وُلد عليه السلام في يوم الأحد في السابع من شهر صفر سنة (128) هـ في الابواء ، منزل بين مكة والمدينة. اسمه الشريف موسى، وكنيته المشهورة أبو الحسن وأبو ابراهيم، وألقابه الكاظم والصابر والصالح والأمين، ولقبه المشهور الكاظم، وذلك لكثرة كظمه الغيظ وعدم دعائه على أعدائه مع ما لقى منهم حتى أنه سلام الله عليه حينما كان في السجن كانوا ينصتون إليه في الخفاء رجاء أن يسمعوا منه دعاء عليهم إلا انهم لم يسمعوا ذلك منه قط.
قال ابن اثير ـ وهو من معتصبي أهل العامّة ـ :
«وكان يلقّب الكاظم لأنّه كان يُحسن الى من يسيء اليه، وكان هذا عادته أبداً».
قد قال له أصحابه تقية: العبد الصالح أو الفقيه أو العالم وغير ذلك، ويعرف بباب الحوائج عند الناس، والتوسّل به لشفاء الامراض الظاهريّة والباطنيّة سيّما وجع الاعضاء والعين نافع ومجرّب.
وكان نقش خاتمه عليه السلام (حسبي الله) وعلى رواية (الملك لله وحده)، وكانت أمّه حميدة المصفّاة، من الأشراف الأعاظم وكان الامام الصادق عليه السلام يقول: حميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتى اُدّيت كرامة من الله لي والحجة من بعدي.
روى الشيخ الكليني والقطب الراوندي وغيرهما انّه: دخل ابن عكاشة بن محصن الأسدي على أبي جعفر عليه السلام وكان أبو عبد الله عليه السلام قائماً عنده فقدّم إليه عنباً، فقال: حبّة حبّة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعة من يظنّ أنّه لا يشبع وكله حبّتين حبّتين فإنّه يُستحب.
فقال لأبي جعفر عليه السلام: لأيّ شيء لا تزوّج أبا عبد الله عليه السلام فقد أدرك التزويج؟ قال: وبين يديه صرّة مختومة، فقال: أما إنّه سيجيء نخّاس من أهل بربر فينزل دار ميمون، فنشتري له بهذه الصرّة جارية، قال فأتى لذلك كما أتى، فدخلنا يوماً على أبي جعفر عليه السلام فقال: ألا أخبركم عن النخّاس الذي ذكرته لكم؟ قد قدم فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرّة منه جارية.
قال: فأتينا النخّاس، فقال: قد بعت ما كان عندي الا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الأخرى، قلنا: فأخرجهما حتى ننظر اليهما فأخرجهما، فقلنا: بكم تبيعنا هذه (الجارية) المتماثلة)؟ قال: بسبعين ديناراً، قلنا أحسن، قال: لا اُنقص من سبعين ديناراً، قلنا له: نشتريها منك بهذه الصرّة ما بلغت ولا ندري ما فيها.
وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال: فكّوا (الخاتم) وزنوا، فقال النخّاس: لا تفكّوا فانّها إن نقصت حبة من سبعين ديناراً لم أبايعكم، فقال الشيخ: ادنوا، فدنونا وفككنا الخاتم ووزنّا الدنانير فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص، فأخذنا الجارية فادخلناها على أبي جعفر عليه السلام وجعفر عليه السلام قائم عنده. مقام امّه الكريمة
فأخبرنا أبا جعفر عليه السلام بما كان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لها: ما اسمك؟ قالت: حميدة، فقال: حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة. (أخبريني عنك أبكر أم ثيّب؟ قالت: بكر، قال: كيف ولا يقع في أيدي النخّاسين شيء الا أفسدوه، فقالت: قد كان يجيئني فيقعد مني مقعد الرجل من المرأة فيسلّط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية، فلا يزال يلطمه حتى يقوم عنّي، ففعل بي مراراً وفعل الشيخ به مراراً.
فقال: يا جعفر خُذها إليك، فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر عليه السلام).
أقول: الظاهر من بعض الروايات انّها كانت في غاية العلم والفقاهة والتبحر في أحكام الدين حتى ان الامام الصادق عليه السلام كان يأمر النساء بالرجوع إليها في أخذ الأحكام.
وروى الشيخ الكليني والصفّار وغيرهما عن أبي بصير انّه قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في السّنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام فلمّا نزلنا الأبواء وضع لنا أبو عبد الله عليه السلام الغداء ولأصحابه، واكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدّى إذ أتاه رسول حميدة: (أنّ الطلق قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا).
فقام أبو عبد الله عليه السلام فرحاً مسروراً فلم يلبث أن عاد الينا حاسراً عن ذراعيه ضاحكاً سنّه، فقلنا: أضحك الله سنّك وأقرّ عينيك ما صنعت حميدة؟ فقال: وهب الله لي غلاماً وهو خير من برأ الله ولقد خبّرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها.
قلت: جعلت فداك وما خبّرتك عنه حميدة؟ قال: ذكرت انّه لمّا وقع من بطنها وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها انّ تلك امارة رسول الله صلى الله عليه وآله وامارة الامام من بعده...
وروى الشيخ البرقي (في المحاسن) عن منهال القصاب قال: خرجت من مكة وأنا أريد المدينة، فمررت بالأبواء وقد ولد لأبي عبد الله عليه السلام، فسبقته إلى المدينة ودخل بعدي بيوم فأطعم الناس ثلاثاً، فكنت آكل فيمن يأكل، فما آكل شيئاً إلى الغد حتى أعود فاكل، فمكثت بذلك ثلاثاً أطعم حتى أرتفق ثم لا أطعم شيئاً إلى الغد.
قيل للصادق عليه السلام: ما بلغ بك من حبّك ابنك موسى؟ قال: وددت أن ليس لي ولد غيره حتى لا يشركه في حبّي له أحد.
ورى الشيخ المفيد عن يعقوب السرّاج انّه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في المهد، فجعل يسارّه طويلاً، فجلست حتى فرغ، فقمت إليه فقال: اُدن إلى مولاك فسلّم عليه، فدنوت فسلّمت عليه، فردّ عليّ بلسان فصيح، ثم قال لي: إذهب فغيّر اسم ابنتك التي سمّيتها بالحميراء، فقال أبو عبد الله عليه السلام: انتَهِ إلى أمره ترشد، فغيّرت اسمها. في مكارم أخلاقه ونبذة من عبادته وسخائه ومناقبه الفاخرة
قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في حقّه: هو الامام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكبير المجتهد الجاد في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهور بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدي عليه دُعي كاظماً، كان يجازي المسيء باحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يسمّىبالعبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله لنجح مطالب المتوسّلين إلى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول وتقضي بانّ له عند الله تعالى قدم صدق لا تزل ولا تزول.
والخلاصة، انّ الامام موسى الكاظم عليه السلام كان أعبد أهل زمانه وأفقههم وأسخاهم وأكرمهم، وروي انّه كان يقوم الليل للتهجد والعبادة حتى الفجر فيصلّي صلاة الفجر، ويبدأ بالتعقيب إلى طلوع الشمس ثم يظلّ ساجداً إلى قبيل الزوال وكان كثيراً ما يقول: «اللهم انّي أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب» ويكرر هذا الدعاء ومن دعائه أيضاً: «عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك».
وكان يبكي من خوف الله كثيراً حتى تجري دموعه على لحيته وكان اكثر صلة لرحمه من غيره واكثر صلة لفقراء المدينة حتى انّه كان يحمل اليهم كلّ ليلة الذهب والفضة والخبز والتمر وهم لا يعرفونه، ومن كرمه اعتاقُه ألف مملوك.
قال أبو الفرج: كان موسى بن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرّة دنانير وكان صراره ما بين ثلاثمائة إلى المائتين دينار فكانت صرار موسى مثلاً. زين المجتهدين
وروي عنه كثيراً، وكان أفقه أهل زمانه واحفظهم لكتاب الله وأحسنهم صوتاً لتلاوة القرآن ويتلوه بحزن حتى كان يبكي كلّ من سمعه، ولقّبه أهل المدينة بزين المجتهدين وقيل له الكاظم لكظم غيظه وصبره على ما لقى من ظلم الظالمين حتى قتل في سجنهم، وكان يقول انّي لأستغفر كلّ يوم خمسة آلاف مرّة.
قال الخطيب البغدادي ـ وهو من أعاظم أهل العامّة والموثقين والمؤرخين القدماء ـ :
كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وروى اصحابنا انّه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فسجد سجدة في أوّل الليل وسمع وهو يقول في سجوده: «عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة» فجعل يردّدها حتى أصبح.
وفي خبر انّ المأمون قال لما رأى الامام عليه السلام داخلاً على هارون الرشيد: «إذ دخل شيخ مسخّد قد انهكته العبادة كانّه شن بال قد كلم السجود وجهه وانفه».
