|
عضو نشط
|
رقم العضوية : 25787
|
الإنتساب : Nov 2008
|
المشاركات : 245
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
ذكرى وفاة الامام محمد الجواد عليه السلام ..
بتاريخ : 23-11-2008 الساعة : 03:03 PM
الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) ودوره القيادي:
في ذي القعدة من سنة 220 للهجرة وقيل 225 للهجرة بخلافة المعتصم. ودفن في مقابر قريش مع جده موسى الكاظم عليهما السلام. وكان عمره 25 سنة.
وقد نص عليه أبوه الرضا (ع) بالإمامة، وكان أفضل أهل زمانه، وقد جمع المأمون العلماء لمناظرته وهو صبي فغلبهم في علمه وفضله، فزوجه المأمون إبنته أم الفضل.
......................
مناظرة الإمام محمد الجواد عليه السلام مع يحيى ابن أكثم:
لما ثَقُلَ على العباسيين أمر تزويج الإمام محمد الجواد من ابنة المأمون قال لهم: ويحكم إني أعْرَفُ بهذا الفتى منكم، وإن شئتم فامتحنوه، فإن كان كما وصفتم قَبِلْتُ منكم، فقالوا: لقد رضينا لك ولأنفسنا بامتحانه فَخَلِّ بيننا لنعين من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة فإن أصاب الجواب لم يكن لنا اعتراض ... ثم اجتمع رأيهم على يحيى بن أكثم وهو يوم ذاك قاضي القضاة، على أن يسأل مسألة لا يعرف الجواب عنها، ووعده بأموال نفيسة إن هو استطاع ذلك. وعادوا إلى المأمون يسألونه أن يعين يوماً لهذه المناظرة. وفي اليوم الذي عينه المأمون حضر الإمام (ع) وقاضي القضاة والمأمون وجلس الناس على مراتبهم، واستأذنه يحيى بن أكثم في السؤال فأذن له فقال: أصلحك الله يا أبا جعفر ما تقول في مُحْرِمٍ قتل صيداً، فقال الإمام (ع) وهو ابن سبع سنين وأشهر: قتله عمداً أو خطأً، حراً كان أم عبداً، صغيراً كان أو كبيراً، مبتدئاً بالقتل أم معيداً، من ذوات الطير كان الصيد أم من غيره، من صغار الصيد كان أم من كباره، مصراً على ما فعله أو نادماً، في الليل كان قَتْلُه للصيد في أوكارها أم نهاراً وعياناًَ محرماً كان للعمرة أو للحج؟!
فتحيَّر يحيى بن أكثم وانقطع انقطاعاً لم يخفَ على أحد من أهل المجلس وبان في وجهه العجز والانقطاع وتلجلج حتى عرف الناس منه ذلك .. فطلب المأمون من الإمام (ع) أن يذكر الحلول لتلك الفروض. وبعد أن أجاب عنها بكاملها اسودت وجوه العباسيين.
وأضاف الرواة لذلك أن المأمون طلب من الإمام أبي جعفر أن يسأل يحيى بن أكثم كما سأله فأجابه الإمام وقال ليحيى: أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليه، فلما ارتفع النهار حلت له،فلما زالت الشمس حروت عليه، فلما دخل عليه وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل عليه وقت عشاء الآخرة حلت له، فلما انتصف الليل حرمت عليه، وبطلوع الفجر حلت له. فما حال هذه المرأة وبما حلت له وحرمت عليه؟ فقال يحيى بن أكثم: والله لا أهتدي لجوابك ولا أعرف الوجه في ذلك فإن رأيت أن تفيدنا. فقال أبو جعفر (ع): هذه أَمَةٌ لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليها، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلَّت له، فلما كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلَّت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له.
فأقبل المأمون على من حضره من اهل بيته فقال لهم: هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال فقالوا: لا والله إن أمير المؤمنين أعلم بما رأى. ثم قال لهم كما يدعي الراوي: ويحكم إن أهل هذا البيت خُصُّوا من بين الخلق بما ترون من الفضل وإن صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم أن رسول الله (ص) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو ابن عشر سنين وقَبِلَ الإسلام منه وحكم له ولم يدع أحداً في سنه غيره، أفلا تعلمون الآن ما خصَّ الله به هؤلاء القوم وأنهم ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لأولهم، فقالوا: صدقت يا أمير المؤمنين. وتم الزواج بعد هذا الحوار.
وفاته عليه السلام:
جاء في الروايات أن المعتصم دفع زوجة الإمام محمد الجواد (ع) أم الفضل بنت المأمون على قتله لأنها كانت منحرفة عنه وتغار من زوجته المفضلة عنده أم أبي الحسن علي الهادي (ع) وبعد أن وضعت له السم في العنب نَدِمَتْ على ذلك.
