بيان فتنة البحرين للإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قده)
بتاريخ : 27-03-2011 الساعة : 01:02 AM
ٍ سلسلة بحوث ومقالات الإمام كاشف الغطاء
تصدر من مكتبة – العامة –ومدرسته الدينية
العراق- النجف الاشرف
( 2)
بيان فتنة البحرين
للإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قده)
جميع الحقوق محفوظة في
مكتبة الامام كاشف الغطاء
ومدرسته الدينية
النجف الاشرف - العراق
1432هـ -2011 م
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين.
قبل أكثر من نصف قرن والإمام الوالد الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قده) يحذّر حذراً شديدا من هذه الفتن العمياء، ومن دسائس المستعمرين وما سيحل بالمسلمين من محن وفتن - تشيب الطفل من قبل المشيب -.
ومازلت أتذكر أن الإمام الشيخ (قده) والدي كان مريضاً في مستشفى الكرخ إذ انهالت عليه البرقيات من أهالي شعب البحرين يستغيثون به من أحداث دامية وقعت بين أفراد الشعب الواحد، فتألم حينها ألما شديداً على هذه الأخبار المؤلمة، رغم ما كان يعانيه (قده) من ألم جسده، وألمم روحه على أمته، فكتب بياناً بيده المرتعشة([1]) على اثر ذلك، ثم بقي هذه البيان مطموراً في السطور دون الصدور، ورأينا من الواجب نشره في هذه الآونة ليعرف العالم الإسلامي وغير الإسلامي بأن هذه المعاناة التي يعانيها شعب البحرين هي ليس وليدة هذه الأيام بل هي قبل أعوام.
وقد أجاب أمير البحرين بكتابً يعتذر فيه إلى الإمام الشيخ الوالد كاشف الغطاء(قده) عمّا صدر من حكومته وأنه سوف يتدارك هذا الخطب بأسرع وقت. الأمين العام
شريف نجل الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء
مدرسة الإمام كاشف الغطاء - الدينية
ومكتبته - العامة
نص الاستغاثة التي وردت إلى الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء(قده) من شعب البحرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
في 15/شوال/1373هـ([2])
إلى حضرة صاحب السماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء - شيخ العراق - المحترم .
بعد إهداء التحية وفائق الاحترام.
وبعد فهذه شكوى تتقدم بها إليك شيعتك في البحرين.
هي: أن الشيعيين ليتجرعون من إخوانهم السنة الذين تُوعز لهم الأسرة المالكة في البحرين. يتجرعون أنواع العذاب والاضطهاد. حيث حرماتهم مباحة, وممتلكاتهم منهوبة, وحقوقهم الشرعية في أوطانهم مهدورة؛ كأنهم من بني إسرائيل أعداء الإسلام.
ففي العام الفائت (بيوم عاشوراء) بينما الشيعة يواصلون العزاء بتسيير المواكب الحسينية في الشوارع العامة والمحلات كما هو شعار الشيعة في كل بلد، هاجم السنيّون مواكب العزاء واعتدوا على المعزّين الذين هم كفرة ويأتون بأعمال الكفار في نظر السنة. أما البوليس الموزع على جميع حلقات المواكب المكلف بالمحافظة على الأمن فقد صدرت له تعليمات من رئيس الأمن ـ هو ـ (خليفة بن محمد عيسى آل خليفة) ابن عم أمير البحرين الحالي بإطلاق النيران على كل فرد شيعي سواء أكان من جملة المعزّين أم من جملة المتفرجين, فانجرح من أنجرح من أطفال الشيعة، ومن شيبتهم ومن نسائهم الذين لم يستطيعوا فراراً، ولم يكفيهم هذا بل هاجموا قرية (عراد) في المحرق ـ القرية الشيعية التي تحوطها القرى السنيّة ـ وكان رئيس عصابة الهجانة في هذا الهجوم المسلح هو الشيخ (دعج بن حمد عيسى آل خليفة) رئيس القضاء المدني في البحرين. وكان يصوت قائلاً: قاتلوا الكفار والمنافقين، فأسفرت نتيجته الهجوم عن جرح الكثيرين من الشيعة بجروح بالغة، وشفوا بعد ذلك من بركة الحسين عليه السلام، ثم وعندها تعطلتْ الأسواق احتجاجاً على هذه الحوادث الدامية التي تخلقها ولاة الأمر في البلاد. ولم يكفهم هذا بل لازالوا ولا يزالون يواصلون اعتداءاتهم ضد الشيعة وفي قرى الشيعة، وعلى ممتلكات الشيعة، وعلى أطفال الشيعة وعلى العمال من الشيعة، الذين يعملون في المؤسسات الأجنبية حتى أن قبل يوم من تاريخ هذه الرسالة هاجم السنيّون قرى سترة، وفعلوا ما أرادوا.
