من ألقاب الذرّيّة النبويّة المباركة
(الألقاب الهاشمية )
انطلاقاً من التأكيد القرآني على وجوب المحبّة الثابتة والمودّة لأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله.. عُرفت للذرّيّة النبويّة خلال التاريخ ألقاب عديدة خاصة بأبناء عليّ وفاطمة عليهما السّلام وذراريهم، بدافع التكريم والمحبّة والتعظيم. وجاءت الأحاديث النبويّة وأخبار أئمّة أهل البيت عليهم السّلام لتعضد هذه المحبّة، ولترسّخ في نفوس المسلمين هذه المودّة الواجبة.
من هذه الألقاب التي كانت تنمو وتتطور في الاستعمال اليومي عبر الأجيال والقرون: لقب الشريف (الأشراف أو الشرفاء)، والسيّد (السادة أو السادات)، والنقيب (النقباء)، والأمير، والمير، والميرزا، وكذلك ألقاب أخرى محدودة الاستعمال في الزمان والمكان، مثل: كيا، وكاركيا، وستي.
ومن الجلي أنّ لأفراد هذه الذرّيّة النبويّة المباركة (التي هي الكوثر، حسب التعبير القرآني) تعابير أخرى يُعرفون بها. وهي تعابير عامّة شائعة تدلّ على شرف الانتساب وقدسيّة الأصل الذي صدروا منه، من قبيل: آل البيت، أهل البيت، آل طه، آل ياسين، آل محمّد، آل أحمد، آل الرسول، آل حم، ذريّة الرسول، سلالة النبيّ، الهواشم... وغيرها كثير.
السيّد:
لفظة « السيّد » من أوزان الصفة المشبّهة، وقد استعمل للدلالة على معانٍ مختلفة. وجمعُ « سيّد »: أسياد، وسادة، وسَيائد. وجمع الجمع: سادات.
وأشهر معاني هذه اللفظة في اللغة: الماجد، الشريف، رئيس القوم، الزوج، المالك، العابد، الزاهد، الصَّبور، الكريم، السخيّ .
وفي عرف الأمة المسلمة يُطلق اصطلاح السيّد على أبناء النبيّ صلّى الله عليه وآله من نسل الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام وفاطمة الزهراء عليها السّلام. لكن لا يُعلَم ـ على وجه التحقيق ـ متّى بدأ استعمال هذه اللفظة بهذا المعنى الاصطلاحي الخاص، وإن كنّا نجد باكورة لهذا الاستعمال في قول رسول الله صلّى الله عليه وآله عن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام. .في القرن السادس يذكر ابن شهرآشوب ( المتوفّى سنة 588هـ ) أنّ الناس يسمّون أبناء النبيّ صلّى الله عليه وآله: أهل البيت، وآل محمد، وعترة النبي، وأولاد الرسول، وآل طه، وآل ياسين، وأنّهم يلقّبون كلاًّ منهم بـ « السيّد » و « الشريف » .
ومن هذا يتبيّن أنّ إطلاق لفظة « السيّد » على ذريّة النبيّ صلّى الله عليه وآله كان رائجاً رواجاً واسعاً في القرن السادس الهجري. ونجد في تضاعيف كتاب « الفهرست » للشيخ منتجب الدين ( المتوفّى سنة 585 هـ ) أنّ هذا اللقب يُقرَن بالعلماء من أبناء النبيّ صلّى الله عليه وآله.
أمّا في القرنين الرابع والخامس فقد أورد الشيخ الطوسي والنجاشي لقب « الشريف » في مؤلفاتها لهؤلاء العلماء من هذه الذريّة الطاهرة، مقترناً بلقب « السيّد »، إذ يُعبَّر عن هؤلاء بـ « السيّد الشريف »، ممّا يُفهَم منه أنّ لقب « السيّد » لم يكن ظاهراً ظهوراً جليّاً لهؤلاء السادات إبّان هذين القرنين.
وفي الوقت الحاضر يطلق لقب « السيّد » في العراق وإيران ولبنان وغيرها من البقاع على العلويين من بني هاشم، وفي الحجاز يتميّز السادات من أبناء الإمام الحسن عليه السّلام بلقب « الشريف » في حين تختص لفظة « السيّد » بذرية الإمام الحسين عليه السّلام .
الشريف:
لفظة « الشَّريف » ـ على وزن « فَعيل » ـ من أوزان الصفة المُشبَّهة، بمعنى « فاعِل »، ومصدره: الشرف. والجمع: شُرَفاء وأشراف. ومعناها في اللغة: الحسب والمجد، وذو الشرف: ذو القدر والقيمة .
ويُطلق اصطلاح الشريف والأشراف ـ بين مسلمي الأقاليم الإسلاميّة ـ على معانٍ متعددةٍ؛ فالشريف في عرف اكثر المجتمعات المسلمة ـ وخاصة بين العرب ـ يُطلق على أبناء الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، سواء أكانوا من نسل الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السّلام أم كانوا من نسل سواها. وفي بعض البلدان الإسلاميّة يراد بهذا المصطلح: بنو هاشم عامة. وقد يراد به في مناطق أخرى مَن كانت أمّه من السادات. وفي بعض المناطق تطلق لفظة الشريف على أبناء الإمام علي عليه السّلام من فاطمة الزهراء عليها السّلام.
وقد كان إطلاق « الشريف » على ذريّة النبيّ صلّى الله عليه وآله من نسل علي وفاطمة عليهما السّلام متداولاً بين المسلمين منذ القرون الأولى، سواء أكانوا من أبناء الإمام الحسن عليه السّلام أو الإمام الحسين عليه السّلام، أو كانوا من نسل الإمام عليّ عليه السّلام من ولده محمد ابن الحنفية، أو كانوا من نسل جعفر بن أبي طالب، أو عقيل بن أبي طالب، أو من ذرية العباس بن عبدالمطّلب عمّ النبي صلّى الله عليه وآله الذي انحدرت منه الأسرة العباسية.
وهناك من يذهب إلى أنّ الشريف كان في بغداد لقباً لكلّ من انتسب إلى بني العباس، وكان يطلق في مصر على العلويّين عامّة. في حين يرى بعضهم أنّ هذا اللقب استُعمل في شرق العالم الإسلامي وغربه فيما يتّصل بالسادات الحسنيين أو الحسينيين .