لقد مات (ع) في ريعان شبابه وهو رهن الإقامة الجبرية في بغداد ودُفِنَ في مقابر قريش إلى جانب جده أبي الحسن موسى بن جعفر حيث مشهدهما الآن كعبة للوافدين ويستجير بهما الخائفون ويطمع في شفاعتهما المذنبون ويتوسل بهما ذوو الحاجات إلى الله.
(أ) استلام الخلافة:
الإمام الجواد(عليه السلام) أصغر الأئمة سناً، استلم الخلافة الشرعية وعمره ثماني سنوات أو أقل وإن هذا الأمر أي صغر السن لدرس بالغ من الله سبحانه لأولئك الفقهاء الكبار الذين تتلمذوا على يد الإمام الكاظم والإمام الرضا(عليهم السلام) كيف يتم الأمر لصبي صغير وأن يذعنوا له ويطيعوه ؟ امتحان عسير لهم ولكن المؤمنين يعرفون أن الإمامة منصب إلهي ـ كما قلنا سابقا ـ لا يرتبط بالعمر والدرس والشكل ـ إنما هو تعيين إلهي كالنبوة، وهذا الدرس غير مقتصر على تلك الفترة بل هو درس لكل المسلمين ليضعوا الميزان الحقيقي في تقييم المؤمنين والفقهاء ورجال الفكر فلا عبرة بالسن والأعمار بل العبرة بالعلم والتقوى والعدالة والعمل الصالح. . . فالنبي عيسى كلم الناس في المهد بقدرة الله سبحانه.
المهم استلم الخلافة ضمن ظروف خاصة وهو يرى قاتل أبيه الرضا لا زال في الحكم والقاعدة الجماهيرية على سعتها بحاجة إلى الإمداد الفكري والجهادي فاستمر في عمله الدؤوب حتى استشهد مسموماً بأمر الخليفة المعتصم وعمره ـ حوالي ـ خمس وعشرون عاماً !!
(ب) الخطة الماكرة للنظام الحاكم:
استمراراً لمكر المأمون مع الإمام الرضا(عليه السلام) وبنفس الطريقة أراد احتواء الإمام الجواد(عليه السلام) في رسميات الخلافة القائمة لتكثيف العيون الحكومية التابعة للسلطان حول الإمام ليحصوا عليه أنفاسه وتحركائه من ناحية ومن ناحية أخرى ليتم عزل الإمام الجواد(عليه السلام) عن القاعدة الاجتماعية الواسعة والمتنفّذة في وسط الأجهزة الحاكمة وبتحقيق هذين الهدفين سيسيطر النظام الحاكم على أكبر المنافسين له وأخطرهم عليه وسيظهر نفسه بالمقابل أنه نظام المتشرعيين والمحبين لآل البيت مما يكسب قلوب عامة الناس. . هذا لو عرفنا بالذات إن المأمون يدرك أهمية الجواد(عليه السلام) ويفهم وجود أئمة أهل البيت هو الخطر الأكبر على سلطانه وكان يعرف مدى تأثيرهم الواسع على الجماهير المسلمة لذلك كان يعيش ـ كما قلنا في عهد الإمام الرضا ـ نظام المأمون أزمة خانقة من الناحية الاجتماعية حيث الضغوط الجماهيرية ضده ومن الناحية التشريعية حيث فقدان جانب العلم والفقه والتفسير ومن الناحية النفسية حيث المظالم وتعذيب الناس وبالمقابل يتصاعد العمل الثوري من قبل المعارضين وبالذات العلويين بشكل ملموس فلهذه الحالة المتأزمة تكرّست فكرة المأمون في احتواء الإمام الجواد(عليه السلام) ليشكل الغطاء الشرعي له وينقذ نظامه المتهاوي وبالفعل ضغط على الإمام بصورة معينة ليتزوج من ابنته(أم الفضل) وبالفعل تم ذلك. فإما أن تكون زوجته العنصر المخرب لأعمال الإمام من الداخل أو بالعكس ستحجب عنه العيون وتكون عنصراً ضاغطاً على الخلافة الرسمية لإنجاح أعمال الإمام والخلافة الشرعية.
(ج) خطة الإمام الذكية:
أمام هذه المؤامرة المدبرة ليلاًَ قام الإمام بدوره القيادي ضمن الخطة الذكية التي تمتاز بما يلي:
1ـ الانفلات من قبضة النظام.
2ـ الثورة الثقافية.
3ـ العمل الاجتماعي.
4ـ العمل الثوري.
1ـ الانفلات من قبضة النظام:
فقد استطاع الإمام الجواد(عليه السلام) أن ينفلت من قبضة النظام بقبول الزواج من ـ أم الفضل ـ لأن الرفض كان يؤدي إلى ردّ فعل أحمق يقوم به المأمون ثائراً لكرامته الشخصية حينما يرفض ابنته هذا من جانب ومن جانب آخر استطاع الإمام أن ينفلت من القبضة الحديدية في بغداد العاصمة حين أصر بالعودة للمدينة المنورة ومن الطبيعي وجود أعداد كبيرة من عيون النظام وجواسيسه في العاصمة فربما يطوقون الإمام تماماً ويعزلونه عن الجماهير.
