بقلم : أ . د . حسين حامد حسين
.
تفتقت ذهنية السيد صباح الساعدي فجأة عن (هراء) مفاده ان نزاهة الحكومة ورئيس الوزراء تتطلب الاستقالة من الحزب ! أذ يبدوا جليا ان السيد صباح الساعدي ما يزال يجهل كيف تسير أنظمة وحكومات العالم , وكيف أن رؤساء الكتل والاحزاب السياسية غالبا ما يتم تكليفهم لقيادة حكوماتهم عند فوزهم بالانتخابات وبدون ان يطالبوا بالاستقالة من أحزابهم . حيث لا علاقة تمنع أو تعرقل عمل رئيس الوزراء وادارته لشؤون حكومته وبقائه كرئيس لحزبه .
وفي مثل هذا الطرح الروزخوني المغالط , يعطي السيد صباح الحق للذين يعتقدون بجهل أغلبية اصحاب العمائم ومحدودية ثقافاتهم . ولكني لا أرى الامر مسألة جهل فقط , بل هي طروحات مغرضة تهدف الى محاولة افشال مهمة السيد المالكي واضعافه في الوسط السياسي عن طريق محاولة عزله عن حزبه على أمل التصور من ان حزب الدعوة سوف يكون مضطرا الى انتخاب رئيس جديد له . وربما وكما يمكن ان يظن السيد صباح الساعدي , ان شخصية الرئيس الجديد لحزب الدعوة قدلا تتوفر فيها السمات القيادية البارزة من حسم وارادة كما في شخصية السيد المالكي . وبذلك , وكما هو مأمول , فأن من شأن اوضاع الفوضى السياسية ان تنفلت من جديد ويصبح بامكان صباح وغيره من تمرير مخططاتهم والعبث بوحدة الشعب وكما يحلوا لهم .
أن خرف صباح الساعدي وتصوره الذي يخلوا من معاني الحكمة والحصافة السياسية , قد يحسب ضمن أماني اعداء الشعب التي لا تريد للعراق وشعبه خيرا . حيث أخيرا وبفضل الله , وبعد معانات كبيرة , وصلت الاوضاع السياسية الى مستقر لها , فسقط بأيدي أعداء الديمقراطية ووجدوا انفسهم قد هزموا . وها هو السيد المالكي يزداد قربا من ثقة الشعب ويبقى الضمانة من اجل بناء هذا الوطن الأبي .
"أراء مام جلال المتطرفة" :
مام جلال الطلباني رجل طيب وشهم . لكن عيبه انه يحرص على فرض الخير والشهامة على الجميع فرضا , وحتى في المواقف التي تتعارض مع المباديئ وقيم العدالة . أذ لم أستطع تفسير بعض المواقف المتطرفة التي وقفها مام جلال ضد ارادة الشعب من اجل ان يقال عنه فقط انه انسان رؤوف وداعية سلام . فوقوفه معارضا ضد قرارات عادلة ومتطابقة مع نزاهة وحيادية القضاء العراقي عند اصداره الاحكام العادلة بأزلام النظام الصدامي الفاشي بعد محاكمات عادلة شهدها العراقيون والعالم وأقر الجميع بعدالتها , أمرا غير مقبول من رئيس جمهورية له موقعه المهم في قمة النظام بينما تسيطر عليه العاطفة فينحوا منحا معارضا لقرارات النظام القائم . فرفض مام جلال في التوقيع على قرار اعدام المقبور صدام , وتصريحه مؤخرا حول عدم نيته في التوقيع على قرار اعدام المجرم طارق عزيز , لا أعتقده في نظري أمرا يستطيع من خلاله مام جلال من زيادة شعبيته او اثبات انسانيته من خلال نصرته للمجرمين . وعلى عكس ما اراد هذا الرجل المناضل ذو الشعبية الواسعة ان تفسر مواقفه لصالح سمعته , فان الشعب كره من مام جلال تلك المواقف الايجابية تجاه أعدائه من المظام البعثي الفاشي . ففعل الخير يجب ان يكون في موضع لا تشوبه شائبة وألا انقلب الى الضد , وكما يقول الشاعر:
فوضع الندا في موضع السيف بالعلا مضر , كوضع السيف في موضع الندى
والندا هنا يعني الكرم . بينما الندى يعني الطل .
من جانب اخر , نجد اليوم مام جلال مصرا على ابقاء السيد عادل عبد المهدي نائبا له رغم اتهام الشعب له بتبنيه سلوكا ارهابيا من خلال حادثة سطو حمايته على مصرف الزوية وقتلهم لعدد من حراس المصرف وسرقتهم لامواله , وتستر السيد عبد المهدي على تلك الجريمة . فضلا عن سلوك السيد عادل عبد المهدي غير الحميد وغير المهني عند محاولة ترشيحه منافسا للسيد المالكي لرئاسة الوزراء , واستخدامه طرقا ملتوية وسجالات الدعايات المظللة وغير الدقيقة وتحت ذرائع غير واقعية من اجل الاسائة الى الشخصية الوطنية النزيهة للمالكي .
كما وأن الكثيرين يعتقدون ان السيد عادل عبد المهدي كان السبب وراء الانحراف السياسي والتخبط والتدهور الحاصل لقيادة المجلس الاعلى وضياع شعبيته ونهاية السيد عمار الحكيم سياسيا . كل ذلك وغيره من المواقف غير السليمة , يجد فيها الشعب كمراقب أوحد لسلوكيات قادته من ان السيد عبد المهدي لا يستحق ان يكون نائبا لرئيس الجمهورية اذا ما كانت هناك عدالة حقيقية في ذات مام جلال . وهو ما يدعونا الى تذكير مام جلال من أنه حري به الانصات الى أصوات الشعب في امور دقيقة كهذه . وان السيد رئيس الجمهورية ليس (مصون غير مسؤول) . بل وليس في العراق بعد اليوم من يجعل من نفسه صداما جديدا في رغباته وما يشتهيه ضد شعبه بحيث حينما يرغب بشيئ (أي شيئ) , فان ذلك الشيئ يعتبر بحكم المحسوم .
علما ان تلك المواقف المعارضة والتي يتبناها مام جلال , هي باعتقادنا لا تمثل حقيقة تكويناته الحياتية , ولا تمثل أيديولوجيته أوعقيدتة السياسية المادية التي كان يتبناها في الماضي , والتي ساهمت في صياغة شخصيته . فهو بنظرنا انسان سياسي يتحمل نفس المثالب التي تحملها في الماضي في مواقفه المعروفة ضد خصومه السياسيين .
وما يريده الشعب , هو ايجاد حالة من الانسجام بين تكوينات القيادة السياسية كل من موقعه , بحيث يتمكن هذا الشعب المبتلى بالمصائب ان يشعر بالثقة والاطمأنان على مستقبله من خلال حالات التوافق بين قادته . اذ ليس هناك ما يثير الاعجاب والفخر في نفوس شعبنا أكثر من ان يرى حرص الخيرين الشرفاء على المسيرة وبناء عراقنا الجديد .
يمنع وضع الأميلات
البغدادي