ونقرأ في ضمن الصلوات الواردة عليه: «حليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة». مناقبه سلام الله عليه
أقول: تجدر الاشارة إلى بعض الروايات في مناقبه الفاخرة عليه السلام:
الاُولى؛ في سجداته وعبادته:
روى الشيخ الصدوق عن عبد الله القروي انّه قال: دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي: ادن، فدنوت حتى حاذيته، ثم قال لي: أشرف على البيت في الدار فأشرفت، فقال: ما ترى في البيت؟ قلت: ثوباً مطروحاً، فقال: انظر حسناً، فتأمّلت ونظرت فتيقّنت، فقلت: رجلاً ساجداً.
فقال لي: تعرفه؟ قلت: لا، قال: هذا مولاك، قلت: ومن مولاي؟ فقال: تتجاهل عليّ؟ فقلت: ما أتجاهل ولكنّي لا أعرف لي مولى، فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام انّي أتفقّده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الاوقات الا على الحال التي أخبرك بها.
انّه يصلّي الفجر فيعقّب ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس، وقد وكّل من يترصّد له الزوال فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس، إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يجدّد وضوءاً فاعلم انّه لم ينم في سجوده ولا أغفى فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر.
فاذا صلّى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجداً إلى أن تغيب الشمس فاذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلّى المغرب من غير أن يحدث حدثاً ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلّي العتمة، فاذا صلّى العتمة أفطر على شويّ يؤتي به ثم يجدّد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة ثم يقوم فيجدّد الوضوء، ثم يقوم فلا يزال يصلّي في جوف الليل حتى يطلع الفجر فلست أدري متى يقول الغلام: انّ الفجر قد طلع، إذ قد وثب هو لصلاة الفجر فهذا دأبه منذ حُوّل إليّ.
فقلت: اتّق الله ولا تحدثنّ في أمره حدثاً يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم انّه لم يفعل أحد بأحد منهم سوءاً الا كانت نعمته زائلة، فقال: قد أرسلوا اليّ في غير مرّة يأمروني بقتله فلم أجبهم إلى ذلك وأعلمتهم انّي لا أفعل ذلك ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني...
الثانية؛ في دعائه للخلاص من السجن:
وروى أيضاً عن ما جِيلَوَيه عن عليّ بن ابراهيم عن أبيه انّه قال: سمعت رجلاً من أصحابنا يقول: لما حبس الرشيد موسى بن جعفر عليه السلام جنّ عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله فجدّد موسى عليه السلام طهوره واستقبل بوجهه القبلة وصلّى لله عز وجل أربع ركعات ثم دعا بهذه الدعوات فقال:
«يا سيدي نجّني من حبس هارون وخلّصني من يده، يا مخلّص الشجر من بين رمل وطين، ويا مخلّص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلّص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلّص الروح من بين الأحشاء والامعاء، خلّصني من يدي هارون».
قال: فلمّا دعا موسى عليه السلام بهذه الدعوات أتى هارون رجل أسود في منامه وبيده سيف قد سلّه، فوقف على رأس هارون وهو يقول: يا هارون أطلق عن موسى بن جعفر والا ضربت علاوتك بسيفي هذا، فخاف هارون من هيبته ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب، فقال له: إذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر.
قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن، فقال: من ذا؟ قال: انّ الخليفة يدعو موسى بن جعفر فاخرجه من سجنك وأطلق عنه، فصاح السجّان: يا موسى انّ الخليفة يدعوك.
فقام موسى عليه السلام... وهو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل الا لشرّ يريد بي، فقام باكياً حزيناً مغموماً آيساً من حياته فجاء إلى هارون... فقال: سلام على هارون، فردّ عليه السلام، ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟ فقال: نعم، قال: وماهنّ؟
فقال: جدّدت طهوراً وصلّيت لله عز وجل أربع ركعات ورفعت طرفي إلى السماء وقلت: «يا سيدي خلّصني من يد هارون وشرّه» وذكر له ما كان من دعائه، فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك يا حاجب أطلق عن هذا، ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثاً وحمله على فرسه واكرمه وصيّّره نديماً لنفسه.
ثم قال: هات الكلمات، فعلّمه، فأطلق عنه وسلّمه إلى الحاجب ليسلّمه إلى الدار ويكون معه، فصار موسى بن جعفر عليه السلام كريماً شريفاً عند هارون، وكان يدخل عليه في كلّ خميس الى أن حبسه الثانية فلم يطلق عنه حتّى سلّمه إلى السندي بن شاهك وقتله بالسّم.
الثالثة؛ في هداية جارية هارون:
انّ هارون أنفذ إلى موسى بن جعفر خصيفة لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن، وانفذ الخادم ليتفحّص عن حالها فرآها ساجدة لربّها لا ترفع رأسها تقول: «قدوس سبحانك سبحانك» فاتي بها وهي ترتعد شاخصة نحو السماء بصرها، فقال: ما شأنك؟ قالت: هكذا رأيت العبد الصالح، فما زالت كذلك حتى ماتت.
ذكر ابن شهر آشوب هذه الرواية بتفصيل اكثر وذكرها أيضاً العلامة المجلسي رحمه الله في جلاء العيون.
الرابعة؛ في حسن خلقه للعمري البذيء الأخلاق:
روى الشيخ المفيد وغيره انّ رجلاً من ولد عمر بن الخطّاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى عليه السلام ويسبّه إذا رآه ويشتم عليّاً عليه السلام، فقال له بعض جلسائه يوماً: دعنا نقتل هذا الفاجر، فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي وزجرهم أشدّ الزجر، فسأل عن العمري، فذكر انّه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه فوجده في مزرعة له.
فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا توطأ زرعنا، فتوطأه أبو الحسن عليه السلام بالحمار حتى وصل إليه، فنزل وجلس عنده وباسطه وضاحكه وقال له: كم غرمت في زرعك هذا؟
فقال: له: مائة دينار، قال: وكم ترجو أن تصيب؟ قال: لست أعلم الغيب، قال له: انّما قلت لك ترجو أن يجيئك فيه، قال: أرجو أن يجيئني فيه مائتا دينار.
قال: فأخرج أبو الحسن عليه السلام صرة فيها ثلاثمائة دينار وقال: هذا زرعك على حاله والله يرزقك فيه ما ترجو، قال: فقام العمري فقبل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطه، فتبسّم اليه أبو الحسن عليه السلام وانصرف.
قال: وراح إلى المسجد فوجد العمري جالساً، فلمّا نظر إليه قال: «الله أعلم حيث يجعل رسالته»، قال: فوثب أصحابه إليه، فقالوا له: ما قصتك قد كنت تقول غير هذا؟ قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن وجعل يدعو لأبي الحسن عليه السلام، فخاصموه وخاصمهم، فلمّا رجع أبو الحسن عليه السلام إلى داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمري: أيما كان خيراً ما أردتم أو ما أردت إنني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم وكفيت به شرّه.
الخامسة؛ في توبة بشر الحافي بسببه:
قال العلامة الحلي في منهاج الكرامة: وعلى يده عليه السلام تاب بشر الحافي، لانّه عليه السلام اجتاز على داره ببغداد فسمع الملاهي واصوات الغناء والقصب تخرج من تلك الدار، فخرجت جارية وبيدها قُمامة النّقل، فرمت بها في الدرب، فقال لها: يا جارية صاحب هذا الدار حرّ أم عبد؟ فقالت: بل حرّ، فقال: صدقت لو كان عبداً خاف من مولاه، فلمّا دخلت قال مولاها وهو على مائدة السكر: ما أبطأك علينا؟ فقالت: حدّثني رجل بكذا وكذا، فخرج حافياً حتى لقى مولانا الكاظم عليه السلام فتاب على يده.
أقول:
انّ لبشر ثلاث أخوات قد سلكن مسلكه في الزهد، وللصوفيّة اعتقاد تام به وقيل له الحافي لانّه كان حافياً دائماً، والظاهر انّ سبب ذلك انّه هرول خلف الامام موسى بن جعفر عليه السلام حافياً ونال السعادة العظمى، وقيل انّه سُئل عن سبب حفاه، فقال:
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُم الارضَ بساطاً)
فليس من الأدب المشي على فراش الملوك بالنعال، وتوفي سنة 226 هـ.
السادسة؛ في مساعدته للشيخ الضعيف:
روي عن زكريا الاعور انّه قال:
رأيت أبا الحسن يصلّي قائماً والى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم ومعه عصاً له، فأراد أن يتناولها، فانحطّ أبو الحسن عليه السلام وهو قائم في صلاته فناول الرجل العصا ثم عاد إلى صلاته.
