من خصوصيات الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه أنّه ينجح في الإمساك بالسلطة السياسية على العالم كلّه وتشكيل حكومة تسع المعمورة برمّتها، وهذا الأمر يتطلّب أخلاقيّات وأساليب إداريّة حكيمة وخاصّة يبلورها القادة والمسؤولون الرفيعون فيها، وعلى رأسهم الإمام نفسه.
ومن هذه الأساليب أن يكون المسؤول مع الناس والمساكين رؤوفاً رحيماً، بالقدر نفسه الذي يكون فيه حازماً وحسيباً على عمّاله والمسؤولين، فقد روي عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله أنّه وصف الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه فقال : « المهديّ جواد بالمال، رحيم بالمساكين، شديد على العمّال ».
ويقول الإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه في هذا الشأن : « ألا وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوئ أعمالها.. ».
وستكون شدّته على نفسه قبل الجميع وفوق الجميع، ورغم أنّ الناس سينعمون بالرفاهية والطمأنينة في ظلّ حكومته، إلاّ أنّه عجّل الله تعالى فرجه - ومحاكاةً لسيرة جدّه أمير المؤمنين سلام الله عليه - سيكتفي بلبس الخشن وأكل الجشب. « فو الله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الجشب ».
العلاقة بين الإمام وعمّاله
بيّن الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه في حديث شريف، نوع العلاقة بين الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وبين عمّاله، واصفاً هذه العلاقة بأنّها عهد ثنائيّ، مؤكّداً أنّ الإمام عجّل الله تعالى فرجه سيمتحن في بداية ظهوره المبارك كلّ واحد من عماله ثلاث، مرّات ليتبيّن له صدق طاعته، ثمّ يقصد المدينة إلى حيث قبر جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله، فيتبعه أنصاره. ويعاود سلام الله عليه الكرّة في الحركة بين مكة والمدينة ثلاثاً حينما يشعرون بوجوده في المدينة.
روي عن الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه أنّه قال : « وإني لأعرفهم وأعرف أسماءهم... يجمعهم الله عزّ وجلّ من مطلع الشمس إلى مغربها، في أقلّ من نصف ليلة، فيأتون مكّة، فيشرف عليهم أهل مكّة فلا يعرفونهم. فإذا تجلّى لهم الصبح يرونهم طائعين مصلّين، فينكرونهم، فعند ذلك يقيّض الله لهم من يعرّفهم المهدي سلام الله عليه وهو مختفٍ، فيجتمعون إليه فيقولون له : أنت المهدي ؟!!
فيقول : أنا أنصاري... والله ما كذب، وذلك أنّه ناصر الدين... ويتغيّب عنهم فيخبرونهم أنّه قد لحق بقبر جدّه عليهما السلام، فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحسّ بهم رجع إلى مكة، فلا يزالون به إلى أن يجيبهم.
فيقول لهم : إني لست قاطعاً أمراً حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم، لا تغيّرون منها شيئاً، ولكم عليّ ثمان خصال.
قالوا : قد فعلنا ذلك، فاذكر ما أنت ذاكر يا بن رسول الله... فيخرجون معه إلى الصفا.
فيقول : أنا معكم على أن لا تولوا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا محرماً، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحداً إلا بحقّه، ولا تكنزوا ذهباً ولا فضّة ولا تبراً ولا شعيراً، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بغير ما تعلمون، ولا تخرّبوا مسجداً، ولا تقبّحوا مسلماً ولا تلعنوا مؤاجراً إلا بحقّه، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج، ولا تبيعوها رباً، ولا تسفكوا دماً حراماً، ولا تغدروا بمستأمن، ولا تبقوا على كافر ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسدون التراب على الخدود، وتجاهدون في الله حقّ جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون النجاسة، وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر. فإذا فعلتم ذلك، فعليّ أن لا أتّخذ حاجباً، ولا ألبس إلا كما تلبسون، ولا أركب إلا كما تركبون، وأرضى بالقليل، وأملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وأعبد الله عز وجل حقّ عبادته، وأفي لكم وتفوا لي.
قالوا : رضينا واتّبعناك على هذا... فيصافحهم رجلاً رجلاً ».
(( اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا ))
اخي عاشق الزهراء
بارك الله بك على الموضوع القيم
سلمك الباري من كل سوء
موفق ان شاء الله
دمت بالف خير