي يتدخل في سوريا بهذه الصورة.
ولو قدّر لزمن قريب منظور أن يتحقق هذا الحدث، ففما لا شك فيه أن الرايات الصفر ستكون منحصرة بحزب الله في لبنان، خاصة وأن أحداث الشام تعنيه بشكل مباشر، وهو معني بالتدخل فيها لما لها من آثار حساسة للغاية على موازينه الأمنية، ومن سياق تسلسل الاحداث التي يشير اليها الأئمة صلوات الله عليهم من بعد ذلك، فان الرايات الصفر ستدخل معركة الشام وستكون طرفاً أساسياً في تغيير المعادلات السياسية في هذه المعركة، لاسيما وأن حدث التفجير النووي سوف يكون نقمة على الكافرين ورحمة للمؤمنين وفق تعبير أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الحديث الذي مر، أو أنه سينطوي على فرج عظيم لكم للمؤمنين وفق تعبير الامام الباقر عليه السلام،[9] وايضاً ما يشير مستقبل الأحداث وفق رواية افمام الباقر عليه السلام المتقدمة من أن الأبقع وهو القائد الذي يمثل مصالح النواصب، سوف يقتل بعد فترة قليلة من ذلك، ومن بعده سيقتل حاكم الشام، ولكن كليهما سوف يقتلان على يد السفياني الذي أؤكد بأن حراكه في الشام سيكون وبالاً هائلاً على النواصب كما نفهم من استغراق جمع لكور الشام الخمسة لفترة ستة أشهر، وما تشير إليه الرواية بأن الرعب يسير من بين يديه مسافة ثلاثين ميلاً في الشام[10] مما يعني أن ورود الرايات الصفر بمعية البراذين الشهباء المحذوفة وهي الدبابات سيقلب المعادلة الدولية المتحركة في الشام رأساً على عقب، وسيتيح المجال لبقاء نظام الاصهب ولكن من دون نفس الاصهب الذي تسميه بعض الروايات العامية بالسفياني الثاني،[11] واستبداله بالسفياني.
أما ما سيحل بهم في عهد السفياني، فإن بعض الروايات الشريفة تشير إلى أن الله سيؤمن شيعة أهل البيت عليه السلام في بلاد الشام من شره، ولا يمكنني الافصاح أكثر من ذلك، وفي تقديري لو أن شيعة أهل البيت عليهم السلام في العراق اتبعوا توجيهات أئمة الهدى صلوات الله عليهم فلن يصيبهم منه مكروهاً كبيراً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
76 - Ibrahem Jawad(من الصفحة الشخصية في الفيس بوك(: قلت ان السفياني سوف يقاتل الاتراك في معركة قرقيسيا، فهل لدى فضيلتكم تصور عن سبب الخلاف بينهما حتى يصل الأمر الى القتال؟
الجواب: الحرب بين الاثنين ستكون عند منطقة قرقيسيا، وسبب الاختلاف المعلن هو أن تركيا وقبل خروج السفياني ستحتل كل المناطق الحائلة بين نهر الخابور والحدود العراقية من الشمال عند القامشلي وما يليها من المناطق الكردية وحتى الجنوب عند مدينة البصيرة الحالية والتي تسمى في الروايات بقرقيسياء، وهو ما عناه حديث الإمام الباقر عليه السلام: تنزل الترك الجزيرة،[1] وذلك بعد الانفصال الكردي السوري عن حكم الشام، ولا صحة لما ذكره أحد الكتاب بأن قرقيسيا تقع في المثلث العراقي السوري التركي، بل هي تقع تحديداً في جنوب الحدود السورية العراقية في محافظة دير الزور حاليا وعند مصب نهر الخابور في نهر الفرات حيث تقع مدينة البصيرة المعاصرة وفق ما أشرنا إليه في الخرائط التي تضمنها الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور، وهي تبعد حوالي 42 كيلومتر من مركز مدينة دير الزور باتجاه الحدود العراقية، وهي منطقة بنو قيس المشار إليها أيضا في الروايات الشريفة، ولا صحة للقول بأن مناطق بنو قيس هي المناطق المصرية كما ذكر أحد المؤلفين، بل هذه المنطقة وما يليها من المناطق العراقية وصولاً إلى جنوب الأنبار وشمال بغداد هي التي ستشهد ما عنته الروايات بحرب بني قيس،[2] والتي ستمثل الحرب الثانية للسفياني بعد انتظام الأمور إليه في دمشق، وبعد حرب قرقيسياء، وهؤلاء سيكونون حلفاء لتركيا بعد انسلاخ أراضيهم من قبضة حكم الأصهب.
