كم هي المسافة بين الجلاد والضحية؟
عبد المنعم الحيدري
يقول المفكر الاسلامي الايراني علي شريعتي ان المسافة بين الجلاد والشهيد هي بضعة اقدام في اشارة منه الى مرقد الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام وقبر هارون العباسي الذي يكون موضع قبره عند اقدام الامام عليه السلام جاء ذلك في كتابه (الدين ضد الدين ).
هو يقول الشهيد وانا وبكل تواضع اقول الضحية لا نني اتحدث عن حالة عامة وهو قد خص الموضوع علما اني لا اضع نفسي قبالة ذاك الفذ العبقري الذي اسمه شريعتي ولكن لكونه ترك نافذة لامثالي حتي يتمكنوا من الكتابة ولهذا اخترت هذا العنوان وان هناك قصص وروايات متشابهة ومختلفة ابطالها الجلادون ، ولكن ضمن حدود مملكتهم المادية ، وأما بعد ذلك فهم لا قيمة لهم .
اما الضحية فهو يبقى بطلا ليس للتاريخ فقط بل حتى على مستوى الجغرافية التي يدفن فيها فكم من جبروت كان يخاطب الغيوم ( امطري حيث شئت فخراجك سيأتينني) ، وإذا به يسقط تحت اقدام الضحايا عسى ان يرحمه الله تعالى بحكم الجغرافية التي دفن فيها.
ان المسافة التي تكون بين الجلاد وضحيته وحسب ما اعتقد تكون ضمن ثلاث اطر ،
فالأول هو في السماء
واما الثاني في صفحات التاريخ
واما الثالث فهو على الارض.
اما المسافة التي في السماء فهي لايمكن قياسها لان الضحية التي قدمت نفسها قربانا لله تعالى فهي في اعلى المقامات والدرجات عند مليك مقتدر ومنهم في عليين ولايمكن لاحد ان يتصور هذا على الاطلاق. بينما تجد الجلاد عندما يدفع الى الله تعالى فهو في الدرك الاسفل وهو اعمى لانه من كان في هذه فهو في الاخرة اعمى ، وشتان مابين الثرى والثريا.
اما في صفحات التاريخ فهنا المفارقة اللطيفة التي يبدا فيها الضحية بقرع جلاده بالسوط الى يوم البعثة وذلك كلما قلب احدهم التاريخ يجد الجلاد قابع في سطورها يضرب على بصره شعاع تلك الصفحات البيضاء التي دونت وبعز حياة الضحية وبودي ان تتصور عندما تقرأ التاريخ وتمر على جرم يزيد وترى كيف يجلده سوط التاريخ كل يوم بل كل ساعة بينما تجد الحسين الذي يرقد بكل سعادة في الصفحات البيضاء شامخا لا يقف عند حدود السماء بل يتعداها فهو خالد في الدنيا وخالد في الاخرة. أما يزيد الذي لا يقاس بحسين تجده مقبورا في صفحات التاريخ السوداء فهو مذموم في الدنيا وملعون في الاخرة .
اما في الاطار الثالث فيكفي ان يجثوا الجبابرة والجلادون عند اقدام ضحاياهم كما يجثوا منذ قرون كبار الجبابرة امام ضحاياهم. وربما سيطرح من احدهم سؤال ما هي الجدوى من كتابة هذه الكلمات اقول وبكل ثقة للجلادين فقط .
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى آبائه)في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً وهب لنا رأفته ورحمته ودعائه وخير برحمتك يا أرحم الراحمين