زمان كانت أسماؤنا أحلى...
كانت النساء أكثر جمالاً وأنوثة..
ورائحة الفاصوليا اليابسة أو البامية تتسرب من شبابيك البيوت..
وكانت ساعة "الجوفيال" في يد شايب البيت أغلى أجهزة البيت سعراً !!وأكثرها حداثة!!
وحبات المطر كانت أكثر اكتنازاً بالماء!!
زمان .. حين كانت أخبار الثامنة أخف دماً!
ومذاق الشمس في وجوهنا أطيب..
والطرقات كانت أقل ازدحاماً،
وبنات المدارس يخبئن أنوثتهن في صفحات دفتر العلوم!!
زمان كانت غمزة "سميرة توفيق" أكثر مشاهد التلفاز جرأة،
وكان مجلس النواب حلماً يداعب اليسار المتشدد
وكانت أجرة الباص 14 فلساً،
وكان الحليب والصمون يأتيك للبيت من الصباح!!
والصحف تنشر جميع أسماء الناجحين بالبكالوريا!
زمان كان المزريب يُخزّن ماء الشتاء في البراميل،
ودايجست المختار مستعملة تشتريها بـ10 فلوس!
ودعوات العُرس كان يوزع فيها "منديل" جفيّة!!
ومعه "جكليت" مغلف بسيلفون !!
والجارة تمدّ يدها فجراً من خلف الباب بقوري جاي حار للزبّال فيمسح عرقه ويستظلّ بالجدار!
زمان.. عندما كانت "الدورة والمأمون" هما آخر الدنيا، و"صندوق السعادة" كان أهم برامج مسابقات التلفاز،
ولم نكن نعرف بعد أن ثمة فاكهة تتطابق بالاسم مع ملمع الأحذية "الكيوي" حيث لانعرف سوى "ابو التمساح"،
ولم نكن نتخيل يوماً ما سنخلع جهاز الهاتف من "وايره" ونحمله في جيوبنا!!
كان"الكمون" يوصف علاجاً للمغص، والأولاد يقبلون أيادي الجيران صباح العيد، والجكليت وال "ويهلية" وصينية "الزلابية" في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين!
وكانت أم الباقلاء هي مطعم حيّنا الشعبي الجوال!
وكانت أم قيمر الحلة تأتي بالكيمر لبيوتنا!!
كانت جريدة البلاد والأخبار وغيرها مصدر معلوماتنا... ثم جاءت "الراصد" لصاحبها الفكيكي لتكون أشهر الصحف وأجرأها على الإطلاق،
وكانت صورة المطربة صباح على ظهر المرآة اليدوية المعلقة على الحائط. Dim lights
زمان كنا نصحو على صوت فيروز الشادي صباحا!! ونستمع لبرنامج "ابو رزوقي" يعطي نصائح المرور للسائقين ومخالفاتهم الصباحية ويقول له "عيني انت ابو الموسكوفج الزركة لو شوية على كيفك بالسرعه مو احسن احنا نخاف عليك وعلى سلامة الناس الماشين بالشارع"؟
ومساء كنا نترقب "خيرية حبيب" او "كامل الدباغ"او "عمو مؤيد البدري" والتلفزيون يفتح ويغلق شاشته في موعد محدد مثل أي محل أو مطعم!
كانت لدينا "مدينة للألعاب"هي وجهة أبناء الأثرياء والفقراء على حد سواء..
العوائل كانت تتهيأ قبل يومين للسفر إلى الشمال، وجامعتا بغداد والمستنصرية كانتا كعبة الطلاب في العالم العربي!
كانت رسائل الغرام تكتب على أوراق تبيعها المكتبات مطرزة ومزينة بالفراشات والورود الملونة!! قبل أن يولد الموبايل! أما الورد ذاته
فكان يباع فقط في المشاتل او الفنادق الفخمة والأرسترقراطية الباذخة في ذلك الزمان!!
زمان كانت جوازات السفر تكتب بخط اليد، ولاتحتاج لرشوة ولا لواسطة للحصول عليه، وكان السفر الى سوريا وتركيا بالقطار، وفيزة امريكا وبريطانيا وفرنسا تاخذها وانت تشرب الشاي امام مبنى السفارة !!
وقمصان "النص ردن" للرجال تعتبرها العائلات المحافظة عيبا وتخدش الحياء!
كانت البيوت لا تخلو من صوبة "علاء الدين" ذات البرج الفستقي المتكسر الالوان لعدم اختراع الالوان الحرارية بعد، ومبردات الهلال كانت حلم كل منزل لان "الواتر بمب" احسن من غيرها من الانواع, والأمهات يَعجنّ الطحين في الفجر ليخبزنه في الصباح،
كان التلفزيون يعرفنا يوميا بخيرة نماذج المجتمع: مصطفى جواد في برنامجه التاريخي، وعلي الوردي في برنامجه الاجتماعي، ومؤيد البدري ببرنامجه الرياضي، ومسلسلات عراقية مشوقة خلدت في الأذهان والقلوب: سليم البصري وحمودي الحارثي في تحت موس الحلاق، وخليل الرفاعي أبو فارس، ومن ثم "الذئب وعيون المدينة" لخليل شوقي ومي جمال "حسنية خاتون" تلعب بالأحاسيس البريئة!!