ومعركة قرقيسياء ستلتهم الاثنين معاً أي الأتراك وحلفائهم من بني قيس، وسينتصر فيها السفياني ووفق ما تشير إليه الروايات الشريفة فإن الله سبحانه وتعالى سيعقد مأدبة في هذه المنطقة لوحوش الأرض وطيور السماء على مئة ألف من الجبارين.[3]
وهذه المعركة هي التي ستبرر للسفياني احتلال العراق، لنشهد عندها بروز الرايات الثلاث الموعودة وأعني راية اليماني في العراق، والخراساني في إيران، اضافة إلى راية السفياني، والرايتان الأوليتان أي راية اليماني والخراساني هما رايتا هدى، فيما راية السفياني هي راية ضلال، ولا يمنع أن تكون راية اليماني هي أهدى الرايات من تلمس الهدى في راية الخراساني الذي سيضم جيشه نفر من أصحاب القائم عليه السلام.
77 - الأخ عابس: (الموقع الخاص)
لاحظت من تحليل الشيخ جلال الدين أنه لديه فكرة مسبقة يريد أن يطبقها :
-أولاً: يدعي أن الرجفة اثر انفجار نووي، و هذا لا دليل عليه، بل الدليل قائم على عكسه، حينما مثل الامام الضربة النووية بكلمة النار، حينما تكلم عن نار المشرق و اذربيجان و غيرها بوصف (الهردي)، وهو لون تلك النار او الحمرة في السماء او غيره مما ورد في الاحاديث ... و هذا مما لا اشكال فيه
-ثانياً: كيف يطبق الرايات الصفر على حزب الله؟ و الرواية بحد ذاتها تنفي ذلك اذ تقول (فانظروا الى اصحاب البراذين الشهب المحذوفة والرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام ) مما يعني انها قادمة الى الشام، و المراد من الشام هي هذا البلاد و من ضمنها لبنان، فكيف تجيء وتحل بالشام مما يعني انها من خارج الشام، و قوله: (فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا) دليل آخر على ان المراد من بلاد الشام أوسع من سوريا، ودليل آخر على أن الرايات قادمة من خارج منطقة الشام أو كان قال تقدم او تحل بدمشق او منطقة معينة كما خصص قبل قليل في خسف حرستا.
ثالثاً: الروايات تصف الرايات الصفر بالضلال و الكفر سواء اتت من المغرب الاجنبي، أو بأقل تقدير من المغرب العربي و هذا ما كان مشتهراً في زمن الروايات، حيث لقب القاضي النعماني بالمغربي، و هو من أهل المغرب العربي، والرايات الصفر باجماع الروايات ضالة سواء من المغرب او بلاد الخليج التي تقدم الى الجزيرة في سوريا و تقاتل بها، او الرايات الصفر التي تحل في بغداد و غيرها، و لهذا لا يمكن ان نطبق الرايات الصفر على حزب الله، لانهم رايات تدين بولائها للراية الخراسانية التي وصفتها الروايات برايات الهدى.
لذا أرجو من الشيخ العزيز والاخوة الكرام بعدم التسرع و تطبيق الروايات واضعين تصور مسبق من عندهم و تأويله عليه.
الجواب: واقعا يدخل على قلبي السرور حينما أجد مخلصي الشيعة يدخلون في نقاشات من هذا القبيل، وبمعزل عن تفاصيل هذا النقاش، إلا أن ذلك مما يبعث في النفس الزهو والشعور بالرضى في كون عقول الشيعة غير مغلقة في مجالات الوصول إلى الحقيقة، وبالتالي فهي تتوخى السلامة في الموقف، وإني في الوقت الذي أشكر فيه الأخ عابس حفظه الله تعالى على ملاحظاته الكريمة والتي لا شك في اني المستفيد الأكبر منها إلا أني أشير إلى التالي:
أولاً: قولك بوجود فكرة مسبقة أريد تطبيقها إما أن يكون قراءة في النوايا، وهذا مما لا سبيل لك إليه، وإما أن يأتي بناء على دليل سواء كان في مفردات البحث أو بتصريح مني، وفي كل الأحوال لا تملك أي دليل على ذلك، لأني لا أصر على أن هذا الزمان هو زمان هذه الأحداث، وإن كنت اتمنى أن يكون هذا الزمن هو ما تحدثت عنه الروايات الشريفة، بل إن قرائتي للأحداث تشير إلى تسارع كبير بين الأحداث المعاصرة وبين طبيعة الخريطة التي أشار إليها أئمة الهدى صلوات الله عليهم إن في الزمان أو المكان، ولو كنت اطلعت على كل ما اعتمدته في هذا المجال سيكون الاستدلال على هذا القول عسير للغاية، وهي تهمة تحتاج إلى مسوغ، وإلا ما الغاية لكي أتحدث عن تفجير نووي ستصاب به دمشق؟
ثانياً: الحديث عن تطبيق الرايات الصفر على حزب الله كنت اتمنى لو كان الأخ دقيقاً في التعليق، فكلامي واضح أشرت فيه إلى أن حادثة الرجفة لو حصلت في زمن منظور فإن مما لا شك فيه أن الأمر يكون متعلقاً بحزب الله، ولم أطلق الكلام في ذلك، ولذلك لا تطبيق بعد أن وضع ذلك الشرط، فأنا لا اجزم أن هذه الحادثة ستقع قريباً، ولكن لا املك دليلاً على العكس، بل ربما قرائتي للأحداث السياسية وما يدور في كواليس السياسة الاقليمية والدولية وهذا اختصاصي جعلني لا أتردد من القول بوجود مقاربة كبيرة بين الحدث وبين ما يجري فعلاً.
ثالثا: الحديث في روايات الظهور لا يتطابق مع الحديث في الروايات الفقهية ما يشبهها، فأحاديث الظهور أطلقت في زمن أريد له أن يوصلها لأزمان أخرى بعيدة عن زمن النص، وبالتالي فإن فهمها يحتاج إلى آليات لا تتفق بالضرورة مع نفس الآليات المعتمدة في بقية الروايات، لأن التبادر اللفظي في الروايات الفقهية على سبيل المثال قرينة في غاية الأهمية لفهم تلك الروايات، ولكن لا توجد هذه الأهمية في أحاديث الظهور، لوجود خلفيات وحيثيات مختلفة تماماً، ولذلك اللغة الكنائية والرمزية هي أصل كبير في فهم هذه الروايات وتحليلها، مما يعني أننا أمام ما أشبهه بقطعة البازل puzzle التي يحتاج المرء إلى جهد لكي يصل بعضها بالبعض الآخر، لا سيما وأن الأئمة صلوات الله عليهم أجملوا في مكان وفصلوا في آخر، واقتضب إمام في زمن، وأضاف إليه إمام آخر في زمن آخر مفردة أخرى، وفعل الثالث مع نفس الموضوع وبنفس الطريقة، مما يجعلنا بحاجة إلى جمع وتفكيك كبيرين وملاحقة استقصائية لكل ما ورد في هذا المجال، وانت تعرف ان مهمة من هذا القبيل ستكون بعيدة جداً عما أشرتم إليه من وجود مسبقات.