أقول: يظهر من هذه الرواية كثرة الاهتمام بالشيوخ واعانتهم واجلالهم وتوقيرهم فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله انّه مَن عرف فضل كبير لسنه فوقّره آمنه الله تعالى من فزع يوم القيامة.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بتوقير الشيوخ وذكر ان من اجلال الله إجلال ذي الشيبة، وروي عنه ايضاً انّه قال: الشيخ في اهله كالنبي في امته.
السابعة؛ في دخوله على هارون وتوقير هارون له:
روى الشيخ الصدوق في العيون عن سفيان بن نزار انّه قال: كنت يوماً على رأس المأمون فقال: أتدرون من علّمني التشيع، فقال القوم جميعاً: لا والله ما نعلم، قال: علّمنيه الرشيد، قيل له: وكيف ذلك والرشيد كان يَقتل أهل هذا البيت؟ قال: كان يقتلهم على الملك لانّ الملك عقيم ولقد حججت معه سنة فلمّا صار إلى المدينة تقدّم إلى حجّابه، وقال: لا يدخلنّ عليّ رجل من اهل المدينة ومكة من أبناء المهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر بطون قريش الا نسب نفسه.
فكان الرجل إذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان، حتى ينتهي إلى جدّه من هاشميّ أو قرشيّ أو مهاجريّ أو أنصاريّ فيصله من المال بخمسة الاف درهم وما دونها إلى مائتي دينار على قدر شرفه وهجرة آبائه، فأنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: يا أميرالمؤمنين على الباب رجل زعم انّه موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.
فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه والأمين والمؤتمن وسائر القوّاد، فقال: احفظوا على أنفسكم ثم قال لآذنه: ائذن له ولا ينزل الا على بساطي، فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخّد قد انهكته العبادة، كانّه شنّ بال قد كلم السجود وجهه وأنفه، فلمّا رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه، فصاح الرشيد: لا والله الا على بساطي، فمنعه الحجّاب من الترجّل ونظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال والإعظام.
فما زال يسير على حماره حتى سار إلى البساط والحجّاب والقوّاد محدقون به، فنزل، فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط وقبّل وجهه وعينيه وأخذ بيده حتى صيّره في صدر المجلس وأجلسه معه فيه، وجعل يحدّثه ويقبل بوجهه عليه ويسأله عن أحواله، ثم قال له: يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟ فقال: يزيدون على الخمسمائة، قال: أولاد كلّهم؟ قال: لا أكثرهم موالي وحشم، فامّا الولد فلي نيّف وثلاثون، الذكران منهم كذا والنسوان منهم كذا.
قال: فلم لا تزوّج النسوان من بني عمومتهنّ واكفائهنّ؟ قال: اليد تقصر عن ذلك، قال: فما حال الضيعة؟ قال: تعطي في وقت وتمنع في آخر، قال: فهل عليك دَيْن؟ قال: نعم، قال: كم؟ قال: نحواً من عشرة الاف دينار، فقال الرشيد: يابن عمّ أنا أعطيك من المال ما تزوّج به الذكران والنسوان وتقضي الدين وتعمّر الضياع، فقال له: وصلتك رحم يابن عم، وشكر الله لك هذه النيّة الجميلة والرحم ماسّة، والقرابة واشجة والنسب واحد، والعباس عمّ النبي صلى الله عليه وآله وصنو أبيه وعمّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك وقد بسط يدك، واكرم عنصرك واعلى محتدك.
فقال: افعل ذلك يا أبا الحسن وكرامة، فقال: يا أمير المؤمنين انّ الله عز وجل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الامة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدّوا عن المثقل، ويُكسوا العاري، ويُحسنوا إلى العاني وأنت أولى من يفعل ذلك، فقال: أفعل يا أبا الحسن.
ثم قام، فقام الرشيد لقيامه، وقبّل عينيه ووجهه، ثم أقبل عليّ وعلى الأمين والمؤتمن فقال: يا عبد الله ويا محمد ويا ابراهيم امشوا بين يدي عمّكم وسيّدكم، خذوا بركابه، وسوّوا عليه ثيابه، وشيّعوه إلى منزله.
فأقبل أبو الحسن موسى بن جعفر سرّاً بيني وبينه، فبشّرني بالخلافة وقال لي: إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلى ولدي، ثم انصرفنا وكنت اجرأ ولد أبي عليه، فلمّا خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد عظّمته وأجللته وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه، ثمّ أمرتنا بأخذ الركاب له؟
قال: هذا امام الناس وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده، فقلت: يا أمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلّها لك وفيك؟ فقال: أنام إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر امام حق، واالله يا بنيّ انّه لأحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله منّي ومن الخلق جميعاً، ووالله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فانّ الملك عقيم.
فلمّا أراد الرحيل من المدينة إلى مكة أمر بصرّة سوداء فيها مائتا دينار ثمّ أقبل على الفضل بن الربيع فقال له: اذهب بهذه إلى موسى بن جعفر وقل له: يقول لك أمير المؤمنين نحن في ضيقة وسيأتيك برّنا بعد هذا الوقت فقمت في صدره فقلت: يا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش وبني هاشم، ومن لا يُعرف حسبه ونسبه خمسة الاف دينار إلى ما دونها وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار؟ أخسّ عطيّة أعطيتها أحداً من الناس.
فقال: اسكت لا أمّ لك فانّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم... في ذكر جملة من مواعظه وحكمه البليغة
الاُولى: قال عليه السلام عند قبر حضره:
انّ شيئاً هذا آخره لحقيق أن يُزهد في اوّله وانّ شيئآ هذا أوّله لحقيق أن يخاف آخره.
أقول: انّ للقبر هولاً عظيماً ووحشة كبيرة وورد في من لا يحضره الفقيه انّه: «إذا حمل الميّت إلى قبره فلا يُفاجأ به القبر لانّ للقبر أهوالاً عظيمة ويتعوّذ حامله بالله من هول المطّلع، ويضعه قرب شفير القبر ويصبر عليه هنيئة ثم يقدّمه قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ هبته ثم يقدّمه إلى شفير القبر...».
قال المجلسي الأول في شرحه:
انّ الروح الحيوانية وإن فارقت الجسم، وماتت بموته لكن النفس الناطقة تبقى حيه ولا تنفصل عن الجسم حيث انّها تدرك وتخاف من ضغطة القبر وسؤال منكر ونكير، ورومان فتان القبور وعذاب البرزخ، لذا فان هذا العمل يعتبر عبرةً للآخرين كي يتفكّروا ويعتبروا ويعلموا انّ مصيرهم إليه.
وروي عن الحسن بن يونس انّه قال: حديث سمعته عن أبي الحسن موسى عليه السلام ما ذكرته وأنا في بيت الا ضاق عليّ يقول: إذا أتيت بالميّت إلى شفير القبر فامهله ساعة فانّه يأخذ اهبّته للسؤال.
وروي عن البراء بن عازب ـ أحد الصحابة المعروفين ـ انّه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أبصر جماعة، فقال: علامَ اجتمعوا هؤلاء؟ فقيل: على قبر يحفرونه.
قال: فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله وبين يديه اصحابه مسرعاً حتى أتى القبر فجثا عليه، قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بلّ التراب من دموعه ثم أقبل علينا، فقال: إخواني لمثل هذا فاعدوا.
قال الشيخ البهائي: رُئي حكيم يتحسّر وقت الإحتضار فقيل له:ما هذه الحالة التي نراها منك؟ قال: ما تظنّون بمن يذهب إلى سفر طويل بدون زاد، ويسكن في قبر مظلم بدون أنيس، ويرد على حاكم عادل بدون حجة؟
وروى القطب الراوندي ما معناه: انّ نبيّ الله عيسى عليه السلام نادى امّه مريم بعد موتها وقال: أي أم تكلّمي معي، أتريدين أن ترجعي إلى الدنيا، فقالت: بلى، لأصلّي لله في الليالي الباردة جداً وأصوم في الايام الحارة جداً، يا بني انّ هذا الطريق مخوف.
وروي ان فاطمة عليها السلام قالت لأمير المؤمنين عليه السلام في وصيتها: «إذا أنا متّ فتولّ أنت غسلي وجهّزني وصلّ عليّ وأنزلني في قبري وألحدني وسوّ التراب عليّ واجلس عند رأسي قبالة وجهي فاكثر من تلاوة القرآن والدعاء فانّها ساعة يحتاج الميت إلى أنس الأحياء...».
وروى السيد ابن طاووس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يأتي على االميّت ساعة أشدّ من أوّل ليلة فاحملوا موتاكم بالصدقة فان لم تجدوا فليصلّ أحدكم ركعتين يقرأ فيها فاتحة الكتاب مرّة وآية الكرسي مرّة وقل هو الله أحد مرّتين، وفي الثانية: فاتحة الكتاب مرّة والهاكم التكاثر عشر مرّات ويسلّم ويقول:
«اللهم صلّ على محمد وآل محمد وابعث ثوابهما إلى قبر ذلك الميّت فلان بن فلان».
