العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.55 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-03-2009 الساعة : 05:28 PM


الجغرافية كاذبة عندما نوقع عليها جامعة الملك فهد للبترول و المعادن ، على جبل صغير- في مدينة الظهران – تأوي مبانٍ صخرية اللون كمن تخشى شيئا ما في السماء ، بعض تلك المباني زاحفة لا تقوى على المشي فتراها متمددة بطولها على قمة الجبل ، و الأخرى واقفة تضحك على أخواتها ، هذه المباني اجتمعت ذات يوم و أطلقت على نفسها مسمى الجبل ، و لأنها تخشى الفتك .. لم تسمِ نفسها بأسماء تدل عليها ، بل أسقطت على نفسها أرقاما تعصمها من الاستهداف ، و عندما عجز شيخ المباني عن صعود الجبل نبذوه و استحقروه ، كانوا ينظرون إليه نظرة الدون و يطلقون عليه مسمى عربيا طويلا يختصره البعض إلى "الأوريا"..

القصص و الحكايا تتحدث عن أن هذا المبنى كان أول المباني وجودا ، و قد مرّ عليه أغلب الدارسين في الجامعة ، و لولا الاجتماع الغاشم لتلك المباني الرقمية لما أطلق عليه "مبنى السنة التحضيرية" ، فقد تُرك ذلك الشيخ الكبير لقمة سائغة لبني البشر ، و رضي أن يكون خادما لتلك المباني ، و كان يتمتم في بداية كل عام:
- سيد القوم خادمهم

و لا تكاد ينتهي العام الدراسي حتى يعلن أن هذا العام آخر أعوامه و أنه أوشك على الرحيل..

مبنى السنة التحضيرية يقع على بعد قرابة كيلو متر عن الجبل إلى الشرق ، و يحميه من شرقه شبك حديدي عن اختراقات الأعداء ، بينما إلى شماله تقبع بوابة الجامعة الرئيسة ، و جنوبه صحراء قاحلة طالما احتضنت أكثر السيارات الطلابية رفاهية ، و يفصل بينها وبين مطعم الجامعة شارع قصير فقط، و لم تكن تسميته بمبنى السنة التحضيرية عبثا ، فقد أخذ على عاتقه ترويض حركات الطلاب ونقلهم نقلة نوعية من محيط الدراسة الثانوية إلى الحياة الأكاديمية ، حتى إذا صعدوا الجبل تنكروا لجميله و ما عادوا إليه إلا مجبرين...

تحول "حسن" - كزملائه التحضيريين - على مدى شهر منذ توجهه مع "مصطفى" إلى الجامعة تحولا جذريا ، فقد كان في اليوم الأول يقف إلى جانب الشجرة الأزلية في الطريق الذي يشق الوسادة من المنتصف ، يرتدي ثوبا أبيضا و عيناه حمراوتان كأن لم يذق طعم النوم في الليلة البارحة ، عندما توقفت سيارة من نوع "تويوتا غراندي" بلون العنب و فتح "مصطفى" الباب و هو يهتف:
- هيا... بسرعة..

كان طابور السيارات خلف سيارة "مصطفى" يعلن التذمر عبر الأبواق ، لم يكد "حسن" يغلق الباب حتى أصدرت السيارة صوتا و خلفت أثر احتراق العجلات ، كان "حسن" يبحث في السيارة عن شيء غير مألوف ، "مصطفى" يلبس الجينز الأزرق و بلوزة بيضاء و قد سرح شعره تسريحة جديدة تناسب بشرته السمراء الداكنة ، كان يبتسم كلما التفت "حسن" باحثا في السيارة و هو يقول:
- أنا متأكد أن ثمة أمر مختلف في السيارة..

عندما وصل "مصطفى" شارع الملك عبد العزيز انعطف إلى اليسار ، باتجاه الدمام ثم لم يلبث أن انعطف يمينا عندما قرأ اللوحة المرشدة إلى الجش ، كان الطريق المؤذي إلى الجش طويلا جدا و لا يمكن لأكثر من سيارة المرور في آن واحد ، وبين الفينة و الأخرى يقف الطابور ، و يتذمر "مصطفى":

- يبدو أن علينا أن نخرج عند الخامسة لنتفادى هذا الزحام...

و بعد فترة من الصبر ، أصبح ينتظر خلو الطريق المقابل حتى ينزرق فيه بسرعة ثم يبحث عن فتحة بين السيارات المتراصة ليعود إلى مساره ، كانت مغامرة لا ينقصها الحظ وأصوات الأبواق بين الفينة و الأخرى ، عندما وصل إلى الطريق السريع و انعطف يسارا إلى الطريق القائدة للظهران أصبح يسابق السيارات ، و مرّ بمخرج سيهات ليهتف:

- هذا أول مخرج...
- مبروك على التظليل...
- أخيرا اكتشفت...
- الآن عرفت لماذا لم تفتح النافذة...

و ضحك "مصطفى" ، و لم يكد يتخطى أول مخرج للدمام حتى بدأت الفرام تعمل ، و جمد "حسن" في كرسيه ، فابتسم له "مصطفى"...

- لماذا أنتَ جامد؟

- لا... لستُ جامدا.. أفكر في الجامعة..
- لا عليك... مثلك لا يُخاف عليه...

و اشتد الزحام و بدأت السيارات تتراصص ، أصبحت السرعة القصوى تتراوح بين الثمانين و المائة كيلومتر في الساعة ، لم يتخطَ "مصطفى" مخرج الدمام الثاني حتى لحق بركب الطابور الذي يمشي على يسار الخط الأصفر ، و ازداد "حسن" جمودا ، ولم يكد "مصطفى" يتسارع ليصل لمائة و عشرين كيلومترا في الساعة حتى فرمل الذي أمامه و ضغط على المكابح بقوة ، بينما تشهد "حسن" بصوت عالي ، ثم توقفت السيارات توقفا شبه تام ، كان العرق يتصبب من "مصطفى" و أوصاله ترتعد ، هتف "حسن":

- لماذا العجلة؟ تكاد تخطف أرواحنا...
- لم يحدث شيء..
- أتنتظر حتى يحدث؟
- ...
- لن أركب معك إذا لم تغير طريقة قيادتك...-
هههه

بعد ربع ساعة من الدبيب مرّا بحادث شمل أربع سيارات و بينما "حسن" يهتف:

- يا دافع البلا يا الله..

