|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 64604
|
الإنتساب : Mar 2011
|
المشاركات : 65
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
سن الاربعين وآثاره التكوينية والتشريعية
بتاريخ : 10-02-2012 الساعة : 06:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
(ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ) ( الأحقاف 15 )
في تفسير الميزان - ج 11 - ص 118 قوله تعالى : " ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين " بلوغ الأشد ان يعمر الانسان ما تشتد به قوى بدنه وتتقوى به أركانه بذهاب آثار الصباوة ويأخذ ذلك من ثمانية عشر من عمره إلى سن الكهولة، وفي - ج 18 - ص 201 وبلوغ الأربعين ملازم عادة لكمال العقل .
وظاهر الآية هو أن بلوغ الأشد إشارة إلى البلوغ الجسمي ، وبلوغ الأربعين سنة إشارة إلى البلوغ الفكري والعقلي ، لأن من المعروف أن الإنسان يصل إلى مرحلة الكمال العقلي في سن الأربعين غالبا ،
-ومن الثابت أن النبي الأكرم لما بلغ أربعين سنة بعثه الله رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا
وقالوا : إن أغلب الأنبياء قد بعثوا في سن الأربعين ، بل في سفينة البحار روي أنه لم يبعث نبي قط إلا على رأس أربعين
ولكن ينبغي التنبيه على أن سن الاربعين هو سن الصدح بالنبوة وليس زمن إعطائها ، فعن علي بن أسباط ، قال : قدمت المدينة وأنا أريد مصر ، فدخلت على أبي جعفر ، محمد بن علي الرضا عليه السلام ، وهو إذ ذاك خماسي ، فجعلت أتأمله لأصفه لأصحابنا بمصر ، فنظر إلي ، فقال لي : يا علي ! إن الله قد أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوة ، قال : * ( فلما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما ) * . وقال : * ( وآتيناه الحكم صبيا ) * فقد يجوز أن يعطي الحكم ابن أربعين سنة ، ويجوز أن يعطاه الصبي .
وسن الاربعين داخل في التكوين وفي التشريع
أما التكوين فقد ورد في تفسير القمي - ج 1 - ص 41في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام ، فخلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا.
وهو سن يكمل فيه عقل الإنسان ويصبح في ذروة عطائه الفكري وتتضح لديه الرؤية لما حوله ويقرأ بعمق الظواهر الكونية والمبادئ الإجتماعية وسنن الحياة ولكن كل ذلك يكون بمقدار وعائه الفكري ومخزونه الثقافي ، وينضح إناؤه الفكري بمقدار ما اكتسبه من معارف وحواه من مبادئ .
وأما في التشريع فهو سن تتأكد فيه التوبة ويشتد فيه التحذير ، وينطبع فيه قلب الإنسان على ما اعتاد عليه من العبادات والعادات والإعمال الصالحة والطالحة
خصائص سن الأربعين
إنطلاقا من هذا فخصائص سن الاربعين هي التالي:
1- أنه الحد الفاصل لبدء الانحدار كما ورد في البحار - ج 70 - ص 389 قال أبو عبد الله عليه السلام : إذا بلغ العبد ثلاثا وثلاثين سنة ، فقد بلغ أشده ، وإذا بلغ أربعين سنة فقد بلغ منتهاه فإذا طعن في إحدى وأربعين فهو في النقصان وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن كان في النزع ( 1 ) .
2- هو سن ينبغي فيه زيادة الحذر كما ورد في الخصال : عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليه السلام : إذا أتت على العبد أربعون سنة قيل له : خذ حذرك ، فإنك غير معذور ، وليس ابن أربعين سنة أحق بالعذر من ابن عشرين سنة ، فان الذي يطلبهما واحد ، وليس عنهما براقد فاعمل لما أمامك من الهول ، ودع عنك فضول القول
وفي أمالي الصدوق : قال الصادق ( عليه السلام ) : إن العبد لفي فسحة من أمره ما بينه وبين أربعين سنة ، فإذا بلغ أربعين سنة ، أوحى الله عز وجل إلى ملكيه : أني قد عمرت عبدي عمرا فغلظا وشددا وتحفظا واكتبا عليه قليل عمله وكثيره وصغيره وكبيره.
3- وهو السن الذي يستقر فيه تقلب الإنسان وينطبع على ما هو عليه ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) " . . . . والعامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه )،ولكن لا على نحو استحالة التغيير بل على نحو يكون من الصعب عليه الرجوع عن العادات التي عاش عليها وتربى على مزاولتها ، ويحتاج الإصلاح إلى جهود مضاعفة .
4- هو سن تتأكد فيه التوبة وقد ورد في حديث : " إن الشيطان يمر يده على وجه من زاد على الأربعين ولم يتب ، ويقول : بأبي وجه لا يفلح " . وفي مشكاة الأنوار روي عن النبي صلى الله عليه وآله: من جاوز الأربعين ولم يغلب خيره شره ، فليتجهز إلى النار ( 3 ).
أمور ثلاثة
هذا والقرآن الكريم في الآية التي صدرنا فيها رتب على بلوغ الأشد وبلوغ سن الأربعين أمورا ثلاثة هي عبارة عن أهم ما ينبغي أن يتطلع إليه وتتعلق به همته وهي ثلاث طلبات:
الأول: (قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي). إن هذا التعبير يوحي بأن الإنسان يدرك في هذه السن عمق نعم الله سبحانه وسعتها ، وكذلك يدرك ما تحمله أبواه من الجهود المضنية حتى بلغ هذا المقدار من العمر ، وذلك لأنه غالبا ما يصبح في هذا العمر أبا إن كان ذكرا ، وأما إن كانت أنثى، ويرى بأم عينه كل تلك الجهود التي بذلت من أجله ، ومدى الإيثار الذي آثره أبواه في سبيله ، وشكرا لسعيهما يتوجه لا إراديا لشكر الله سبحانه .
أما طلبه الثاني فهو : (وأن أعمل صالحا ترضاه) .
والثالث : وأصلح لي في ذريتي . إن التعبير ب ( لي ) يشير إلى أنه يرجو أن يكون أولاده في وضع من الصلاح والخير بحيث تعود نتائجه وحسناته عليه . والتعبير ب ( في ذريتي ) بصورة مطلقة ، يشير إلى استمرار الخير والصلاح في كل نسله وذريته . والطريف أنه يشرك أبويه في دعائه الأول ، وأولاده في الدعاء الثالث ، أما الدعاء الثاني فيخص نفسه به ، وهكذا يكون الإنسان الصالح ، فإنه إذا نظر إلى نفسه بعين ، ينظر بالأخرى إلى الآخرين الذين تفضلوا عليه ولهم حق في رقبته .
ويشار إلى أنه من تطبيقات الآية أنها نزلت في أبي عبد الله الحسين ولذا ورد في علل الشرائع عن الهاشمي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين عليه السلام الفضل على ولد الحسن عليه السلام ؟ وهما يجريان في شرع واحد ... (وأصلح لي في ذريتي) ولو قال : أصلح لي ذريتي كانوا كلهم أئمة ولكن خص هكذا .
|
|
|
|
|