وعليه فالحديث عن الشام الوارد في الروايات يسري عليه نفس هذا الأمر، إذ أن أسماء تلك الفترة تختلف عن أسمائها اليوم، مما يجعلنا نتردد دائما في قبول الأسماء على إطلاقاتها القديمة، ومن أجل التخصيص لا بد لنا من الرجوع إلى حيثيات متعددة لكي نستطيع أن نحدد المراد، إذ يلاحظ أن الكلمة وردت في روايات متعددة وهي تريد بالكلمة دمشق دون غيرها كما هو الحال بالنار التي تضيء له أعناق الإبل في بصرى، فالنار يشار لها أنها في الشام، وبصرى هي موضع في الشام، فلو قلنا أن الشام على اطلاقها المتعارف عليه تاريخيا نكون أمام مشكلة أن نعد بصرى خارج الشام أو أن نبحث عن مدينة أخرى غير هذه المعروفة والتي تبعد عن دمشق ما يقرب من 140 كلم، وليس ذلك بضائر لو كان لها وجود، ولكن حيث أن النار يجب أن ترى من مسافة معينة بالنسبة للشام جعلنا نقول بأن الشام المقصودة هنا هي دمشق دون غيرها من المواضع الشامية، وهو أمر كان متداولاً في وقته، وأنتم خبراء في أن النص في الكثير من الأحيان يطلق اسم العام ويريد به الخاص، والعكس صحيح أيضاً، ولذلك لا مشاحة في القول بأن الشام حينما تطلق لا يراد بها بالضرورة كل الشام، لأن تصور رجفة لكل الشام سيجعلنا لا نستهول رقم 100 ألف الواردة في الرواية، بينما حديث الرواية عن الآية إنما يريد به حديثاً عن فاجعة تحصل للكافرين ورحمة تحصل للمؤمنين وهذا ما لا يكون إلا في منطقة محددة، لأن الحديث بإصابة الرجفة للكافرين وتنأى بها عن المؤمنين، لا يعقل أن يكون حدثاً يتوعب كل الشام وتكون في الحدث صفة انتقائية بحيث أنه يصيب الكافرين ولا يصيب المؤمنين، وبالتالي فالحديث عن الرايات الواردة من المغرب ستكون متعلقة بمغرب هذه المنطقة المصابة بالرجفة لا بمغرب الشام، وقوله عليه السلام: (حتى تحل بالشام) يؤكد هذا المضمون، لأن وجود حتى يعني وجود مكابدة في عملية وصولها إلى الشام، ولا يعقل أن هذه المكابدة تشتمل على كل الشام المعروف تاريخياً، فلو كانت غربية ما أسهل ان تصل إلى فلسطين المحتلة وهي من الشام التاريخية قطعاً، هذا إن لم ندخل الأردن في ذلك وقسم من تركيا الحالية التي كانت تحسب قديماً على الشام، فأين المكابدة في وصولها هذا؟ فتأمل.
رابعاً: الحديث عن أجماع الروايات على ضلال الرايات الصفر فيه تعجّل كبير، فالروايات التي تحدثت عن ذلك هي ثلاثة أصناف:
أولها الروايات العامية، وهي روايات ذامة على اطلاقها، ولكن يلاحظ أنها خلطت في الحديث عن رايات البربر المغولية، وبين رايات الأدارسة المغربية، والرايات الفاطمية الواردة إلى مصر، وبمعزل عن قيمتها السندية إلا أنها خارجة عما نتحدث عنه، فهذه تتحدث عن حقبة تاريخية سلفت.
ثانيها: روايات قادحة وردت في كتابين من كتب الشيعة، الأولى وردت في كتاب الهداية الكبرى للحسين الخصيبي وهي مسندة للمفضل بن عمر ونصها يبتدأ من قول المفضل بن عمر للإمام الصادق عليه السلام: يا سيدي كيف تكون دار الفاسقين الزوراء في ذلك اليوم والوقت؟ قال: في لعنة الله وسخطه وبطشه، تحرقهم الفتن، وتتركهم حمماً، الويل لها ولمن بها كل الويل من الرايات الصفر ومن رايات الغرب ومن كلب الجزيرة ومن الراية التي تسير إليها من كل قريب وبعيد والله لينزلن فيها من صنوف العذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله ولا يكون طوفان أهلها الا السيف الويل عند ذك كل الويل لمن اتخذها مسكناً فان المقيم بها لشقائه والخارج منها يرحمه الله.[1]
وقد نقلها عنه الشيخ حسن بن سليمان في كتاب مختصر بصائر الدرجات،[2] والرواية تتحدث عن فترة ما بعد ظهور الإمام صلوات الله عليه لا في المرحلة التي تسبق الظهور كما هو الحال في رواية الرجفة المتقدمة على ظهور السفياني، وهي تتحدث عن بغداد لا عن دمشق، فلو صحت فإننا أمام رايات صفر مختلفة، وإن كان سندها متهافت جداً إن في نفس صاحب الكتاب، أو في ما ينقله من سند والذي حوى مجاهيل متعددين، هذا فضلاً عن بقية المتن الذي حوى على تهافت كبير، مما يخرجها من البحث الذي نحن فيه.