كان مصطفى يتأسف لصاحب السيارة الغراندي المصدومة:

- مسكين... تبدو نظيفة... الله يعوض عليه... لا يستحق...

عندما وصلا إلى مخرج "ميناء الملك عبدالعزيز ، انعطفا معه ثم لم يلبثا أن دخلا في مخرج آخر يصحح مسارهما ، ليجد "مصطفى" فسحة من الطريق يمارس لعبة السرعة فيها و لم يكد صوت الجرس يدق منبها بالسرعة حتى صرخ "حسن":


- هذه آخر مرة أركب معك فيها...

هدأ "مصطفى" سرعة سيارته و اعتذر ، كانا قد وصلا مخرج البوابة الرئيسة و لم تمضِ دقيقة أخرى حتى وصلا إلى مبنى السنة التحضيرية ، و ترجل "حسن" و هو يتنفس الصعداء...

دخلا بوفيه السنة التحضيرية فوجدا ورقة معلقة بأرقام الطلاب و موقع استلام الجداول مع وقت الاستلام ، بحث "مصطفى" في الورقة ثم هتف:


- أنا جدولي في غرفة 103 بعد عشر دقائق..

بينما أخرج "حسن" بطاقته الجامعية ليقارن بين الأرقام فخطفها "مصطفى":

- أنت في غرفة 110 و كذلك بعد عشر دقائق...
- أين غرفة 110؟

رفعا رأسيهما ، لم يكن في البوفيه سوى بعض الطلاب الذين يبدو عليهم أنهم من خارج القطيف ، جميعهم يرتدون الثياب البيضاء و الشمغ الحمراء و بعضهم يرتدون العقال بينما البعض الآخر يمسك في يده سواك ، ذهب "مصطفى" للبائع في البوفيه يسأله:

- أين نستلم الجداول؟
- في الفصول الدراسية..
- أين الفصول الدراسية؟
- اخرج من هذا الباب ، ستجد مصعدا أمامك لكن لا تطلبه بل أخرج من الباب الذي على يمينك ، ستجد مبنى أمامك ، هناك ستجد الفصول الدراسية...
- رحم الله والديك..
[color="navy"]- و والديك... من أين الأخ؟[/COLOR
]- من القطيف.. و أنت؟
- من سيهات
- تشرفنا...
- أهلا و مرحبا..

خرج "مصطفى" يتبعه "حسن" إلى حيث أرشدهما البائع ، و هناك توقفا بين مبنيين ، رغم أن البائع قد وصف المبنى بوضوح إلا أنه لا يعلم أنه يوجد مبنى آخر لمادة الاستماع ، فوقفا حائرين ثم وجدا أكثر من طالب يدخل المبنى الكبير فدخلاه ، لم يبق أكثر من ثلاث دقائق على تسليم الجداول ، و بقي عليهما معرفة أين فصولهما ، وجد "حسن" فصله بسرعة إذ كان الفصل رقم 110 على يمين المدخل تماما ، ثم أصبح الرقم يتزايد فعاد "مصطفى" أدراجه يبحث عن فصله حتى وجده قريبا من الباب المؤذي للشارع المسمى بالحزام...

تتكون مباني السنة التحضيرية من مبنى الإدارة حيث البوفيه في الطابق الأول و مكاتب المدرسين في الطابق الثاني و الثالث و مكتب العميد في الطابق الثالث و قاعة المذاكرة و المصلى في الطابق الرابع ، و مبنى الفصول الدراسية كما وصفها البائع ، تقع إلى الشمال من مبنى الإدارة ، و يحدها من الجنوب مواقف المدرسين و من الشمال الصحراء التي يقف فيها الطلاب و إلى غربها الحزام ثم بقعة جرذاء و إلى شرقها مبنى الورش حيث تخصص ساعتين في الأسبوع لكل طالب كي يتعلم بدائيات حرفة ، و أمام المبنى الرئيس للفصول يربض كالكلب مبنى المختبرات السمعية أو مبنى مادة الاستماع ، أما إلى شرق مبنى الإدارة فتقع عدة مباني مؤقتة "بورتبلات" آخرها قبل السور مبنى الكمبيوترات أما إلى جنوب مبنى الإدارة فتقع مواقف مدرسين و موظفين بينما جنوب المباني المؤقتة يتقسم الطلاب تلك المواقف مع المدرسين و هناك أوقف "مصطفى" سيارته





توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية خاتم عقيق&
خاتم عقيق&
شيعي محمدي
رقم العضوية : 31388
الإنتساب : Feb 2009
المشاركات : 3,661
بمعدل : 0.66 يوميا

خاتم عقيق& غير متصل

 عرض البوم صور خاتم عقيق&

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2009 الساعة : 09:33 AM


شكرااااااااا نوررررررر

اكملي باقي الرواية

اختج خاتم


توقيع : خاتم عقيق&

اللهم صل على محمد وآل محمد

مشكورة عزيزتي شيعية ابا عن جد
من مواضيع : خاتم عقيق& 0 تقرير عاشق الاكرف للكويت ناقصنة سوق لمباركية ......@@
0 مراسم تبديل راية الإمام الحسين (ع) - كربلاء 1433
0 وقت الفجر
0 كورنيش القطيف
0 عاصمة الثقافة الأسلامية النجف الاشرف

الصورة الرمزية خاتم عقيق&
خاتم عقيق&
شيعي محمدي
رقم العضوية : 31388
الإنتساب : Feb 2009
المشاركات : 3,661
بمعدل : 0.66 يوميا

