|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 82877
|
الإنتساب : Oct 2016
|
المشاركات : 49
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
السنة النبوية بين الشيعة واهل السنة
بتاريخ : 05-10-2016 الساعة : 07:49 PM
السنّة النبوية الشريفة عند أهل السنّة والجماعة وعند الشيعة الأمامية
هي كل ما قاله رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أو فعله، أو اقرّه. وهي المرجع الثاني عندهم بعد القرآن الكريم في أحْكامِهمْ وعباداتهم وعقائدهم.
يضيفُ أهل السنّة والجماعة إلى السنّة النبوية سنة الخلفاء الراشدين الأربع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وذلك لحديث يروونه:
«عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديين من بعدي عِضّوا عليها بالنواجذ»(1)
وليس أدلّ على ذلك من إتباعهم سنّة عمر بن الخطاب في صلاة التراويح التي نهى عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم(2) . والبعض منهم يضيفون إلى سنة الرسول سنة الصّحابة بأجمعهم (أي صحابي كان) وذلك لحديث ــ يروونه:
____________
(1) مسند الإمام أحمد بن حنبل 1 / 126.
(2) صحيح البخاري 7 / 99 ما يجوز من الغضب والشدّة لأمر الله.
الصفحة 16
«أصحابي كالنجوم بأيّهم إقتديتمإهتديتم» وحديث «أصحابي أمنةٌ لأمتي»(1) .
أما حديث أصحابي كالنجوم فهو لا ينسجم مع العقل والمنطق والحقيقة العلمية إذ أن العرب لم يكونوا ليهتدوا في مسيرهم الصحراوي لمجرد إقتدائهم بأي نجم من النجوم وإنما كانوا يهتدون بإتباع نجوم معيّنة محدّدة معروفة لهم أسماؤها، كما أن هذا الحديث لا تؤيده الأحداث اللاحقة والممارسات التي بدت من بعض الصحابة بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فإن منهم من إرتد(2) . كما إنهم إختلفوا في كثير من الأمور ألتي سببت الطعن (بعضهم في بعض)(3) ، ولعن بعضهم بعضاً(4) ، وقتل بعضهم بعضاً(5) وأقيم الحد على بعض (الصحابة،) لشرب الخمر والزنا والسرقة وغير ذلك، فكيف يقبل عاقلٌ بهذا الحديث الذي يأمر بالإقتداء بمثل هؤلاء ؟ وكيف يكون من يقتدي بمعاوية الخارج على إمام زمانه أمير المؤمنين في حربه للأمام علي (عليه السلام) مهتدياً ؟ وهو يعلم أن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم سّماه إمام الفئة الباغية(6) ؟ وكيف يكون من المهتدين من يقتديبعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وبسر بن أرطأة وقد قتلوا الأبرياء لتدعيم ملك الأمويين. وأنت أيها القاريء اللبيب إذا قرأت حديث أصحابي كالنجوم يتبينّ لك أنه موضوع لأنه موجّه إلى الصحابة فكيف يقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يا أصحابي إقتدوا بأصحابي ؟ !..
أما حديث يا أصحابي عليكم بالأئمة من أهل بيتي فهم يهدونكم من بعدي فهو أقرب إلى الحق لأنه له شواهد عديدةتؤيده في السنة النبوية …
____________
(1) صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة ومسند أحمد بن حنبل 4 / 398.
(2) كالذين حاربهم أبو بكر وسُمّوا بأهل الردة.
(3) كما طعن أكثر الصحابة في عثمان حتى قتلوه
(4) كما فعل ذلك معاوية الذي كان يأمر بلعن علي.
(5) كحروب الجمل وصفين والنهروان وغيرها.
(6)حديث «ويح عمار تقتله الفئة الباغية».
الصفحة 17
والشيعة الإمامية يقولون بأنّ المقصود بحديث «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديين من بعدي»» هم الأئمة الإثنا عشر من أئمة أهل البيتْ سلام الله عليهم وهم الذين أوجب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، على أمّته أن تتمسّك بهم وتتبعهم كما تتمسّك وتتبع كتاب الله(1)
ولمَّا آليتُ على نفسيفإنيلا أستدلُ إلا بما يَحتجّ به الشيعة من صحاح أهل السنة والجماعةفإني قد إقتصرت على ذلك، وإلا فإن في كتب الشيعة أضعاف ذلك وبعبارات أكثر صراحة ووضوحاً(2) .
