الأمر الأول: اتفاق المسلمين على أن معاوية بن أبي سفيان كان من الطلقاء، أي الذين دخلوا الإسلام عنوة (بغير رغبة، رغماً عنهم) عند فتح مكة، وكان من المؤلفة قلوبهم، ولم يثبت بدليل صحيح أن معاوية حسُن إسلامُه بعد ذلك، بل الأمور التي يلي ذكرُها تدل على أن الرجل بقي يضمر العداء للإسلام وأهله.
الأمر الثاني: اتفاق المسلمين أنه شق عصا الجماعة، وحارب الخليفة الراشد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ) ، ورووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، أَوْ يُرِيدُ يُفَرِّقُ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَائِنًا مَنْ كَانَ، فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ)
.
ومن المعلوم أن معاوية لم يفارق الجماعة فحسب، بل حارب إمام الجماعة، والخليفة الراشد، وتسبب عصيانه وحربُه في سفك دماء آلاف المسلمين، وفيهم الصحابة الأخياء، والتابعين لهم بإحسان.
الأمر الثالث: اتفاق المسلمين أنه عادى الإمام علياً، حيث حاربه أشد المحاربة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) ، فمعاوية - نظراً إلى هذا الحديث الصحيح - معاد لله تعالى، وعدو الله ملعون، ولا يجوز موالاته. كما أن النبي صلى الله عليه وآله قال للإمام علي الحسن والحسين والزهراء سلام الله عليهم - : (أنا حرب لمن حاربكم، وسلمٌ لمن سالمكم) ، فمعاوية محارب لرسول الله صلى الله عليه وآله، ومحارب النبي كافر لا تجوز موالاته بحال.
الأمر الرابع: قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من سبَّ علياً فقد سبَّني) . وقد روى علماء أهل السنة (سنن ابن ماجة) أن معاوية نال (أي سبّ وانتقص) من الإمام علي، ورووا (صحيح مسلم) أنه أَمَرَ سعدَ بن أبي وقاص بسب الإمام علي عليه السلام. فلما كان سب الإمام علي هو سب للنبي، وساب النبي كافر، فساب الإمام علي كافر.
الأمر الخامس: روايتهم أنَّ معاوية كان يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف . [مسند أحمد بن حنبل 5 : 325 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم 3 : 356 ـ 357 ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 26 : 197 ... وغيرها . وقال الله تعالى : (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) التوبة : 67]
الأمر السادس: روايتهم أنَّ معاوية كان يأمر بأكل المال بالباطل وقتل النفس . [صحيح مسلم 6 : 18 كتاب الإمارة ، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول ، ومسند أحمد 2 : 161 ... وغيرها]
الأمر السابع: روايتهم أنَّ معاوية كان يستحلُّ شرب المُسكر بعد تحريمه. [مسند أحمد بن حنبل 5 : 347 دار صادر ـ بيروت . وقال السيد السقاف في حاشية "دفع الشُّبَه" (ص238) : رجاله رجال مسلم]
الأمر الثامن: ما ذكره ابن عبد البر من أنَّه تآمر مع طبيب يهوديٍّ لقتل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد [مذكور ضمن الصحابة] بالسُّم . [الاستيعاب لابن عبد البر 2 : 830]
الأمرالتاسع: روايتهم أنَّه أمر بقتل الصحابي الجليل حُجر بن عدي بغير ذنب. [أُسد الغابة 1 : 385 ـ 386 ، و سير أعلام النبلاء 3 : 462]
الأمر العاشر: روايتهم أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لعنه . [المعجم الكبير للطبراني 3 : 71 ـ 72 برقم 2698 ، و17 : 176 . وكتاب وقعة صفين ص220 ، والطبقات الكبرى لابن سعد 7 : 78]
الأمر الحادي عشر: روايتهم أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر بقتله إذا صعد منبر النبي. [رواه ابن عدي في الكامل 7 : 83 عن أبي سعيد الخدري، وسنده فيه ضعف يسير، ولكنه يرتفع إلى درجة الحسن برواية البلاذري في أنساب الأشراف 5 : 130 ، برقم (378) عن عبد الله بن مسعود . وقد صح السند عن الحسن البصري برواية البلاذري في أنساب الأشراف 5 : 128 ـ 129 ، ورواية ابن عدي في الكامل 5 : 103 . فالرواية صحيحةٌ بمجموع طرقُها]
الأمر الثاني عشر: عند غير واحد من علماء أهل السنة أنَّ مقتل الإمام الحسـن - عليه السلام - كان بالسُّـمِّ الذي دسَّـه معاويةُ عبر زوجة الإمام: جعدة بنت الأشعث. [الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر 1 : 389 . ونصُّ ما في المصدر: وقال قتادة وأبو بكر بن حفص: سُمَّ الحسن بن عليٍّ . سمَّته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي . وقالت طائفة: كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها، وما بذل لها من ذلك . وحكاه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص (ص181) عن الشعبي ، وكذا عن ابن سعد في الطبقات . وحكاه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16 : 11 عن الحافظ المدائني]