والرواية الثانية نقلها صاحب كتاب مشارق أنوار اليقين عن سطيح الكاهن، ولا قيمة سندية ولا في المتن لما جاء فيها، فالحديث في أصله هو حديث عامي، ينقله الحافظ البرسي عن كعب بن الحارث عن سطيح الكاهن بلا سند قال: ثم تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر، حتى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدل الرايات السود بالحمر، فيبيح المحرمات، ويترك النساء بالثدايا معلقات، وهو صاحب نهب الكوفة، فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة، بها الخيل محفوفة، قتل زوجها، وكثر عجزها، واستحل فرجها فعندها يظهر ابن النبي المهدي، وذلك إذا قتل المظلوم بيثرب، وابن عمه في الحرم، وظهر الخفي فوافق الوشمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم، بقتل القروم، فعندها ينكسف كسوف، إذا جاء الزحوف، وصف الصفوف.[3]
وقد نقلها ابن المنادي في الملاحم بسند عامي عن عبد الله بن عباس، عن سطيح هذا[4] ولم أجد أية رواية مشابهة لها لا في كتب العامة ولا الخاصة مما يروى عن كعب بن الحارث هذا، وبالتالي لا قيمة سندية لها، ولا قيمة نصية لها لوضوح أنها لا علاقة لها بأهل البيت عليهم السلام، وهي تتحدث عن رايات البربر على أي حال، وبالتالي فهي خارج بحثنا هذا.
وثالثها روايات لم تتعرض لقدح أو ذم في وصف الرايات، وهي التي وردت عن الإمام الباقر عليه السلام عن جده أمير المؤمنين، وقد وردت بطريقين ينتهيان إلى سند واحد أحدهما يرويه الشيخ النعماني في الغيبة،[5] والثاني يرويه الشيخ الطوسي في الغيبة[6] على تصحيف في رجال السند، فالنعماني رواه بسنده للمغيرة بن سعيد، بينما رواه الشيخ الطوسي بسنده لمعاوية بن سعيد والصحيح هو ما في كتاب النعماني، مع وضوح عند المحققين بأن غيبة الطوسي في طبعتيه الأولى والمحققة يحوي تصحيفات كثيرة، وإن كانت المحققة أجود بكثير من طبعة النجف الأشرف القديمة، وهي الرواية التي تتحدث عن الرجفة موضوع حديثنا هنا، والمغيرة بن سعيد عليه لعائن الله ملعون على لسان الإمام الصادق عليه السلام، ولكن الطائفة الشريفة أخذت بروايته حال استقامته في ردح من حياة الإمام الباقر عليه السلام، والرواية واضحة في أنها لا تحوي لا قدحاً ولا ذماً، ولذلك جمعها مع تلك الروايات وحمل هذه الرايات على تلك بعيد جداً، بل إن من يجمع يتمحل بشكل كبير، ومحض أن يكون أمر ولاء حزب الله لسماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي (دام ظله الشريف) لا يستدعي منا استبعاده عن أن يكون هو المعني بهذه الرواية، كما انه لا دليل عليه إن كان الزمن بعيداً عن الأفق المنظر، لأننا لا نعرف ماذا سيحل بحزب الله (نجاه الله من كل سوء وسدده في القول والعمل)؟ وبالتالي لا نستطيع أن نعوّل على ذلك، ولكن الحديث حينما يكون عن الأفق الزمني المنظور، فإننا نتحدث عن رايات ستأتي المنطقة المنكوبة من حدث الرجفة والذي هو بتحليلنا للروايات تفجير نووي يطال دمشق، وستتمكن من تعديل موازين القوى لصالح الأصهب وضد الأبقع بعد أن تخرج دمشق عن حكم الأصهب، وحيث أن الأبقع هو ممثل مصالح النواصب أو داعم لها، فإن تخيل هذه الرايات كساندة للأصهب مدعاة للقول بأنها معنية بالأمن السوري إلى حد كبير مما يستدعي منها التدخل، في فترة سيكون فيها الغرب الرومي مشغولاً بأجواء حرب طاحنة فيه أشير إليها في حديث الإمام الباقر عليه السلام بهرج الروم، فإن مما لا ريب فيه أن المعني المغربي بهذا الحدث سيكون لبنانياً تحديداً، بالرغم من أن تدخله لصالح الأصهب سيكون في وقت يكون الأصهب قد فقد الكثير من قوته، مما يفسح المجال لمجيء السفياني والذي نعده هو السفياني الثالث بعد أن وصفت روايات عامية حصول الهدة أو الرجفة في عهد السفياني الثاني، والرواية مورد البحث تتحدث عن ذلك أيضاً، ولذلك قلنا بأن الحدث إن كان في زمننا المنظور فمما لا شك فيه أن الحديث عن ذلك متعلق بحزب الله حصراً، ولا وجود لمسبقات هنا أخي الكريم، ولكن هذا هو منطق ما نستقرأه من أحداث.