على إن الشيعة لا يقولون بأن أئمّة أهل البيت سلام الله عليهم لهم حقّ التشريع بمعنى أن سنّتهم هي إجتهادٌ منهم، بل يقولون بأن كل أحكامهم هي من كتاب الله وسنة رسوله التي علّمها رسول الله علياً وعلّمها علي أولاده فهو علمٌ يتوارثونه ولهم في ذلك أدلّةٌ كثيرة نقلها علماء أهل السُنّة والجماعة في صحاحهم ومسانيدهم وتواريخهم. ويبقى السؤال دائما يعود بإلحاح: لماذا لم يعمل أهل السنة والجماعة بمضمون هذه الأحاديث الصحيحة عندهم..؟؟؟
ثم بعد ذلك يختلفُ الشيعة والسنّة في تفسير الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسَلم كما سبق لنا توضيحه في فقرة إختلافهم في تفسير القرآن، بالنسبة لمعنى الخُلفاء الرّاشدين الذي ورد في حديثه صلّى الله عليه وآله وسلّم وصحّحه كلٌ من الفريقين، ولكن يفسّره السنّة على إنهم الخلفاء الأربعة
____________
(1) صحيح الترمذي5 /326 صحيح مسلم2 /362 النسائي في الخصائص كنز العمال ج 1 / 44 ــ مسند أحمد بن حنبل 5 / 189 الحاكم في المستدرك ج 3 /148 الصواعق المحرقة لأبن حجر ص 148 الطبقات الكبرى لإبن سعد ج 2 / 194 الطبراني ج 1 / 131
(2) أضرب لذلك مثلا واحدا: أخرج الصدوق في الإكمال بسنده الى الإمام الصادق عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (ص) الأئمة من بعدي إثنا عشر. أولهم علي وآخرهم القائم، هم خلفائي وأوصيائي.
الصفحة 18
الذين إعتلوا منصّة الخلاَفة بعد رسول الله، ويفسّره الشيعة على إنّهم الخلفاء الإثنا عشر وهم أئمة أهل البيت سلام الله عليهم.
ذلك إنا نرى هذا الإختلاف شائعاً في كل ما يتعلّق بالأشخاص الذين زكّاهم القرآن والرسول أو أمر بإتباعهم، مثال ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«علماء أمّتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل» أو «العلماء ورثةُ الأنبياء»(1) .
فأهل السنّة والجماعة يعمّمون هذا الحديث على كل علماء الأمة بينما يخصّصهُ الشيعة بالأئمة الأثني عشر ومن أجل ذلك يفضلونهم على الأنبياء ماعدا أُولي العزم من الرسل.
والحقيقة أن العقل يميل الىهذا التّخصيص.
اولاً: لأن القرآن أورث علم الكتاب للذين إصطفى من عباده وهو تخصيص، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصّ أهل بيته بأمور لم يُشركهم فيها بأحد، حتى سَّماهم سفينة النجاة وسمّاهم أئمة الهدى ومصابيح الدّجى والثقل الثاني الذي يعصم من الضلالة.
فظهر من هذا، أن قول أهل السنّة والجماعة يعارض هذا التخصيص الذي أثبته القرآن والسنة النبوية، وإن العقل لا يرتاح إليه لما فيه من الغموض وعدم المعرفة بالعلماء الحقيقيينّ الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم، وعدم تمييزهم عن العلماء الذين فرضهم على الأئمّة الحكّام الأمويّون والعّباسيّون، وما أبعـد الفرق بين اولئك العلماء وبين الأئمة من أهل البيت الذين لايذكر التاريخ لهم إستاذاً تتلمذوا على يديه سوى أن يتلقّى الإبن عن أبيه ومع ذلك فقد روى علماء أهل السنة في علومهم روايات عجيبة وخصوصاً الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الرضا الذي أفحم بعلومه أربعين قاضياً جمعهم إليه المأمون وهو
____________
(1)صحيح البخاري ج 1 كتاب العلم. صحيح الترمذي كتاب العلم أيضا.
الصفحة 19
لايزال صبيّاً(1) .
ومما يؤكد تميز أهل البيت عن غيرهم مايظهر لنا من إختلاف أصحاب المذاهب الأربعة عند أهل السنّة والجماعة في كثير من المسائل الفقهية بينما لا يختلف الأئمة الإثنا عشر من أئمة أهل البيت في مسألة واحدة.
ثانياً: لو أخذنا بقول أهل السنة والجماعة في تعميم هذه الآيات والأحاديث على كلّ علماء الأمّة لوجب أن تتعدّد الآراء والمذاهب على مرّ الأجيال و لأصبح هناك الآف المذاهب ولعلّ علماء أهل السنة والجماعة تفطّنوا لما لهذا الرأي من سخافة وتفريق لوحدة العقيدة فأسرعوا الى غلق باب الإجتهاد منذ زمن بعيد.
