ولنقف عند ضفاف الوحي الصادق وحسبك منه من الوصف معشار فخر فخاره في سيد الثقلين . ": وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ..:"وهل بقي في لطائف الثناء والمدح من بعد هذا الذكر ما يُبهر من ألسنة المدح أو شرف التكرّم أو ما يُسعد في العليا نجومها..": فإنهم عيش العلم ، و موت الجهل ، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم ، و صمتهم عن منطقهم ، و ظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الدين و لا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صــادق ، و صامت ناطــــــــق ..:" كيف لا وترى الأفلاك تستمدّ نورها ودفئها من نور مهابته ، وترى صفات الفضل والكمال جذلانة تفتخـــــرُ بأنّها من عطائه بل لا يرى الكمال والجمال لهما ربّا ســواه .. ومنتهى فضله تقصر عنه الإشــارة ، بل كيف تُحيط بنعت صفاته العبــارة من بعد أن حاك له الوحي من نسج التعظيم رداء الفخار ، ونوه بإسمه الأقــــدس في العالمين لســـان الذكر الحكيم وبه قسم مقرونا بالكتاب العزيز ..": يـــــس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ..:"كلمات تختزل بين ثناياها معاني الجلال كما تميد حروفها ببهاء الكماللسيّد الوجود "ع" وعشيــق مساكين أهل الأرض ممن إستهوتهم البشارة لرسالة جديدة وإنسان جديد ، كي تميطُ اللثـــام على معاني السعادة و لترفع جباه من علم الحقيقة من قيمة الإنسان في وجوده ومصيره ..ولسوء حظّ هذه الأمّة منهم من إعتمد التجاهل لموارد الهداية وتنكّرت لسُبُل الموصلة لسواحل النّجـــاة ، وذلك ما إكتسبته من وهن السقيفة حتّى قصّر وعيها عن تدارك الحقيقة ومراكب المجد الذي صاغتها يده الرسالة من مداد الوحي وقد إهتمّ بها عزم المصطفى "ع" رأفة بأمّته وحجّة ليبقى لها منه مساحة شاهدة محفــــــورة على صفحات التاريخ ، و الفطرة ا لسليمة لدى الفرد المسلم المتّزن بشمائل القيم والأخلاق تنقاد دائما وراء الوهج المنبلج الحامل لتباشير الضياء عن الرسالة الخاتمة .. عن فهم بل عن انجراف وانقياد ، فهي رسالة بمستوى الفيض ، مصدرها أزل ومنتهاه أبد ، لن تتمكن مفاوز الإدراك عند الكثير ممن صحبها ، بل عند أغلبهم على مداها ، أو أن تستوعبها ضمن آفاقها بعد أن تعدّى نطاق الحجب أبعد من المكان وأقصى من الزمان ، و جمعت في ثناياها الإنذار والبُشرى مع الوعد والوعيد ، كما أشارت لما كان أو هو كائن آيات وحجّة ..كلمات إعجاز من أخبار القادم من الأيّام ، كأنها ركيزة المنارة والهدى المنبثق تتجلى بالعقل ، وستهيم بها أنفس لوامة على مدى صفحات البصيرة من سمع فأوعى ، كما كانت سحابة صيف على أنفس مزهوة كبّلها جهلها مستطاب وعنجهية من جاهلية أولى مع حسد لذوي الكرامة على ما رزقهم الله من فضله ، فسلكوا بأنفسهم سُبُل المهانة وعاقبة البوار من بعد أن قلبوا لأهل الحقّ ظهر المجن بالإحن والأحقاد الموروثة من طبع النفاق بدعاوى وتأويلات هزيلة وباهتة لا تثبت على محجّة الصراط القويم فكان ما كان ولا تسأل على الخبر..": وَمَا مُحَمّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفإِنْ مّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىَ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ ..:"- و كانت الزهراء ذلك الرّحم المطهّرة من نبات الجنّة لم تكن بطانتها من لحم و دم ، وهي وعاء لسبطيّ الرسول الخاتم "ع" والسلالة الضامنة في حفظ بيضة الإسلام المحمّدي الأصيل والنبوءة بمحاسنها ومعالمها القدسيّة فى خطها الصاعد مع الأزمان ، ونبراس تبصره للإنسان في احتكاكه بالجوهر الأسمى فيه .. وما كان الحسن و الحسين إلا فرعان من تلكم الشجرة الكريم ، وتلك الرحم الشريف التي إحتوتهما كمستقر لذرية تحدرت من قطب الوعي العقلي و السمو النفسي ، فكان الاصطفاء تشدّه إرادة من إستوحى المشيئات ، وكان فضل الله يؤتيه من يشاء .."هذان ولداي إمامان قاما أم قعدا". .. " النجوم إمام لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأهل الأرض"..." يا علي أساس الإسلام حبي وحب أهل بيتي". .." أثبتكم على الصراط أكثركم حبا لأهل بيتي".. إنها مشيئة ومنذ بدأ الخلق في تعيين الإرث وضبط الموصى إليه ، وكذلك الحالمع ارث صاحب الرسالة الخاتمة وهو اشمل من ان يحد بتخوم و ابعد من ان يحصر بمجال ، وهي أمان كرهت الجبال حملها ، و لم يعقد له أمل إلا على أهل هذا البيت الذي أخذت يدرج فيه عمادا للمواصفات والكماليات الموصلة للغاية .. فكانت الأنباء وكانت الآيات ..": انما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا.:". و لن يترك صاحب الرسالة الخاتمة "ع" صفحه الأرض قبل أن يترك لها خريطة الغد والمتمثلة في الإمامة من بعده وحتّى اللقاء غدا عند الورود على الحوض ، رحمة بأمّته ولطفا بمن أعتصم بحبله المتين .. فهي إمامة جامعة الشرائط ، من حقها أن يكون لها ثقل السداد و بعد النظر وقطب العدالة و روح السماح ، ولن يكون لها ذلك إلّا بترجيح العصمة . وذلك لتفاوت الأفراد في مفاهيمهم حيث لا يمكن أن يجمعهم كلهم صواب الإدراك ، ليبقى هناك واحد تنفرد فيه صفات القيادة ممن إصطفاهم الله تعالى لتتمّة البلاغ والهداية . أراني الآن وأنا عند الأعراف أرم بطرف الأمل إليك ، وهو طرف ينعم بك وفيك بعد أن نقعته بطيب الولاية والبيعة إليك والوصيّ بأمرك ، وهو منك وأنت منه بمحلّ الرّوح من الجسد والمقلة من العين وأنا إلتقفتُ حروف اسمك والوصيّة الموحشة بعبق من أية البلاغ ، ويا لربك الأكرم العدل كيف ينشر فضل الطيبين عزاً فوق أفاجيج السحاب ترنوا عليها عيون أهل العشق من واحات الصفاء . ..عند هذا الحدّ تعذّر معي الوصف والبيان بعد أن عاد حاسرا وقد أعياه السرد دون أن ينــــــال مراده في الإحاطة بشيء من كنه صاحب الرسالة الخاتمة "ع" .. وكيف لمداد القلم أو لورق محـــــدود المساحة لأحقر مثلي أن يبلغ الغاية في رسم المعالم لشمس أفق المكارم ، أو عبق من نسائــــــــم الحياة لرئتي الوجود والموجودات . إلاّ أنّني ركبت في ذلك بساط من أسكره هواه نحو خفض الجناح بدعوى تابع ومنتسب .. وهبني أسأتُ التقدير في الولوج من باب الولاء بدعوى قاصر أو مقصّر فمن للعفو عـن متطفّل أردته شقوة عشقه لأهل الكمال وسفن النجاة فلاذ بصاحب الشفاعة محمّد بن عبد الله "ع" ومن غيره ضمانة اليد والكتاب.؟