خاتم عقيق& غير متصل

 عرض البوم صور خاتم عقيق&

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-04-2009 الساعة : 12:17 PM


نور وين باقي الرواية

لا تتاخري ممكن

اختج خاتم


توقيع : خاتم عقيق&

اللهم صل على محمد وآل محمد

مشكورة عزيزتي شيعية ابا عن جد
من مواضيع : خاتم عقيق& 0 تقرير عاشق الاكرف للكويت ناقصنة سوق لمباركية ......@@
0 مراسم تبديل راية الإمام الحسين (ع) - كربلاء 1433
0 وقت الفجر
0 كورنيش القطيف
0 عاصمة الثقافة الأسلامية النجف الاشرف

الصورة الرمزية نسايم
نسايم
شيعي حسيني
رقم العضوية : 18676
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 7,218
بمعدل : 1.23 يوميا

نسايم غير متصل

 عرض البوم صور نسايم

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-04-2009 الساعة : 02:25 PM



مشكورة خاتم على المتابعة


انشغلت نور اشوي وان شاء الله بتكملهاااا


توقيع : نسايم

يا باب الحوائــج حاجتي يمكــ
عليك اقسم بضلع الطاهرة امــكـ


إلهي أسئلك العفو والعافية

عافية الدنيا والأخرة
من مواضيع : نسايم 0 رائحة القهوة
0 فلكي يصف إمكانية رؤية قمرين بـ«كذبة أغسطس»
0 سحابة «سـوداء» أخفت برج سـاعة مكـة
0 بالورد والياسمين نرحب بالأخ العزيز الرادود علي حامد الكاظمي
0 الشاعر واثق العيساوي والملا باسم الكربلائي في قصيدة ماجينه

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.55 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-04-2009 الساعة : 06:28 PM


منزل الضاد

على مقربة من سوق الدجاج في منطقة البحر تقع فيلا متحيرة بين الحداثة و القدم ، تطل بوابتها على الجنوب حيث حديقة خضراء تمركز في وسطها أرجوحة ، و رغم أن منطقة البحر تتمتع بالحميمية بين بيوتها ، أبت تلك الفيلا إلا أن تجاور التراب من كل جانب عدا بوابتها ، كانت تلك الفيلا من أول البيوت إدخالا للتصميم الأمريكي في المنطقة ، يتألف الطابق العلوي من غرفة جلوس تنفتح على المطبخ و قاعة الطعام ذات الطاولة و الكراسي الأربعة ، أما الطابق العلوي فقد تألف من ثلاث غرف ، غرفة رئيسة و أخرتان متساويتان في الحجم ، تقطن الغرفة الكبرى "أم عبد الله" بينما تشغل "عبير" غرفة و يسكن "عبد الله" أخرى...

الغريب في هذه الفيلا أنّ دخول العاملة الأجنبية إليها أمرا محرما منذ أن تناقشت "أم عبد الله" مع المرحوم "أبو عبد الله" في شأن البيت و اتفقا أن أهم المبادئ أن لا يشاركهما المنزل غريب...

لم تكن "أم عبد الله" إمرأة تنتمي لجيلها ، فقد كانت إحدى عشر فتيات تمردن على الطوق و الحصار القائل بأن إكمال التعليم للمرأة خارج عن حدود الأدب ، بل لا تزال تفتخر بأنها من أوائل النساء اللاتي نلن الشهادة الثانوية من الدمام ، و لم تتزوج إلا بعد حصولها على البكالريوس ، كانت تؤمن أن الزواج لا يأتي إلا بعد الحب ، لكنها عندما تعدت الثالثة و العشروين و لم تلتقِ بمن تحب في ظل القيود الاجتماعية ، قبلت بـ "أبي عبد الله" الذي يكبرها بخمس عشرة سنة ، كان يعتبر تاجرا طموحا يمتلك بعض العقار و المحلات مع عمله في أرامكو السعودية ، لكنه رحل عن الدنيا ملقيا على كاهلها مسؤولية تربية "عبد الله" و "عبير" عندما كان "عبد الله" في الصف الثاني الابتدائي...

نشأت "عبير" ضمن إطار واسع من الحرية و اللامسؤولية ، كانت الفتاة التي لاتعرف معنى لكلمة خطأ أو ممنوع ، رغباتها موفرة دائما و حركاتها مقبولة ، لكن الفتاة التي تملك كل شيء تريده تملك كذلك قلبا مرهفا شاعريا ، كان القلم صديقها منذ أن أحبت مدرسة اللغة العربية في المتوسطة ثم استمر معها تكتب الخواطر الأدبية و تنشرها في بعض المجلات ، و تعشق الموسيقى بشتى أنواعها...

أما "عبد الله" فقد وجد في المسجد ما افتقده في المنزل ، لا يدع فرصة يتمكن فيها من صلاة الجماعة حتى كان في أوائل الداخلين للمسجد ، بدأ التردد على المسجد عندما كان في الصف الأول المتوسط ، يدخل مسجد الإمام علي عليه السلام الرحب الهادئ ، تطمئن نفسه و يشعر أنه في روضة روحانية تجذبه بقوة مغناطيسية لا تقاوم ، ثم انطلق يستعذب كل مسجد و يقتطف من كل الثمار الزاكية ، و لم يصل إلى الصف الأول ثانوي حتى ألف مسجد الإمام الخوئي في منطقة البستان ، كان المسجد الذي استحوذ على فكره و روحه بأنشطته و عذوبة الصلاة فيه ، و لم تعترض "أم عبد الله" في بادئ الأمر لإيمانها بالديموقراطية و الحرية الشخصية ، لكن "عبد الله" بدأ التمرد و المعارضة لكثير من الأمور التي تمارسها "عبير" لتبدأ الأم بالقلق من مصير هذا الابن الذي يعارض كثيرا و يصمت عندما تتكلم و لا يناقش أبدا...

