وهناك عدة أعرض سيئة تصيب الأطفال خاصة عندما يغفل الآباء عنها, منها :
1- المحبة: لو تعمقتم في المعنى الصحيح للمحبة لأدركتم حتما تلك المضار الناشئة بسبب الإفراط أو التفريط التي تصيب الأطفال عادة فالإفراط في المحبة يمهد الأجواء لدلال الطفل وزيادة توقعاتهم منكم، فنراه يستغل المحبة لتحقيق العديد من أهدافه اللامشروعة، بل إن بعض التجارب أثبتت بأن الطفل سيشعر بالحقارة في حياته المستقبلية بسبب الإفراط في المحبة لأنه سيفتقدها في تعامله مع الآخرين.
أما التفريط بالمحبة وعدم حصول حالة الإشباع فإنه يمهد الأجواء لظهور العديد من الجرائم والانحرافات المختلفة. فقد يسلك الطفل الذي لا يحصل على الحب الكافي من أمه وأبيه سلوكا انفعاليا يؤدي به إلى الاستسلام للآخرين، أو اللجوء إلى ممارسة العنف والانتقام من المجتمع.
2- الاهتمامات: لا بد من الاهتمام بالطفل، وهذا أحد حقوقه إذ يجب أن يهتم الأب بسلامته الجسمية والنفسية لكي لا تهدده الأخطار. غير أن الملاحظة المهمة هي حالة الأفراط والتفريط التي يلجأ الوالدان أحيانا.
فالإفراط في الاهتمام بالطفل يؤدي إلى ارتباطه الشديد بوالده واتكاله عليه وفقدانه الحياة. أما التفريط في الاهتمام فإنه يدفع الطفل لممارسات خاطئة ومنحرفة أو أن يعرض سلامته للخطر.
3- الدعم: كما ويحتاج الطفل إلى الدعم أيضا، وينبغي أن يواصل طريقة في الحياة معتمدا على دعم أبيه وأمه، وأن يطمئن بأنه سينال دعمهما فيما لو تعرض لأية مشكلة في طريقة.
فهناك بعض الآباء الذين يتوقفون عن دعم الطفل من أجل أن يحقق أولادهم استقلالهم السريع، أوإنهم يمارسون الدعم بشكل مفرط فينشأ الطفل متكلا عليهم بشكل كامل ويفقد استقلاله مما يشكل خطأ كبيرا ومضرا في الوقت نفسه.
4- الإرتباط: إن من أخطاء الأب أن يدفع أولاده إلى الارتباط به بشدة فلا يتمكنوا من التحرك بملء إرادتهم وعندما يبعدهم عنه يشعروا بالغربة.
إن من غير الصحيح أن يطرد الأب ولده بسبب إثارته للضوضاء أو شيطنته، وكذا ليس صحيحا أن يرتبط به بشدة بسبب حبه المفرط. فقد تبرز في الحياة اليومية صعوبات عديدة ومشاكل جمة لا يمكن التنبؤ بها مما تؤثربقوة على الأطفال المرتبطين بآبائهم. كما إنه سيشعر بالغربة والوحدة بسبب تلك المشاكل مما يؤثر عليه سلبا ما لم تمتد إليه يد العون والدعم.
ولا بد أن يستعين الأب بخبرته وكفاءته فيلجأ إلى مراعاة حد الاعتدال في هذا الأمر.
5- توقعاتنا من الطفل: ينسى بعض الآباء من خلال عملهم أن لهم أطفالا صغارا وقاصرين، فلا يتمكنون مثلا من رفع حاجات ثقيلة بأيديهم الصغيرة، ولا يملكون القدرة على اتقان بعض الأعمال، لكننا نرى أن أولئك الآباء يشددون على أطفالهم ويحملونهم فوق طاقاتهم مما يدفعهم ذلك إلى التشرد والهروب أو انهيار معنوياتهم وتحطيم شخصياتهم.
كما إنه من غير الصحيح أيضا أن لا نتوقع من الأطفال شيئا فنتركهم بذريعة صغر سنهم. فالمهم هو أن نكلفهم بمستوى ذكائهم واستطاعتهم قدرتهم. أما توقعاتنا المفرطة فتؤدي إلى ظهور حالة الهيجان عندهم فيحتقروا أنفسهم فيما لو لم يحققوا ذلك أمر. وإن عدم تكليفهم بأي شيء يضرهم في الوقت نفسه ويؤثر سلبا على حياتهم المستقبلية.