أمّا قول الشيعة فهو يدعو الى الوحدة والإلتفاف حول أئمة معروفين خصّهم الله تعالى والرسول بكل المعارف التي يحتاجها المسلمون في كل العصور، فلا يمكن لأي مدّع بعد ذلك أن يتقوْل على الله وعلى الرسول ويبتدع مذهباً يُلزم الناس بإتّباعه، فإختلافهم في هذه المسألة كإختلافهم في المهدي الذي يؤمن به الفريقان، ولكنّ المهدي عند الشيعة معلوم معروف أبوه وجدّه، وعند أهل السنّة والجماعة لايزالُ مجهولاً وسيولد في آخر الزمان ولذلك ترى كثيراً منهم أدّعى المهدية، وقد قال لي شخصياً الشيخ إسماعيل صاحب الطريقة المدنية بأنّه هو المهدي المنتظر، وقالها أمام صديق لي كان من أتباعه ثم إستبصر فيما بعد.
أمّا عند الشيعة فلا يمكن لأي مولود عندهم أن يدّعي ذلك وحتّى لو سَمّى أحدهم إبنه بالمهدي فهو تيمُّناً وتبرّكاً بصاحب الزمان كما يُسمّي أحدُنا إبنهُ محمداً أو علياً، وإن ظهور المهدي عندهم هو حدّ في ذاته معجزة لأنّه وُلِد منذ إثني عشر قرناً وتغيّبَ.
ثم بعد كل هذا قد يختلف أهل السنة والجماعة في معنى الحديث الثابت
____________
(1)العقد الفريد لإبن عبد ربّه ــ والفصول المهمة لإبن الصباغ المالكي 3 / 42
الصفحة 20
الصحيح عند الفريقين حتى لو كان الحديث لا يتعلّق بالأشخاص ومن ذلك مثلاً حديث:
««إختلاف أمّتي رحمة»».
الذي يفسّره أهل السنة والجماعة: بأنّ إختلاف الأحكام الفقهية في المسألة الواحدة هو رحمة للمسلم الذي بإمكانه أن يختار أي حكم يناسبه ويتماشى مع الحلّ الذي يرتضيه ففي ذلك رحمة به، لأنّه إذا كان الإمام مالك مثلاً متشدّداً في مسألة ما، فإن بامكان المسلم أن يُقلدْ أبا حنيفة المتساهل فيها.
أمّا عند الشيعة فهم يفسّرون الحديث على غير هذا المعنى ويرون أن الإمام الصادق (عليه السلام) لّما سُئل عن هذا الحديث«إختلاف أمّتي رحمة» قال صدق رسول الله ! فقال السائل إذا كان إختلافهم رحمة فاجتماعهم نقمة! فقال الصادق: ليس حيثُ ذهبت ويذهبون (يعني في هذا التفسير) إنّما قصد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:إختلاف بعضهم إلى بعض يعني يسافر بعضهم الى بعض وينفر اليه ويقصده لأخذ العلم عنه وأستدلّ على ذلك بقول الله تعالى: (فلولا نَفر من كل فرقة منهم آية طائفة ليتفقّهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون)(1)
ثم أضاف قائلاً فإذا إختلفوا في الدّين صاروا حزب إبليس.
وهو كما نرى تفسير مقنعٌ ولأنّه يدعو لوحدة العقيدة لا للإختلاف فيها(2) .
ثم إن الحديث بمفهوم أهل السنة والجماعة غير معقول لأنّه يدعو للإختلاف والفُرقةوتعدّد الآراء والمذاهب وكل هذا يعارض القرآن الكريم الذي يدعونا للوحدة والإلتفاف حول شيء واحدٍ: يقول سبحانه: وإن هذه أمتكم أمةً
____________
(1) سورة التوبة: آية 122
(2) البسملة في الصلاة مكروهة عند المالكية وواجبة عند الشافعية ومستحبة عند الحنفية والحنابلة قالوا: بإ خفاتها صلّى في الصلاة الجهرية
الصفحة 21
واحدة وأنا ربكم فاتقونِ ويقول وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا (2) ويقول: ولا تنازعو فتفشلوا وتذهب ريحكم (3) .
فاي نزاع وأية تفرقة هي أكبر من تقسيم الأمّة الواحدة الى مذاهب وأحزاب وفرق يخالف بعضهم بعضاّ ويسْخر بعضهم من بعضٍ بل ويكفّر بعضهم بعضاً حتى يستحلّ بعضهم دم البعض الآخر، وهو ماوقع بالفعل على مرّ العصور، والتاريخ أكبر شاهد على ذلك، هذا وقد حذّرنا سبحانه من النتائج الوخيمة التي تصير إليها أمّتنا إذا تفرّقت فقال سبحانه: ولا تكونوا كالذين تفرّقوا وإختلفوا من بعد ما جاءهم البينات (4) إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء (5) ولاتكونوا من المشركين. من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً، كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون (6)
وتجدر الإشارة هنا بأن معنى شيعاً لا علاقة لها بالشيعة كما توهّم بعض البُسطاء عندما جاءني ينصحني على زعمه قائلاً: يا أخي بالله عليك دعنا من الشيعة فان الله يمقُتهم وحذّر رسوله أنْ يكون منهم ! قلتُ وكيف ذلك ؟ قال: إن الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لستَ منهم في شيء وحاولتُ إقْناعهُ بأن شِيَعاً معناها أحزاباً ولاعلاقة لها بالشيعة ولكنّه ومع الأسف الشديد لم يقتنع لأن سيّده إمام المسجد هكذا علّمه وحذّره من الشيعة فلم يعدْ يتقبّل غير ذلك
أعود إلى الموضوع فاقول بأني كنتُ في حيرة قبل إستبصاري عندما أقرأ حديث «إختلاف أمّتي رحمة» وأقارنه مع حديث:
____________
(1)سورة المؤمنونآية 52.