عندما خرج "عبد الله" من المنزل كانت حركة لا سابق لها ، يبدو أنه على وشك الانفجار ، و عندما أمسكت "أم عبد الله" بالصحيفة لم تكد تكمل قراءة سطرين حتى بدت ابتسامته تلوح لها من بين السطور ، كأن الصورة تؤنبها لأنها تركته يخرج غضبانا ، أغلقت الصحيفة و صعدت إلى غرفتها تارة تقرعها ذهابا و عودة ، و أخرى تقف إلى جانب النافذة ، وبين الفينة و الأخرى تقرأ الوقت من ساعتها اليدوية ، تهبط إلى الطابق الأرضي ثم تعود إلى غرفتها ، بدأت الموسيقى المنبعثة بصخب من غرفة "عبير" تزعجها ، لم تتمالك أعصابها ، طرقت باب غرفة "عبير" ثم فتحته فتوقفت "عبير" عن الرقص مندهشة ، لم تكن أمارات وجه "أم عبد الله" تبشر بخير ، حملقت "عبير" في وجه أمها بخوف ، هتفت الأم:
- أنتِ السبب... إذا حصل مكروه لـ "عبد الله" أنتِ السبب...
- لماذا أنا السبب؟.. لم أفتح له الباب و لم أحثه على الخروج... لقد خرج بنفسه...
- حمقاء... أنا من ناصرتكِ أغبى منكِ... أضعت ولدي... من يدري ماذا حدث له... أنا السبب... أنتِ...
أحست "عبير" أن أمها بحاجة لكلمات تهدئها ، اقتربت منها و حظنتها وهي تهمس:
- أماه... لا تعي اليأس يتسرب إليكِ... أخي سليم معافى... ربما ذهب إلى أحد أصحابه..
- أتمنى أن يكون كذلك... لكن قلبي يخبرني بأن شيئا ما حدث له...
قطع رنين الهاتف حديثهما ، انطلقت "أم عبد الله" لترفع السماعة ، كان قلبها يسبق صوتها و هي تهتف:
- ألو..
- أهلا "أم عبد الله"... كيف الأحوال؟
- أهلا "أم محمود"... هل تعلمين شيئا عن "عبد الله" ؟
- لا... لماذا... خيرا إن شاء الله؟
- غضب من كلامي و خرج...
- لا تقلقي يا "أم عبد الله"... ما به إلا خيرا إن شاء الله...
- أتمنى ذلك يا "أم محمود"...
- لحظة... من فضلك يا "أم عبد الله"...
كانت البرهة التي طلبتها "أم محمود" قد أعادة المخاوف لقلب " أم عبد الله" ، أخذت تلهج بذكر الله و الدعاء بالحفظ ، قطعت "أم محمود" شرودها:
- ألم تعلمي بالخبر يا "أم عبد الله"؟
- ماذا هناك؟
- يقول "محمود" أن شاب من جامعة البترول قد توفي في حادث على طريق الظهران...
- ...
- "أم عبد الله".... "أم عبد الله"... ما بكِ يا" أم عبد الله"...
ألقت "أم عبد الله" السماعة على الأرض و أطلقت صرخة أرعبت قلب "عبير" و بدأت على إثرها "أم عبد الله" المناحة على ابنها...
- مات يا "عبير"... مات... الشباب مات... لم أفرح بهِ يا "عبير"... في جذوة شبابه... قتله الحديد يا "عبير"... يالله...
- لا...
انقلبت الفيلا إلى مأتم ، الصراخ من الأم و ابنتها ، الهستيرية تسيطر على تصرفاتهما ، كل واحدة تلوم نفسها ، بعد ساعة من الصراخ دق جرس الباب لتنظم "أم محمود" إلى "أم عبد الله" و"عبير"... كلما هدأت إحداهن أثارتها الأخرى ، و بعد ساعة أخرى دخل "عبد الله" الفيلا متعجبا من هذا الصراخ العجيب ، عندما فتح باب الصالة اختفى الصراخ و فغرت " أم عبد الله" فاهها ثم انخرطت عبير في حالة ضحك هستيرية....







توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.55 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-04-2009 الساعة : 06:30 PM



على طريق الملك عبد العزيز

الساعة السادسة صباحا ، المنبه يصرخ و يسكته "حسن" بلكمة لا إرادية ، يتقلب يمينا و شمالا ، التحف بغطائه ثم تكور و انقلب على بطنه كمن يحاول أن يمنع البرودة من التسلل إلى جسده ، قام "حسين" متثائبا و دخل الحمام و "حسن" يصارع لعله يحظى بغفوة مشبعة ، جاءت "أم حسن" تتثاءب لتقف على الباب وهي تعنفه :

- قم يا "حسن" ، يكاد البيت أن يهوي من صوت المنبه و أنت لا تزال نائم ، لم يبق سواك..
- أماه... دعيني أنام...
- قم لتبحث لك عن ابن الحلال الذي يوصلك الجامعة... قم يا "حسن"...

جملة "أم حسن" الأخيرة أيقضت داخله الهواجس و الحسابات التي أرقته أغلب ليلته تلك ، نهض كأنه قد رشح وجهه بالماء البارد فجأة ، ضم يديه إلى صدره ، مشى إلى الحمام ، وقف ينتظر عند الباب ، الدقائق تتسرب ، الصبر ينفذ بتصرم الوقت و بانتظار المجهول ، طرق الباب طرقا قويا متواصلا كادت له المثبَّتَات أن تجيب متهاوية ، لا صوت بشري يأتي من الداخل فيصبره ، و لا أحد يخرج من الباب فيريحه ، الصوت الوحيد الذي يخر في أذنه هو خرير الماء ينسكب على بدن أحدهم في الداخل ، أعاد الطرق فسكت الماء ، أراد أن يطرق مرة أخرى ففتح الباب و خرج "حسين" مئتزرا منشفة جسمه و البخار يخفي ملامح الحمام ، صرخ في وجه أخيه :

- أخرتنا... ألم تجد وقتا مناسبا للاستحمام سوى الصباح؟

حملق "حسين" في وجه أخيه برهة ثم مضى إلى الغرفة و أغلق بابها دون أن ينبس ببنت شفة ، فزجّ "حسن" نفسه في الحمام ثم لم يلبث أن خرج ليكرر الانتظار عند باب الغرفة ، عندما خرج "حسين" من الغرفة ودّ "حسن" لو يجمع كفه و يهوي على صفحة وجه أخيه ، لكنه دخل الغرفة و هو يشتم و يتوعد...

