|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 42058
|
الإنتساب : Sep 2009
|
المشاركات : 1
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
دور الكتابة في تخريج ذاكرة التلميذ و استرجاع دروسه
بتاريخ : 24-09-2009 الساعة : 03:33 PM
دور "الكتابة" في تخريج "ذاكرة" التلميذ و استرجاعه دروسه تلعب التربية " التحضيرية" للطفل دورا كبيرا في تفعيل نشاطه الشفهي الذي يستعمل فيه رصيده اللغوي ، كون اللغة "الشفهية" حسب خبراء اللغة مسألة معقدةو تتطلب مستوى من التآزر البصري و الحركي، فالتلميذ في مراحله التعليمية الأولى لايفرق بين الأصوات "اللثوية" و الأصوات "الشجرية" في تعلمه اللغة بشكل صحيح يمر الطفل بمراحل عديدة في تكوين شخصيته بدءًا من الماقبل المدرسة،أي الروضة، القسم التحضيري أو المدرسة القرآنية التي يكتسب فيها الطفل الأساسيات من الكتابة والقراءة و حفظ بعض التعاليم الدينية و آداب التعامل مع الآخر، و هي مرحلة تؤهله للدخول الىالمدرسة، و باعتبارها نظاميتهيأ فيه الطفل ليحتلمكانته في المجتمع، تلعب المدرسة دورا كبيرا في تنمية القدرات المعرفية للطفلو إعداده فكريا..
فالمدرسة لم تظهر كوسط أخلاقي منظم و لم يكن بإمكانها أن تظهر حسب تعبير عالم الإجتماع "دوركايم" إلا في فترة محددة من الحضارة الإنسانية، حيث كشفت الدراساتالسوسيوتاريخية، الأسباب السوسيوسياسية لظهور المدرسة التي تقوم بالدور الأساسي فيتلقين القيم و الأفكار و الإحساسات، و بهذا تحولت التربية إلى تنشئة اجتماعية تسيرعلى منهاج معين، أي عملية تغيير عميق و كلّي يؤدي بالفرد إلى أن يغيّر جذريا نظرتهللعالم على مدى حياته، و أصبحت هناك علاقة وطيدة تربط المدرسة و الطفل و التنشئةالإجتماعية، في المسار التاريخي لعملية التمدرس، وتعلم القراءة و الكتابة و يعتبرهذا التطور من أهم المنعطفات المميزة لمرور الطفل من الشفاهي إلى الكتابي و هي تشكلالرأسمال الثقافي للطفل، فالتنشئة الإجتماعية تلعب دورا كبيرا في تماسك المجتمع وانتمائه إلى الآخر، بحيث لا تقوم عملية التنشئة إلى في وسط اجتماعي، و قد أجمعالعلماء أن تنشئة الطفل تبدأ منذ بداية مراحل حياته أي في الأسرة ثم الروضة و أخيراالمدرسة.
ويرى السوسيولوجي الفرنسي "بيار بورديو P. Bourdieu " في كتابه "إعادةالإنتاجla reproduction " أن اللغةالمتعلمة في المدرسة لم تعد لغة فئة اجتماعية معينة، بحيث تكمن اللغة المدرسيةالمرور من التحكم العملي إلى التحكم الرمزي، فـ: "الكتابة" تساهم إلى حد ما في تخريج"الذاكرة" و كل ما هو مكبوت لدى الطفل ، هذا التحول البيداغوجي مرتبط حسب الأخصائيينفي المجال التربوي و علم الاجتماع بما يسمى بـ: "النموذج " أي المعرفةالمكتوبة الموجودة في الكتب المدرسية، و التي من خلالها يكتشف المربي أو المعلّمالطفل كنموذج بيداغوجي و ثقافي، و هو يتم بتحديد شروط معينة أهمها انتشارالتمدرس، التغيير العائلي ووجود المرأة داخل و خارج العائلة ، و كذا انتشار المعارفالسيكولوجية، و كم تعاني مؤسساتنا التربوية من هذا العنصر السيكولوجي، و على هذاالأساس يكون النشاط التربوي مشتركا بين العائلة الصغيرة، أي الأسرة و المؤسساتالتربوية ، بدءًا من الماقبل ابتدائية، أي الروضة و المدرسة القرآنية ، التي تمكنالطفل من تمكينه المبادئ الأولية لعملية التعلم و التدرج على الطرق البيداغوجية،وطرائق التدريس التي تستهدف تطوير القدرات العلمية و المعرفية عند الطفل وتنيمتهابالطرق المناسبة لمثل أعمارهم و تأهيلهم لدخول المدرسة فيما بعد، وتذليل كافةالعقبات التي قد تعيق الطفل، حيث أصبح التعليم "الماقبل المدرسي" يكتسي طابعا مميزا و أهميةكبرى في المجتمع..