خامساً: الحديث عن التفجير النووي تحدثنا عنه بشكل مفصل في الجزء الثاني من كتابنا: علامات الظهور بحث في فقه الدلالة والسلوك،[7] ولم نأت على ذكر نار أذربيجان أو الحمرة التي تجلل السماء مما ورد في حديثكم مطلقاً، وإنما كان حديثنا مستدلاً وجامعاً لأشتات القصة من أحاديث متعددة، ولكنها تبتدأ من حديثين موثقين رويا عن الإمام الباقر عليه السلام بسندين أحدهما عن الصوت الذي يأتي من ناحية دمشق بالفتح،[8] والصوت الذي يحصل في دمشف وفيه فرج عظيم لكم،[9] وذلك من بعد تهديد يطال دمشق عبّر عنه بانه نداء من السماء، وفسره حديث آخر بنداء على سور دمشق: ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب[10] ومنهجنا المعتمد في مناقشة العلامات هو أننا لا نتحدث عن أي علامة ما لم يأت سند صحيح أو موثوق بشانها، ولكن نتسامح في التفاصيل المذكورة عن نفس هذه العلامة، ولهذا كان البحث عن طبيعة الصوت المشار إليه في حديث الإمام الباقر عليه السلام والذي أشار إلى أنه يأتينا بالفتح أو فيه فرج عظيم.
والحديث عن الصوت من بعد التهديد وتحديد الإثنين بجهة دمشق، وقرنهما بصفة معنوية كبرى هي الفتح في الحديث الأول والفرج العظيم في الحديث الثاني لابد من أن نلاحظ أن فيه معادلاً موضوعيا مع الرحمة التي يتحدث عنها أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الرجفة الذي نتحدث عنه، لا سيما وأن هذه الأحاديث تتحدث بموضع زماني ومكاني واحد والدليل أن كليهما يتحدثان عن الخسف من بعد الحدث، ولكن حديث أمير المؤمنين عليه السلام يتحدث عن الرجفة في حرستا وحديث الإمام الباقر عليه السلام يتحدث عن الرجفة في الجابية، وكليهما في نفس الموضع إذ تبعد الجابية عن حرستا ما يقرب من 10 كلم، مما يعني أننا في منطقة زلزالية واحدة، بل في خط تدمير زلزالي واحد.
