|
عضو نشط
|
رقم العضوية : 90
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 192
|
بمعدل : 0.03 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
ايمان آباء النبي صلى الله عليه وآله الى آدم عليه السلام !!
بتاريخ : 18-03-2007 الساعة : 12:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 000
إيمان آباء النبي (صلى اله عليه وآله) إلى آدم (عليه السلام):
قالوا: إن كلمة الإمامية قد اتفقت على أن آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، من آدم إلى عبد الله كلهم مؤمنون موحدون (1). بل ويضيف المجلسي قوله: (... بل كانوا من الصديقين، إما أنبياء مرسلين، أو أوصياء معصومين، ولعل بعضهم لم يظهر الإسلام، لتقية، أو لمصلحة دينية). (2) ويضيف الصدوق هنا: أن أم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) آمنة بنت وهب كانت مسلمة أيضاً (3). ومعنى ذلك: هو أنه ليس في آباء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا الخير والبركة، وهذا هو ما ورثه الرسول عنهم، ويتأكد بذلك طهارته (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأرجاس، والرذائل، حتى ما يكون عن طريق الوراثة، والناس معادن كمعادن الذهب والفضة، وهو ما أثبته العلم الحديث أيضاً ،حيث لم يبق ثمة أية شبهة في تأثير عامل الوراثة في تكوين شخصية الإنسان، وفي خصاله ومزاياه. قال أبو حيان الأندلسي: (ذهبت الرافضة إلى أن آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا مؤمنين) (1). أما غير الإمامية، فذهب أكثرهم إلى كفر والدي النبي وغيرهما من آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذهب بعضهم إلى إيمانهم. وممن صرح بإيمان عبد المطلب، وغيره من آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم)، المسعودي، واليعقوبي، وهو ظاهر كلام الماوردي، والرازي في كتابه أسرار التنزيل، والسنوسي، والتلمساني محشي الشفاء، والسيوطي، وقد ألف هذا الأخير عدة رسائل لإثبات ذلك (2). وفي المقابل قد ألف بعضهم رسائل لإثبات كفرهم، مثل إبراهيم الحلبي، وعلي القاري الذي فصّل ذلك في شرح الفقه الأكبر، واتهموا السيوطي بأنه متساهل، لا عبرة بكلامه، ما لم يوافقه كلام الأئمة النقاد. وسيأتي في آخر هذا البحث إن شاء الله تعالى ما يشير إلى السبب في الإصرار على كفر آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعمامه.
بعض الأدلة على إيمانهم:
وقد قال الإمامية: إن ثمة روايات كثيرة تدل على إيمان آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم)، بالإضافة إلى إجماع الطائفة المحقة، وهذا الإجماع وإن كان معلوم المستند، فلا بد من النظر إلى مستنده نفسه، ومستند ذلك هو الأخبار. والإحاطة بجميعها متعسر، إن لم يكن متعذراً (1). وهذا هو الدليل المعتمد. وقد استدلوا على ذلك أيضاً:
1 ـ بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات، حتى أخرجني في عالمكم، ولم يدنسني بدنس الجاهلية). (2) ولو كان في آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم) كافر، لم يصفهم كلهم بالطهارة، مع قوله تعالى: (إنما المشركون نجس). (3) إلا أن يكون المقصود هو الطهارة من العهر، أو من الأرجاس والرذائل، وهو لا يلازم الكفر.
2 ـ واستدلوا على ذلك أيضاً بقوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم، وتقلبك في الساجدين) (1). لما روي عن ابن عباس، وأبي جعفر، وأبي عبد الله (عليهما السلام): أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يزل ينقل من صلب نبي إلى نبي. ويمكن المناقشة في ذلك أيضاً: بأن الآية تقول: إنه تعالى يراه حال عبادته وسجوده؛ فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) في جملة الساجدين الموجودين فعلاً، وغيرهم. لا أنه يراه وهو يتقلب في أصلاب الأنبياء. ولو ثبتت الرواية، فيمكن القول بأنها لا تدل على استغراق ذلك لجميع آبائه؛ فلعله يرى تقلبه في أصلاب الأنبياء من آبائه، كما يرى تقلبه في أصلاب غير الأنبياء. هذا، عدا عن أن من الصعب جداً إثبات نبوة جميع آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آدم (عليه السلام). وأما أدلة غير الإمامية فقد استقصاها السيوطي في رسائله المشار إليها، ولكن استعراضها والاستقصاء فيها نقضاً وإبراماً يحتاج إلى وقت طويل، وتأليف مستقل.