لقد أُعْطِيَتْ لهذه المدارسهذا الدور الرفيع كونها تربي وتـُوَسِعُ مَدَاركَ الأطفال وتفتح عيونهم على آفاق جديدةسيستفيدون منها في مستقبل أيامهم..،كما تساهم العلاقة بينالثنائي المتكون من الأسرة و المعلم في معرفة نفسية الطفل و ترقية نموه، و إذا كانتالأسرة من خلال دورها، كوسيط من وسائط التنمية النفسية للطفل و تنشئته اجتماعياو لها دور في تشكيل سلوك الطفل، فإنه لا يمكن إنكار دور المناخ الإجتماعي الخارجيفي تبنيه أساليب معينة في التنشئة الإجتماعية، فكثير ما يعيش الطفل أو التلميذ تناقضات كثيرة بين ما يتعلمه أو يتلقاه في البيت أو المدرسة و ما يفرزه الشارع من مظاهر، فتجعله يعيش وسط "الأضداد" فتختلط عليه المفاهيم..
يرى الفيلسوفالأمريكي جون ديوي John Deweyفي هذا الصدد: أن الفشل الكبيرفي التربية اليوم يرجع إلى إهمال مبدأ أساسي هام ، هو أن المدرسة ماهي إلا مجتمع صغير،وأن الطفل يجب أن ينشط ويوجه في عمله وتفكيره عن طريق حياته في هذا المجتمع، و يشيرجون ديوي إلى التجربة السويدية في قطاع التربية و الخطة التربوية الجديدة التي استحدثتها بلاده السويد و هي الاعتمادعلى فلسفة تربوية تعليمية متطورة وتتلخص هذه الفلسفة في تعلم الأطفال المزيد عنالعالم والبيئة والديمقراطية، كما يجب أن يكون لديهم حب الإطلاع ويحصلون علىالمعلومات بأنفسهم ويبحثون عن المعرفة بطريقتهمالخاصة..، دون أن ننسى المراقبة عن بُعد، فالطفل يعيش بداية تكوين شخصيته و هو بفطرته مُقَلـِدٌ للكبير، و ما يتعلمه من الشارع أكثر مما يتلقاه في المدرسة و لهذا يرى خبراء التربية أنه لابد على ألأولياء من مراقبة أولادهم عن بُعدٍ..
وهنا يبقى الإشكال مطروحا حولموقع الطفل "المسعف" في الخريطة التربوية ؟ و من يستطيع أن يكتشف خبايا هذه النفس البريئة التواقة الى معرفة نفسها و هويتها، ويـُقْنِعُ "الآخر" على إدماجها في الوسط الإجتماعي دون عُقدة و دون النظر إليها بنظرةاحتقار..؟ و ما هي الشروط لتي يمكن توفرها لجعل من هذا الطفل شخصية غير معقدة، خاصةذلك الطفل الذي يعيشفيمراكز الرعاية،و السؤال يطرح نفسه، أين وصلت الدراسات السيكولوجية والبحوث الأكاديمية للمتخصصين في المجال، في معرفة شخصية الطفل المسعف..؟، و ما هيالطرق التعويضية التي يمكن للمجتمع و المربي على الخصوص أن يغرسها في الطفل، و يجعلمنه مواطنا صالحا، وهذا من أجل تفادي القطيعة مع المجتمع..
