بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( مسألة 6 ) : يجوز العمل بالاحتياط ، سواء استلزم التكرار ام لا .
الاحتياط قد يقتضي العمل ، وقد يقتضي الترك ، وقد يقتضي الجمع بين أمرين مع التكرار أو بدونه :
أمّا (الأوّل) ففيما اذا تردد حكم فعل بين الوجوب وغير الحرمة ، والاحتياط ـ حينئذٍ ـ يقتضي الاتيان به.
وأمّا (الثاني) ففيما اذا تردد حكم فعل بين الحرمة وغير الوجوب ، والاحتياط فيه يقتضي الترك.
وأمّا (الثالث) ففيما اذا تردد الواجب بين فعلين كما اذا لم يعلم المكلف في مكان خاص ان وظيفته الاتمام في الصلاة أو القصر فيها ، فإن الاحتياط يقتضي ـ حينئذٍ ـ أن يأتي بها مرة قصراً ومرة تماماً.
وأمّا (الرابع) ففيما اذا علم ـ اجمالاً ـ بحرمة شيء أو وجوب شيء آخر ، فإنّ الاحتياط يقتضي في مثله أن يترك الأوّل ويأتي بالثاني.
الإحتياط : يجوز للمكلف ان يترك التقليد وان يعمل بالاحتياط حتى وان كان عمله بالاحتياط استلزم التكرار اولم يستلزم التكرار مثلا اذا استلزم التكرار اذا كان المكلف مسافرا وكان في طريق وهو لا يعلم انه في هذا المكان هل يصلي صلاة تامة ام صلاة يقصر فيها ؟ في هذه الحالة عليه ان يجمع بين الصلاتين فيصلي التمام والقصر واذا لم يستلزم التكرار كما اذا احتمل المكلف ان الاقامة واجبة او مستحبة ففي هذه الحالة يأتي بالاقامة
وعليه يكون الاحتياط على أربعة مراتب وهي :ـ
المرتبة الأولى :ـ اذا تردد حكم الفعل بين الوجوب وغير الحرمة فالاحتياط حينئذ يكون بفعل ذلك الفعل فيكون الفعل حينها مردد بين الوجوب والاستحباب والكراهة والاباحة مثلا اذا تردد هل اعطى لزوجته مصروفها باعتبارها واجبة النفقة عليه ام لم يعطها ؟ فالاحتياط هنا ان يعطيها لان الاحتياط بين الوجوب ـ المصروف على الزوجة لانها من واجبي النفقة ـ وعدم الحرمة ـ اذا لم يعطها فلا حرام عليه لاحتمال ان يكون قد اعطاها ـ هذا بالنسبة الى المرتبة الأولى.
المرتبة الثانية :ـ اذا تردد الحكم بين الحرمة وغير الوجوب فيكون مرددا بين الحرام والاستحباب والمكروه والمباح مثلا اذا اراد المكلف ان يزور مريضا وهو امر يحتمل فيه الحالات الاربع المتقدمة (الحرمة والاستحباب و الكراهة والاباحة) فانه يحتمل ان يكون والده لا يقبل بالذهاب خارج البيت في الوقت الذي قرر فيه المكلف ان يذهب فيه الى زيارة المريض فيكون الذهاب فيه حرمة لانها يخالف امر ابيه كما انه يحتمل ان والده يرضى بالذهاب الى عيادة المريض فيكون ذهابه مستحبا او مباحا ففي هذه الحالة يقتضر عدم الذهاب لعيادة المريض.
المرتبة الثالثة :ـ اذا تردد الواجب بين فعلين مثلا اذا كان المكلف مسافرا الى كربلاء المقدسة و في بعض الطريق لم يكن يعلم انه اجتاز حد الترخص وبامكانه الصلاة قصرا ام لا يزال داخل مدينته وعليه الصلاة تماما ففي هذه الحالة عليه ان يجمع بين الفعلين فيصلي التمام ويصلي القصر.
المرتبة الرابعة :ـ اذا كان يعلم علما ليس قطعيا أي ليس 100% وانما علم علما ليس بالتفصيل في ان هذا الفعل حرام وان هذا الفعل الثاني واجب مثلا الحالة الاولى اذا علم ان هذا السائل المعين قد يكون سائلا محرما فانه يحتاط في الاجتناب عنه ويعتبره حراما والحالة الثانية اذا كان يعلم اجمالا ان دفع مبلغ الى ولده واجب فعليه ان يدفع لولده ذلك المبلغ .
في العمل بالاحتياط قد يكون سببا لتكرار الفعل او لا يكون سببا لتكرار الفعل وقد يكون سببا لفعل او ترك فعل او الجمع بين فعلين في التكرار او بدون التكرار وتوضيح ذلك بالتقسيم التالي :
أولاً :ـاذا كان التردد بين ان هذا الفعل اما واجب واما غير محرم اي ( يكون المكلف مرددا بين الواجب والمستحب والمكروه والمباح ) مثلا يكون المكلف مترددا بين ان يعطي الدينار لصديقه الذي واعده بان يعطيه الدينار فيكون واجبا عليه ان يعطيه وبين انه يمكن قد اعطاه ما وعده فلا حرمة بعدم الاعطاء فالاحتياط يقتضي ان يعطي الدينار لصديقه.
ثانياً :ـ ففيما اذا تردد حكم فعل بين الحرمة وغير الوجوب ، والاحتياط فيه يقتضي التركمثلا انه يريد السفر لعيادة مريض ولكنه تردد بين سفره وعدم قبول والده وهو محرم وبين عدم السفر وهو غير واجب فالاحتياط يقتضي عدم السفر.