3 ـ ويمكن أن يستدل على إيمان آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى إبراهيم بقوله تعالى، حكاية لقول إبراهيم وإسماعيل: (واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) (2)، مع قوله تعالى:
(وجعلها كلمة باقية في عقبه (1))، أي في عقب إبراهيم، فيدل على أنه لا بد أن تبقى كلمة الله في ذرية إبراهيم، ولا يزال ناس منهم على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى تقوم الساعة. ولعل ذلك استجابة منه تعالى لدعاء إبراهيم الذي قال: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام (2)) وقوله: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي (3)). وواضح أنه: لو أنه تعالى قد استجاب لإبراهيم في جميع ذريته لما كان أبو لهب من أعظم المشركين، وأشدهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وهذا ما يفسر الإتيان بمن التبعيضية في قوله: (ومن ذ ريتي).
إستغفار إبراهيم (ع) لأبيه:
وقد اعترض على القائلين بإيمان جميع آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آدم، بأن القرآن الكريم ينص على كفر آزر أبي إبراهيم، قال تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، إن إبراهيم لأواه حليم) (4). وأجابوا:
أولاً: إن ابن حجر يدعي إجماع المؤرخين على أن آزر لم يكن أباً لإبراهيم، وإنما كان عمه، أو جده لأمه، على اختلاف النقل (5) واسم أبيه الحقيقي: تارخ (1)، وإنما أطلق عليه لفظ الأب توسعاً، وتجوزاً وهذا كقوله تعالى: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت؛ إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ؟ قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك (2)). ثم عد فيهم إسماعيل، وليس من آبائه؛ ولكنه عمه. وقد ذكر بعض العلماء: أن اسم آزر لم يذكر في القرآن إلا مرة واحدة في أول الأمر، ثم لم يتكرر اسمه في غير ذلك المورد، تنبيهاً على أن المراد بالأب: آزر.
وثانياً: إن استغفار إبراهيم لأبيه قد كان في أول عهده وفي شبابه، مع أننا نجد أن إبراهيم حين شيخوخته، وبعد أن رزق أولاداً، وبلغ من الكبر عتياً يستغفر لوالديه، قال تعالى حكاية عنه: (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين، يوم يقوم الحساب) (3) قال هذا بعد أن وهب الله له على الكبر إسماعيل وإسحاق حسب نص الآيات الشريفة. (4) مع أن الآية تفيد: أن الاستغفار الأول قد تبعه التبرّؤ مباشرة. ولكن من الواضح: أن بين الوالد والأب فرقاً، فإن الأب يطلق على المربي وعلى العم والجد، أما (الوالد) فإنما يخص الوالد بلا واسطة. فالاستغفار الثاني إنما كان للوالد، أما الأول فكان للأب.
وثالثاً: إنه يمكن أن يكون ذلك الذي استغفر له، وتبرأ منه، قد عاد إلى الإيمان، فعاد هو إلى الاستغفار له. هذا، ولكن بعض الأعلام (5) يرى: أن إجماع المؤرخين على أن أبا إبراهيم ليس آزر منشؤه التوراة، التي تذكر ان اسم أبي إبراهيم هو: (تارخ). ثم ذكر ما استظهرناه نحن أيضاً من أن من الممكن أن يكون نفس والد إبراهيم قد كان مشركاً يجادله في الإيمان بالله، فوعده بالاستغفار له، ووفى بوعده، ثم عاد فآمن بعد ذلك فكان يدعو له بعد ذلك أيضاً حتى في أواخر حياته هو كما أسلفنا. وهذا الاحتمال وإن كان وارداً حيث لا ملْزِم لحمل الأب في القرآن، والوالد على المجاز. إلا أنه ينافي الإجماع والأخبار؛ فلا محيص عن الالتزام بما ذكرناه آنفاً من أن المراد بالأب هو العم والمربي، لا الوالد على الحقيقة. مع عدم قبولنا منه قوله: إن استعمال الأب في العم المربي، يكون مجازاً.
إن أبي وأباك في النار:
روى مسلم وغيره: أن رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أين أبي ؟ فقال: في النار. فلما قفا دعاه، وقال له: إن أبي وأباك في النار (1). ونقول: إن هذا لا يصح.
أولاً: لما تقدم. مما يدل على إيمان جميع آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم).
وثانياً: لقد روى هذه الرواية حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس مع أننا نجد: أن معمراً قد روى نفس هذا الحديث عن ثابت عن أنس، ولكن بنحو آخر لا يدل على كفر أبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد قال له (صلى الله عليه وآله وسلم): (حيثما ـ أو إذا ـ مررت بقبر كافر فبشره بالنار (1)). وقد نص علماء الجرح والتعديل ـ من أصحاب هؤلاء الرواة ـ على أن معمراً أثبت من حماد. وأن الناس قد تكلموا في حفظ حماد، ووقع في أحاديثه مناكير، دسها ربيعة في كتبه، وكان حماد لا يحفظ، فحدث بها، فوهم فيها (2).