عند الساعة السابعة إلا ربع صباحا كان "حسن" يمشي باتجاه "طريق الملك عبد العزيز" لعله يجد من يقله إلى الجامعة ، السيارات تسير دون توقف ، يلحظ الوجوه الناعسة البائسة فيزداد يأسا ، يحدث نفسه بعدم التعرض لـ "هدى" مرة أخرى ، فدعوتها المستجابة هي السبب في وقوفه الآن يستعطف أحدهم ليحمله معه في طريقه ، أظهر كتبه الجامعية لتكون علامة على وجهته ، تذكر "مصطفى" زميل الدراسة منذ الطفولة ، لم يكن صديقه المفضل ، بل أن علاقته به كانت سطحية حتى دخلا الجامعة فدعته الحاجة للاتكال عليه في مواصلاته ، في جامعة الملك فهد للبترول و المعادن تفعل السنة التحضيرية فعلتها في تقريب البعيد و ربما إبعاد القريب ، و تحسين العلاقات ، تكشف اللثام عن التكافل الاجتماعي و التعاطف و الرحمة ، في السنة التحضيرية تحسب أن زملائك من القطيف هم أهلك للتلاحم الذي يجمعهم إلا ما نذر ، و في السنة التحضيرية تتبدد كل النظرات و تنعكس كل الإشاعات و البدع التي تشوه سمعة كل قرية ، و في السنة التحضيرية تكتشف أن جميع الطلاب ينتمون للقرية فيأخذون من القرية طيبتها و تواضعها و بساطتها و حبها للخير و البدل و العطاء ، فلا يمضي شهر إلا و التجمعات القطيفية التي تحمل مزيجا من القرى قد اجتمعت في أماكن معينة من المبنى العجوز ، هذا التلاحم قد يكون سببا في طرد عدد كبير من الطلاب لعدم تمكنهم من المذاكرة ، وقد يؤمن لآخرين الطريقة التي تجعلهم يرتقون كل المراقي و يتفوقون ، عندما تسأل أحد الذين درسوا في جامعة البترول عن أجمل مرحلة في مسيرته فإنه سيتنهد و يذكر السنة التحضيرية بخير ، "حسن" كان من الناذرين في الجامعة ، فقد غلف نفسه بعزلة و علاقات محددة ، فلم يتصل إلا بـ "مصطفى" اتصالا قويا ، و بآخرين معه في الفصول بعلاقة محدودة جدا لا تتعدى الفصل و لا تتجاوز المبنى الدراسي ، و قد قضى "مصطفى" نحبه ، بكى "حسن" أيام العزاء بحرقة ، ليس لأن "مصطفى" يقله دائما للجامعة ، بل أن هذا الموضوع كلما راوده طرده من فكره ، فقد كان بكاء "حسن" على "مصطفى" بكاء من اكتشف شخصا طيبا محبا كريما يحمل من المشاعر أعذبها و من الصفات أسماها ، أحب "حسن" "مصطفى" رغما عنه ، و عندما أحبه اختاره الله ليفجع به "حسن" ، و هاهو الآن يقف في الطريق يتذكر "مصطفى" و "هدى" و دعائها و يتأسف على ما بذر منه فجنى ثماره سريعا...

************
أوصل "عبد الله" أخته "عبير" إلى المدرسة في الوسادة و انعطف جنوبا ليلحق بمحاضرته ، اتساع الوقت تجعله لا يأبه بازدحام الشوارع و تراصص السيارات ، عندما مر على طالب يحمل بين يديه كتب جامعية و رآه يطلب منه بيده أن يقله معه بدت الصورة ضبابية بعض الشيء ، يعلم أنه من طلاب السنة التحضيرية لكنه رآه في مكان ما ، بل أنه صافحه بيده ، بعد أن تجاوزه بأمتار توقف جانبا ليحمله معه و فكره يبحث عن وجه ذلك الشاب المألوف في ذاكرة المواقف ، عندما ركب الشاب السيارة و ألقى السلام شعر أن صوت الشاب مبحوحا كمن قضى أياما في البكاء ، المشكلة في أنه لا يتذكر أين لقيه ، لكنه يعلم أنه رآه ، و مضت برهة من الصمت بينهما حتى قطعه سؤال "عبد الله" :
- أنا "عبد الله" من القلعة.. أسكن منطقة البحر
- أنا "حسن" من باب الشمال... أسكن حي الوسادة...
اتضحت الصورة في ذهن "عبد الله" ، تبدو الخيوط متصلة شيئا ما ، الوسادة و الصوت المبحوح و السنة التحضيرية ، بعد برهة من الصمت عاد "عبد الله" ليسأل بتردد:
- أ تسمح لي بسؤال...
- تفضل...
- هل كان عندكم مجلس عزاء؟
- نعم... توفي صديقي في حادث..
لجم لسان "عبد الله" ، إذاً هو ذلك الشاب الذي لم ينقطع عن البكاء و هو يسير خلف الجنازة ، ما أغرب الصدف ! لم يكن في حسبانه أن يشترك في التشييع لولا مشادة كلامية مع أمه ، و لم يكن في ذهنه أنه سيقف ليقل صديق المتوفى يوم السبت الذي يتلو الحادث ، الجلوس مع مثكول إحساس بالمصيبة ، كيف يسري عن ذلك الشاب الذي تبدو المشاهد أمام عينيه طرية ، بحث عن حديث بعيدا عن الصديق الراحل لرفيقه ، سأل:
- كيف الدراسة في السنة التحضيرية؟
- الحمد لله ، على ما يرام..
- أشعر أنكَ انطوائي بعض الشيء
أحس "حسن" أن الشاب الذي أقله يملك شيئا من اكتشاف الشخصيات ، سأله بحذر:
- و كيف عرفت ذلك؟
- الطالب في السنة التحضيرية عادة لا يقف في الطريق بحثا عمن يقله ، الطلاب يعرفون بعضهم البعض و هم متعاونون...
- لا أعرف أحدا يملك سيارة سوى المرحوم..
- أصبحت تعرفني الآن... و سوف أوصلك في طريق الذهاب...
- لا أريد أن أكلف عليك...
- ليس في ذلك تكليف... أنا أوصل أختي المدرسة الثانوية في الوسادة... و أنت في طريقي...
و ساد الصمت إلى أن وصلا مبنى السنة التحضيرية فكتب "عبد الله" رقم هاتفه و أعطاه لـ"حسن" فشكره و ودعه إذ لم يبق على الدرس الأول إلا بضع دقائق ...




توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.55 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-04-2009 الساعة : 06:31 PM



كل شيء كئيب ، الفصل الدراسي و المدرس الأبله الذي جاء بشهادة أنه أجنبي ، المحاولات البهلوانية التي يفعلها لتضيع الحصة ، الضحكات المنطلقة بلا معنى هنا وهناك ، العيون التي تسترق النظر لوجه "حسن" و هو ساهم الفكر ، أصعب أمر هو أن تشعر بأن الآخرون يحملون لك الشفقة في نظراتهم ، يود لو يكسر ذلك الوضع و يود لو يبقى ، الموت الرهيب يخرس الألسن و يكتم الأنفاس ، أن تتصور ذلك الشاب الحيوي الذي يتنقل في أرجاء الأوريا و قد اختطفه من لا يرجعه ، ثم ترى من يلازمه في الذهاب و الإياب فيتولد عندك شعور بالحزن ، انتهت الفترة الثانية و حصة الرياضيات فبدأت ساعتان من الفراغ ، كان "حسن" عملي جدا ، من القلائل الذين يعدون الوقت من ذهب فلا يفوته أن يقسم ذلك الوقت إلى نصف ساعة فطور و تأمل و ساعة من الاستذكار و إكمال الواجبات و نصف ساعة للصلاة و التنقلات ، كانت الساعة الحادية عشر هذه المرة مختلفة ، كان قد اعتاد على أن لا يلتفت يمينا أو شمالا يخرج حاملا كتابين هزيلين جدا و يجدّ الخطى صوب البوفيه ، أما اليوم فقد رفع رأسه والتقت عيناه بأعين أبناء البلد ، كان يقرأ الحزن و الشفقة و يجرع الحزن و الغصة و المرارة ، لم يجرؤ أحد أن يحدثه أو يربت على كتفه معزيا ، المسافة بينه و بين الآخرين متسعة ، عندما دخل البوفيه كان الصخب عاليا جدا ، النكات و الضحك و الإستهزاء و ما أن أطل من بابها الغربي حتى حلّ الصمت كأن ملك الموت قد مرّ عليهم ، الهدوء و الحزن و الأسى و الأعين المتشفقة التي تشيعه إلى الركن الأعزل ، لم يضع الكتابين على الطاولة بل رجع أدراجه ليخرج من الباب الذي دخل منه و يضغط على زر استقطاب المصعد ، كان يفكر في حالة الهدوء الذي أصاب القوم ، لاحظ أنه لا يوجد في البوفيه سوى أهل القطيف فقط ، ربما لأنها و قاعة المذاكرة المأوى الوحيد لهم بعد أن تنكرت لهم غرف السكن و منعوا من السكن داخل الحرم الجامعي ، الروايات تدعي أن القصد من منعهم عن السكن هي مخطط للتقليل من كثافتهم فوق الجبل رغم أن السبب الظاهري هو عدم اتساع السكن لاحتواء الطلاب جميعهم ، طلاب السنة التحضيرية من خارج القطيف ينقسمون إلى قسمين رئيسين ، الأول هم من يدرسون دون الحاجة للدراسة أو من جذبتهم مظاهر المدينة الجذابة و هؤلاء يقضون تسكعهم في مجمع الراشد التجاري ليغذوا أنظارهم بالأجنبيات أو في القهوة ليغذوا أنفاسهم بأنواع التدخين ، القسم الآخر هم من يسمون بآلات دراسية بحتة ، يخرجون من الغرفة للدراسة و يخرجون من الدراسة للغرفة ، لا وقت للمظاهر أو العلاقات أو غيرها ، أما أهل القطيف فينقسمون إلى ثلاث مجموعات ، مجموعة تتسكع في البوفيه لتعرف الداخل و الخارج ، و مجموعة تتسكع في قاعة كبيرة في الطابق الرابع خصصت للمذاكرة حيث يتسنى لهم نسخ الواجبات المنزلية و العبث و المزح و التنذر على الآخرين ، المجموعة الثالثة فتجلس لتفطر في البوفيه ثم تصعد لتذاكر في القاعة وهؤلاء لا يتعدون عدد الأصابع أحدهم "حسن" الذي أخرس بدخوله القاعة كل من فيها و تكرر مشهد الشفقة في الوجوه فخرج حزينا لا يلوي على شيء ، كان يسمع الحوار و هو خارج :
- مسكين
- الله يربط على قلبه...
- كان ظله الذي يمشي معه...
- أتمنى أن أستطيع مواساته...
- انتبهوا... أشعر أنّه سمعكم... لقد خرج بسبب نظراتكم...
- لم نضربه على رجليه... خرج بنفسه...

كانت هذه آخر كلمة سمعها و المصعد يهبط به إلى الأسفل ، خرج من مبنى المكاتب ليتجه صوب الفصول الدراسية ، نقل بصره يمينا شمالا من بداية الجهة الشرقية الواقعة بالقرب من مبنى الورشة متجها إلى الغرب ، في منتصف ذلك المبنى وجد غرفة فاضية فدخل فيها و أغلق الباب و جلس على كرسي المدرس ثم فرش كتبه و بدأ يراجع كتاب المفردات ، كانت هذه عزلة على عزلة بدأها ذلك اليوم لكنه قرر أن ينفتح قليلا على المجتمع لوقت الحاجة...
مراهقة

منطقة البحر مزيج راقي من العلم و العبادة ، في قلبها تتجمع المدارس و تتناثر ، كما تجتمع الحسينيات و المساجد و تتزاحم ، في الجزء الشرقي من ذلك القلب تقع حسينية السنان و إلى شرقها مدرستي ذات الصواري الابتدائية و ابن كثير المتوسطة ، و على بعد أمتار يقع مجمع من مدارس البنات ، الغريب في الأمر أن المدارس قسمت إلى ابتدائية و متوسطة و ثانوية لأسباب عدة أحدها فصل الطفولة عن المراهقة لكن المراهقة و الطفولة يلتقيان كثيرا في مدرستي ذات الصواري و ابن كثير ، الأغرب هو فصل الجنسين عن بعضهما ثم تركهما يختلاطان كيفما يشاءان عند الانصراف...

