إن التيار الإسلامي في بلادنا والذي يستند الى الكتاب والسنة يتعرض اليوم لهجوم القوى العالمية. ولو لم يكن ملتزماً بالكتاب وسنة المصطفى ص لما كان يواجه مثل هذا الهجوم المتنوع ......
اذن ماهي السياسة وكيف نعرفها ؟؟!!كيف نحرر مفهوم السياسة ليسهل فهم هذه المسمى والتعريف.............
((السياسة في اللغة))
السياسة في اللغة هي ولاية شؤون الرعية وتدبير أمورها " كما نصت على ذلك كتب اللغة فقد جاء في " لسان العرب " ما يلي السوس : الرياسة يقال : ساسهم إذا رأسهم ، ويقال : سوسوه وأساسوه إذا رأسوه ، وساس الأمر سياسة : قام به وفي الحديث كان بنو إسرائيل يسوسهم أنبياؤهم " أي تتولى أمرهم كما يفعل الأمراء والولاة بالرعية . والسياسة القيام على الشئ بما يصلحه وجاء في " القاموس : سست الرعية : أمرتها ونهيتها . وفلان مجرب قد ساس أي أدب ومجرب قد سيس عليه أي أدب وسوس فلان أمور الناس صير ملكا وجاء في ( أساس البلاغة ) الوالي يسوس الرعية ويسوس أمرهم ويسوس أمورهم وسوس فلان أمر قومه وأفاد أبو البقاء في معنى السياسة فقال السياسة هي استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في العاجل والآجل وهي من الأنبياء على الخاصة والعامة في ظاهرهم وباطنهم ومن السلاطين والملوك على كل منهم في ظاهرهم لا غير ومن العلماء ورثة الأنبياء على الخاصة في باطنهم لا غير والسياسة البدنية تدبير المعاش مع العموم على سنن العدل والاستقامة هذا ما ذكره اللغويون في معنى السياسة وهي تنص على ما ذكرناه من أنها الولاية على الرعية وتدبير شؤونها
إن السياسات الحديثة الغربية قد اتجهت إلى فناء الحياة وتدمير معالم الحضارة فيها فإنها قد بذلت جميع جهودها إلى تهيئة وسائل الحرب بالآلات المبيدة والمدمرة للكون لا يهمها في سبيل التغلب والبقاءبحساباتها الديالكتية أن تزهق ملايين الأنفس وتخرب البلاد ، وتنعدم وسائل الحياة . إن ما يبذل من الأموال الطائلة في سبيل التسلح ، وفي صنع القنابل الذرية والهيدروجينية لو انفق بعضه على الشعوب لازدهرت حياتها ، وما كان في ربوعها إنسان بائس يشكو الجوع والحرمان ، وقد اعترف بذلك إيزنهاور بطل الحرب العالمية الثانية ورايس الولايات المتحدة الامريكية في إحدى خطبه التي وجهها إلى محرري الصحف في بلاده وذلك في 16 ابريل سنة ، 1953 يقول : " إن كل بندقية تصنع ، وكل سفينة بحرية تنزل إلى المياه ، وكل صاروخ يطلق سرقة صارخة لأقوات الذين يعضهم الجوع بنابه ، وهم محرومون من الطعام والكساء ، الذين لا يجدون أجر يومهم ليستطيعوا أن يتقوا من العرى ، وإن هذا العالم الذي يتسلح بعنف اليوم لا يبدد المال العزيز فقط بل يبعثر ثمرات عرق جبين العمال ، وعبقرية العلماء والباحثين ، وآمال الأجيال المقبلة وإن نفقات إنتاج إحدى قاذفات القنابل الضخمة هي نفقات مدرسة تبنى على أحسن طراز من الحجر لمدينة عدد سكانها ثلاثون ألف نسمة "
ومن أقدم المدارس التبريرية التي أسست عندهم لدراسة هذا الفن المدرسة " الميكافلية " وبها سميت السياسة الميكافلية وكان أهم برامج الدراسة فيها إباحة جميع الوسائل التي تحقق النجاح السياسي والتضحية بكل شئ في سبيل الوصول إلى الغاية السياسية التي تبرر الوسيلة وقد تخرج من هذه المدرسة أقطاب السياسة في العالم الغربي ( كجلادستون ) و ( ريت ) و ( فاترنيخ ) و ( كافور ) وأمثالهم الكثير .... الا أن الراسمالية بسياستها الامبريالية التي ابتلعت الديمقراطية وخلال تاريخها الطويل الذي تجاوز مائتي وعشر سنوات لم يستهدف أبدا اشباع الحاجيات الاساسية للجماهير الشعبية , بل عملت على استخلاص الأرباح والفوائض الهائلة من خلال استغلالها المكثف للعمال ولشعوب الدول المستعمرة والتابعة..يقول غارودي(إن نية الولايات المتحدة في الهيمنة على العالم كله ، أصبحت واضحة جدا ، (عن طريق تدمير الحياة التي يزعمون أنهم يصدرونها ويفرضونها على العالم كله.. ، وتثير غضب العالم بأكمله . وحتى أوروبا ، التي تشاركها في امتيازات الغرب ، بدأت تستيقظ من خدرها الطويل الذي منعها من أن تعي أنها بدأت تصبح تابعا إن لم تكن مستعمرة .