تقول بعض الدراسات أنهلا يمكن معاملة جميع المسعفين بطريقة واحدة، نظرا لتباين أوضاعهم ووجودالفروقات فيمابينهم..، لقدأخذت المدرسة على عاتقها ومسئوليتها تكوين هذا المواطن الذييريده المجتمع، وكذا الأسرة تساهم في تنميته باعتبارها اللبنة الأولى، التي يعيشفيهاهذا الطفل، حيث تحيطه بالعناية والرعاية والحفظ طيلة نموه، ولكن هل كل الأسر تقومبالدور المنوط بها في توجيه سلوك الطفل التربوي ؟ بعض الأسر أو العائلات بدت عاجزةعن القيام بوظيفة التكوين والإعداد التام للطفل، و أصبحت تنظر إلى المدرسةباعتبارها المطبق والعامل الأساسي في هذاالمجال…
تؤكد الدراسات التي أجريت في هذا المجال على دور التربية " التحضيرية" للطفل و تفعيل نشاطه الشفهي الذي يستعمل فيه الطفل رصيده اللغوي ، كون اللغة الشفهية مسألة معقدةو تتطلب مستوى من التآزر البصري و الحركي، فالتلميذ في مراحله التعليمية الأولى لايفرق بين الأصوات "اللثوية" و الأصوات "الشجرية" في تعلمه اللغة بشكل صحيح،و لهذا ينبغي التركيز على تهيئة الطفل تهيئة حسية وجدانية، و لابد من تشخيص و معرفةالمكتسبات التي يأخذها الطفل سواء من أسرته أو المحيط الذي يعيش فيه و يقصد بذلك خبراء اللغة مسألة تعدد " اللغات" ..
و هنا يدخل دور " الأم" كذلك في تلقين اللغة لطفلها و كيفية استثمارها، و نضرب هنا مثلا على المجتمع الجزائري الذي يتميز بتعدد اللغات و اللهجات ( العربية ، الأمازيغية ، الشاوية، الترقية و العامية العادية المتداولة عند البعض)،فالوالدان ) الأب و الأم)يلعبان دورا كبيرافي تكوين شخصية الطفل و تفوقه في الدراسة،و إن غاب عنصر من هذين العنصرين - الأم والأب- يحدث الشرخ والخلل، و لن يحدث التكامل بدونهما، و في بعض الأحيان، ورغم توفر هذينالعنصرين، يعاني الكثير من الأطفال من اللاتكامل،و هذا بسبب جهلالوالدين، وعدم معرفتهما القراءة و الكتابة، و إن كانا يتقنان القراءة و الكتابة،أي فكّ الأحرف الهجائية، فهما يفتقران على رأسمال ثقافي يحظى بالقيمة، أين يجدالطفل المتمدرسصعوبةفي مده المساعدة التربوية في إنجاز واجباته المنزلية التي يطلبها منه المعلم مثلا،أو تلقينه طرق و أساليب حفظ الدروس، و كيفية تسطير برنامج تربوي خاصا به، و ما هيالأوقات المناسبة لمراجعة دروسه..
إن ظهور ما يسمى بــ: سوقثقافة الطفل، كما يقول في ذلك الدكتور محمد شقرون في كتابه) الكتابة، السلطة و الحداثة ( زاد من اتساع عدد المجلاتالمهتمة بعالم الطفل، لاسيما في القطر العربي، حتى الصحف اليومية الناطقة بالعربية،خصصت لهذا المجال صفحات خاصة بالطفل، و هذا لتزويد الطفل بكل المعارف و المعاييرالتربوية و الثقافية، ذلك في إطار ثقافة الطفل، و بذلك أصبحت هذه المراجع الإطارالمكمل للمدرسة، خاصة و أنه لا يخلو بيت من البيوت إلا ويوجد فرد من أفراده يحمل فييده جريدة و هو عائد إلى بيته، هذه الأخيرة استطاعت أن تخلق بدورها نوعا من التقاربالثقافي بين الطفل و المدرسة، وربط العلاقات بين الأطفال من مختلف الأعمار والمناطق، دون أن ننسى المعارض الخصة بالأطفال التي تقام بين الحين و الآخر، و نذكر على سبيل المثال معرض الكتاب الذي اقيم بولاية قسنطينة طيلة العطلة الصيفية و ما يزال قائما الى اليوم عرض فيه مختلف العناوين الخاصة بالطفل من قصص و مجلات و كتب مدرسية، و هذا يشجع أكثر على إقبال التلميذ المتمدرس على "الكتاب" باعتباره