فيبعث الله من ساعته الف ملك إلى قبره مع كلّ ملك ثوب وحلّة ويوسّع في قبره من الضيق الى يوم ينفخ في الصور ويعطى المصلي بعدد ما أطلعت عليه الشمس حسنات ويرفع له أربعون درجة.
وروي في كتاب (من لا يحضره الفقيه) انّه: لما مات ذرّ بن أبي ذر ـ رحمه الله ـ وقف أبو ذر على قبره فمسح القبر بيده ثم قال:
«رحمك الله يا ذرّ والله إن كنت بي لبرّاً ولقد قُبضت وانّي عنك لراض، والله ما بي فقدك وما عليّ من غضاضة وما لي إلى أحد سوى الله من حاجة ولو لا هول المطلّع لسرّني أن أكون مكانك ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك، فليت شعري ما قلت وما قيل لك؟ اللهم انّي قد وهبت له ما افترضت عليه من حقّي فهب له ما افترضت عليه من حقّك فأنت أحق بالجود منّي والكرم».
الثانية: قال عليه السلام لعليّ بن يقطين: كفارة عمل السلطان الاحسان إلى الاخوان.
الثالثة: قال عليه السلام كلّما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعدّون.
ظهر صدق هذا الكلام في زماننا هذا تماماً وذلك لظهور الذنوب والمعاصي والبدع الجديدة، وقد خرج الناس عن جادة الشريعة وطاعة الله، وزعموا انّ كمالهم في ارتكاب المعاصي والذنوب وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فابتلاهم الله بانواع البلاء ما لم يخطر في ذهن شخص، وهم مصداق هذه الآية الكريمة:
(وَضَرَبَ اللهُ مثلاً قريةً كانَتْ مُّطمئنَّةً يأتيها رِزقُها رغداً مِّنْ كلِّ مكانٍ فكفرتْ بأنعمِ اللهِ فأذاقها الله لباسَ الجوعِ والخوفِ بما كانوا يصنعونَ).
الرابعة: قال عليه السلام: المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان.
الخامسة: قال عليه السلام: يعرف شدّة الجور من حكم به عليه.
أقول: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله انّه قال: السلطان ظلّ الله في الأرض يأوي إليه كلّ مظلوم فمن عدل كان له الأجر وعلى الرعية الشكر ومن جار كان عليه الوزر وعلى الرعيّة الصبر حتى يأتيهم الأمر.
السادسة: قال عليه السلام: «... والله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن اقتصد وقنع بقيت عليه النعمة، ومن بذّر وأسرف زالت عنه النعمة، وأداء الأمانة والصدق يجلبان الرزق والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق، وإذا أراد الله بالنملة شراً أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير...».
أقول: لعلّ هذه الفقرة الأخيرة تشير إلى أنّ الرجل الضعيف، الذي ليس له شيء يعيش في سلامة، ولكنّه إذا حصل على الاموال والاعوان وقوى امره أهلكه الذي فوقه.
السابعة: قال عليه السلام: اياك أن تمنع في طاعة الله فتنفق مثليه في معصية الله.
الثامنة: قال عليه السلام: من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في النقصان ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة.
التاسعة: عن الدرّة الباهرة: قال الكاظم عليه السلام: المعروف غلّ لا يفكّه الا مكافأة أو شكر، لو ظهرت الآجال افتضحت الامال، من ولده الفقر أبطره الغنى، من لم يجد للإساءة مضضاً لم يكن للاحسان عنده موقع، ما تسابّ اثنان الا انحطّ الأعلى إلى مرتبة الأسفل.
أقول: انّ هذا الكلام الشريف يحتوي على خمس كلمات يجب أن تكتب بالذهب.
العاشرة: قال عليه السلام لبعض ولده: يا بنيّ إياك أن يراك الله في معصية نهاك عنها وايّاك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها وعليك بالجد ولا تخرجنّ نفسك من التقصير في عبادة الله وطاعته (أي اعترف دائماً بالتقصير) فان الله لا يُعبد حقّ عبادته (وهذا هو المراد من الدعاء الذي علّمه عليه السلام للفضل بن يونس حيث قال: الله لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير) وايّاك والمزاح فانّه يذهب بنور ايمانك ويستخفّ مروّتك واياك والضجر والكسل فانّهما يمنعان حظّك من الدنيا والآخرة.
أقول: إنّ المراد من النهي عن المزاح هو الإفراط فيه بحيث يؤدي إلى ذهاب بهاء الانسان ووقاره وهيبته، ويميت القلب ويسبب الغفلة عن الآخرة، ولربما صار سبباً لحدوث العداوات والفتن أو سبباً لإذلال مؤمن وخجله، فلذا قيل انّ لكلّ شيء بذر وبذر العداوة المزاح.
ومن مفاسده أيضاً إعتياد الإنسان على الضحك الكثير المميت للقلب والمسبب لذهاب الوقار والسكينة وماء الوجه، ولكن لا يخفى انّ المزاح إذا لم يتجاوز حدّه ولم يسبب هذه المفاسد لا يكون مذموماً بل هو ممدوح، وكثيراً ما صدر المزاح عن الرسول صلى الله عليه وآله أو أمير المؤمنين عليه السلام، حتى عاب المنافقون علياً بانّه كثير المزاح والدعابة، ولا يخفى أيضاً انّ الضحك المذموم هو الذي يشتمل على القهقهة والترجيع لا التبسّم فانّه محمود وهو من أوصاف النبي صلى الله عليه وآله المشهورة.
الحادية عشرة: قال عليه السلام: المؤمن مثل كفتي الميزان كلّما زيد في ايمانه زيد في بلائه.
الثانية عشرة: روي انّ موسى بن جعفر عليهما السلام أحضر ولده يوماً فقال لهم: يا بنيّ انّي موصيكم بوصيّة فمن حفظها لم يضع معها، إن أتاك آت فأسمعكم في الأذن اليمنى مكروهاً ثم تحوّل إلى الأذن اليسرى فاعتذر وقال: لم أقل شيئاً، فأقبلوا عذره، (يعني تسامحوا معه ولا تقولوا له انت كاذب وعديم الحياء لانّك الآن شتمتني ثم تعتذر منها وبهذه السرعة!!).
قال السيد ابن طاووس ما معناه: كان جمع من خواص شيعة موسى بن جعفر عليه السلام يحضرون مجلسه مع الألواح والأقلام والقراطيس، فيكتبون كلّ ما يتفوّه به الامام عليه السلام من حكمة أو موعظة أو فتوى، ومن كلامه عليه السلام وصيته الطويلة إلى هشام التي فيها الحكم الجليلة والفوائد العظيمة، فليرجع الطالب إلى كتاب تحف العقول وأصول الكافي وغيرهما). الإمام مع حكام عصره
لقد ادرك الإمام موسى بن جعفر عليه السلام من حياة ابيه عشرين عاما، شاهد في الشطر الاخير منها موقف اولئك الحكام الذين كانوا يتباكون بالامس على ما حل ببني عمومتهم آل علي عليه السلام من ظلم واضطهاد وقتل وتشريد، شاهد موقفهم مع ابيه الذي كان منصرفاً عن الخلافة والسياسة الى الدفاع عن الإسلام ونشر تعاليمه، ومع العلويين الذين لم يطيقوا الصبر على الظلم والطغيان فكانوا يخرجون بين الحين والآخر فراراً بدمائهم ودفاعا عن المعذبين والمستضعفين وتجرع مرارة تلك الاحداث القاسية التي قضت على الكثيرين منهم، ورأى أباه وهو يتعرض لتحديات المنصور وتهديده له بالقتل تارة والحبس اخرى وقد سخر اجهزته لمراقبته في جميع حالاته، حتى اضطره لأن يستر بالنص عليه حتى عن عامة الشيعة ولم يرشد إليه الا فئة من خلص اصحابه وأوصاهم بالتكتم والحذر من عيون المنصور وزبانيته المنتشرين هنا وهناك. لقد استقبل امامته التي استمرت خمسة وثلاثين عاما في هذا الجو المشحون بالحقد والكراهية لاهل البيت، فلزم جانب الحذر واعتصم بالكتمان الا عن الخاصة الذين يقدرون حراجة الموقف ويعرفون كيف يدعون اليه.
