بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد
السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى اصحاب الحسين
ليس فيما ذكر بمستغرب بعد الإيمان بقدرة الله المطلقة على كلّ شيء، وبعد ما تواترت الأخبار وصرَّح القرآن الكريم بمظاهر قدرته التي أجراها على أيدي الأصفياء مِنْ خلقه، فقديمًا تكلّم عيسى في المهد وأحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص، وقديمًا صيّر الله عصا موسى حيّة تسعى، وأحيى قتيل بني إسرائيل وأنطقه بالحقّ بعدما ضُرب جثمانه بجزءٍ مِن بقرةٍ ذبحوها وما كادوا يفعلون، وقديمًا التقم الحوت نبيّ الله يونس وبقي في بطنه دهرًا ثمَّ قذفه في اليمّ وهو مليم، وقديمًا أمات الله عزيرًا ثمَّ بعثه، وقديمًا دعا إبراهيم أربعةً مِن الطير كان قد قطّعهم إربًا فآبوا إليه وكأنْ لم يقطّعوا، وقديمًا خاطبت الملائكة زوجة إبراهيم (( أتعجبين مِن أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت )). وقد تكلّم الحصى في يدِ رسول الله (ص) وأَنَّ الجذعُ الذي كان يستند إليه حينما فارقه، وأخبره الذراع المشوي أنّه مسموم.
وإذا كان هؤلاء أنبياء فهل كان أصحاب الكهف مِن الأنبياء؟ وهل كانت مريم العذراء مِن الأنبياء والتي كان زكريّا كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقًا وقد أنجبت عيسى مِن غير أب؟ لماذا نستكثر على سيّد الشهداء أنْ يمنحه هذه الكرامة وهو سبط رسول الله (ص) وريحانته وهو مَن قدّم نفسه قربانًا لله ومِن أجل أنْ تكون كلمة الله هي العليا.
هذا ما يتّصل بمقام الثبوت والإمكان، أمّا ما يتّصل بمقام الإثبات، فقد وقفت بعد التتبّع المحدود على مجموعة مِن المصادر التي نقلت هذه الحادثة:
مِنها: ما رواه ابن شهر آشوب في المناقب "أنّه لمّا صلب رأس الحسين بالصيارف في الكوفة فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف إلى قوله تعالى: (( إنّهم فيتية آمنوا بربّهم وزدناهم هدى ))"، وفي أثر أنّهم لمّا صلبوا رأسه على الشجرة سُمع مِنه (( وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ))، وسمع صوته بدمشق يقول: (( لا قوّة إلاّ بالله ))، وسمع أيضًا يقرأ (( أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مِن آياتنا عجبًا )) فقال زيد بن أرقم: "أمرك عجيب يا ابن رسول الله". ج4، المناقب، ص68.
ومِنها: ما رواه الشيخ المفيد في الإرشاد عن زيد بن أرقم أنّه قال مرّ به على رمح وأنا في غرفة لي فلمّا حاذني سمعته يقرأ (( أم حسبتَ أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مِن آياتنا عجبًا )) فقفَّ والله شعري وناديت: "رأسك والله يا ابن رسول الله أعجب وأعجب". الإرشاد، ص245.
ومِنها: ما ورد في كتاب دلائل الإمامة قال: "وأخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون عن أبيه عن أبي عليّ محمّد بن همام قال أخبرني جعفر بن محمّد بن مالك قال حدّثنا أحمد بن الحسين الهاشمي -قدم علينا مِن مصر- قال حدّثني القاسم بن منصور الهمداني بدمشق عن عبد الله بن محمّد التميمي عن سعد بن أبي خيزران عن الحرث بن وكيدة قال: كنتُ فيمَن حمل رأس الحسين (ع) فسمعتُه يقرأ (( أم حسبتَ أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مِن آياتنا عجبًا )) إلى قوله: (( إنّهم فتية آمنوا بربّهم وزدناهم هدى.. )) وقرأ (( وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون )). فجعلتُ أشكّ في نفسي وأنا أسمع نغمة أبي عبد الله (ع) فقال لي "يا ابن وكيدة أما علمت أنّا معشر الأئمّة أحياء عند ربّنا"... .
وروى عن المنهال بن عمر قال: رأيتُ رأس الحسين (ع) بدمشق وبين يديه رجل يقرأ (( أم حسبتَ أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مِن آياتنا عجبًا )) فأنطق الرأس بلسان فصيح فقال: "أعجب مِن أصحاب الكهف قتلي وحملي". دلائل الإمامة، ص87؛ الإرشاد؛ الخرائج والجرائح، 577:2؛ بحار الأنوار188،45؛ العوالم 412:17.
ومنها: ما نقله الشبلنجي الشافعي قال: روى ابن خالويه عن الأعمش عن منهال الأسدي قال: "والله رأيتُ رأس الحسين رضي الله عنه حين حمل وأنا بدمشق وبين يديه رجل يقرأ سورة الكهف حتّى إذا بلغ الرجل (( أم حسبتَ أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مِن آياتنا عجبًا )) فنطق الرأس وقال: "قتلي لأعجب مِن ذلك". نور الأبصار في مناقب آل بيت المختار لمؤلّفه مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي الشافعي مِن أعلام القرن الثالث عشر الهجري؛ الخصائص للسيوطي، ج2، ص127.
هذا بعض ما وقفت عليه مِن مصادر هذه الحادثة.
والحمد لله ربِّ العالمين