ولو خلصنا إلى كل ذلك لا بد من أن نبحث عن السبب الذي يؤدي إلى هلاك 100 ألف، فلسنا هنا أمام معجزة سماوية، بل نحن هنا أمام حدث أرضي، واسباب الموت بهذه الأرقام لن تتعدى عن أسلحة الدمار ، لا الإمام صلوات الله عليه في حديث الرجفة قد استبعد أن تكون مجرد حدث جيولوجي، وإلا لما خص في الحديث عن الخسف من بعدها، وقد وجدت أن أحاديث العامة عن هذه الفترة مقرونة بحديث الهدة أو الصعقة التي تطال دمشق وهي كثيرة جداً، ولكن وجدت اللافت فيها أنها في التدابير الوقائية منها تتحدث عن التالي: سد الأبواب، وتغليق النوافذ والتدثر والسجود والنطق بسبوح سبوح قدوس قدوس، وهي تدابير لا يمكن أن تتخذ مع أي سلاح إلا السلاح النووي، بل أعد حديث رسول الله صلوات الله عليه وآله والذي يرويه فردوس الديلمي من المعاجز لرسول الله الله عليه وآله، لأن اليابانيين حينما أطلقوا تدابيرهم الوقائية الشعبية الفورية أثناء نكبتهم في محطة فوكشيما والتي تعرضت لخرق نووي من جراء كانت متطابقة تماماً مع ما أشار إليه الرسول الكرم صلوات الله عليه وآله، وكلها مبررة بما فيها السجود الذي سيقي من الهجمة الكهرومغناطيسية الناجمة من التفجير ليلعب الجسم الإنساني دور المفرغ لهذه الشحنة حينما يرتبط بالأرض، ولكن من الملفت أن السجود حتى يحقق هذا الدور لا يكون إلا من خلال السجود على الأرض، لا على السجادة أو أي قطعة تحول بين الأرض والساجد، وبمعنى آخر السجود الذي يحقق هذه المهمة هو السجود المتطابق مع سجود أهل بيت العصمة والطهارة لا غيرهم، وكذلك النطق بسبوح قدوس سيؤدي إلى حركة داخل الجسم تفرغ الموج الصوتي من أن يتسبب للإنسان نزفاً داخلياً إن ما حبس أنفاسه واغلق فمه، ثم لا حقنا المفردات الأخرى فوجدنا الرواات تشير النار أو النور في السماء، وهو أمر لا يحققه أي تفجير إلا التفجير النووي، كما ووجدنا أن هذا العمود يضيء لمسافات بعيدة هي المعبر عها بأنه يضيئ أعناق الإبل في بصرى، وهذا النمط من النور لا يعطيه إلا التفجير النووي، والروايات العامية تحدثت عن الهدة أو الصعقة ورواياتنا تحدثت عن الرجفة والصوت وكلها تشير إلى مراحل من الحدث، فالتعبير بالهدة تعبير عن أمر نازل من الأعلى إلى الأسفل، والحديث عن الصعقة، لأن التفجير النووي له تأثير يتطابق مع الصعق ولكنه بالأشعة، والحديث عن الصوت واضح من حجم ، والحديث عن الرجفة أيضاً واضح من طبيعة الموج الإنفجاري، وأكثر من ذلك وجدت في نفس السياق حديثاً عن الأضرار الناجمة من ذلك وفيها حديث عن سبعين ألف أخرس وسبعين ألف أعمى وسبعين ألف مفتقة من البواكر وهي أضرار غير أضرار الهلكى المشار إليهم بمائة ألف لا يمكن تبريررها موضوعياً إلا من خلال التفجير النووي أو ما يشبهه.
من بعد كل ذلك هل وجدت أننا في صدد فكرة مسبقة أم نحن امام منطق صارخ عن ذلك! أترك الحكم لك ويا ليتك لو وصلت إلى غير ذلك دللتني عليه فما أنا إلا عن الشريفة، ولا مصلحة لي في ان يتجه فهم الرواية بهذا الاتجاه أو ذاك.
وفقكم الله وسدد خطاكم وبارك الله في مسعاكم والحمد لله أولا وآخرا وصلاته وسلامه على رسوله وآله أبداً
78 - جبار الكردي (مجموعة حكيميون): هل هنالك حديث قدسي على ظهور الامام الحجة عليه السلام؟
الجواب: الحديث القدسي هو حديث المعصوم عن الله تعالى، ولا توجد فيه خصوصية عملية عن بقية حديث المعصوم صلوات الله عليه، فالمعصوم حينما لا ينطق عن الهوى، وحين يكون حديثه وحي يوحى، كما هو منطوق الآية الكريمة، فإنه سواء نسب قوله لله تعالى، أو لم ينسبه، إنما يكون قوله قول الله تعالى وفقاً للآية الشريفة التي مرت بنا، وبالنتيجة كل ما تحدث به المعصوم عن الإمام الحجة المنتظر صلوات الله عليه وجوداً وظهوراً فإنه يتحدث عن الله تعالى، ولذلك جاء في حديثهم صلوات الله عليهم أن الراد عليهم راد على الله تعالى.