هذه نبذة يسيرة من الحوادث التي تستطيع فهمها على الوجه الصحيح من زوّار البحرين نرجو بعد ذلك أن يتدخّل سماحة الإمام في أمرنا وإلا سنضطر على مغادرة أوطاننا كما فعل أجدادنا.
شيعة البحرين
نص بيان الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قده).
(فتنة البحرين)([3])
قال عزّ شأنه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْمُسْلِمُونَ (102 )وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103 )}([4])
كل ذي حس وشعور يعلم أن المسلمين اليوم بأشد الحاجة إلى الاتفاق والتآلف، وجمع الكلمة، وتوحيد الصفوف، وأن ينضم بعضهم إلى بعض كالبنيان المرصوص، ولا يدعوا مجالاً لأي شيء مما يثير الشحناء والبغضاء والتقاطع والعداء، فإن كل ما يقع من هذا القبيل بين المسلمين في الوطن الواحد، أو في أوطان متباعدة هو أعظم سلاح للمستعمرين بل هو قرّة عين لهم، وما نشبتْ مخالب الأجانب في الممالك الإسلامية والبلاد العربية إلا بإلقاح الفتن بينهم، وإثارة النعرات الطائفية فيهم، بضرب بعضهم ببعض، ويذيق بعضهم بأس بعض ويكون المستعمر له الغنيمة الباردة والربح والفائدة، والخسران والوبال علينا.
اضرب بطرفك حيث شأت من شرق الأرض وغربها، وشمالها وجنوبها هل ترى بلداً إسلامياً أو أمة عربية لم ينشبْ الاستعمار فيها أنياب نوائبه، ولم يصبْ عليها صيبات مصائبه، يأتي إلى البلد الواحد والأخوان المواطنين الوادعين، فيحتلها احتلال العلقة في الجسم يمتص دمها، ويستلب ثروتها، ويفسد أخلاقها، ويلقح بذور الفتن والبغضاء بينها؛ حتى يقتل بعضهم بعضاً من غير سبب معقول ولا مبرر مشروع، هذا دأبه وديدنه منذ سبعمائة سنة وإلى اليوم، يشهد لك بذلك أعماله واحتلاله في الهند، ...، وكينيا، وأفريقيا، وأيرلندا، ومصر، والسودان، والعراق، وغيرها من البلاد الإسلامية وغيرها، العربية وغيرها .
ومن هذا القبيل وعلى هذه الشاكلة ما بلغنا من وقوع الحوادث الدامية التي وقعت غير مرة في البحرين، بين الأخوين المسلمين الذين فرقتْ السياسة الغاشمة بينهم باسم الشيعيين والسنيين، وهم أخوان في دين الله، دينهم التوحيد، ويجمعهم كتاب الله وشهادة أن لا إله...، وأن محمداً رسول الله.
فهل ذلك التضارب والتحارب إلا من يد أجنبية وأصابع خفيّة ولهم مصالح استعمارية والعجب من الحكومة الإسلامية العربية - حكومة البحرين - كيف تتغاضى عن هذه الحوادث الفظيعة في بلادها الآمنة المطمئنة، وكيف لا تقيم موازين القسط والعدل في رعاياها وتقطع دابر المفسدين، وتعاقب المعتدين، حتى يكونوا عبرة للآخرين فان من أهم وظائف الحاكم وواجباته حفظ الأمن، وقلع جراثيم الظلم والعدوان، وجرائم الغرور والطغيان، والمحافظة على حريات المذاهب والأديان
{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26 )}([5])
ومن الحق وما يوجبه الحق قطع أيادي السوء التي تعبث في البلاد، وتعيث بالفساد، ومن الحزم بل المحتّم إذا حصل بين أهل الوطن الواحد شيء من الوهم سعي الحكومة، أو الحكماء، والعقلاء فوراً إلى إزالته والمبادرة إلى الإصلاح -{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10 )}- ومن مقاييس الحق ونواميس العدل، أن يجعل ولي الأمر رعاياه كأولاده بمنزلة سواء في عدل القضاء مهما كانت نزعتهم أو نحلتهم.
