شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.84 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 28-08-2009 الساعة : 04:47 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
وهنا _ نروي ما رواه الآلوسي من أدلّة المثبتين الروائية قال(3):
(وشاع الاستدلال بخبر: (لو كان الخضر حيّاً لزارني). وهو _ كما قال الحفاظ _ خبر موضوع لا أصل له, ولو صح لأغنى عن القيل, والقال, ولانقطع به الخصام, والجدال. وذهب جمهور العلماء إلى أنه حيّ, موجود بين أظهرنا, وذلك متفق عليه عند الصوفية _ قدست أسرارهم _ قاله النووي. ونقل عن الثعلبي المفسر: أن الخضر نبي معمر, على جميع الأقوال, محجوب عن أبصار أكثر الرجال. وقال ابن الصلاح: هو حيّ اليوم, عند جماهير العلماء, والعامة معهم في ذلك؛ وإنما ذهب إلى إنكار حياته بعض المحدّثين. واستدلوا على ذلك بأخبار كثيرة منها: ما أخرجه الدارقطني في الأفراد, وابن عساكر, عن الضحاك, عن ابن عبّاس, أنه قال: الخضر ابن آدم لصلبه, ونُسيءَ له في أجله, حتّى يكذّب الدجال, ومثله لا يقال من قبل الرأي. ومنها: ما أخرجه ابن عساكر, عن ابن إسحاق, قال: حدّثنا أصحابنا, أن آدم عليه السلام لما حضره الموت, جمع بنيه, فقال: يا بني, إن الله _ تعالى _ منزل على أهل الأرض عذاباً, فليكن جسدي معكم في المغارة, حتّى إذا هبطتم فابعثوا بي, وادفنوني بأرض الشام, فكان جسده معهم, فلما بعث الله تعالى نوحاً, ضم ذلك الجسد, وأرسل الله _ تعالى _ الطوفان على الأرض, فغرقت زماناً, فجاء نوح, حتّى نزل بابل, وأوصى بنيه الثلاثة, أن يذهبوا بجسده, إلى المغار, الذي أمرهم أن يدفنوه به, فقالوا: الأرض وحشة, لا أنيس بها, ولا نهتدي الطريق, ولكن كف حتّى يأمن الناس, ويكثروا, فقال لهم نوح: إن آدم قد دعا الله _ تعالى _ أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة, فلم يزل جسد آدم, حتّى كان الخضر, هو الذي تولى دفنه, فأنجز الله تعالى له ما وعده, فهو يحيا إلى ما شاء الله تعالى له أن يحيا, وفي هذا سبب طول بقائه, وكأنه سبب بعيد. وإلاّ, فالمشهور فيه, أنه شرب من عين الحياة, حين دخل الظلمة مع ذي القرنين, وكان على مقدمته. ومنها ما أخرجه الخطيب, وابن عساكر عن عليّ رضي الله عنه, وكرم وجهه, قال: بينا أنا أطوف بالبيت, إذا رجل متعلق بأستار الكعبة, يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع, ويا من لا تغلطه المسائل, ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين, أذقني برد عفوك, وحلاوة رحمتك, قلت: يا عبد الله أعد الكلام, قال: أسمعته؟ قلت: نعم, قال: والذي نفس الخضر بيده _ وكان هو الخضر _ لا يقولهن عبد, دبر الصلاة المكتوبة, إلاّ غفرت ذنوبه, وإن كانت مثل رمل عالج, وعدد المطر, وورق الشجر.
ومنها ما نقله الثعلبي, عن ابن عبّاس, قال: قال عليّ كرم الله تعالى وجهه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, لما توفي, وأخذنا في جهازه, خرج الناس, وخلا الموضع, فلما وضعته على المغتسل, إذا بهاتف يهتف من زاوية البيت, بأعلى صوته: لا تغسلوا محمّداً, فإنه طاهر طهر, فوقع في قلبي شيء من ذلك, وقلت: ويلك من أنت فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بهذا أمرنا, وهذه سُنّته, وإذا بهاتف آخر, يهتف بي من زاوية البيت, بأعلى صوته: غسلوا محمّداً, فإن الهاتف الأوّل, كان إبليس الملعون حسد محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم, أن يدخل قبره مغسولاً, فقلت: جزاك الله تعالى خيراً, قد أخبرتني بأن ذلك إبليس, فمن أنت؟ قال: أنا الخضر, حضرت جنازة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
ومنها: ما أخرجه الحاكم في المستدرك, عن جابر, قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, واجتمع الصحابة, دخل رجل أشهب اللحية, جسيم صبيح, فتخطى رقابهم, فبكى ثمّ التفت إلى الصحابة, فقال: إن في الله تعالى عزاء من كل مصيبة, وعوضاً من كل فائت, وخلفاً من كل هالك, فإلى الله تعالى فأنيبوا, وإليه تعالى فارغبوا, ونظره _ سبحانه _ إليكم في البلاء فانظروا, فإنما المصاب من لم يجبر, فقال أبو بكر, وعليّ : هذا الخضر عليه السلام.
