الاشتباكات التي تبدأ ليلا بانفجارات ضخمة تهز العاصمة ، تختفي تدريجيا وتنحدر حدتها مع ساعات الفجر الأولى وحتى الصباح الباكر يكون الطرفان قد مل من الاقتتال وهو ايذان بتوقف مؤقت بين الطرفين يعود مجددا مساء ذات اليوم.
الهدنة الهشة التي يراعها السفير الأمريكي بصنعاء، لم توفر أدنى حد من الشروط المتفق عليها، كما أن الطرفان "قوات صالح" وأنصار "الشيخ الأحمر" غير مهتمان كثيرا بالهدنة بعد أن ادركوا أن الحرب الدائرة بينهم اليوم هي معركة حياة والغلبة للأقوى في كل الأحوال.
قصف بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة لكن خلال اليومين الماضيين كانت الصواريخ وانفجاراتها هي الأبرز في تلك الحرب التي لا يبدو بأن هناك مؤشرات للانتهاء منها على الاطلاق.
القصف المدفعي والصاروخي يسقط كل يوم القتلى والجرحى والاشتباكات أيضا تحصد المزيد من الأرواح فمن لا يجد يحظى بشظايا المدفعية والصواريخ والقذائف تحصد روحه رصاصة من هنا أو من هناك خصوصا وأن الحي الذي يقع فيه منزل الشيخ الأحمر يجاور الكثير من البنايات السكنية والمكتضة بالسكان.
هناك أيضا إشتباكات عنيفة تستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة من بينها صواريخ الكاتيوشا ومدافع ذاتية الحركة بين قوات الحرس الجمهوري وقبائل موالية للثورة في منطقة ارحب شمال العاصمة صنعاء -30كم - , أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى من الطرفين .
وكشفت مصادر قبلية أن قرى أرحب تعرضت طوال ليل البارحة الأحد 29/05/2011م إلى ضرب مكثف من ثلاث ألوية عسكرية تابعة للحرس الجمهورية معسكران يتواجدان في أرحب والثالث في مديرية نهم, حيث شن كل من اللواء 61 و 62 حرس جمهوري بأرحب إضافة إلى اللواء 101 مشاة جبلي قصف مكثف طوال الليل على القرى والمنازل بشكل عشوائي .
وقال المصدر أن أضرارا بالغة لحقت بعدد من قرى ومنازل المواطنين في أرحب وفي مقدمتها منزل الشيخ عبد المجيد الزنداني والشيخ يحيى بن عبد الله العذري الذي أعلن انضمامه إلى الثورة ومنزل القيادي في حزب الإصلاح المعارض وعضو مجلس النواب الشيخ منصور الحنق , ومنزل الشيخ محمد حميد سوى كما تعرضت قرى " بيت العذري وبيت سوى و يحيض وشعب ومناطق في بوسان وبني سليمان إلى القصف .
وتقول المعلومات أن قبائل أرحب شنت هجوما مضادا على اللواء 61 و62 بقذائف الهاون والمعدلات كما شن مسلحون قبليون هجوما على اللواء المتواجد في منطقة فريجة " اللواء 62 " فيما شن اللواء الواقع على جبل الصمع هجوما صاروخيا اجبر العناصر القبيلة على التراجع , وظلت عمليات القصف المتبادل بين الطرفين حتى طلوع الشمس، حد وصف مصدر قبلي.
في اليمن تسير الدماء وحمامات دم وصالح يبدو وكأنه يتلذذ بتلك الجثث والدماء التي تسيل على بقاع أرض اليمن ولا يبدو عليه الاكتراث بما يحدث وسط تجاهل دولي وعربي مقيت.
الوضع لا يبدو مختلفا في تعز فصالح يوجه ضرباته الأولى والثانية والثالثة بآلته العسكرية على الشعب بأسره غير أن الضربة الدموية التي هزت مشاعر اليمنيين كانت في تعز، 57 قتيلا وأكثر من 1000 جريح والهجوم لا يزال مستمر من قبل قوات الأمن المركزي وقوات الحرس الجمهوري بمحافظة تعز.