ثالثاً :ـ ففيما اذا ترددالواجب بين فعلين كما اذا لم يعلم المكلف في مكان خاص ان وظيفته الاتمامفي الصلاة أو القصر فيها ، فإن الاحتياط يقتضي ـ حينئذٍ ـ أن يأتي بها مرةقصراً ومرة تماماً.لا تعليق على النقطة الثالثة لوضوحها
رابعاً :ـ ففيما اذا علم ـ اجمالاً ـ بحرمة شيء أو وجوب شيء آخر ، فإنّ الاحتياط يقتضي في مثله أن يترك الأوّل ويأتي بالثانيفي هذه النقطة يكون التردد بين شيئين مختلفين عن بعضهما البعض مثلا اذا علم 70% ان هذا السائل الموجود في الاناء حراما وعلم ايضا 70% انه لم يعطِ لزوجته المصروف (النفقة) فان الاحتياط في هذه المسألة يقتضي ان يترك الاول ولا يشرب من السائل المشكوك فيه ويعطي للزوجة النفقة
( مسألة 7 ) : كل مورد لا يتمكن المكلف فيه من الاحتياط يتعين عليه الاجتهاد أو التقليد ، كما اذا تردد مال شخصي بين صغيرين ، أو مجنونين ، أو صغير ومجنون فانه قد يتعذر الاحتياط في مثل ذلك فلابُدّ حينئذٍ من الاجتهاد أو التقليد.
في كل مسألة لا يمكن ان يكون المكلف فيها محتاطا يجب عليه ان يكون مجتهدا او محتاطا مثلا اذا كان هناك الف دينار وهذه الالف مرددة بين ان تكون لصغيرين غير بالغين او لمجنونين غير عاقلين او لصغير ومجنون فانه في هذه المسألة لا يمكن ان يكون محتاطا فيكون اما مجتهدا أي يعمل باجتهادة في هذه المسألة او يكون مقلدا أي يتبع رأي المجتهد في هذه المسألة
( مسألة 8 ) : قد لا يسع المكلف ان يميّز ما يقتضيه الاحتياط التام ، مثال ذلك ان الفقهاء قد اختلفوا في جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل في رفع الحدث الاَكبر ، فالاحتياط يقتضي ترك ذلك. الا انه اذا لم يكن عند المكلف غير هذا الماء: فالاحتياط يقتضي ان يتوضأ أو يغتسل به ، ويتيمم أيضاً اذا امكنه التيمم ، فاذا عرف المكلف كيفية الاحتياط التام في مثل ذلك كفاه العمل على وفقه.
وقد يعارض الاحتياط من جهة الاحتياط من جهة اُخرى فيتعذر الاحتياط التام ـ وقد يعسر على المكلف تشخيص ذلك ـ مثلاً: اذا تردد عدد التسبيحة الواجبة في الصلاة بين الواحدة والثلاث ، فالاحتياط يقتضي الاتيان بالثلاث. لكنه اذا ضاق الوقت واستلزم هذا الاحتياط ان يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت وهو خلاف الاحتياط ففي مثل ذلك ينحصر الأمر في التقليد أو الاجتهاد.
في الاحتياط قد يكون المكلف لا يسعه ان يميز ما يحتاجه الاحتياط التام في بعض المسائل مثلا ان الفقهاء اختلفوا في الوضوء او الغسل بالماء المستعمل في رفع الحدث الاكبر(كالماء المستعل في غسل الجنابة او غسل الحيض) فان الفقهاء بعضهم قال يجوز والاخر قال لا يجوز ففي هذا المورد هو ترك الوضوء في هذا الماء ولكن اذا لم يكن عند المكلف غير هذا الماء فيتعين عليه الوضوء او الغسل به ثم يتيمم ايضا فاذا عرف المحتاط هذه العملية من ضم التيمم الى الوضوء او الغسل بماء رفع به الحدث الاكبر اكفاه الاحتياط والا عليه الاجتهاد في هذه المسألة او التقليد وكذلك بالنسبة الى التسبيحات في الصلاة فانه قد يتردد هل الواجب هو ثلاث تسبيحات ام تسبيحة واحدة فان الاحتياط في هذه المسألة يتعين لاتيان بالثلاثة ولكنه اذا كان في وقت لا يسعه الاتيان بالثلاثة واذا اتى بها فانه سيكون جزءا من الصلاة خارج الوقت وهو خلاف الاحتياط فانه في مثل هذه المسألة ايضا عليه الاجتهاد او التقليد
( مسألة 9 ) : اذا قلّد مجتهداً يفتي بحرمة العدول ـ حتى إلى المجتهد الاّعلم ـ وجب عليه ان يقلّد الأعلم في هذه المسألة ـ سواء أكان هو هذا المجتهد أم غيره ـ وكذا الحال فيما اذا أفتى بجواز تقليد غير الأعلم ابتداءً.
اذا قلد مكلف مجتهدا يفتي هذا المجتهد بحرمة العدول الى مجتهد اخر أي على مقلديه ان يبقوا على تقليده
( مسألة 10 ) : يصح تقليد الصبي المميّز ، فاذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه فحكمه حكم غيره ـ الآتي في المسألة (14) ـ الا في وجوب الاحتياط بين القولين قبل البلوغ.
الصبي المميز هو : هو الصبي الذي بلغ سناً يقدر فيها على تمييز الأمور عن بعضها، ويميّز بالتالي كلامه ويكون قاصداً لما يقول , هذا الصبي يجوز منه التقليد فاذا قلد هذا الصبي مجتهدا (أ) وبعدها مات هذا المجتهد قبل بلوغ الصبي فهل يبقى على تقليده ؟ ام يقلد غيره ؟ سيأتي تفصيل هذه المسألة في (المسألة14)
اختبار هذا الدرس :
المسألة السادسة فيها اربعة فروع اعط مثال لكل فرع غير المثال المذكور أعلاه