ابتلاء الأئمّة من آل محمّدٍ : وشيعتهم بقادة الكفر والنفاق
بتاريخ : 16-11-2014 الساعة : 10:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
حدّث جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام قال : «لمّا اُنزلت (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ )[838] قال المسلمون : يا رسول الله، ألست إمام الناس كلّهم
أجمعين ؟ قال : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ، ولكن سيكون من بعدي أئمّة على الناس من أهل بيتي من الله يقومون في الناس ، فيكذّبونهم ، ويظلمهم أئمّة الكفر والضلال وأشياعهم ، ألا فمن والاهم واتّبعهم وصدّقهم فهو منّي ومعي ، وسيلقاني ، ألا ومَن ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذّبهم فليس منّي ولا معي ، وأنا منه بريء»[839].
وقال صلي الله عليه و آله و سلم: «إنّ الاُمّة ستغدر بعليٍّ»[840].
الرضوي : وقد غدرت الاُمّة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بعلي عليه السلام سيّد أهل بيته . يقول عامر الشعبي : قال أبوبكر: يا عمر، أين خالد بن الوليد؟ قال : هو هذا، قال : فانطلقا إليهماـ يعني علياً والزبير ـ فائتياني بهما...
ثمّ دخل عمر (على أهل بيت الرسول صلي الله عليه و آله و سلم للقبض على الامام علي عليه السلام والزبير، حيث كان الزبير عنده آنذاک ) فقال لعلي : قم فبايع[841] فتلكأ[842] واحتبس فأخذ بيده فقال : قم ، فأبى أن يقوم فحمله ودفعه كما دفع الزبير حتّى امسكهما خالد، وساقهما عمرو من معه سوقاً عنيفا واجتمع ناس ينظرون وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر فصرخت وولولت واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن ، فخرجت الى باب حجرتها، ونادت يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا أكلّم عمر حتّى ألقى الله[843] وقال أحمد بن عبد ربّه الأندلسي : الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر: علي والعبّاس والزبير وسعد بن أبي عبادة ، فأما علي والعبّاس فقعدوا في بيت فاطمة ، حتّى بعث إليهم أبوبكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت : يابن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة ، فخرج عليّ حتّى دخل على أبي بكر فبايعه[844].
قال الاُستاذ توفيق أبو علم الوكيل الأول لوزارة العدل بمصر: وفي رواية اُخرى : أنّ عمر قال لعلي : إن لم تبايع أبابكر لأحرقنّ دارک ! قال علي : أو تحرقها وفيها ابنة رسول الله؟! قال : أحرقها وفيها ابنة رسول الله[845]
أقول : نعم ، فعلوا كلّ ذلک مع الإمام علي عليه السلام ابن عمّ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وفاطمة ابنته ؛ علماً منهم بأنّ الرسول صلي الله عليه و آله و سلم قال لابن عمّه : «إنّ الله تبارک وتعالى خلقني وخلقک من نوره ، واصطفاني واصطفاک ، فاختارني للنبوّة ، واختارک للإمامة ، فمن أنكر إمامتک فقد أنكر نبوّتي »[846].
وقال في ابنته فاطمة : «فاطمة بَضعة منّي يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها»[847]
وقال صلي الله عليه و آله و سلم أيضاً: «رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحَبّني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني »[848]
قال إبراهيم بن سيّار النّظام : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت المحسن من بطنها[849]، ولا ريب أنّ عليّاً عليه السلام وفاطمة من أهل البيت الذين قال الله تعالى فيهم : (إِنَّمَا يُرِيدُ آللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ آلرِّجْسَ أَهْلَ آلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)[850]، ومن ذوي القربى الذين فرض الله مودّتهم على المسلمين ، فقال :
(قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ آلْمَوَدَّةَ فِي آلْقُرْبَى )[851]
هذا، والله تعالى يقول : (إِنَّ آلَّذِينَ يُؤْذُونَ آللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ آللهُ فِي آلدُّنْيَا وَآلاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً * وَآلَّذِينَ يُؤْذُونَ آلْمُؤْمِنِينَ وَآلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا آكْتَسَبُوا فَقَدِ آحْتَمَلوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً)[852]، ويقول : (لا إكْراهَ فِي الدين )[853]
فما هذا جزاء أهل البيت : منكما يا أبا بكر ويا عمر إن صدّقتماني إيمانكما بكتاب الله وبرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم!
وحدّث أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «إنّ أهل بيتي سَيَلقَون من بعدي قتلاً وتشريداً...»[854].
وعن الصادق عليه السلام قال : «إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا : صدق الله، وقالوا: كذب الله، قاتل أبو سفيان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، وقاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السلام، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السلام، وسيقاتل السفياني القائم عليه السلام»[855].
وعن الإمام الصادق قال عليه السلام: «كأنّي بالسفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه : من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم ، فيثب الجار على جاره ويقول : هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم ، أما إنّ إمارتكم يومئذٍ لا تكون إلّا لأولاد البغايا...»[856]
وعن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : «يبعث السفياني بجيش إلى المدينة ، فيأخذون من قدروا عليه من آل محمّد، ويقتل من بني هاشم رجالاً ونساء...»[857]
وعن سدير قال : قال لي أبو عبدالله عليه السلام: «إلزم بيتک ، وكن حلساً من أحلاسه ، واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغک أنّ السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلک ».
قلت : جعلت فداک ، هل قبل ذلک شيء؟ قال : «نعم »، وأشار بيده بثلاث أصابعه إلى الشام وقال : «ثلاث رايات ، راية حسنيّة ، وراية اُمويّة ، وراية قيسيّة ، فبيناهم إذ خرج السفياني فيحصدهم حصد الزرع ما رأيت مثله قطّ »[858]
______________________
838- الاسراء: 71.
839- إثبات الهداة: 1/561، ح415، عن المحاسن: 1/155، ح84.
840- الملاحم والفتن: 222، ح321، عن الفتن للسليلي ، مخطوط عام 307.
841- يعني بايع أبابكر على انه خليفة رسول الله وولّي أمر المسلمين بعده .
842- تلكأ عليه : اعتل عن الأمر. ابطأ وتوقف .
843- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 2/57. (2/19 ط مصر عام 1329)
844- العقد الفريد: 4/248.
845- الإمام علي بن أبي طالب : 82، ط مصر، عام 1973، مطابع دارالمعارف .
846- ينابيع المودة: 1/167، ح5، ط دارالأسوة ، وفي ط اسلامبول ص53، عام 1302.
847- اخرجه الحاكم: 3/159، الترمذي: 5/360، مسند أحمد: 4/5، الاتحاف بحبالأشراف23:.
848- الإمامة والسياسة: 1/13، ط مصر، مجلة منبر الإسلام المصرية العدد 7 السنة 26 عام1388.
849- الوافي بالوفيات: 2/17.
850- الأحزاب: 33.
851- الشورى: 23.
852- الأحزاب: 57 و58.
853- البقرة: 256.
854- الملاحم والفتن: 83، ح29، عن الفتن لابن حماد، المستدرک للحاكم: 4/487، الصواعقالمحرقة: 181، النصائح الكافية: 109.
855- بحار الأنوار: 52/190، ح18، عن معاني الأخبار: 346، ح1.
856- الغيبة للطوسي: 450، ح453، عنه بحار الأنوار: 52/215، ح72.
857- الملاحم والفتن: 125، ح125، عن الفتن لابن حمّاد.
858- بحار الأنوار: 52/271.