قال رسول الله (ص) : يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي ، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علماً لأمتي ، يهتدون به من بعدي ، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين ، وأتمّ على أمتي فيه النعمة ، ورضي لهم الإسلام دينا .... الخبر . ص109المصدر:أمالي الصدوق ص76 لما كان يوم غدير خمّ ، أمر رسول الله (ص) منادياً فنادى : الصلاة جامعة ، فأخذ بيد علي (ع) وقال : اللهم !.. من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم !.. والِ من والاه وعادِ من عاداه .
فقال حسان بن ثابت : يا رسول الله !.. أقول في علي (ع) شعراً ؟.. فقال رسول الله (ص) : افعل ، فقال :
ص112المصدر:أمالي الصدوق ص342 قال الباقر (ع) : آخر فريضة أنزلها الله تعالى الولاية ، ثم لم ينزل بعدها فريضة ، ثم نزل : { اليوم أكملت لكم دينكم } بكراع الغميم ، فأقامها رسول الله بالجحفة ، فلم ينزل بعدها فريضة . ص112المصدر:تفسير القمي ص150 { يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك } قال : نزلت هذه الآية في علي.. { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } قال : نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله (ص) من حجة الوداع ، وحجّ رسول الله (ص) حجّة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة ، وكان من قوله بمنى أن حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
أيها الناس !.. اسمعوا قولي واعقلوه عني ، فإني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، ثم قال : هل تعلمون أي يوم أعظم حرمة ؟..
قال الناس : هذا اليوم ، قال : فأي شهر ؟.. قال الناس : هذا .
قال (ص) : وأي بلد أعظم حرمة ؟.. قال الناس : بلدنا هذا .
قال (ص) : فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلّغت أيها الناس ؟!.. قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد !..
ثم قال (ص) : ألا وكل مأثرة أو بدع كانت في الجاهلية أو دم أو مال ، فإنها تحت قدميّ هاتين .. ليس أحدٌ أكرم من أحد إلا بالتقوى ، ألا هل بلّغتُ ؟.. قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد !..
ثم قال (ص) : ألا وكل رباً كان في الجاهلية فهو موضوع ، وأول موضوع منه ربا العباس بن عبد المطلب ، ألا وكل دم كانت في الجاهلية فهو موضوع ، وأول موضوع منه دم ربيعة ، ألا هل بلّغت ؟.. قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد !..
ثم قال : ألا وإنّ الشيطان قد يئس أن يُعبد بأرضكم هذه ، ولكنه راضٍ بما تحتقرون من أعمالكم ، ألا وإنه إذا أُطيع فقد عُبد ، ألا يا أيها الناس !.. إنّ المسلم أخو المسلم حقاً ، ولا يحلّ لامرئ مسلم دم امرئ مسلم وماله إلا ما أعطاه بطيبة نفس منه ، وإني أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ، ألا هل بلّغت أيها الناس ؟.. قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد !..
ثم قال : أيها الناس !.. احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي ، وافقهوه تنتعشوا به بعدي ، ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا ، فإن أنتم فعلتم ذلك ولتفعلنّ ، لتجدونني في كتيبة بين جبرائيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف ....
ثم قال : ألا وإني قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ، ألا هل بلّغت ؟.. قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد !..
ثم قال : ألا وإنه سيرد عليّ الحوض منكم رجالٌ فيُدفعون عني ، فأقول : ربّ أصحابي !.. فيُقال : يا محمد !.. إنهم أحدثوا بعدك وغيّروا سنتك ، فأقول : سحقاً سحقاً .
فلما كان آخر يوم من أيام التشريق ، أنزل الله تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح } ، فقال رسول الله (ص) : نُعيت إليّ نفسي ، ثم نادى : الصلاة جامعة في مسجد الخيف ، فاجتمع الناس وحمد الله وأثنى عليه ثم قال : نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وبلّغها لمن لم يسمعها ، فربّ حامل فقهٍ غير فقيه ، وربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يُغلّ عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لأئمة المسلمين ، ولزوم جماعتهم ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم .. المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يدٌ على من سواهم .
أيها الناس !.. إني تاركٌ فيكم الثقلين ، قالوا :
يا رسول الله !.. وما الثقلان ؟..
فقال : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كإصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبابته والوسطى - فتفضُل هذه على هذه .
فاجتمع قومٌ من أصحابه وقالوا : يريد محمد (ص) أن يجعل الإمامة في أهل بيته ، فخرج منهم أربعة نفر إلى مكة ودخلوا الكعبة ، وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتاباً إن أمات الله محمداً أو قُتل أن لا يردّوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً ، فأنزل الله تعالى على نبيه في ذلك : { أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرّهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون }.
فخرج رسول الله (ص) من مكة يريد المدينة حتى نزل منزلاً يقال له غدير خمّ ، وقد علم الناس مناسكهم وأوعز إليهم وصيته ، إذ نزل عليه هذه الآية : {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } .
فقام رسول الله (ص) فقال : تهديد ووعيد ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس !.. هل تعلمون من وليكم ؟.. قالوا : نعم الله ورسوله ، قال : ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم ؟.. قالوا : بلى .
قال : اللهم اشهد ، فأعاد ذلك عليهم ثلاثاً في كل ذلك يقول مثل قوله الأول ويقول الناس كذلك ، ويقول : اللهم اشهد ، ثم أخذ بيد أمير المؤمنين صلوات الله عليه فرفعها حتى بدا للناس بياض إبطيهما ، ثم قال (ص) : ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم !.. والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأحبّ من أحبّه ، ثم قال : اللهم !.. اشهد عليهم وأنا من الشاهدين . ص115المصدر:تفسير القمي ص159 *المصدر:النهاية 4/157 بيــان:" ألا إنّ كل دم ومأثرة كانت في الجاهلية فإنها تحت قدمي هاتين " مآثر العرب : مكارمها ومفاخرها التي تُؤثر عنها أي تُروى وتُذكر ، أراد إخفاءها وإعدامها وإذلال أمر الجاهلية ونقض سنّتها ، وقال : فلا أنتعش أي فلا أرتفع ، وانتعش العاثر إذا نهض من عثرته . ص117*المصدر:النهاية 3/168 بيــان:قوله (ع) : ( لا يُغلّ ) : أن هذه الخلال الثلاث تُستصلح بها القلوب ، فمن تمسك بها طُهر قلبه من الخيانة والدغل والشر .ص117بينا نحن في مجلس لنا وأخي زيد بن أرقم يحدّثنا ، إذ أقبل رجلٌ على فرسه عليه زيّ السفر ، فسلّم علينا ثم وقف فقال : أفيكم زيد بن أرقم ؟.. فقال زيد : أنا زيد بن أرقم فما تريد ؟.. فقال الرجل : أتدري من أين جئتُ ؟.. قال : لا ، قال : من فسطاط مصر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكرُه عن رسول الله (ص) ، فقال له زيد : وما هو ؟.. قال : حديث غدير خمّ في ولاية علي بن أبي طالب (ع) .. فقال :
يا بن أخي !.. إنّ قبل غدير خمّ ما أُحدّثك به : إنّ جبرائيل الروح الأمين (ع) نزل على رسول الله (ص) بولاية علي بن أبي طالب (ع) ، فدعا قوماً أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم ، فلم ندرِ ما نقول له ، وبكى (ص) فقال له جبرائيل (ع) :
ما لك يا محمد، أجزعت من أمر الله ؟!.. فقال :
كلا يا جبرائيل !.. ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش ، إذ لم يقرّوا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادي ، وأهبطَ إليّ جنوداً من السماء فنصروني ، فكيف يقرّوا لعلي من بعدي ؟..
فانصرف عنه جبرائيل ثم نزل عليه : { فلعلّك تاركٌ بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك } .ص152المصدر:تفسير العياشي قال الصادق (ع) : لما قال النبي (ص) ما قال في غدير خمّ وصاروا بالأخبية ، مرّ المقداد بجماعة منهم وهم يقولون :
والله إن كنا أصحاب كسرى وقيصر ، لكنا في الخز والوشي والديباج والنساجات ، وإنا معه في الأخشنين ، نأكل الخشن ونلبس الخشن ، حتى إذا دنا موته وفنيت أيامه وحضر أجله أراد أن يولّيها عليّاً من بعده ، أما والله ليَعلمنّ .