6- التدخل: ينبغي أن يراقب الأب طفله في عمله، بل أن يراقبه في لعبه أيضا لكي لا يصاب بمشكلة معينة غير انه من غير الصحيح التدخل في جميع أموره وشؤونه.
فالتدخل في جميع أمور الطفل وإبداء وجهات النظر بشأن لعبه ونوعه يؤدي إلى عدم تحقق نمو الإرادة عند الطفل وتؤثر على قابلية اتخاذه للقرار وتجعله لا يطور عمله أبدا.
كما يؤدي هذا الأمر أحيانا إلى نفاذ صبر الطفل والعمل في الخفاء.
يخضع الأطفال عادة لضعاف النفوس ممن لا إرادة لهم، لذا يجب الاهتمام بهم ومراقبتهم دون تدخل بشؤونهم إلا عند الضرورة وفي حالة وجود أخطار تهدد أجسامهم أو نفوسهم.
7- الخضوع للقانون: يحتاج الطفل في نموه وتكامله إلى النظم والقانون، وإنه للالتزام ببعض الضوابط. وإن عدم تطبيق القانون بشأن الطفل يؤدي إلى ظهور حالة الإهمال عنده، وإن القسوة في ذلك تبعده عنكم.
ومن أخطاء الأب أن ينادي باستمرار بتطبيق القانون في البيت ويطالب بالاتزام بالنظم فنراه يضغط بشدة على أولاده غافلا عن أن هذا الإجراء يؤدي إلى توقف عملية النمو في جميع أبعادها.
فحاكمية الأب ضرورية ولكن بشرط أن لا تكون مطلقة لأنها تؤدي إلى تبعية عمياء من قبل الطفل فيستسلم لوالده دون إرادة منه، وهذا ليس صحيحا من الناحية التربوية.
8- الغضب وممارسة الاقتدار: ليس صعبا أن نفرض على الطفل شيئا ما أو أن نغضب عليه، ولكن علينا أن نحذر ذلك كثيرا ".
وثمة آثار سيئة أخرى للغضب كما وردت في الحديث الشريف: "شدة الغضب تغير المنطق وتقطع مادة الحجة وتفرق الفهم".
وعادة، فإنه من غير الصحيح أن يكون الأب كائنا مخيفا ويجب على الطفل أن يخشاه ويحذره، بل عليه أن يكون مثالا للاقتدار، وفي الوقت نفسه قدوة في الحب والاعتدال والعطف، وهذا يحتاج إلى فن خاص
9- التهديدات: ينبغي أن يخشى الطفل أباه، ويقيم له وزنا غير أن هذا لا يعني أن يرتجف أمامه باستمرار فلا يرغب بلقائه أبدا.
وليس صحيحا أن يكون الأب لينا في الوقت نفسه فيفقد شأنه عند الطفل، أو أن يهدده باستمرار ويخوفه.
إن حالة الاعتدال معرضة للاهتزاز في البيت فيما لو أقدم الوالدان على استخدام الصراخ مع أولادهما وخلقا وضعا إرهابيا في الأسرة. مع العلم أن الصراخ لا ينفع دوما لتطبع الأولاد عليه أولا لأنه مجرد صراخ، وإنهم سوف لا يكترثون به ثانيا عندما يصبحوا أحداثا ومراهقين.
10- العقاب: ليس صحيحا أن لا نعاقب الطفل أبدا، أو أن نعرضه لعقاب مستمر دائما.
يعتقد بعض الآباء أن فدرتهم نازلة من السماء، وعليهم أن يمارسوا قوتهم مع أولادهم، غافلين بأنهم مكلفون بهداية أطفالهم وبنائهم، لا أن يمارسوا معهم القوة والاقتدار.
والمهم في الموضوع هو أن نعي موارد العقاب وحدوده، فمتى يحق لنا أن نعاقب الطفل، ومتى لا يحق لنا ذلك؟ ثم هل إن العقاب هو من أجل أن نشقي غليلنا أم من أجل بناء الطفل؟ وهل إن المطلوب من العقاب هو تنبيه الطفل أم جعله يشعر بالأذى والألم؟