وكانت مباريات "آليات الشرطة والجوية والسكك قبل أن يتحول إسمه إلى الزوراء، كانت تجمعنا في ملعب الشعب بين 60 الف متفرج لايستطيع اي قمر صناعي أن يحدد من هو السني ومن هو الشيعي بينهم!!!،
وكان "رعد حمودي" أفضل حارس مرمى في كرة القدم! ولم نتخيل انه سيرشح نفسه يوما في الانتخابات
كانت الناس تهنئ أو تعزّي بكيس سكّر "أبو خط أحمر" ذو الـ 50 كيلو غرام، والأمهات
يحممّن الأولاد في الطشت، و"الصوغة" يحملها الناس لزيارة المرضى!
وكان "الانترنت" رجماً بالغيب لم يتوقعه أحذق العرّافين، ولو حدّثتَ أحدا يومها عن "العدسات اللاصقة" لاعتبرك مرتدّاً أو زنديقاً تستحق الرجم، أما "الماسنجر" فلو حملته للناس لصار لك شيعة وأتباع!!
حين كان مذاق الأيام أشهى، والبرد يجعل أكفّ التلاميذ حمراء ترتجف فيفرّكونها ببعضها، وعندما "بدري حسون فريد" في دور "الجلبي" أعتى رمز للشر قبل أن يعرف الناس أن في الغيب سيأتيهم أعتى منه يدعى "صولاغ"!
كانت لهجات الناس أحلى، وقلوبهم أكبر، وطموحاتهم أبسط، ومسكينة وساذجة!
الموظفون ينامون قبل العاشرة ليصحوا باكرين!
والزوجة في يوم الجمعة تخبئ كبدة الدجاجة وقوانصها لتقليها للزوج دلالة على تدليله!
كانت الحياة أكثر فقراً وبرداً وجوعاً، لكنها كانت دائماً خضراء! كانت حياة أحلى من حياتنا اليوم حيث لاطعم ولا لون ولا رائحة لها، غير طعم البارود، ولون الدم، ورائحة الكراهية والغل والتنافس والتنابز، والتحزب والطائفية المقيتة..
حياتنا كانت أحلى وأيامنا كانت أجمل!!
ولا نقول سوى الحمد لله على كل نعمة انعم بها علينا، وعسى الله يصلح أحوالنا من سئ إلى أحسن..
إنه سميع مجيب!
شكراً لك اخي للمقال الذي تفوح منه كل الطيبة والعفوية والبساطة التي كانت في أيام زمان والتي تمثل الحياة الرغيدة والهانئة لأهالي بغداد انذاك ولكن لانستطيع العودة الى الوراء ولكن من المفروض أن يتعدل الوضع وأن نعمل كلنا وبقلب واحد على أيصال سفينة العراق وشعبه إلى شاطيء البر والأمان رافعين حب البلد من شماله الى جنوبه.
شكراً لك اخي للمقال الذي تفوح منه كل الطيبة والعفوية والبساطة التي كانت في أيام زمان والتي تمثل الحياة الرغيدة والهانئة لأهالي بغداد انذاك ولكن لانستطيع العودة الى الوراء ولكن من المفروض أن يتعدل الوضع وأن نعمل كلنا وبقلب واحد على أيصال سفينة العراق وشعبه إلى شاطيء البر والأمان رافعين حب البلد من شماله الى جنوبه.
نحن عمال لانتاج الكلمة الرنانه وليس عمال بناء وتشييد
اسلافنا هكذا ونحن اليوم على نفس ذلك الدين او الديدن
واذا ما تحدثنا مع الاخرين صحنا بصوت عال
نحن بلد الحضارة
واين نحن اليوم من الحضارة الاسلامية او العلمانية بقدر اننا نعيش اليوم حضارة الغابة
مقالة أعادتنا لطيبة اهلنا زمان..
وايام زمان وبساطة زمان ..
لكن ..
تلك الأيام في وجها الآخر
أمي تنحبُ على اخي الذي اقتادوه من صفه قبل امتحان البكلوريا دون اي ذنب يذكر
الا انه يمشي مع ابن عمي المتدين ..!
وفيها امي التي اقتادوها للسجن بعد ان هاجر اخي خوفاً من القتل
وفيها اختي طالبة الأعدادية التي تحملت مسؤلية الصغار حين خلى البيت من امي
وفيها ابي الذي أخذنا لآخر مكان يمكن لايجدنا فيه البعث
خوفاً على اربعة بنات في ريعان الشباب
وفيها اخوتي الصغار الذين كبروا لتدهمهم ايدي البعث
كل يوم في رقم واحد وامن الطالبية
وابو غريب آخر مكان اتذكره قبل السقوط
حيث كبرت وكبرة امي وهي تحمل بيدها اكياس الطعام
لأخي المسجون بتهمة الدين..!
؛
هل رأيت الوجه الآخر لتلك الأيام الجميلة بأهلها ..!؟
؛
اللهُم أعد النفوس لطيبتها
ولاتُعد تلك الأيام علينا
؛