فلذلك نرى أن إصرار الإمام على الخروج من بغداد إلى المدينة وقبوله الزواج من بنت المأمون فبهاتين العمليتين استطاع الإمام الجواد(عليه السلام) أن يفوت خطة النظام الماكرة. . وحينما أفلس النظام الحاكم من احتوائه وشعر بخطورته الجدية على الحكم دس الخليفة المعتصم للإمام الجواد(عليه السلام) سماً فقتل شهيداً مسموماً ببغداد ـ وهذا ديدن الطواغيت المتجبرة في الأرض ـ.
2 ـ الثورة الثقافية:
استمر الإمام الجواد(عليه السلام) في الثورة الثقافية والفكرية في المدينة المنورة إكمالاً لدور الإمام الرضا(عليه السلام) من قبله وبالرغم من صغر سنه إلا أنه استطاع أن يفحم كبار الفقهاء في عصره وبحضور المأمون العباسي نفسه وطبعاً ان هذه المناظرات سجلت للإمام الجواد نصراً علمياً وسياسياً في نفس الوقت إلا أن المأمون كانت له أهدافه الخبيثة في تسليط الضوء على الإمام ليكشفه شخصياً أمام رجال الدولة ليحسبوا له ألف حساب في المستقبل من دون النظر إلى حجمه وصغر سنه، لذلك كان الجواد(عليه السلام) لا يرغب في خوض هذه المناظرات الفقهية والاجتماعية حتى يظهر من بعض الروايات عدم قبول الإمام في بداية المناظرة في خوض غمار التساؤلات العديدة ولكن بعد الإلحاح الشديد أحياناً كان يتحدث الإمام ليستفيد المسلمون وتستفيد الحركة الرسالية إيجابياً وكان بعمله هذا يبرهن للعالم بأن الإمام المعصوم والقائد الحقيقي هو الرجل الأعلم بشؤون الدين والثقافة والإدارة والسياسة، وبالرغم من صغر سن الإمام كان ينبري في الإجابات مما يذهل الخليفة والقضاة ورجال الفكر وقاضي القضاة ـ آنذاك ـ كان يحيى بن أكثم. فمثلاً حينما سأله يحيى بن أكثم في حضور المأمون والقضاة ومجموعة من الناس قائلاً. أصلحك الله يا أبا جعفر ما تقول في محرم قتل صيداً. . فقال الإمام ـ وهو ابن سبع سنين وأشهر ـ كما يدعي ابن الجوزي في تذكرته ـ (قتله في حل أو حرم، عالماً أم جاهلاً، قتله عمداً أو خطأ، حراً كان أم عبداً، صغيراً كان أم كبيراً، مبتدئاً بالقتل أم معيداً، من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها، من صغار الصيد كان أم من كباره، مصرّاً على ما فعل أو نادماً، في الليل كان قتله للصيد في أوكارها أم نهاراً وعياناً، مُحرماً كان للعمرة أو للحج. . ) فتحير يحيى بن أكثم وانقطع انقطاعاً لم يخف على أحد من أهل المجلس وبان في وجهه العجز والانقطاع وتلجلج حتى عرف الناس منه ذلك(72).
ثم أجاب الإمام الجواد (عليه السلام) على كل فرع من الفروع التي ذكرها بالتفصيل مما زاد في حيرة الحضور جميعا. ثم طلب المأمون من الإمام الجواد(عليه السلام) أن يسأل يحيى بن أكثم كما سأله فسأله فعجز عن الإجابة ـ وتفصيل بعض المناظرات موجود في كتب سيرة الأئمة (عليهم السلام).
3ـ العلم الاجتماعي:
توسع الإمام جماهيرياً على طريقة الأئمة السابقين لأن العمل الاجتماعي هو الأرضية الطبيعية لصناعة التغيير والإصلاح والجهاد والثورة ومتى ما عزل الإمام أو أي مصلح آخر عن الجماهير فسيموت سياسياً وجهادياً أيضاً مثله مثل السمكة التي لا بد لها من الماء كي تسبح فيه والمؤمن المصلح لا بد أن يسبح في بحر الجماهير ليؤدي دوره بينهم، والإمام هو القدوة الحسنة في كل القيم والصفات النبيلة.
4ـ العمل الثوري:
قامت في زمن الإمام الجواد(عليه السلام) عدة ثورات علوية مناهضة للحكم من أبرزها ثورة محمد بن القاسم فكان الإمام يغذي هذه الثورات ويدفعها للعمل والكفاح المتواصل لتحقيق الأهداف المقدسة لذلك ما وجدت السلطة مخلصاً من تحرك الإمام إلا بتصفيته جسدياً وتم ذلك للمعتصم ببغداد.
|
|
|
|
|