عندما أصرّ "حسين" على التسجيل في مدرسة ابن كثير المتوسطة بعد تخرجه من الابتدائية رغم قرب النموذجية المتوسطة من منزله كان يبحث عن أصدقائه الذين اتفقوا على الذهاب لمدرسة ابن كثير ، كان ينتمي لمجموعة من الأصدقاء الذين يتنافسون على المراكز الأولى و كان يأمل أن يكمل مسيره في المتوسط و الثانوي كما كان في الابتدائية ، لكن الأحلام البريئة قد تبدل مع نهاية الصف الأول المتوسط عندما استلم النتيجة و لم تتجاوز التسعين نسبة مئوية إلا بفاصلة واحدة ، و عندما غاب عن أول يوم دراسي في الصف الثاني المتوسط شغرت كل المقاعد الأمامية فوجد نفسه يقبع في آخر مقعد إلى جوار طالب ألف هذا الفصل منذ أعوام ، كانت هذه نقطة التحول في حياة "حسين" و تبدلت أحلامه تماما ، لم يعد الطالب الذي يطمح في إحراز العلامة الكاملة بل أصبح همه المتعة و السعادة و السيارات ، و افترق عن الأصدقاء الذين سجل في المدرسة من أجلهم ، و في الوقت الذي ظل أصدقاؤه السابقون يتنافسون على المراكز الأولى ، نجح في الصف الثاني المتوسط بتقدير "جيد" ، أما في الصف الثالث فقد اختار لنفسه الركن الأيمن في مؤخرة الفصل إلى جانب "عصام" و "ممدوح" ، كان "عصام" قد قضى سبع سنوات متفرقة في المدرسة ، ففي الصف الأول أمضى عامين بسبب الإنجليزي و في الصف الثاني أخفق في جميع المواد ما عدا الرياضة حيث حقق علامة النجاح - 50 درجة – ثم أعاد الكرة و حقق تقدما في جميع المواد ما عدا المواد الإسلامية و الانجليزي و الرياضيات ثم نجح بمعدل 75 في المائة في السنة الثالثة ، عندما دخل الصف الثالث لم يعد يهتم بالنجاح ، فقد كان أحرص على التسلي بالعبث مع المدرسين ، أما "ممدوح" فهو في سن "حسين" تقريبا ، لم يخفق في مراحله الثمان السابقة ، لكنه لم يهتم بدراسته طيلة السنوات الثمان السابقة أيضا ، كان يعتمد المقولة التي يعشقها الشباب دائما "فلها و ربك يحلها" ، و الحق أنه نجا من عدة إخفاقات خلال الثمان سنوات السابقة ، و تكونت جماعة جديدة همها الأكبر المتعة ، و عندما كان "عصام" يملك سيارة "سيليكا" مصنوعة في بدايات الثمانينات الميلادية ، كان "ممدوح" و "حسين" يحلمان بسيارات تماثل سيارة "عصام" ، بل أن الحديث عن محاولات "ممدوح" لشراء سيارة ولّد في نفس "حسين" الرغبة الجامحة في شراء سيارة ، فتارة يتعلل ببعد المدرسة و أخرى يتحدث عن أسعار السيارات أمام أمه ، و لم تكن المرة الأخيرة عندما غضبت "أم حسن" إلا تصعيدا من "حسين" بعد تحريض رفيقيه...


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.55 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 03-04-2009 الساعة : 01:41 AM



لم يعد "حسين" إلى المنزل بعد خروجه يوم السبت ،بل اتجه إلى الساحة الترابية المطلة على شارع الحب و التي يقابلها سلسلة المطاعم ، كانت سيارة "عصام" السيليكا في سباتها تحت الغطاء القطني الناعم ، فأيقظهاالأصدقاء الثلاثة "عصام" و "ممدوح" و "حسين" برفع الغطاء الدافئ ، أدار "عصام" المحرك و أشعل سيجارته في انتظار دفئ السيارة ، و لم تنتهِ السيجارة حتى انتظمت السيليكا في شارع الحب متجهة نحو الجنوب ، انعطفت شرقا لتخترق الجموع المتجمهرة أمام مدرستي الشاطئ الابتدائية و المتوسطة النموذجية ،ثم تنقلوا بين القرى و في كل منعطف كانت العجلات تصدر صوتا يكاد يصم الآذان...

عند الساعة الرابعة عصرا ، كانت السيارة تدور حول نفسها في طريق من طرق الناصرة ، و قد تجمهر بعض الصبيان حولها هاتفين و مشجعين ، كانت النشوة تحث "عصام" على المواصلة لكن رجلا في الأربعين قد ترجل من سيارته و أتى بحجرة و ألقاها قرب السيارة فهرب "عصام" ، كان التحدي بين "عصام" و "ممدوح" أن يقطع "عصام" بسيارته طريق أحد الممتد من تاروت شرقا إلى القديح غربا دون توقف و بأقصى سرعة ، فاتجه "عصام" بسيارته إلى الدخل المحدود و عندما وصل إلى حيث يضيق الطريق عند مغسلة السيارات نهاية الدخل المحدود حتى طلب "ممدوح" من "عصام" أن يستدير و يبدأ من الإشارة الضوئية ، فابتدأ السباق بصوت عجلات و تخلله أصوات الأبواق عند كل إشارة حمراء يقطعها "عصام" و كاد "عصام أن ينجح لولا تجاهله الإشارة الحمراء مع تقاطع القدس و قد صادف مرور سيارة مرور في تلك اللحظة ، هتف "حسين":

- المرور..

و ابتدأت مطاردة بين سيارة المرور و "عصام" ، هتف "ممدوح":

- ادخل الناصرة...

