ذات يوم كنت جالساً في مسجد الكوفة مشتغلاً بالذكر ، فرأيت حورية من الجنة جاءت عن يميني وفي يدها كأس من شراب الجنة، جاءت به إليَّ وهي تحاول إثارة اهتمامي بها، وبمجرد أن أردت الإلتفات إليها تذكرت كلام الاستاذ، فأغمضت عيني ولم أهتم.. قامت تلك الحورية وجاءت شمالي وقدمت لي ذلك الكأس، فلم أهتم أيضاً وصرفت وجهي فتألمت تلك الحورية، وأنا إلى الآن كلما تذكرت ذلك المشهد أتأثر لتألمها.)))
يقول العلامة الطباطبائي رحمه الله:
عندما كنت في طريقي من تبريز إلى النجف الأشرف للدراسة ، لم أكن أعرف شيئاً عن النجف، ولم أكن أعرف أين أذهب، وماذا أفعل.. كنت في الطريق أفكر دائماً أي درس أدرس؟.. وعلى من أتتلمذ؟.. وأي طريقة أختار ويكون فيها رضا الله تعالى؟.. عندما وصلت إلى النجف الأشرف، وحين الدخول توجهت إلى قبة أمير المؤمنين (ع) وقلت:
يا علي!.. تشرفت بمحضرك لمواصلة الدراسة، ولكني لا أعرف أي نهج أسلك، وأي برنامج أختار، أريد منك أن ترشدني إلى ما فيه صلاحي.
استأجرت منزلاً وسكنته.. وفي الأيام الأولى وقبل أن أبدأ أي درس ، كنت جالساً في البيت أفكر في مستقبلي فجأة طرق الباب، فتحت الباب فرأيت أحد العلماء الكبار سلم ودخل.. جلس في الغرفة ورحب بي، كانت له طلعة جذابة ونورانية جداً، حادثني بكامل الصفاء والصميمية والأنس ، وخلال أحاديثه قرأ لي أشعاراً، وقال لي ما مضمونه: الشخص الذي يأتي إلى النجف بهدف الدراسة من الجيد أن يفكر بالإضافة إلى الدراسة بتهذيب نفسه وتكميلها، وأن لا يغفل عن نفسه.. قال هذا ومضى..
وفي ذلك المجلس أسرني أخلاقه وتصرفاته، وقد أثرت في قلبي كلماته القصار والأخاذة، إلى حد أني عرفت منها برنامجي المستقبلي.. وطيلة الفترة التي كنت فيها في النجف لم أترك محضر ذلك العالم التقي، اشتركت في درسه الأخلاقي واستفدت من سماحته.. ذلك العالم الكبير هو المرحوم آية الله الحاج الميرزا علي القاضي (رضوان الله عليه).
يقول العارف الجليل آية الله السيد علي القاضي استاذ العلامة الطباطبائي في العرفان والسير والسلوك:
أهم ما يلزم في هذا الطريق الاستاذ الخبير البصير الخارج من أسر الهوى الواصل إلى المعرفة الإلهية والإنسان الكامل الذي سافر بالإضافة إلى السير إلى الله - الأسفار الثلاثة الأخرى شرط أن يكون تجوله وتفرجه في عالم – الخلق (بالحق).
..............................