عاد الربيع من جديد مفعم بانفاس الورد,محملا بالحياة ومثقل بالثمار .
عاد الربيع متنقلا بين التلال مرددا اغاني سليمان واناشيده الخالدة ,هازءا باوحال الشتاء وغبار الصيف .
الربيع روح ثائرة لا يقتلها غير الوقت ولا يبددها غير الزمان ,حيث ياتي مسرعا ويمر كالحلم ,الربيع سر تعلنه العناصر حيث تضعه ارحام الود والانعطاف وتكفنه كفوف الويل والعذاب ,فلم يبقى من ذكراه سوى الثغور المذبوحة والاوراق المنسحقة .
ما اجملك ايها الربيع وانت حر تاتي وتروح !ما اجملك وانت اغنية الحب الهائمة بين المروج والسواقي !ما اجملك وانت ضل لا تكسره الشمس!.
ايها الربيع ايها الجناح الناتج من رفاتك الريح ,والمظلل بريشك العشب ,ايها العين المحدقة في الارض الناضرة الى الشمس ابدا ,ايها النغمة العذبة التي تهمس في آذان الورد وتتصاعد في صدور الانبياء ,ايها الشفاف ظلل تلك الارواح السائرة نحو المجهول وكن انت الناي وانت الفم الذي ينفخ فيه الحياة كي تخرج انغامه الجميلة ,
علمنا ايها الربيع ان نكون مثلك نغسل غبار امسنا بدموع يومنا ,ونستبدل نتائن جهلنا بعبير معرفتنا ,
علمنا كيف نبتسم ونبكي في نفس الآن ,حيث يكمل البكاء ضحكنا ويزيدنا طهارة ونقاء كما تطهر النار الحديد ,فانت تبكي في ثغور الازهار المبتسمة لتزيها جمالا فوق جمالها .
علمنا كيف نعطي كل ما عندنا كي نحيا ,مثلما تعطي انت كل شيء ليحيا غيرك ,علمنا كيف نعصر دموعنا كي يُعجن بها خبز المحتاج مثلما تعصر دموعك لتنبت الحقول والمراعي .
ايها الربيع ايها العشق الساكن في قلبي ,كن انيسا لكل المستوحشين في الارض ,فانك الحياة التي تبشر بها شيخوخة الشتاء ,اذ انك تبكي للشتاء بدوع يمسحها الريح ,وتبتسم للصيف بشاه يعصرها اللهيب.................
الربيع
العرض العادي