والأمل من هذه الإمارة المسلمة العربية السعي العاجل إلى إصلاح هذه القضية حتى لا يعود المفسدون إلى مثلها، ويتفاقم البلاء، ويتسع الخرق على الراقع، وتحدث الفتن الذي ليس له رتق ( ومعظم النار من مستصغر الشرر) .
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117 )}([6]) .
حرره في مستشفى الكرخ ببغداد
محمد الحسين آل كاشف الغطاء
( 28/شوال/1373هـ) ([7])
النجف الاشرف- محلة العمارة- مجاور مدرسة الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء- الدينية ومجاور مسجد ومقبرة أل كاشف الغطاء(قده)
[1] - كما يظهر لك ذلك بالنظر إلى مصورة نسخة الأصل المرفقة طياً.
[2]- هذه الوثيقة من قسم الأرشفة والوثائق لمكتبة الإمام كاشف الغطاء - العامة (مكتبة الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء - العامة) لمؤسسها والده العلامة الشيخ علي صاحب (الحصون المنيعة).
ت.عام:2062.
ت.ملف: حرف (ش)/51/1.
[3] - للمزيد والاطلاع على هذه الفتواى المراجعة في قسم الأرشفة والوثائق لمكتبة الإمام كاشف الغطاء - العامة لمؤسسها والده العلامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء صاحب (الحصون المنيعة).
[4] - سورة: آل عمران.
[5] - سورة:ص.
[6] - سورة: هود.
[7] - توفي الإمام الشيخ الوالد بعد شهر من كتابة هذا البيان في18/ ذي القعدة/1373هـ . 1954م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
مما لا اشكال فيه ان مظلومية الشيعة وظالمية احفاد بني امية لهم في البحرين وغير البحرين ليست وليدة اليوم ، بل ما يحصل اليوم استمرار لتلك الظلامات منذ رحيل النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وانما تتوهج حيناً وتخفت حيناً ، اسال الله تعالى ان يهيأ لنا سبل الانتصار وان يعجل في فرج مولانا الحجة سلام الله عليه
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أطال الله عمركم إذا بثثتم في روحنا عبقا من أريج المرجعية الفذة الصابرة المحتسبة .
وإن ما يحصل في البحرين الحبيب يدعو إلى الحزن الشديد ، والافتجاع المديد ، إذ إن شرره يصل - ولا شك - إلى قلب الغائب عن الأنظار ، سراج الليل والنهار ، الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف ، وإن شاء الله تعالى تحل العقد ، وتنهار الظلم عن شيعة أهل البيت عليهم السلام في البحرين العزيز .
ولكن الشيء الذي يجب أن يكون في البال أن التقية واتقاء شر الحكام قدر الإمكان هو ديدن الأئمة المعصومين - عليهم السلام - وإن الخروج عن ذلك يتطلب الالتجاء إلى ركن وثيق ، ودليل حقيق ، فلذا يجب أن تكون المطالبة بالحقوق بما لا يؤدي إلى هتك الحرمات وتقتيل الناس ، والاحتياط بالدماء والفروج والأموال ثلاثية قامت عليها أركان الدين الحنيف ، فمن راعاها نجا ، ومن أعفاها هلك وأهلك .
وإذ أسأل الرب الجليل بحق الأئمة - عليهم السلام - أن يرفع هذا الظلم الغاشم عن بلاد المسلمين في البحرين ، فإني أدعوه - من تلألأت بوارقه - أن يسدد ولاة الأمر في البحرين إلى مواجهة هذه الأيام العصيبة بالحكمة والرشاد ، إنه سميع الدعاء مجيب قريب .