وثالثاً: لقد رويت هذه الرواية بسند صحيح على شرط الشيخين عن سعد ابن أبي وقاص، وجاء فيها: حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار (3). وكذا أيضاً روي عن الزهري، بسند صحيح أيضاً (4)
ورابعاًَ: كيف يكون أبواه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأبو طالب، وعبد المطلب، وغيرهم، في النار حسب إصرار هؤلاء، ثم يكون ورقة بن نوفل، الذي أدرك البعثة، ولم يسلم، في الجنة عليه ثياب السندس (5). وكذلك فان زيد بن عمرو بن نفيل ـ ابن عم عمر بن الخطاب ـ في الجنة يسحب ذيولاً، مع أنه مثل ورقة الآنف الذكر (6). كما أن أمية بن أبي الصلت كاد يسلم في شعره، وهكذا ؟!. (1) وكيف تطرح كل تلك الأحاديث والتواريخ المتضافرة، المتواترة الدالة على إيمان أولئك، ويتشبث لإيمان هؤلاء ببيت شعر، أو بكلمة عابرة، لم يتبعها إلا التصميم على النهج الأول ؟!. نعم، وكيف لا يكون لهؤلاء نجاة ويكونون في النار (2)، ثم يدخل المشركون الذين عاشوا في زمن الفترة الجنة ؟! فقد ذكر الحلبي ودحلان وغيرهما: أن أهل الفترة لا عذاب عليهم إلا على قول ضعيف، مبني على وجوب الإيمان والتوحيد بالعقل، والذي عليه أكثر أهل السنة والجماعة: أنه لا يجب ذلك إلا بإرسال الرسل. وأطبق الأشاعرة في الأصول، والشافعية في الفقه على أن من مات ولم تبلغه الدعوة مات ناجيا، ويدخل الجنة؛ فعليه أهل الفترة من العرب لا تعذيب عليهم، وإن غيّروا، أو بدلوا، أو عبدوا الأصنام، والأحاديث الواردة بتعذيب من ذكر مؤولة (3). وبهذا، وبالأحاديث المتواترة يرد ما زعموه من أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد مُنِع من الاستغفار لأمه رضوان الله تعالى عليها، وإن كنا نحن نعتقد أن أهل الفترة يعذبون إذا قامت عليهم الحجة العقلية أو النقلية إلا القاصرين منهم؛ فإن التوحيد يثبت بالعقل لا بإرسال الرسل، وإلا، لم يمكن إثبات شيء على الإطلاق، لا التوحيد، ولا النبوة، ولا الدين من الأساس.
غريبة:
ومن غريب الأمر هنا: أن نجد البعض يوجه رواية: إن أبي وأباك في النار، بأن المقصود هو عمه أبو طالب؛ لأن العرب تسمي العم أبا، وقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينسب بالبنوة إلى أبي طالب (1). ولا ندري لماذا ترك عمه أبا لهب لعنه الله تعالى. فإن كفره مسلم ومقطوع به، وتمسك بالمدافع عنه، والمناصح له، والباذل مهجته في سبيل نبيه ودينه ـ وسوف يأتي إن شاء الله أن إيمان أبي طالب هو المسلم والمقطوع به. بل هو كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار. ويكفي أن نذكر أن العظيم آبادي قد قال هنا: وهذا أيضاً كلام ضعيف باطل (2).
ملاحظة:
ويلاحظ هنا أن في عبارة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) المتقدمة في حديث: (حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار) تورية لطيفة؛ حيث إن عبارته هذه قد خففت من تأثر السائل. وهي في نفس الوقت صادقة المضمون، ولا تدل على كفر أبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ إذ أن من الطبيعي أن الكافر مبشر بالنار.. والغريب هنا: أنه قد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال ذلك عن أمه رحمها الله، فقد قال لرجلين: أمي وأمكما في النار ونحن لا نزيد على أن نذكر هنا أن الذهبي قد حلف على عدم صحة هذا الحديث. يعني حديث كون أمه وأمهما في النار (1). وأخيراً: فإننا نكاد نصدق مقولة: أن السبب في تكفير آباء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعمامه هو مشاركة علي (عليه السلام) له فيهم، أو أنهم يريدون أن لا يكون آباء الخلفاء من بني أمية ومن غيرهم، وآباء رجالات الحكم وأعوانه كفاراً، ويكون آباء النبي وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤمنين، فلا بد من سلب هذه الفضيلة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ليستوي هو وغيره في هذا الأمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر
الصحيح من السيرة الجزء 2
لسماحة آية الله السيد جعفر مرتضى العاملي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
|
|
|
|
|