اختراعات هندية بسيطة لحل مشكلات معقدة
ماكينة طحين مثبتة على دراجة نارية..
ومولد كهرباء.. وغسالة تعمل بدراجات التدريبات الرياضية
ماكينة طحين مثبتة على دراجة نارية، ومولد كهرباء، وعصارة فاكهة، وجهاز رش الطلاء، وماكينة قص شعر الخيول تعمل ببدال دراجة، وماكينة لجز صوف الأغنام، وغسالة تعمل بدراجة تدريبات رياضية، كل هذه ابتكارات قام بها أشخاص غير معروفين في الهند.
ظهر هؤلاء الأفراد في قناة «ديسكفري» ونالوا براءات اختراع لابتكاراتهم. كان المخترعون الـ3: عامل طلاء سيارات وحلاق وفتاة جامعية من ريف الهند. ظهرت ابتكاراتهم في فيلم بوليوود الناجح «الأغبياء الثلاثة». وقد حصل جهانجير (53 عاما)، ويعمل في طلاء السيارات، من مدينة جالغاون في ولاية الهند الغربية ماهارشترا على براءة اختراع باسمه ووضع اسمه على آخر.
لم يكمل شيخ جهانجير تعليمه الدراسي مثل ملايين من أطفال الهند المحرومين. لكنه على عكس الأطفال الآخرين، كانت أحلامه كبيرة. كانت مدينة جالغاون، في ولاية ماهارشترا، تعاني قبل 20 عاما من كثير من المشكلات كحالها الآن؛ الانقطاع المتكرر للكهرباء الذي جعل الصيف لا يحتمل وأدى بالمدينة إلى الكساد. وقال جهانجير في مقابلة عبر الهاتف: «قمت بطلاء آلاف السيارات، لكن انقطاع التيار الكهربي المتكرر، والتكلفة العالية لاستئجار الكومبروسر، من الباعة الآخرين جعلني أفكر في جهاز بديل، وشيئا فشيئا بدأت في جمع مواد الكومبروسر الخاص بي والقادر على العمل دون الحاجة إلى الكهرباء».
قام جهانجير ببناء جهاز الرش المتنقل المثبت على دراجة نارية لإنجاز العمل بشكل أسرع وأكثر سهولة. وقال: «أنفقت ما بين 4000 و5000 روبية لشراء دراجة نارية مستعملة وحولتها إلى جهاز لرش الطلاء وتحظى بطلب جيد عليها. وقد نجحت في بيع أكثر من 20 جهازا يصل ثمن الواحد منها ما بين 13.000 إلى 14.000 روبية». هذه الوحدة المحمولة يمكن اصطحابها إلى أي مكان، ويضيف جهانجير: «أنا أبحث عن مزيد من المشترين. هناك أشخاص قاموا بتقليد اختراعي لكني أشعر بالفخر عندما أراهم يستخدمون التكنولوجيا التي اخترعتها». لم تتوقف عبقريته عند هذا الحد، فإضافة إلى جهاز رش الطلاء المتنقل، قام بتحويل دراجة نارية مستعملة إلى آلة حديثة قادرة على العمل كغسالة، وعصارة قصب متنقلة، ومولد كهرباء بل وحتى ماكينة طحين. واليوم لا تبدي عائلته قلقا بشأن انقطاع التيار الكهربائي لأن الدراجة النارية توفر لهم الكهرباء للإضاءة وتشغيل المروحة وجهاز التلفزيون.