لم يلبث "عصام" أن انعطف يمينا لتلحق به سيارة المرور و رجل الأمن يكرر نداءه بالتوقف ، انعطف يمينا و شمالا في أزقة الناصرة لكن محاولاته لم تكلل بالنجاح في تظليل رجل المرور ، وصل إلى طريق الري الذي يربط الناصرة بالقديح و العوامية ، و تبعته سيارة المرور ، اخترق الطريق الذي يربط صفوى بالقطيف أو ما يسمى بطريق العوامية و المرور يتبعه على بعد مائات من المترات ، وصل إلى المنعطف الذي يقود للمزارع ، هتف "حسين":

- انعطف إلى اليمين...

فأجاب "ممدوح" بل ادخل القديح... إنهم يخشون القرى...

و تعدى "عصام" ذلك المنعطف ،ليتفاجأ بسوق السبت قد سدّ الطريق و جعل الهروب مستحيلا ،و لم يعد خيارا سوى الاستسلام ، ترجل الشرطي من سيارة المرور ليطلب رخصة القيادة الخاصة بعصام و رخصة سير المركبة ، فناوله الإثباتات و هو يضحك كالواثق من نفسه ، كاد الشرطي أن يفقد أعصابه ، رفع يده و هو يصرخ:

- يبدو أنّك بحاجة إلى صفعة تصلح ضحكتك..
- التزم حدوك لو سمحت... أنت مجرد شرطي مرور...
أرخى الشرطي يده و هو يهتف بحدة:
- اركب سيارة المرور... تربيتك في الحجز..
- تربيتي أفضل منك... الحمد لله...
- لا تكثر من الكلام... اركب السيارة و فمك مغلق...

وسحبه من السيارة ، فصرخ "عصام":

- و السيارة؟ و أصدقائي؟
- ستحجز السيارة... أما أصحابك فليبحثوا عمن يقلهم... أو... اركبوا معه السيارة...
- أصحابي لا يركبون السيارة... أنا صاحب المشكلة... هم لا ذنب لهم...
- اصمت أنت... هيا... اذهبوا لسيارة المرور...

خرجوا من السيارة ، دخلها الشرطي الثاني ليستكشف ما بها ، بينما كان الشرطي الذي يحدثهم ممسكا بعصام ، اتجهوا صوب سيارة المرور ، ثم أطلقا رجليهما للريح و دخلا بين الباعة و المتبضعين حيث افترقا في الزحام ...

كان المغرب قد حلّ عندما دخل "حسين" المنزل ، فاستقبلته "أم حسن" بالشتائم و الصراخ:

- أين كنت حتى هذا الوقت يا حمار... لم نر طلعتك البهية منذ خروجك إلى المدرسة...
- كنت مع أصحابي ... أنتِ لا تعرفينهم.. أم حرام أن أقضي وقتي مع أصدقائي...
- لم يأتنا البلاء إلا من أصحابك الذين لا نعرفهم... انظر لمستواك الدراسي كيف اختلف...
- مالكِ و أصحابي... أصحابي لا يختبرون عني... هذا مستواي و أنا حرّ فيه... لا أعلم ماذا سأجني من المستوى..
- هيا... خذ لك عصا و اهوي بها علي... اضربني... أخوتك عندما أتحدث يصمتون.. أخوك "حسن" في الجامعة و لم أره يوما رفع صوته علي ، بل يضع عينيه في الأرض و أنا أتحدث ، أما أنت... أصبحت فرعون زمانك... هيا... اذهب و استحم قبل أن أريك حجمك الحقيقي...

أطرق "حسين" برأسه إلى الأرض ، عاد صغيرا جدا ، يخشى أن تناله صفعات أمه التي اعتادها ، تركها تكمل صراخها و تهديداتها و عتبها على الدهر ، ثم استغل صرفها له و أمره بالاستحمام ، فدخل غرفته بحذر و أخد ملابسه و منشفته ثم دخل الحمام


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية خاتم عقيق&
خاتم عقيق&
شيعي محمدي
رقم العضوية : 31388
الإنتساب : Feb 2009
المشاركات : 3,661
بمعدل : 0.66 يوميا

خاتم عقيق& غير متصل

 عرض البوم صور خاتم عقيق&

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-04-2009 الساعة : 06:00 AM


اختى نور

رواية روعه

يعطيش العافية خيوه

اكملى باقي الرواية
شكراااااااااااا


توقيع : خاتم عقيق&

اللهم صل على محمد وآل محمد

مشكورة عزيزتي شيعية ابا عن جد
من مواضيع : خاتم عقيق& 0 تقرير عاشق الاكرف للكويت ناقصنة سوق لمباركية ......@@
0 مراسم تبديل راية الإمام الحسين (ع) - كربلاء 1433
0 وقت الفجر
0 كورنيش القطيف
0 عاصمة الثقافة الأسلامية النجف الاشرف

الصورة الرمزية سمو العاطفه
سمو العاطفه
عضو فضي
رقم العضوية : 13196
الإنتساب : Nov 2007
المشاركات : 1,524
بمعدل : 0.25 يوميا

سمو العاطفه غير متصل

 عرض البوم صور سمو العاطفه

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-04-2009 الساعة : 07:49 PM


يعني شلون نور يرضيش كذا نتمرمر على ماتكملي القصه :p

نور بعدين ويش رايش نسوي صفقه وي التفزيون طبعا انا مدير اعمالش يعني انتي تكتبي وانا اوزع الفلوس << بدينا بشغل النصب والاحتيال :p

هاشقلتي

توقيع : سمو العاطفه
حيـــــــــدره أسد الله الغالب ...
من مواضيع : سمو العاطفه 0 الدنيا.. مسنجر كبير
0 •[.دعونا /•/ نتذكر ايامــ الطفوله ..]•
0 ][ باسم في شريطه الجديد ][
0 ×× هل مشاعر الأهل نحو الاطفال تختلف من طفل الى الاخر . .
0 •[.الشاب /•/ بين العقل والعاطفه ..]•
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 11:22 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية