دخل أحد الحكماء واحة في الصحراء راكبا جمله وقد اشتد به العطش.
بينما هو سائر في أحياء القرية صادف شابا هائما على وجه يظهر عليه الحزن، فنزل عن ظهر جمله وطلب من الشاب شربة ماء، فأحضر له الشاب الماء فشرب الرجل الحكيم وشكر الشاب، وقال له: هل من خدمة اقدمها لك قبل رحيلي، فقد رأيتك هائما على وجهك وقد بدى عليك الحزن، فقال الشاب: نعم إن استطعت، لقد توفي والدي وترك لي و أخواي اللذين أكبر مني سنا سبعة عشر جملا، وقد كتب في وصيته أن نصف هذه الجمال لشقيقي الأكبر وثلثها لشقيقي الأصغر ولي تسعها ولا نريد أن ننحر أي من الجمال لتقسيم هذه التركة، فقال الحكيم: بسيطة خذني إلى أخويك وهناك سأحل لكم المشكلة، وعندما وصل إلى بيت الأشقاء قال الحكيم لهم بعد أن سلم عليهم وعرفهم بنفسه: لقد قدم لي هذا الشاب الماء وكنت عطشا ولهذا سأهديكم جملي لتحلوا به مشكلتكم فيصبح عدد الجمال ثمانية عشر، ثم أقسم هذه الجمال بينكم، هل أنتم موافقون على ذلك؟ أجاب الجميع وقد علت على وجوههم السعادة: نعم، خاصة وأنهم لا يريدون أن ينحروا أيا من الجمال السبعة عشر.
فقال الحكيم: نصف الثمانية عشر تسعة جمال، فأخذها الأخ الأكبر، وثلثها ستة جمال للأخ الأوسط، وتسعها جملان يأخذها الشقيق الأصغر. قال الأوسط : لكن هذا العدد أصبح سبعة عشر جملا ويقي جمل واحد، قال الحكيم: نعم، إن الجمل المتبقي هو الجمل الذي أعطيته لكم، فإن أعطيتموني إياه، فإنني سأواصل رحلتي، وبالفعل أخذ جمله وواصل رحلته واختفى.
إن ما فعله الحكيم هو توسيع آفاق الشباب الحائرين فاستطاعوا أن يدركوا ما لم يكن موجودا في خريطتهم الذهنية، وهذا هو منتهى الحكمة.