ومنها: ما أخرجه ابن عساكر: أن إلياس, والخضر, يصومان شهر رمضان, في بيت المقدس, ويحجان في كل سنة, ويشربان من زمزم, شربة, تكفيهما إلى مثلها من قابل.
ومنها: ما أخرجه ابن عساكر _ أيضاً _ والعقيلي, والدارقطني في الأفراد, عن ابن عبّاس, عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, قال: (يلتقي الخضر وإلياس, كل عام في الموسم, فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه, ويتفرقان عن هذه الكلمات, باسم الله, ما شاء الله, لا يسوق الخير إلاّ الله, ما شاء الله, لا حول ولا قوة إلاّ بالله).
ومنها: ما أخرجه ابن عساكر بسنده, عن محمّد بن المنكدر, قال: بينما عمر بن الخطاب, يصلي على جنازة, إذا بهاتف يهتف من خلفه, لا تسبقنا بالصلاة يرحمك الله تعالى, فانتظره حتّى لحق بالصف الأوّل, فكبر عمر, وكبر الناس معه, فقال الهاتف: إن تعذبه فكثيراً عصاك, وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك, فنظر عمر وأصحابه إلى الرجل, فلما دفن الميت, وسوى عليه التراب, قال: طوبى لك يا صاحب القبر, إن لم تكن عريفاً, أو جابياً, أو خازناً, أو كاتباً, أو شرطياً, فقال عمر: خذوا لي الرجل, نسأله عن صلاته, وكلامه هذا, عمّن هو؟ فتوارى عنهم, فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع. فقال عمر: هذا والله, الذي حدّثنا عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والاستدلال بهذا, مبني على أنه عنى بالمحدّث عنه, الخضر عليه السلام, إلى غير ذلك. وكثير مما ذكر, وإن لم يدل على أنه حي اليوم, بل يدل على أنه كان حيّاً في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم, ولا يلزم من حياته إذ ذاك, حياته اليوم, إلاّ أنه يكفي في ردّ الخصم, إذ هو ينفي حياته إذ ذاك, كما ينفي حياته اليوم. نعم, إذا كان عندنا من يثبتها إذ ذاك, وينفيها الآن, لم ينفع ما ذكر معه, لكن ليس عندنا من هو كذلك, وحكايات الصالحين من التابعين, والصوفية في الاجتماع به, والأخذ عنه في سائر الأعصار, أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر). انتهى.
وقد ناقش القرطبي, ما ذهب إليه البخاري, من الاستفادة من حديث: (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد) على موت الخضر, بأنه عام مخصص بالدجال, وعيسى, والخضر, وغيرهم للنصوص القطعية, وعلى ما فسره من العام المخصص, لا يكون دليلاً على موت الخضر, ويمكن إضافة من أعمارهم تجاوزت المئة, وهم أحياء في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ولما بعده كسلمان الفارسي رضي الله عنه, فيكون الحديث مخصصاً, إما بالنصوص, أو الواقع, كما يفترض من مفهوم التخصيص, قال القرطبي(4):
(قلت: إلى هذا ذهب البخاري, واختاره القاضي أبو بكر بن العربي, والصحيح, القول الثاني, وهو أنه حيّ على ما نذكره. وهذا الحديث خرجه مسلم في صحيحه, عن عبد الله بن عمر, قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة, صلاة العشاء في آخر حياته, فلما سلم, قام, فقال: (أرأيتكم ليلتكم هذه, فإن على رأس مئة سنة منها, لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد) قال ابن عمر: فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك, فيما يتحدّثون من هذه الأحاديث, عن مائة سنة, وإنما قال (رسول الله) عليه الصلاة والسلام: (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد) يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن. ورواه _ أيضاً _ من حديث جابر بن عبد الله, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, يقول قبل أن يموت بشهر: (تسألوني عن الساعة, وإنما علمها عند الله, وأقسم بالله, ما على الأرض من نفس منفوسة, تأتي عليها مائة سنة). وفي أخرى, قال سالم: تذاكرنا أنها: (هي مخلوقة يومئذٍ). وفي أخرى: (ما من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مئة سنة, وهي حية يومئذٍ). وفسرها عبد الرحمن, صاحب السقاية, قال: نقص العمر(5). وعن أبي سعيد الخدري, نحو هذا الحديث. قال علماؤنا: وحاصل ما تضمنه هذا الحديث, أنه عليه الصلاة والسلام, أخبر قبل موته بشهر أن كل من كان من بني آدم, موجوداً