ويبدو من المرويات التي تعرضت لتاريخه، انه بقي طيلة حياته يتقي شر العباسيين ولا يسمح حتى لشيعته وتلامذته من الاتصال به بالشكل الذي اعتادوه في عهد أبيه، وحتى ان رواة أحاديثه قلما كانوا يروون عنه باسمه الصريح، بل بكنيته تارة فيقول الراوي: سمعت ابا ابراهيم، او ابا الحسن، وبألقاب اخرى، كالعبد الصالح والعالم والسيد ونحو ذلك، وأحياناً بما يشير اليه فيقول: حدثني الرجل وسمعت الرجل وكتبت اليه ونحو ذلك مما يدل على ان الحكام الذين عاصرهم كانوا يراقبونه بدقة ويحصون عليه وعلى اصحابه انفاسهم، وكان هو بدوره يؤكد على اصحابه وخاصته ان يستعملوا التقية حتى في امور دينهم وعباداتهم كي لا يتعرضوا للخطر والانتقام من حكام زمانه. الوشاية بعلي بن يقطين
فقد جاء في رواية عبد الله بن ادريس عن ابن سنان انه قال: حمل الرشيد في بعض الأيام على علي بن يقطين ثيابا اكرمه بها، وكان علي بن يقطين من خيرة اصحاب ابي الحسن موسى بن جعفر وأجلائهم ويتولى مركزا كبيرا في دولتهم بأمر الامام وهم لا يعرفون مذهبه وميوله، وكان اذا اهدى اليه الرشيد هدية من ثياب وغيرها قدمها الى الامام عليه السلام، ومن جملة الثياب التي اهداها اليه الرشيد دراعة خز سوداء من لباس الملوك مطرزة بالذهب، فأنفذ ابن يقطين جل تلك الثياب الى الإمام عليه السلام ومن جملتها الدراعة ومبلغ من المال، فلما وصل ذلك الى الإمام عليه السلام قبل المال ورد الدراعة على يد الرسول لعلي بن يقطين، وكتب إليه، احتفظ بها ولا تخرجها من يدك فسيكون لك بها شأن يحتاج إليها معه، فارتاب بردها عليه ولم يدر السبب في ذلك.
وبعد أيام تغير على غلام له كان يتولى خدمته ويعرف ميوله الى أبي الحسن وما كان يحمله إليه من الأموال والهدايا فسعى به الغلام الى االرشيد وأخبره بأنه يقول بامامته ويحمل اليه خمس ماله في كل سنة وقد أرسل اليه فيما ارسله الدراعه التي اكرمته بها، فاستشاط الرشيد غضبا وقال: لأكشفن هذا الأمر فان صح عليه ذلك ازهقت نفسه، واستدعاه اليه في الحال، فلما مثل بين يديه قال له: ما فعلت بالدراعة التي كسوتك بها؟ فقال: يا امير المؤمنين هي عندي في سفط مختوم فيه طيب قد احتفظت بها وكلما اصبحت فتحت السفط ونظرت اليها تبركا بها وقبلتها ثم رددتها الى موضعها، فقال له الرشيد: عليك ان تحضرها الساعة، فاستدعى بعض خدمه وقال له: امض الى البيت الفلاني في داري وخذ مفتاحه من خازني وافتحه، ثم افتح الصندوق وجئني بالسفط الذي فيه بختمي فلم يلبث الغلام ان جاء بالسفط مختوماً فوضعه بين يدي الرشيد ففتحه ووجد الدراعة فيه بحالها مدفونة بالطيب فسكن غضب الرشيد وقال له: ردها الى مكانها، وانصرف راشدا فلن اصدق عليك بعد اليوم ساعيا وأمر بضرب الساعي الف سوط فمات تحت السياط.
وجاء في رواية ثانية عن محمد بن الفضل انه قال: اختلفت الرواية بين اصحابنا في مسح الرجلين أهو من الاصابع الى الكعبين، أم من الكعبين الى الاصابع، فكتب علي بن يقطين الى الامام عليه السلام يستفتيه في ذلك فرجع الجواب من الإمام يأمره فيه بغسل الرجلين في الوضوء بدلا من مسحها، فتعجب من ذلك لأنه خلاف ما يعهده من مذهب أهل البيت ولكنه التزم بما أمره به في وضوئه وبعد ذلك بأيام وشى احد اخصامه به الى الرشيد وقال له: انه رافضي يخالفك في المذهب ويقول بإمامة موسى بن جعفر، فقال لبعض خاصته: لقد كثر القول في علي بن يقطين وميله الى الرفض ولست ارى في خدمته تقصيرا وقد امتحنته مرارا فلم اقف منه على شيء، فقيل له: ان الرافضة تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه ولا ترى غسل الرجلين فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه، فاستحسن الرشيد هذا الرأي وتركه مدة ثم كلفه بعمل معه في داره، وكان اذا اشتغل في الدار يخلو الى حجرة فيه لوضوئه وصلاته، فلما دخل وقت الصلاة ووقف الرشيد يترصده كيف يتوضأ بحيث لا يراه احد فتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه وخلل شعر لحيته ثم غسل يديه الى المرفقين ومسح رأسه وأذنيه وغسل رجليه ثلاثاً كما امره الإمام عليه السلام في كتابه اليه، هذا والرشيد ينظر إليه، فلما رآه قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتى اشرف عليه وناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم انك من الرافضة. وبعد ذلك كتب اليه الامام يأمره بأن يعود الى ما كان عليه في وضوئه وأن يمسح مقدم رأسه وظاهر قدميه الى الكعبين كما عليه مذهب أهل البيت عليهم السلام. خبث منصور الدوانيقي وجرائمه
الى غير ذلك من المرويات الكثيرة التي تؤكد أن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام بعد أبيه كان تحت رقابة الحكام هو وأصحابه وقد اتخذ كافة الاحتياطات حتى لا يتعرض هو وشيعته للقتل او الحبس أو التشريد ومع ذلك فقد تعرض العشرات من شيعته وأصحابه للقتل والتشريد وكانت نهايته على أيدي الجلادين من جلاوزتهم بعد أن بقي في سجونهم اكثر من احد عشر عاما.
ويبدو من تتبع المراحل التي مر بها انه في السنوات العشر التي قضاها بعد وفاة ابيه الإمام الصادق عليه السلام في عهد المنصور الدوانيقي لم يلتق فيها بالمنصور ولا استدعاه الى بغداد كما كان يستدعي اباه ويتهدده بالقتل، ولا تعرض في عهده للحبس كما تعرض في عهد ولده محمد المهدي وحفيده هارون الرشيد، في حين انه كان اخبث منهما نفساً كما تؤكد سيرته مع الإمام الصادق والعلويين، ولما تلقى نبأ وفاة الصادق عليه السلام كتب إلى عامله على المدينة محمد بن سليمان يأمره بقتل من اوصى إليه، وأصيب بالخيبة حينما كتب له الوالي بأنه اوصى الى خمسة احدهم المنصور، فقال: ليس الى قتل هؤلاء من سبيل كما ذكرنا.
ومن أكثر الأمور دلالة على سوء سريرته وحقده على البيت العلوي وكل من يتصل به بالولاء حديث الخزانة التي سلم مفاتيحها الى ريطة زوجة المهدي وأوصاها بأن لا تفتحها الا بعد وفاته وبحضور خليفته، وفي الخزينة اكثر من مائة قتيل من العلويين والى جانب كل قتيل رقعة باسمه ونسبه، ولم تكن تعلم بذلك لا هي ولا زوجها ولا أحد من الناس، وظنت وهو يوصيها ويؤكد عليها بالكتمان وعدم فتحها إلا بعد وفاته، ظنت ان فيها من الأموال والمجوهرات والتحف ما لا يمكن تقديره بثمن معين.
ولم أجد تفسيرا للاحتفاظ بتلك الجثث الزواكي وتسليمها الى خليفته في الساعات الاوائل من استيلائه على السلطة، الا انه اراد ان يشجعه على اختيار اسلوب العنف والقسوة على العلويين وكل من يشكل بنظرهم خطرا على عروشهم ووجودهم.