ليلة دموية وجثث متفحمة عاشتها تعز ليلة الأحد ، واختطافات لجثث واعتقالات وتصفية لكل فرد يعتقد أنه من الثوار مباشرة الوضع في تعز اشبه بما تقوم به اسرائيل هناك في فلسطين قلب الوطن العربي الذي لا تزال ينبض بالحياة بل قد يزيد الأمر سوءاً في تعز، فما قامت به قوات الأمن والحرس الجمهوري جعل قوات الأمن تقوم باحتفال النصر كما يصفها احد شهود العيان في المحافظة .
محافظة أبين جنوب البلاد تعيش حالة من الفوضى بعد أقدام قوات صالح على تسليم المدينة لعدد من المرتزقة والمأجورين الذي اطلق عليهم اسم "انصار الشرعية" تقوم تلك الحفنة من المليشيات بتفجيرات هنا وقتل هناك في المحافظة بعد انسحاب تام لقيادات المحافظة إلى عدن القريبة من أبين.
يتكئ صالح في مثل هذه الظروف على القتلة والمرتزقين ، فكثير من المجرمين المتورطين في قضايا أخلاقية وقتلة وغيرهم قام نظام صالح بالإفراج عنهم من السجن المركزي في صنعاء، ليعيثوا في الأرض الفساد، وليس غريب على من قام بإطلاق المجرمين من السجون ليعيثوا في الارض الفساد أن يجعل أركان حكمه يتزعمون مليشيات وعصابات لغرض تصفية شباب الثورة وقتلهم والتمثيل بهم دون اكتراث بأحد .
المجتمع الدولي لا يبدو مكترثا بما يحدث في اليمن، وتصريحات أوباما التي يطالب فيها "صالح" بالتنحي الفوري عن السلطة لا يبدو أيضا أن له مفعولا كبيرا ، رغم تغير الخطاب ولهجته تجاه النظام اليمني، خطاب أوباما الأخير الذي وجه مباشرة لصالح التنحي الفوري كان قبلها يطالبه بتوقيع المبادرة الخليجية، والاسراع في تسليم السلطة.
المنظمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) أحدى اكبر المنظمات الحقوقية في اليمن طالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي وكل دعاة وأنصار الحرية والعدالة بأن يقوموا بمهمتهم وواجبهم إزاء ما يعانيه المحتجون في اليمن من ممارسات دموية تصادر حقهم في الحياة والحرية والتعبير عن الرأي.
وذكرت هود في بيان صحفي لها "المجتمع الدولي بأن المحتجين في اليمن هم جزء من المجتمع الإنساني لهم حقوق على المجتمع الدولي بكل منظماته وهيئاته العاملة" .
وادانت منظمة هود -ما وصفتها- "الجريمة فائقة البشاعة" التي ارتكبتها السلطات في تعز باقتحام مكان الاعتصام السلمي وارتكاب جرائم القتل العمد التي استشهد فيها العشرات وجرح المئات باستخدام الرصاص الحي وقذائف الأسلحة الثقيلة وإحراق خيام المعتصمين وإطلاق الغازات والقنابل الدخانية عليهم ونهب محتويات المستشفى الميداني ومستشفى الصفوة الخاص والاعتداء على الأطباء والصحفيين والأطفال واختطاف وقتل الجرحى وجرف الجثث المحترقة. حد تعبير بيان صادر عن المنظمة الحقوقية.
واضاف البيان "لا تزال فرق الموت من العصابات التي تم تسليحها مؤخرا تمارس أعمال القتل والنهب والتخريب في أحياء مدينة تعز وتفرض حصارا خانقا على سكان المدينة كما تقوم عناصر مسلحة بإطلاق النار على كل ما يتحرك داخل المدينة لمنع أي تجمعات سلمية ويحدث كل ذلك بأمر ودعم ومباركة من السلطات اليمنية".
هكذا تعيش اليمن حالياً، وستعيش ربما الأسوأ لا قدر الله في الأيام القادمة، الدماء والاشلاء والاختطافات التي تحدث يوميا ليست نهاية المطاف فلم يحن الوقت بعد لتعيش صنعاء ومحافظات اليمن حالة من الفوضى العارمة، خطط لها النظام انتقاما من شعب أراد أن يعيش حياة كريمة وهادئة .