|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
الإستصحاب السببي والمسبَّبي ...
بتاريخ : 07-07-2012 الساعة : 08:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم
الإستصحاب السببي والمسبَّبي …
المراد من الإستصحاب السببي هو الإستصحاب الواقع في رتبة الموضوع ويترتب على جريانه تنقيح موضوع لحكم من الأحكام.
ومنشأ التعبير عنه بالسببي هو انَّ الإستصحاب الواقع في رتبة الموضوع دائماً يكون سبباً في ترتب الحكم كما هو الحال في سائر موضوعات الأحكام، ولهذا قالوا انَّ الموضوع مولِّد للحكم، فاستصحاب العدالة لزيد مثلا منقِّح لموضوع جواز الإئتمام به، إذ بالاستصحاب ثبت الموضوع وبثبوته يترتب الحكم بجواز الإئتمام، ومن هنا تعنون هذا الإستصحاب بعنوان السببي.
ثم لا يخفى عليك انَّ الإستصحاب السببي لا يختص بالموضوعات بل يشمل الحكم الشرعي كما يشمل عدمه، والضابطة فى كلُّ ذلك هو ان يكون المستصحب واقعاً في رتبة الموضوع لحكم من الأحكام بقطع النظر عن انَّ الواقع في رتبة الموضوع موضوعاً خارجياً أو حكماً شرعياً أو عدم حكم شرعي، فاستصحاب الطهارة الحدثية استصحاب سببي لو كان الأثر المراد ترتيبه عليه حكماً من الأحكام الشرعية مثل جواز الدخول في الصلاة، كما انَّ استصحاب عدم الملكية - والذي هو عدم حكم شرعي - استصحاب سببي باعتباره واقعاً في رتبة الموضوع لحرمة التصرُّف بغير إذن المالك.
وأما الإستصحاب المسببي فهو الواقع في رتبة الحكم ولا ينتج عنه سوى ثبوت الحكم المستصحب فليس له الصلاحية لإثبات موضوعه، إذ انَّ الأحكام لا تنقِّح موضوعاتها بخلاف العكس، ولهذا سُمِّي هذا النحو من الاستصحاب بالمسببي، أي باعتبار ترتبه على ثبوت موضوعه، ولهذا يكون الشك في مورده مسبباً عن الشك في ثبوت موضوعه، فكلُّ مستصحب يكون الشك فيه مسبباً عن الشك في موضوعه فالإستصحاب في ذلك المورد مسبَّبي.
والمراد من السببيَّة هي السببيَّة الشرعية والتي تعني اعتبار الشارع شيئاً موضوعاً لحكم شرعي، وحينئذ متى ما تحقق السبب الشرعي (موضوعات الاحكام) ترتب عليه الحكم من غير فرق بين ان يكون هذا التحقق للموضوع ثابتاً بالوجدان أو بالتعبد أي الأمارة أو الاصل، ولا معنى عندئذ لاستصحاب المسبب، إذ انَّ المسبب وهو الحكم الشرعي مجعول بحسب الفرض على موضوعه المقدَّر الوجود، ونحن انَّما نشك في وجوده بسبب الشك في وجود موضوعه، فمتى ما ثبت لنا تحقق موضوعه - بأي نحو من انحاء الإثبات - ترتَّب عن ذلك ثبوت الحكم الواقع موقع الكبرى الثابتة بواسطة الدليل.
مثلا لو قام الدليل على انَّ الزواج من ذات العدَّة حرام، فإنَّه لا معنى للشك في هذه الكبرى الكلية، نعم قد يقع الشك في جواز الزواج من هذه المرأة، وذلك بسبب احتمال كونها في العدة، فعندما يثبت لنا انَّها في العدة بواسطة الوجدان أو التعبد فإنَّ ذلك يُنقِّح صغرى الدليل الشرعي القاضي بحرمة الزواج من ذات العدَّة، وعندها تترتب الحرمة بلا حاجة إلى توسط شيء آخر، فترتُّب الحكم الشرعي هنا مسبب عن ثبوت موضوعه.
وبهذا اتَّضح المنشأ للتعبير عن الإستصحاب المنقِّح لموضوع الحكم بالاستصحاب السببي، واتضح أيضاً منشأ التعبير عن الاستصحاب للحكم بالاستصحاب المسببي وانَّ وقوعه في رتبة الحكم يقتضي ان يكون ثبوته مسبَّباً عن ثبوت موضوعه والشك فيه مسبب عن الشك في ثبوت موضوعه.
ثم انَّ نتيجة الإستصحاب السببي قد تنافي نتيجة الاستصحاب المسبَّبي وقد لا يكون بينهما تناف.
ومثال الاول: لو علم المكلَّف بطهارة ماء ثم شك في بقائه على الطهارة فإنَّ له ان يستصحب طهارته، ولو كان يعلم بوجوب الاغتسال ثم شك في بقاء الوجوب فإنَّ ذلك يقتضي استصحاب الوجوب، وهنا نقول: انَّه لو كان منشأ الشك في بقاء الوجوب هو طهارة الماء الذي اغتسل به فإنَّ استصحاب الوجوب يكون مسبَّبياً باعتبار انَّه نشأ عن الشك في الموضوع، ويكون استصحاب طهارة الماء سببياً باعتباره واقعاً في
رتبة الموضوع وانَّ الشك في الطهارة هو السبب في الشك في بقاء
الوجوب.
وتلاحظون انَّ مقتضى الاستصحاب السببي هو ثبوت الطهارة، وهذا ينتج عدم وجوب الإغتسال، وان مقتضى الإستصحاب المسبَّبي هو وجوب الاغتسال، فنتيجة الإستصحابين متنافية.
وفي مثل هذا الفرض لم يختلف أحد في تقديم الاستصحاب السببي على الإستصحاب المسبَّبي وان اختلفوا في كيفية تخريج ذلك صناعياً، والذي ذكره السيد الخوئي (رحمه الله) في بعض كلماته انَّ منشأ التقديم هو ان الاستصحاب السببي ينقِّح صغرى الدليل الشرعي، وبضمها مع الكبرى الثابته بواسطة دليلها لا يكون هناك معنىً لجريان الإستصحاب المسبَّبي إذ لا شك في مورده تعبداً.
وبيان ذلك: انَّ الكبرى في مثالنا هي عدم وجوب الإغتسال على من اغتسل بالماء الطاهر وهذه الكبرى لا موقع للشك من جهتها لافتراض ثبوتها بواسطة دليلها، وأمّا الصغرى فهي انَّ هذا المكلَّف قد اغتسل بالماء الطاهر.
وثبوت هذه الصغرى يتم بواسطة أمرين أحدهما وجداني والآخر تعبدي، أما الاول فهو انَّ المكلَّف يُحرز وجداناً انَّه اغتسل، وأما الثاني فهو الذي يتم بواسطة الإستصحاب السببي والذي هو استصحاب طهارة الماء، فبضم الوجدان إلى التعبُّد نستنتج انَّ المكلَّف قد اغتسل بالماء الطاهر، وعندئذ لا يكون ثمة معنىً للشك في وجوب إعادة الغسل، إذ انَّ الشك في وجوب الإغتسال مسبَّب عن الشك في طهارة الماء الذي اغتسل به والاستصحاب السببي يثبت طهارة الماء.
وهناك تقريب آخر ذكره السيد الخوئي تبعاً للمحقِّق النائيني (رحمهما الله) وهو انَّ الأصل السببي حاكم على الأصل المسبَّبي، بمعنى انَّ الإستصحاب السببي يُلغي الشك في مورد الاستصحاب المسبَّبي، وذلك لأنَّ استصحاب طهارة الماء يُلغي الشك في وجوب اعادة الإغتسال.
ومثال الثاني: وهو مالو كانت نتيجة الإستصحابين غير متنافية، هو مالو علم المكلف بأن هذه المرأة في العدَّة ثم شك في انقضاء العدَّة عنها فإنَّ الاستصحاب يقتضي التعبُّد ببقائها في العدَّة، فهنا الاستصحاب قد نقَّح موضوعاً لحكم شرعي هو حرمة الزواج من هذه المرأة، فالإستصحاب ببقاء العدَّة صار سبباً لترتب حكم شرعي هو الحرمة.
ثم انَّه لو جعلنا متعلَّق اليقين والشك هو حرمة الزواج من هذه المراءة فإنَّ نتيجة الإستصحاب هي الحرمة، وتلاحظون انَّ هذا الاستصحاب واقع في رتبة الحكم والشك فيه مُسبَّب عن الشك في الموضوع وهو الشك في بقاءالمرأة على عدَّتها ونتيجته هي ما تقتضيه نتيجة الاستصحاب السببي.
ثم انَّ الكلام يقع في أيِّ الإستصحابين هو المقدَّم، والمعروف بينهم هو تقديم الإستصحاب السببي، بتقريبات منها ما ذكرناه في الفرض الاول.
تحيتي
|
|
|
|
|