ولعل من ابرز الاسباب التي قضت على المنصور باتخاذ هذا الموقف منه ان الإمام ابا ابراهيم عليه السلام كان يقدر تلك الظروف القاسية التي كانت تحيط به فاعتصم في بيته وانكمش حتى عن شيعته وأصحابه ولم يظهر الا للخواص منهم في ضمن حدود معينة، وكانوا كما ذكرنا من قبل اذا اطمأنوا الى شخص وأدخلوه عليه يوصيه بالكتمان الشديد ويحذره من عواقب الاعلان عنه، مما يوحي بأن المنصور في تلك الفترة كان يتحراه بكل وسائله ومن الجائز ان لا يهتدي إليه وان لا يعرف بمكانه في تلك السهولة، وحتى لو عرفه وأيقن بأنه الخليفة الشرعي لأبيه، فما دام معتزلا الناس ومنقطعا عنهم فلا يضره ذلك ولا يراه خطرا على عرشه، لا سيما وان الكثير ممن كانوا حول أبيه قد رجع بعضهم إلى اخيه الافطح عبد الله، وبعضهم الى اخيه اسماعيل وحصل ارتباك بين الشيعة في تلك الفترة مزق وحدتهم وفرق جماعتهم وفتح المنصور لتلك الفرق والجماعات التائهة صدره وقلبه، وثمة ظاهرة اخرى بدت في سياسة المنصور يوم ذاك، فقد اتجه الى العلماء المعاصرين للامامين الصادق والكاظم عليهم السلام فمدهم بالمال ورفع من شأنهم وتظاهر بتكريمهم وحاول ان يفرضهم على الناس ليصرف الانظار عن العلويين وفقههم وآثارهم، وقال يوماً لبعض جلسائه: لقد بلغت من لذة الدنيا الحد الاقصى ولم يبق في نفسي الا ان اجلس انا والعلماء في مجلس واحد. شراء ذمم العلماء
لقد كان يقربهم ويدنيهم ويغدق عليهم الهبات والاموال ليحدثوا بعدله وفضله وشرعية خلافته وأنه وآله ورثة الرسول والاقربون إليه، ووجد من العلماء من يتجاوب معه ويكيل له ولاسرته المدح والثناء كمالك بن انس وأمثاله، وفي مقابل ذلك حاول ان يفرض موطأ مالك على الناس بالسيف وجعل له السلطة في الحجاز على الولاة وجميع موظفي الدولة فازدحم الناس على بابه وتهيبه الولاة والحكام وحينما وفد الشافعي عليه تشفع بالوالي لكي يسهل له أمر الدخول عليه، فقال له الوالي: ان امشي من المدينة الى مكة حافياً راجلاً اهون علي من المشي الى باب مالك، ولست ارى الذل حتى اقف على باب داره كما جاء في المجلد الثالث من الامام الصادق والمذاهب الأربعة عن معجم الادباء.
هذه الظاهرة من المنصور لم تكن للعلم ولا للدين بلا شك في ذلك، بل كانت منه تحسبا من ظهور الخليفة الشرعي للإمام الصادق الذي كان يتحراه منذ اللحظات الاولى لوفاة ابيه، وهو لا يشك بأنه اذا ظهر للناس سيكون حديثهم في كل مكان وسيلتف حوله العلماء وطلاب العلم وتلامذة ابيه من جميع الاقطار، وهذا ما لا يطيقه المنصور لاحد من العلويين ما دام يرى فيه خطرا على ملكه وزعامة بيته، ومن غير المعقول في ميازين السياسيين وعشاق الحكم، وهم يظنون بأن ذلك يشكل خطرا على عروشهم ان يتغاضوا عنه، ولا يضعوا في طريقه كل هذه الصعاب والعقبات. ومجمل القول ان الإمام موسى بن جعفر عليه السلام كان منكمشاً في السنين الاولى من امامته حتى عن شيعته وأصحابه وقد حاربه المنصور بهذه الاساليب مكتفيا بها عن حبسه والتنكيل به، وحينما اشتهر امره، ورجع اليه اكثر المنحرفين عنه والتف حوله العلماء والرواة وأصبح حديث العدو والصديق في عهد المهدي العباسي استدعاه الى بغداد اكثر من مرة بقصد التنكيل به ولكن ارادة الله كانت تحول بينه وبين ما يريد.
وجاء في تذكرة الخواص لابن الجوزي: ان اهل السير قالوا: لقد كان مقام موسى بن جعفر بالمدينة فاستدعاه المهدي الى بغداد وحبسه بها ثم رده الى المدينة لطيف رآه، ومضى يقول: روى الخطيب في تاريخ بغداد عن الفضل بن الربيع عن أبيه أنه قال: لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى في بعض الليالي علي بن أبي طالب في نومه فقال له: يا محمد فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا ارحامكم، قال الربيع: فأرسل الي المهدي ليلا فراعني ذلك مجيئه واذا هو يقرأ الآية وكان احسن الناس صوتا، فقال لي: عليّ بموسى بن جعفر، فلما جئته به قام اليه وعانقه وأجلسه الى جانبه وقال: يا ابا الحسن رأيت الساعة أمير المؤمنين وهو يقرأ علي هذه الآية افتؤمنني ان لا تخرج علي ولا على احد من ولدي، فقال: والله ما فعلت ذلك ابدا ولا هو من شيمتي، فقال: صدقت، ثم قال: يا ربيع اعطه ثلاثة آلاف دينار ورده الى اهله، قال الربيع: فأحكمت امره ليلا فما اصبح الا وهو في الطريق الى المدينة مخافة العوائق.
ومما يدل على ان المهدي العباسي قد استدعى الإمام عليه السلا م الى بغداد اكثر من مرة رواية الكليني في الكافي عن احمد بن محمد وعلي بن ابراهيم بسندهما الى ابي خالد الزبالي انه قال: لما اقدم بأبي الحسن موسى بن جعفر على المهدي القدمة الاولى نزل زبالة وكنت احدثه فرآني مغموما فقال لي: يا ابا خالد ما لي اراك مغموماً؟ فقلت: وكيف لا اغم وأنت تحمل الى هذا الطاغية ولا ادري ما يحدث فيك، فقال: ليس علي بأس اذا كان شهر كذا ويوم كذا فوافني في اول الميل، فما كان لي هم الا احصاء الشهور والايام حتى كان ذلك اليوم فوافيت الميل فما زلت عنده حتى كادت الشمس ان تغيب ووسوس الشيطان في صدري وتخوفت ان اشك فيما قال فبينا أنا كذلك اذ نظرت الى سواد قد أقبل من ناحية العراق فاستقبلتهم فإذا ابو الحسن عليه السلام امام القطار على بغلة، فقال: يا ابا خالد، قلت: لبيك يا ابن رسول الله، فقال: لا تشكن ود الشيطان انك شككت، فقلت: الحمد لله الذي خلصك منهم، فقال: ان لي عودة إليهم لا اتخلص منها.
وجاء في بعض المرويات ان المهدي العباسي قد عرض على الإمام موسى بن جعفر ان يرد عليه فدكاً فرفض قبولها، ولما ألح عليه المهدي قال لا أقبلها الا بحدودها، قال: وما حدودها؟ قال: الحد الأول عدن، فتغير وجهه، والحد الثاني سمرقند فاربد وجهه، والحد الثالث افريقية، فقال له المهدي: والحد الرابع، قال: سيف البحر ما يلي الخزر وارمينية، فقال له: لم يبق شيء، فتحول الى مجلسي، فرد عليه الإمام بقوله: لقد اعلمتك بأني ان حددتها لم تردها.
وفي رواية الزمخشري في ربيع الأبرار ان هذا الحوار كان بين هارون الرشيد وبين الإمام موسى بن جعفر ولا منافاة في ذلك لجواز ان يتكرر مع الاثنين.
وبقي الإمام الكاظم طيلة حكم المهدي وولده الهادي تحت الرقابة الشديدة وقد استدعاه محمد المهدي الى بغداد اكثر من مرة وهو حاقد عليه وقد حبسه وأطلقه من سجنه لرؤيا رآها كما ذكرنا، ولم اجد فيما بين يدي من المراجع ما يشير الى ان ولده موسى الهادي قد اساء الى الامام أو استدعاه الى بغداد مع أنه كان معروفاً بالشدة والقسوة، ولعل المدة القصيرة التي حكم فيها لم تسمح له بممارسة اسلوب جده وأبيه ولو طال به العهد لسار على دربهما ولم ينحرف عنها لحظة ابدا. مالاقاه الإمام في حكم هارون
اما السنين التي قضاها الإمام عليه السلام في عهد الرشيد فكانت اسوأ ما مر عليه في حياته فلقد سخر اجهزته لمراقبته واستدعاه الى بغداد أكثر من مرة في مطلع خلافته وهو حاقد عليه وكان يضعه في سجنه ثم يأمر بإخراجه بعد مدة من الزمن، وأحيانا كان يتظاهر بإكرامه وتعظيمه دجلاً ونفاقاً.
فقد جاء في المجلد الثاني من مروج الذهب للمسعودي عن عبد الله ابن مالك الخزاعي وكان على دار الرشيد وشرطته على حد تعبير المسعودي، جاء عنه انه قال: اتاني رسول الرشيد في وقت ما جاءني فيه قط فأفزعني من موضعي ومنعني من تغيير ثيابي فراعني ذلك، فلما صرت الى الدار سبقني الخادم فعرف الرشيد خبري فأذن لي بالدخول فدخلت ووجدته قاعدا على فراشه فسلمت عليه فسكت ساعة فطار عقلي وتضاعف جزعي، ثم قال لي: يا عبد الله أتدري لِمَ طلبتك في هذا الوقت، قلت: لا والله يا اميرالمؤمنين، قال: اني رأيت الساعة في منامي كأن حبشياً قد اتاني ومعه حربة فقال ان لم تخل عن موسى بن جعفر الساعة والا نحرتك بهذه الحربة، فاذهب وخل عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين اطلق موسى بن جعفر وكررت ذلك عليه ثلاثا، قال: نعم امض الساعة حتى تطلقه واعطه ثلاثين الف درهم، وقل له: ان احببت المقام فلك عندي ما تحب وان احببت المضي الى المدينة فالامر في ذلك اليك، قال عبد الله بن مالك: فمضيت الى الحبس لأخرجه فلما رآني وثب الي قائما وظن اني قد امرت فيه بمكروه فقلت: لا تخف قد أمرني أمير المؤمنين باطلاقك وان ادفع اليك ثلاثين الف درهم وهو يقول لك: ان احببت المقام قبلنا فلك ما تحب وان احببت الانصراف فالامر في ذلك مطلق اليك وأعطيته الثلاثين الف درهم وخليت سبيله، وقلت له: لقد رأيت من امرك عجباً، قال: فاني اخبرك: بينما انا نائم اذ اتاني النبي صلى الله عليه وآله فقال موسى حبست مظلوماً، فقل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت له بأبي وأمي ما أقول، فقال: قل يا سامع كل صوت ويا سابق الفوت ويا كاسي العظام لحماً وناشرهاً بعد الموت اسألك بأسمائك الحسنى وباسمك العظيم الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه احد من المخلوقين، يا حليماً ذا الأناة لا يقوى على اناته احد يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابدا ولا يحصى عددا فرج عني، فكان ما ترى.
ويبدو من بعض الروايات انه حبسه اكثر من مرة وكان يطلقه ويعتذر منه ويرده الى المدينة معززاً مكرماً.
واحياناً كان يستدعيه الرشيد لبغداد او يقصده الإمام عليه السلام عندما يذهب الى المدينة في طريقه الى مكة فيجله ويفضله على جميع الناس، فقد روى الصدوق عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام انه قال: لما ادخلت على الرشيد قال لي: لم جوزتم للعامة والخاصة ان ينسبوكم الى رسول الله صلى الله عليه وآله وأنتم بنو علي وانما ينسب المرء الى ابيه والنبي صلى الله عليه وآله جدكم من قبل امكم؟ فقلت له: يا امير المؤمنين لو ان النبي نشر وخطب اليك كريمتك أكنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله ولم لا اجيبه، فقلت: لكنه لا يخطب الي ولا ازوجه، فقال: ولم يا ابا الحسن؟ فقلت: لأنه ولدني ولم يلدك، فقال: احسنت يا موسى، ثم قال: كيف قلتم انا ذرية النبي والنبي صلى الله عليه وآله لم يعقب وإنما العقب للذكر لا للانثى وأنتم من ولد ابنته، فسألته بالقرابة وبحق القبر ومن فيه الا ما اعفاني من الجواب فقال: لا بد وان تخبرني بحجتكم يا ولد علي وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم كما انهي الي ولست اعفيك حتى تأتيني بحجة من كتاب الله فقرأ عليه الإمام الآية:
(ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى)، وهنا سأله الإمام عليه السلام: من ابو عيسى يا امير المؤمنين؟ فقال: ليس لعيسى أب، فقال الإمام انما الحقناه بذراري الانبياء عن طريق امه مريم، ونحن الحقنا بذرية النبي من قبل امنا فاطمة عليها السلام، ومضى الامام يقول: وان شئت ازيدك يا امير المؤمنين، فقال: نعم، فقرأ عليه آية المباهلة، (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)، وأضاف الى ذلك أنه لم يدع احد ان النبي ادخل تحت الكساء عند مباهلة النصارى غير علي وفاطمة والحسن والحسين فكان تأويل قوله عز وجل ابناؤنا الحسن والحسين ونساؤنا فاطمة وأنفسنا علي ابن أبي طالب، فقال له الرشيد: لقد اصبت وأحسنت يا ابا الحسن.
الى غير ذلك مما يرويه الرواة عن مواقفه معه التي يبدو في بعضها في منتهى القسوة والشدة وفي بعضها الآخر في منتهى الرفق واللين والتسامح، وليس ذلك ببعيد عليه ولا بغريب عن اسلوبه في حياته مع الناس، فلقد كان يتكيف مع الظروف والمناسبات ويستدعي الوعاظ والعلماء ليذكروه بالله وهو يبكي حتى ليظن من يراه ان نفسه ستذهب خوفاً ووجلا، ويصلي اكثر من مائة ركعة في اليوم كما جاء ذلك في المجلد الأول من عصر المأمون، فاذا جاء وقت الشراب والندمان والجواري تراه انسانا آخرمن اسوأ الناس حالا واذا علم ان شخصا لا يقره على ظلمه، اوظن بأن انساناً يشكل خطرا على مجده وعرشه يعود سفاحاً يتلذذ بإراقة الدماء والتعذيب كما تتلذذ الوحوش الضارية بفريستها. حقد العباسيين على أهل البيت
ومهما كان الحال فبالرغم من الحصار الذي ضربه الرشيد على الإمام موسى بن جعفر، فلقد اتسعت شهرته في الحجاز والعراق وجميع المناطق وقصده العلماء وطلاب العلم ورجع الى القول بإمامته اولئك الذين انحرفوا عنه بالامس والتف حوله الشيعة يجبون اليه خمس اموالهم وزكاتها ولم يكن ليخفى على الرشيد شيء من ذلك، وبالاضافة الى ذلك فقد شحنه الوشاة والحاقدون بالخوف على عرشه ودولته ووفد عليه اقرب الناس الى موسى بن جعفر محمد بن اسماعيل ليقول له: خليفتان في عصر واحد عمي موسى بن جعفر بالحجاز، والرشيد في بغداد، وتتراكم الصور المخيفة منه في نفس الرشيد حتى تبلغ ذروتها وحينما وقف على قبر النبي وحوله ملأ من الناس وقال: السلام عليك يا ابن العم، وكان الامام موجودا الى جانب القبر فقال على الفور: السلام عليك يا ابتاه، قال ذلك ليفسد عليه غايته، لان الرشيد كان من قصده ان يستعلي على الناس بقرابته للرسول ويوهمهم بأن ارثه قد تحدر اليه من جده العباس عم النبي صلى الله عليه وآله فاغتاظ الرشيد من ذلك وصمم على التخلص منه كما يدعي الرواة.
وجاء في رواية الكليني عن موسى بن القاسم البجلي عن علي بن جعفر انه قال: جاءني محمد بن اسماعيل وقد اعتمرنا عمرة رجب ونحن بمكة فقال: يا عم اني اريد بغداد وقد احببت ان اودع عمي ابا الحسن وأحببت ان تذهب معي اليه فخرجت معه نحو أخي وهو في داره التي بالحوية وذلك بعد المغرب بقليل فضربت الباب فأجابني اخي فقال: من هذا؟ فقلت: علي، فقال: هوذا اخرج، وكان بطيء الوضوء فقلت: العجل، فخرج عليه ازار ممشق عقد عقده في عنقه حتى قعد تحت عتبة الباب فقال علي بن جعفر: قد جئتك في أمر ان تره صوابا فالله وفق له وان كان غير ذلك فما اكثر ما نخطيء، قال: وما هو؟ قلت: هذا ابن أخيك يريد ان يودعك ويخرج الى بغداد، فقال لي ادعه، فدعوته وكان متنحياً فدنا منه وقبل رأسه وقال: جعلت فداك، أوصني، فقال: اوصيك ان تتقي الله في دمي، فقال مجيباً له: من ارادك بسوء فعل الله به وجعل يدعو على من يريده بسوء، ثم عاد وقبل رأسه وقال: يا عم اوصني فقال: اوصيك ان تتقي الله في دمي، ثم تنحى عنه ومضيت معه، فقال لي اخي. مكانك فوقفت مكاني ودخل منزله، ثم دعاني فدخلت اليه فتناول صرة فيها مائة دينار وقال: اعطها لابن اخيك يستعين بها على سفره، قال علي بن اسماعيل: فأخذتها، ثم ناولني مائة اخرى وقال لي: اعطه اياها، وناولني صرة ثالثة وقال: اعطه اياها، فقلت: جعلت فداك اذا كنت تخاف منه مثل الذي ذكرت، فلم تعينه على نفسك، فقال: اذا وصلته وقطعني قطع الله اجله، ثم تناول مخدة أدم فيها ثلاثة آلاف درهم وقال: اعطه هذه ايضا، قال علي بن جعفر: فخرجت اليه وأعطيته المائة الأولى ففرح بها ودعا لعمه، ثم اعطيته الثانية والثالثة ففرح بهما حتى ظننت انه سيرجع ولا يخرج لبغداد، ثم اعطيته الدراهم فمضى على وجهه حتى دخل على هارون فسلم عليه بالخلافة وقال: ما ظننت ان في الأرض خليفتين حتى رأيت عمي موسى بن جعفر يسلم عليه بالخلافة، فأرسل اليه هارون مائة الف درهم فرماه الله بالذبحة فما نظر منها الى درهم ولا مسه.
وروى الكشي حديث وشاية محمد بن اسماعيل على عمه بما يقرب من هذه الرواية.
وفي بعض الروايات ان الواشي هو علي بن اسماعيل، وقد اتصل بيحيى بن خالد البرمكي فاتفق واياه على الوشاية بالإمام عليه السلام ثم ادخله على الرشيد فأكرمه وأجلسه الى جانبه، وجعل يسأله عن عمه الإمام موسى بن جعفر، فقال له خليفتان في عصر واحد عمي موسى بن جعفر في الحجاز وأنت يا أمير المؤمنين بالعراق، وقد تركت الناس يسلمون عليه بالخلافة، وأضاف الى ذلك يحيى بن خالد البرمكي، ان الأموال تجبى اليه من المشرق والمغرب وقد اشترى ضيعة بثلاثين الف دينار وسماها اليسيرة وقال له بائعها وقد احضر له المال: لا آخذ هذا النقد ولا أقبل إلا نقداً معيناً سمّاه له فاسترجع منه النقد الذي دفعه له وأعطاه ثلاثين الف دينار من النقد الذي سماه له، فدفع الرشيد الى علي بن اسماعيل لقاء وشايته على عمه مائتي الف دينار فمات قبل ان تصل ليده، وكان الإمام قد قال لاخيه علي بن جعفر بعد ان عاتبه على صلته له، قال له: اذا وصلته وقطعني قطع الله اجله كما ذكرنا.
ثم أمر الملعون هارون فألقوا القبض على الامام سلام الله عليه وسيّره ليلاً الى البصرة وكتب الى عيسى بن جعفر والى البصرة كتاباً يأمره فيه ان يحبس موسى بن جعفر عنده. فبقي عليه السلام في حبس البصرة سنةً كاملة ثم طلب منه ان يقتل الامام فرفض عيسى ذلك الطلب وبعث اليه تسلّمه مني والا اطلقت سبيله لأني لم أجد منه ما يوجب حبسه.
فنقله هارون من حبس البصرة الى بغداد وصار ينقله من حبس الى حبس وآخر حبس حبس فيه موسى بن جعفر هو حبس السندي بن شاهك مدير الشرطة وكان لعنه الله خبيثاً مجرماً فطلب منه هارون ان يقتله فوافق ووضع السم في رطب وقدمه اليه فلما تناول منه الامام أحس بالسم وتغير لونه وبقي ثلاثة ايام يعاني الأوجاع ويعالج سكرات الموت الى ان فارق الحياة شهيداً في الخامس والعشرين من شهر رجب الحرام عام مئة وثلاث وثمانين هجرية وكانت ولادته عليه السلام كما سبق عام مئةٍ وثماني وعشرين هجرية فكان عمره الشريف خمساً وخمسين سنة.
ولقد حاول العباسيون اخفاء جريمتهم النكراء عن الرأي العام وعملوا بكل الوسائل لاقناع الناس بأن موسى مات في السجن موتاً طبيعياً حتف أنفه ولكن باءت جهودهم بالفشل وافتضحوا.
وذلك بأن أخّروا جنازة الامام عليه السلام ثلاثة ايام ففي اليوم الأول أبقوا الجنازة في السجن وفي اليوم الثاني وضعوها في دار الشرطة ببغداد. هذا والنسدي بن شاهك يجمع الوجوه والاعيان من أهل بغداد ويستشهدهم على أن موسى بن جعفر مات حتف أنفه موتا طبيعيا ولم يقتله أحد.
وفي اليوم الثالث نقلوا الجثمان الشريف إلى الشارع العام ووضعوه على جسر ببغداد وقام المنادون ينادون عليه هذا موسى بن جعفر إمام الرافضة قد مات.
يروى عن علي بن سويد أنه قال كنت واقفاً على الجسر عند جنازة الامام موسى بن جعفر عليه السلام إذ مرّ طبيب نصراني كانت بيني وبينه معرفة فدنوت منه وطلبت إليه أن ينظر الى جسد الامام الكاظم ويعرفنا سبب وفاته فجاء معي وكشف عن انحاء من الجسد الطاهر وقال إن الرجل مات مسموماً فقل لعشيرته يطالبوا بدمه.
وأخيراً لما كثر الضجيج والضوضاء حول نعش الامام الكاظم عليه السلام سمع سليمان بن المنصور الدوانيقي عمّ هارون وكان شيخاً كبير السن محترماً بين العائلة العباسيّة سمع الضوضاء على الجسر فسأل عن السبب فاخبر بأنه ينادى على جنازة موسى بن جعفر عليه السلام فساءه ذلك وغضب لتلك الاهانة والتحقير بالنسبة الى الامام الكاظم فأمر أولاده وغلمانه بان يأخذوا الجنازة من أيدي الشرطة والجلاوزة وقام بتجهيزه أحسن جهاز واعلن عن وفاته بالاحترام والتوقير وشيع الجنازة افخم تشيع على رغم انف هارون والسندي ودفنه في مقابر قريش حيث مرقده ومزاره المعروف في مدينة الكاظمية المقدسة غربي بغداد.
ألا لعنة الله على الظالمين لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام على كاظم الغيظ السلام على صاحب السجدة الطويلة السلام عليك ياموسى بن جعفر
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
الســـــــلام عليك يا اخا رسول الله ومستودع سره
يا صهرَ سيدِ ولدِ آدمَ، يازوجَ سيِّدةِ نساء العالمين..
يا والد سَيدَيّ شباب أهل الجنة، يا إمامَ الأئمة..
في رحابكَ تلتحمُ الفضائل صفّاً يخدم شخصَك..
وتحت راياتك تتزاحم القيمُ، لتَشْرُفَ بالانتساب إلى جنابك..
وحولك تهفو الرجولةُ،راجيةً أن تنفخَ فيها بعضاً من روحك..
لتكونَ في سدْرَة الكمال إذ تكون وصفَك..
الشفاعه ياعلي.
احسنتم وبارك الله بكم
دمتم محاطين بالالطاف المهدويه
الراحله الى ربها في وقت غير معلوم: خادمة السيد الفالي
قوم هم الغاية في فضلهم * فالأول السابق كالآخر
بدا بهم نور الهدى مشرقا * وميز البر من الفاجر
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
الســـــــلام عليك يا اخا رسول الله ومستودع سره
يا صهرَ سيدِ ولدِ آدمَ، يازوجَ سيِّدةِ نساء العالمين..
يا والد سَيدَيّ شباب أهل الجنة، يا إمامَ الأئمة..
في رحابكَ تلتحمُ الفضائل صفّاً يخدم شخصَك..
وتحت راياتك تتزاحم القيمُ، لتَشْرُفَ بالانتساب إلى جنابك..
وحولك تهفو الرجولةُ،راجيةً أن تنفخَ فيها بعضاً من روحك..
لتكونَ في سدْرَة الكمال إذ تكون وصفَك..
الشفاعه ياعلي.
جزيل الشكر اختي الكريمه
دمتم محاطين بالالطاف المهدويه
الراحله الى ربها في وقت غير معلوم: خادمة السيد الفالي
قوم هم الغاية في فضلهم * فالأول السابق كالآخر
بدا بهم نور الهدى مشرقا * وميز البر من الفاجر
ماجورين وعظم الله امورنا واموركم باستشهاد سيدي ومولاي الامام موسى الكاظم وفي ميزان اعمالكم
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
الســـــــلام عليك يا اخا رسول الله ومستودع سره
يا صهرَ سيدِ ولدِ آدمَ، يازوجَ سيِّدةِ نساء العالمين..
يا والد سَيدَيّ شباب أهل الجنة، يا إمامَ الأئمة..
في رحابكَ تلتحمُ الفضائل صفّاً يخدم شخصَك..
وتحت راياتك تتزاحم القيمُ، لتَشْرُفَ بالانتساب إلى جنابك..
وحولك تهفو الرجولةُ،راجيةً أن تنفخَ فيها بعضاً من روحك..
لتكونَ في سدْرَة الكمال إذ تكون وصفَك..
الشفاعه ياعلي.
بارك الله بكم
موفقين ان شاء الله
دمتم محاطين بالالطاف المهدويه
الراحله الى ربها في وقت غير معلوم: خادمة السيد الفالي
قوم هم الغاية في فضلهم * فالأول السابق كالآخر
بدا بهم نور الهدى مشرقا * وميز البر من الفاجر