كما ظهر الاختراع الاستثنائي لهذا الرجل غير المتعلم، مطحنة الدقيق التي تعمل بالدراجة النارية، التي اخترعها قبل 20 عاما في الفيلم الهندي «الأغبياء الثلاثة». أثار رد الفعل تجاه الاختراع حماسة جهانجير لاستخراج براءات اختراع لآلاته في مؤسسة الابتكارات الوطنية في أحمد آباد. وقال جهانجير، الذي اشترى مطحنة دقيق من سوق الخردة وقام بتوصيلها بالدراجة النارية: «جاءتني فكرة مطحنة الدقيق التي تعمل بالدراجة النارية عندما لم تتمكن زوجتي من طحن القمح بسبب طول انقطاع التيار الكهربي. لكن هذه الآلة قادرة على العمل 4 ساعات متصلة بكيلو واحد من البنزين». وأشار إلى أن اختراعاته كانت سببا في لقائه رئيس الهند السابق عبد الكلام. ويقول: «أعجب عبد الكلام بعملي وقال لي إنه تأثر للغاية بها. أنا أقدر حقا هذه الذكريات. أشعر بأنني مبارك حقا. اعتادت زوجتي أن تسألني، هل ستساعدك هذه الاختراعات في كسب المال؟ لكنها الآن تقدر عملي وهي سعيدة به للغاية».
بناء على نفس مبدأ مطحنة الدقيق، حول جهانجير الدراجة النارية إلى غسالة. يتم تشغيلها عبر محرك بمساعدة محرك الدراجة النارية بمساعدة حزام على شكل حرف «v» ونظام نقل الحركة. هذه الغسالة يتم ملؤها من الأعلى لكنها تعمل كغسالة يمكن وضع الملابس فيها من الأمام، وتساعد في توفير الطاقة والماء مقارنة بالغسالة التي توضع الملابس فيها من الأعلى. ونفس الأسطوانة تعمل أيضا كملف. من بين ما يعتز به جهانجير تلك الورقة التي كتبت على عجل التي ابتسم بخجل وهو يقرؤها وموقعة من الممثل «أمير خان»، بطل فيلم «الأغبياء الثلاثة»: «إلى العزيز، جهانجير، مخترع الحياة الواقعية، لا تنقطع عن الابتسام».
الناس في جالغاون يصفونه بـ«الرجل المجنون». كان هناك كثير من المنتقدين الذين لم يرشدوه أو يدعموه. واليوم، ولدهشة كثير من الأفراد في جالغاون، شق جهانجير طريقه كي يصبح واحدا من أبرز المخترعين. ويقول جهانجير، الذي يشعر أن هذا التقدير أمر لا يستطيع المال شراؤه: «الناس التي كان تسخر مني في السابق، أصبحت موضع تقدير لديهم الآن، فقد كتبت وسائل الإعلام عني، وحظيت بكثير من الدعاية، وأصبحت صوري الآن تنشر في الصحف».
أنشئت مؤسسة الابتكار الوطنية قبل 9 سنوات من قبل الحكومة الهندية لدعم وتأييد الاختراعات من القاعدة الشعبية. وتمتلك شبكة «هاني بي» 140.000 اختراع من 545 مقاطعة في قاعدتها، وتستقبل 220 طلبا في الهند مقابل كل طلب واحد في الولايات المتحدة. أوضح مسؤول الابتكارات في وكالة الابتكارات الوطنية، فيبين كومار: «إن ما يزيد على 50 تكنولوجيا نقلت إلى الشركات، ويحصل المخترعون على فوائد، ونحو 5 في المائة من المبيعات».
اخترع محمد إدريس، الذي كان الصف الخامس آخر عهده بالتعليم وعمل حلاقا في منطقة ميروت في غرب ولاية أوتار باراديش، آلة لقص شعر الخيل في نصف الوقت الذي تستغرقه ماكينات قص الشعر الكهربائية التي يصعب العثور عليها. تمكن إدريس من تطوير ماكينة حلاقة تعمل عبر دراجة ينتقل فيها دوران الدراجة عبر سلك السرعة إلى المقص لقص الشعر.