ويملك القادة الاسرائيليون ، الملهمون للسياسة الأمريكية وسادتها ، القدرة للوصول إلى الرأي العام في البلدان الدائرة في فلك الولايات المتحدة ، عن طريق وضع اليد على وسائل الاعلام من السينما إلى النشر ، ومن الراديو والتلفزيون إلى الصحافة المكتوبة . ويستطيعون بهذا الشكل أن يموهوا ولو لفترة من الزمن ، الانحرافات القاتلة في السياسة الأمريكية ، الهادفة إلى الهيمنة . وقد رسموا لها أهدافها المتعاقبة : العراق لتدميره أولا بالسلاح ، ثم بالحصار الذي قتل من البشر اكثر مما قتل السلاح ، وهم يطمعون بعد العراق ، في فرضها على إيران ، وليبيا ، وكوبا ، وكل الدول التي ترفض إملاءات صندوق النقد الدولي ، القاتلة لكل الشعوب .)
يوقال نعوم شومسكي في كتابه " إعاقة الديمقراطية " : أنهت الولايات المتحدة وإسرائيل مساعيهما الدبلوماسية الخاصة لنزع فتيل الخطر الناجم عن إنجاز عملية سلام حقيقي . وكان تحالف الليكود وحزب العمل ، قد اقترح عام 1989 ما سمي بخطة شامير ـ بيريز . وكانت المبادئ الأساسية لهذه الخطة :
ـ لن يكن هناك دولة فلسطينية في قطاع غزة ، وفي المنطقة الواقعة بين إسرائيل والأردن .
ـ لن يحدث أي تغيير في وضع " يهود والسامرة " وغزة ، خارج الخطوط التي رسمتها حكومة إسرائيل التي ترفض حق تقرير المصير للفلسطينيين . ويعكس تعبير " لا دولة أخرى في فلسطين " ، رأيا مشتركا أمريكيا ـ إسرائيليا من منطلق أن الدولة الفلسطينية قائمة فعلا ، وهي الأردن . وانطلاقا من هذا الرأي ، لن يكون هناك حق تقرير المصير ، بعكس ما يعتقده الأردنيون والفلسطينيون والأوروبيون وبعض المضللين الآخرين)) هذا منطق السياسة الغربية البقاء للاقوى ومهما كان الثمن السياسة عندهم لعب وخداع ومناورة تنتهي بالسلاح ...يذكر غارودي في كتابة( الولايات المتحدة طليعة الانحطاط)
((ولقد تأكدت الارادة السياسية للسيطرة على العالم ، وبكثير من الوقاحة بعد تدمير العراق . أمامنا وثيقتان واضحتان جداً ، صدرتا عن البنتاغون . كتبت الوثيقة الاولى باشراف بول ولفوفيتش ، وكتبت الثانية باشراف الاميرال جيريميا ، الرئيس المساعد للجنة رؤساء الاركان . وهذه أربع مقاطع من الوثيقتين.
الولايات المتحدة ، هي ، وبشكل قاطع حامية النظام العالمي ، وعليها أن تضع نفسها في وضع تستطيع من خلاله التحرك بشكل مستقل عندما لا تتوفر ظروف العمل الجماعي أو في حالة وجود أزمة ما تستدعي القيام بعمل فوري .
ـ يهدف التحرك إلى منع قيام نظام امني أوروبي مستقل يكون قادرا على زعزعة استقرار حلف الاطلسي .
ـ يجب استيعاب ألمانيا واليابان في نظام جماعي للأمن تقوده للولايات المتحدة . العمل على قهر خصوم محتملين ، ما كان عليهم التطلع للعب دور أكبر .
ولتحقيق هذا الدور لابد لهذه القوة العظمى المنفردة أن تتمتع بقيادة خلاقة ، وقوة عسكرية كافية لاقناع أي أمة من الأمم ، أو أي مجموعة من الأمم أن تقلع عن تحدي تفوق الولايات المتحدة ، وأن تحسب حسابا كافيا لمصالح الأمم الصناعية المتقدمة ، بقصد إثنائها عن تحدي القيادة الامريكية ، أو وضع النظام الاقتصادي أو السياسي موضع خلاف .
هذا التسلط ، الذي بدأ بأكبر حملة عرقية ، وهي إبادة هنود أمريكا ، ثم استمر من خلال الرق والتمييز العنصري ضد السود ، وحماية طغاة أمريكا اللاتينية الاكثر دموية في العالم كله ، ثم على امتداد العالم كله ، من موبوتو في إفريقيا ، حتى ماركوس في الفليبين ، وارتكاب المجازر مثل يوم القيامة في هيروشيما ، ومجزرة العراق ، وما ترتب على ذلك ، من خلال التدخل المباشر ، أو بواسطة قادة الانقلابات العسكرية ، من ضحايا انسانية لم يعرف مثلها التاريخ كله. ))
إن البحوث السياسية القائمة على اساس البقاء الاصلح عند الغرب المتصهين من أهم الدراسات التي يعنون بها فقد أسسوا لها المدارس وفتحوا لها الفروع الخاصة في جامعاتهم لتدرس بها النظريات السياسية والاصطلاحات المعينة التي يتكلم بها السلك الدبلوماسي كما تبين الواجبات الملقاة على عاتق المسؤولين والسياسيين...وهكذا كانت السياسية التبريرية هي السائدة في بناء السلوك السياسي الغربي وتوابعة وهذا لايلتقي باي شكل من الاشكال مع مفهوم حقيقية العدالة..في الرؤية القرانية الاسلامية .وبما ان للاسلام اسلوبة الخاص في صنع الحضارة وفي حل مشكلة الانسان وقد يختلف في مفهومة عن الحضارة والمدنية عن مفاهيم اخرى تماما كما تختلف الماركسية والراسمالية في طبيعة اسلوبها للحياة التي تريدها للانسان...
وبما ان الفكر الاسلامي بمنبعية الاساسيان القران والسنة يمثل ارادة الله تعالى فقد اراد تعالى أن يغير مجرى تأريخ الحياة التبريري القائم على قانون البقاء للاقوى وأن ينقذ الإنسان من محنته وشقائه ينقذ الضعفاء من سلطة الاقوياء وجبروتهم وينقذ الاقوياء من انفسهم فأرسل رسوله محمد بالهدى ودين الحق فانبرى إلى العالم وهو يحمل بيده مشعل النور والهداية إلى تلك الشعوب المضطهدة في عيشها والسقيمة في أفكارها فأرشدها إلى طريق الخير وقادها إلى شاطئ الأمن والسلامة .وصحح تصوراتها عن الكون والحياة والافكار لقد انطلق الإسلام في دعوته الخالدة وهو يبني أسسا للحياة الحرة الكريمة لكل البشرية بدون استثناءويضع الخطوط العريضة لسلوك الإنسان في حياته الدنيا . لقد حمل الإسلام معول الهدم على معالم الجاهلية الرعناء فنسف أوهامها وحطم أفكارها السحيقة وإلى ذلك البناء وهذا الهدم يشير الحديث الشريف . " إن الله بنى في الإسلام بيوتا كانت خربة في الجاهلية وهدم بيوتا كانت عامرة في الجاهلية " . إن الإسلام أشاد صروح العدالة وبنى معالم الحياة الكريمة التي يرفرف عليها لواء العلم والفضيلة ويسود فيها التعاون والإيثار ، لقد أقام الإسلام ذلك وشيده بعد ما لم يوجد له أي ظل في واقع الحياة . وأما البيوت التي حطمها الإسلام فهي : بيوت الظلم والاستغلال وبيوت الاستبداد والتحكم الفردي تلك البيوت التي كانت عامرة في الجاهلية فأبادها الإسلام ولم يبق لها أي أثر أو وجود ولما أعلن الرسول الكريم دعوته نفر منها العتاة والطغاة المستغلون الذين كانوا يعيشون على موائد النهب والسلب لأنها تتنافى مع مصالحهم ، وتتصادم مع أطماعهم فاتهموا النبي بالشعوذة وبالسفه والجنون وهكذا رأوا هذه الاتهامات لا تجدي شيئا ولا تنطلي دعاياتهم على العقول السليمة والأفكار المستقيمة ، وأن مبادئ محمد قد غزت المشاعر والعواطف وآمن بها الفقراء والضعفاء وبدء الاسلام يتحدث بلغة حضارية فاقت عصرة بكثير فستطاع صنع حضارة متقدمة اغنت الحضارة الغربية واعطتها قوة دفع وانطلاق فانه قادر على صناعة هذه الحضارة بشكل افضل بعد التقدم الانساني الذي لايتنكر لة الاسلام ولايرفضة بموازينة
الشرعية والاخلاقية في المستقبل...
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::