الرفيق الأول له و الصديق للكبير و الصغير على حد سواء، و يكون جسرا للتواصل بينه و بين " الآخر"، أمام الانتشار الواسع لوسائل الإتصاللاسيما "الإنترنت"، إنه رغم ما تقدمه التكنولوجية من خدمات غير أن هذه الأخيرة جعلت من التلميذ أو الطالب شخصا مشلولا، لإعتماده على أفنترنت في غجراء البحوث، و هي ظاهرة انتشرت في الجزائر بشكل مخيف، بحيث اصبح المعلم يطلب من التلميذ إجراء البحوث من ألإنترنت دون تشجيعه على مطالعة الكتب و ذكر المراجع و مؤلفيها، و انتقلت هذه العدوى الى مقاعد الجامعة، فكثير من الطلبة يعتمدون على إجراء بحوثهم من الإنترنت، و عادة ما لا تُخضع هذه البحوث الى القراءة و التأمل من قبل المعلم أو ألأستاذ و ذلك بشهادة التلاميذ و الطلبة، الذين أكدوا أن كثير من معلميهم و أساتذتهم يكتفون من إلقاء نظرة سطحية على البحث، معتمدين على الشكل لا المضمون اي ان هذا الأخير منمقا ( présentable ) و من خلال ظاهره يتحصل التلميذ على المعدل، و في هذه الحالة يبقى الطفل المتمدرس دائما يبحث عن المساند والمرافق في رحلته التربوية، فالتطلع على تاريخ الأمم و الشعوب الأخرى و تجاربها السابقة و ما تملكه من مؤهلات تضع "الآخر" على عتبة التقدم و التطور و ربما تصحح أخطاءه و افكاره السابقة و تكسبه تجارب جديدة في مختلف المجالات..
ونشير هنا الى أن مؤسسة "بريسكو" هي أول مؤسسة تطبق منهاج التربية التحضيرية لطفل ما قبل المدرسة،الذي بدأ تطبيقه في سنة 2005 بلغة جديدة تعتمد على المقاربة بالكفاءات و الكفاءةالمرحلية و غير ذلك، وهو يعتبر مصحح لدليل المربي، عديدة إلى غاية الإستقلال ( 1962) حيث كانت تسمى في هذه الفترة بـ " œuvres de garderie des jardins d’enfants" و بعد الإستقلال تم تأميمها و أصبحت تسير من طرف عدة وزارات ـ إلىغاية 1995 أين أصبحت تابعة لوزارة الداخلية و هي تمول حاليا من ولاية الجزائر وتشرف على تسيير 28 روضة على المستوى الوطني..
وإن استطاعالنظام المدرسي من خلق عالما خاصا بالطفل، يبقى هذا الأخير يعاني جملة من النقائص،أهمها عدم تشبع الطفل أو التلميذ من المبادئ و القيم الإنسانية و المثل التي ينبغيأن يتحلى بها بعد خروجه النهائي من المدرسة، أرقام كثيرة تشير إلى التسرب المدرسي،و هي ظاهرة لم تلق اهتماما كبيرا من طرف السيكولوجيين و المسئولين في القطاعالتربوي، خاصة و في هذه الفترة يعيشالتلميذ مرحلة المراهقة، و هي فترة حرجة تكون كل سلوكاته فاقدة للوعي، أين لا يفرقفيها المراهق بين المسموح و الممنوع، و بين الجائز و المحظور، يحدث هذا في الوقتالذي يكون فيه التكفل العائلي غائبا أو بالأحرى منعدما، أمام خروج المرأة لسوقالعمل، أين أصبحت هذه الأسر تعيشنوعامن الإضطرابات على كل المستويات خاصةالإجتماعية منها..
مشكلة أخرى تتطلب إعطاؤها اهتماما كبيرا و تتعلق هذه الأخيرة بمشكلة " الجنبية" و هي الكتابة باليد اليسرى عند بعض الأطفال، و هي تلعب كذلك دورا كبيرا في الحسالحركي عند الطفل، غير أن مثل هذه المشكلات ما يزال مسكوت عنها من قبل المختصين في المجال التربوي، بحيث ما تزال البحوث العلمية و مذكرات التخرج التي ينجزهاالطلبة في مجال تربية الطفل و تعليمه من مرحلة ما قبل المدرسة إلى غاية المرحلةالجامعية، تعرف نقصا كبيرا و إن وجدت فهي مهمشة و موجودة سوى على رفوف المكتبات و المعاهددون استغلال..
|
|
|
|
|