تشمل الأجزاء الرئيسة لهذه الآلة ماكينة الحلاقة، وسلك السرعة والسلسلة وآلية سرعات. تقضي ماكينة قص شعر الخيول التي تعمل بالدراجة على العمل الشاق للتمشيط والترتيب والقص التدريجي ومنح اللمسة النهائية لشعر الحيوان، التي تتطلب ساعات إذا ما تم القيام بها بشكل يدوي. ومن ثم يمكن أن تستخدم هذه الآلة في المناطق التي لا توجد فيها الكهرباء، ولذا فإنها تجعل مالك هذه الوحدة يقوم بالعمل الأساسي بمفرده، في الوقت الذي يحافظ فيه على الوظيفة الأساسية للدراجة. ويمكن استخدام الدراجة دون أي مشكلات بعد فصل السلسلة التي تقود سلك السرعة. في عام 2005 التقاه وفد من المؤسسة الوطنية للاختراعات، ونشروا اختراعه على مستوى الهند ومنحوه جائزة الابتكار في عام 2005. وقال إدريس الذي حصل على براءة اختراع باسمه: «أعطاني الرئيس عبد الكلام جائزة وربت على كتفي».
القدرة الهندية على الابتكار ليست جديدة، وتجسدها كلمة «jugaad» الهندية التي تشير إلى القدرة على التوصل إلى حل - ميكانيكي أو بخلافه - لمشكلة. دخلت كلمة «jugaad» قاموس المعجم السائد لتعرف بأنها قدرة الشركات الهندية على إيجاد حلول تكنولوجية. وقد وجدت طريقها أيضا إلى بعض مناهج التعليم في كليات إدارة الأعمال.. فقد اخترعت الطالبة ريميا جوسيه، من مقاطعة مالابورام في ولاية كيرالا، غسالة ملابس تعمل ببدالة دراجة عندما مرضت والدتها وأصيب والدها بالسرطان. وقد أعدت قناة «ديسكفري» فقرة عن اختراعها، وهي متداولة الآن على الإنترنت.
حدث كل ذلك بسبب مرض والدة ريميا خلال امتحانها في الصف العاشر وخضوع والدها للعلاج من مرض السرطان. كان عليها أن تستقل 3 حافلات خلال ذهابها وعودتها من المدرسة وما هو يتطلب ساعتين من السفر يوميا. ونظرا لأن الأسرة لا تمتلك غسالة ملابس فلم يكن هناك من يقوم بهمة غسيل ملابسها وملابس شقيقتها التوأم؛ لذا قررت أن تجرب حظها في صنع واحدة خلال العطلة. راقبت ريميا عمل الغسالة الكهربائية ورأت استبدال القوة الميكانيكية بالطاقة الكهربائية. قامت بصنع نموذج أساسي وأخذها والدها إلى ورشة سيارات قريبة وطلبت من العاملين أن يصنعوها لها خلال ساعات راحتهم ووافقت على أن تدفع لهم.
ثم اشترى المواد بحسب تعليمات ابنته وحملها إلى الورشة. وكان عليها أن تشرح للميكانيكي شخصيا كيفية تنفيذ غسالة الملابس. يعتبر هذا الاختراع بسيطا للغاية ومثيرا للدهشة. ويتكون من حاوية من الألمنيوم مرتبطة بأسطوانة أفقية مصنوعة من أسلاك الحديد الخالصة. ترتبط الأسطوانة بنظام التبديل الذي يتكون من سلسلة الدراجة وبدالين ومقعد - عادة ما توجد في صالات الألعاب الرياضية - مرتبطة بالحاوية. توضع الملابس داخل الأسطوانة وتملأ الكابينة بالماء إلى مستوى الملابس، ويضاف إليها مسحوق الغسيل وتترك لمدة 10 دقائق، ثم يتم التبديل لـ3 إلى 4 دقائق. تدور البدالة بسرعة عالية للغاية وبداخلها الملابس، لتنظفها على الفور. يتم تصفية المياه المشبعة بالصابون ثم يعاد ملء البرميل ويتم تكرار العملية. ومن خلال استخدام البدال يتم طرد الملابس مركزيا وتصبح جافة بنسبة 80 في المائة. وقد منحتها وكالة الابتكار الوطنية براءة اختراع لغسالتها.