في ذلك لا يزيد عمره على مئة سنة, لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما من نفس منفوسة) وهذا اللفظ, لا يتناول الملائكة, ولا الجن, إذ لم يصح عنهم أنهم كذلك, ولا الحيوان غير العاقل, لقوله: (ممن هو على ظهر الأرض أحد) وهذا إنما يقال, بأصل وضعه على من يعقل, فتعين أن المراد بنو آدم. وقد بيّن ابن عمر هذا المعنى, فقال: يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن. ولا حجة لمن استدل به على بطلان قول من يقول: إن الخضر حيّ لعموم قوله: (ما من نفس منفوسة) لأن العموم, وإن كان مؤكد الاستغراق, فليس نصاً فيه, بل هو قابل للتخصيص. فكما لم يتناول عيسى عليه السلام, فإنه لم يمت, ولم يقتل فهو حيّ بنص القرآن, ومعناه, ولا يتناول الدجال مع أنه حيّ, بدليل حديث الجساسة, فكذلك لم يتناول الخضر عليه السلام, وليس مشاهداً للناس, ولا ممن يخالطهم, حتّى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضاً, فمثل هذا العموم, لا يتناوله. وقد قيل: إن أصحاب الكهف أحياء, ويحجون مع عيسى عليه الصلاة والسلام, كما تقدم. وكذلك فتى موسى في قول ابن عبّاس, كما ذكرنا. وقد ذكر أبو إسحاق الثعلبي, في كتاب (العرائس) له: والصحيح أن الخضر نبي معمر, محجوب عن الأبصار. وروى محمّد بن المتوكل, عن (ضمرة بن ربيعة), عن عبد الله بن (شوذب), قال: الخضر عليه السلام من ولد فارس, وإلياس من بني إسرائيل, يلتقيان كل عام في الموسم. وعن عمرو بن دينار, قال: إن الخضر, وإلياس, لا يزالان حيين في الأرض ما دام القرآن على الأرض, فإذا رفع ماتا. وقد ذكر شيخنا الإمام, أبو محمّد عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي اللخمي, في شرح الرسالة للقشيري, حكايات كثيرة, عن جماعة من الصالحين والصالحات, بأنهم رأوا الخضر عليه السلام, ولقوه, يفيد مجموعها غلبة الظن بحياته, مع ما ذكره النقاش, والثعلبي, وغيرهما. وقد جاء في صحيح مسلم: (أن الدجال ينتهي إلى بعض السباخ, التي تلي المدينة, فيخرج إليه يومئذٍ رجل هو خير الناس _ أو _ من خير الناس...) الحديث. وفي آخره, قال أبو إسحاق: يعني أن هذا الرجل هو الخضر. وذكر ابن أبي الدنيا, في كتاب الهواتف بسند يرفعه إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه, أنه لقي الخضر, وعلمه هذا الدعاء, وذكر أن فيه ثواباً عظيماً, ومغفرة, ورحمة لمن قاله, في أثر كل صلاة, وهو: يا من لا يشغله سمع عن سمع, ويا من لا تغلطه المسائل, ويا من لا يتبرم من إلحاح الملحين, أذقني برد عفوك, وحلاوة مغفرتك. وذكر _ أيضاً _ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, في هذا الدعاء بعينه, نحو مما ذكر عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه, في سماعه من الخضر. وذكر _ أيضاً _ اجتماع إلياس مع النبي عليه الصلاة والسلام. وإذا جاز بقاء إلياس, إلى عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم, جاز بقاء الخضر, وقد ذكر أنهما يجتمعان عند البيت في كل حول, وأنهما يقولان عند افتراقهما: (ما شاء الله ما شاء الله, لا يصرف السوء إلاّ الله, ما شاء الله ما شاء الله, ما يكون من نعمة فمن الله, ما شاء الله ما شاء الله, توكلت على الله, حسبنا الله ونعم الوكيل). وأما خبر إلياس فيأتي في (الصافات) إن شاء الله تعالى. وذكر أبو عمر ابن عبد البر, في كتاب (التمهيد) عن عليّ رضي الله عنه, قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وسجي بثوب هتف هاتف من ناحية البيت, يسمعون صوته, ولا يرون شخصه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, السلام عليكم أهل البيت ((كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ...))(6) الآية _ إن في الله خلفاً من كل هالك, وعوضاً من كل تالف, وعزاء من كل مصيبة, فبالله فثقوا, وإياه فارجوا, فإن المصاب من حرم الثواب. فكانوا يرون أنه الخضر عليه الصلاة السلام. يعني أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام). انتهى.
ونؤكد _ هنا _ إن ما يهمنا, هو إثبات غيبة الخضر, وتعقل لقاءه بالخواص, عند من يستنكر غيبة المهدي عليه السلام, ولقاءه بالخواص. هذا هو جوهر المطلب.
|