(2) سورة آل عمران آية 103
(3) سورة الأنفال آية 46
(4) سورة آل عمران آية 105
(5) سورة الأنعام آية 159
(6)سورة الروم أية 21 ـ 22.
الصفحة 22
«ستفترق أمّتي إلى إثنتين وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة»(1) .
وأتسائل كيف يكون إختلاف الأمة رحمة في نفس الوقت يوجب دخول النار ؟؟
وبعد قرائتي لتفسير الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) بهذا الحديث زالت الحيرة وإنحلّ اللّغْزُ وعرفتُ بعد ذلك بأن الأئمة من أهل البيت، هم أئمة الهدى ومصابيح الدْجى وهم بحق ترجمان القرآن والسنه وحقيق بالرسول صلّى الله عليه وآله وسلم أن يقول في حقهم:
«مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، لا تتقدموهم فتهلكوا ولا تتخلّوا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم»(2) .
وكان حقيق بالإمام علي (عليه السلام) أن يقول:
«إنظروا أهل بيت نبيكم فإلزموا سمتهم وإتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا وإن نهضوا فانهضوا ولا تسبقوهم فتضلّوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا» 3.
وقال (عليه السلام) في خطبة أخرى يعرف بها قدر أهل البيت (عليهم السلام):
«هم عيش العلم وموتُ الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرهم
____________
(1) سنن إبن ماجة كتاب الفتن ج 2 / رقم الحديث 3993 مسند أحمد ج 3 ص 120 والترمذي في كتاب الإيمان. (2) الصواعق المحرقة لإبن حجر ص 139 وص 227 الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 132 مسند أحمد بن حنبل ج3 ص 17 وج 4 ص366 حلية الأولياء ج 4 ص 309 مستدرك الحاكم ج 3 ص 115 تلخيص الذهبي ـ المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22. (3) نهج البلاغة للإ مام علي ج 2 ص 190.
الصفحة 23
عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لايخالف الحق ولا يختلفون فيه هم دعائم الإسلام، وولائج الإعتصام، بهم عاد الحق الى نصابه، وإنزاح الباطل عن مقامه، وإنقطع لسانه عن منبته، عقلوا الدّين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية. فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل»(1) .
نعم، صدق الإمام علي فيما بيّنه فهو باب مدينه العلم، فهناك فرق كبير بين من عقل الدين عقل وعاية ورعاية وبين من عقله عقل سماع ورواية.
والذين يسمعون ويروون كثيرون، فكم كان عدد الصحابة الذين يجالسون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويسمعون منه الأحاديث وينقلونها بغير فهم أوْ علم فيتغيّر معنى الحديث وقد يؤدّي الى العكس الذي قصده الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وقد يؤدّي بعض الأحيان الى الكفر لصعوبة إدراك الصحابي للمعنى الحقيقي(2) .
أمّا الذين يعون العلم ويرعونه فقليلون جدَّاً وقد يُفني الإنسانُ عمره في طلب العلم ولايحصل منه إلاّ على اليسير، وقد يتخصّص في باب من أبواب العلم أو فنّ من فنونه ولا يمكنه أن يحيط بكل أبوابه، ولكن المعروفأن أئمه أهل البيت (عليه السلام) كانوا مُلمّين وعارفين بشتّى العلوم، وهذا ماأثبته الإمام علي كما يشهد المؤرخون وكذلك محمد الباقر وجعفر الصادق الذي تتلمذ على يده الآف الشيوخ من شتى العلوم والمعارف من فلسفة وطب وكيمياء وعلوم طبية وغيرها.
____________
(1)نهج البلاغة للإمام علي3 / 439.
(2) مثال ذلك مارواه أبو هريرة من «إن الله خلق آدم على صورته» ولكن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أوضح الأمر فقال إن رسول الله صلّى الله عليه آله وسلم سمع رجلين يتسابان فقال أحدهما للآخر قبح الله وجهك ووجه من يشبهك فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «إن الله خلق آدم على صورته» أي إنك بسبك من يشبهه قد سببت آدم لأنه يشبهه.
الصفحة 24
|
|
|
|
|