فمضى المقداد وأخبر النبي (ص) به فقال : الصلاة جامعة ، فقالوا : قد رمانا المقداد فنقوم نحلف عليه ، فجاؤوا حتى جثوا بين يديه ، فقالوا :
بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله !.. لا والذي بعثك بالحقّ ، والذي أكرمك بالنبوة ، ما قلنا ما بلغك ، لا والذي اصطفاك على البشر ، فقال النبي (ص) :
{ بسم الله الرحمن الرحيم يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهمّوا } .... الخبر . ص154المصدر:تفسير العياشي لما نزلت : { اليوم أكملت لكم دينكم } قال النبي (ص) : الله أكبر على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي ، وولاية علي بن أبي طالب (ع) بعدي . ص156المصدر:المناقب 1/526 قال الباقر والصادق (ع) : نزلت هذه الآية يوم الغدير ، وقال يهودي لعمر : لو كان هذا اليوم فينا لاتخذناه عيداً ، فقال ابن عباس : وأي يوم أكمل من هذا العيد ؟.. ص156المصدر:المناقب 1/526 أنشد الكميت عند الباقر (ع) :
ص159المصدر:المناقب 1/527 حملتُ الصادق (ع) من المدينة إلى مكة ، فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر إلى ميسرة المسجد فقال :
ذلك موضع قدم رسول الله (ص) حيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ثم نظر إلى الجانب الآخر فقال :
ذلك موضع فسطاط أبي فلان وفلان وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح .
فلما أن رأوه رافعاً يده قال بعضهم لبعض : انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون !.. فنزل جبرائيل (ع) بهذه الآية :
{ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين }.ص172المصدر:فروع الكافي 4/566 لما كان يوم المباهلة وآخى النبي (ص) بين المهاجرين والأنصار وعلي واقفٌ يراه ويعرف مكانه ، لم يواخِ بينه وبين أحد ، فانصرف (ع) باكي العين ، فافتقده النبي (ص) فقال : ما فعل أبو الحسن ؟.. قالوا : انصرف باكي العين يا رسول الله .. قال : يا بلال !.. اذهب فأتني به .
فمضى بلال إلى عليّ (ع) وقد دخل إلى منزله باكي العين ، فقالت فاطمة : ما يبكيك لا أبكى الله عينيك ؟.. قال : يا فاطمة !.. آخى النبي (ص) بين المهاجرين والأنصار ، وأنا واقفٌ يراني ويعرف مكاني ، ولم يواخِ بيني وبين أحد قالت : لا يحزنك إنه لعله إنما ادّخرك لنفسه .
قال بلال : يا علي ّ!.. أجب النبي ، فأتى عليّ النبي (ص) ، فقال النبي (ص) : ما يبكيك يا أبا الحسن ؟!.. قال : آخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله ، وأنا واقفٌ تراني وتعرف مكاني ولم تواخِ بيني وبين أحد .
قال : إنما ادّخرتك لنفسي ، ألا يسرك أن تكون أخا نبيّك ؟..
قال : بلى يا رسول الله أنى لي بذلك ؟!.. فأخذ بيده وأرقاه المنبر وقال :
اللهم !.. هذا مني وأنا منه ، ألا إنه مني بمنزلة هارون من موسى ، ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه . ص187 المصدر:الطرائف ص35 شهدت علياً (ع) على المنبر ناشد أصحاب رسول الله، وفيهم أبو سعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك وهم حول المنبر ، وعليّ (ع) على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر هو منهم .. فقال عليّ (ع) :
أنشدكم بالله هل سمعتم رسول الله (ص) يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه ؟.. قالوا : اللهم نعم !.. وقعد رجل هو أنس بن مالك ، فقال (ع) : ما منعك أن تقوم ؟.. قال : يا أمير المؤمنين !.. كبرتُ ونسيت ُ!.. فقال (ع) : اللهم !.. إن كان كاذباً فاضربه ببلاء ..
فما مات حتى رأيت بين عينيه نكتةً بيضاء لا تواريها العمامة . ص197المصدر:حلية الأولياء