المبدأ الأساسي في محبة الله هو معرفته إذ لا يمكن أن نعرف الإنسان ربه ولا يحبه.
وهذا المعنى ينطبق عليه قول الشاعر:
(لو رأيت يوسف وميزت بين يدك والأترجة لحق لك أن تلوم زليخاً)
قال الإمام الحسن المجتبى (ع) (من عرف الله أحبه).
السؤال الأساسي الذي يتبادر إلى الأذهان في هذا المجال هو ما معرفة نوع المعرفة التي توجب محبة الله؟ هل في المعرفة البرهانية؟ أم المعرفة الشهودية؟
كان سماحة الشيخ يقول في هذا المجال:
(خلاصة المقال هي أن الإنسان إذا لم يعرف الله معرفة شهودية لا يتسنى له أن يكون عاشقاً وهو إذا أصبح عارفاً يدرك أن كل المحاسن جمعت في ذات ﴿ءَاللّهُ خَيرٌ أَمّا يُشرِكُونَ﴾ وفي مثل هذه الحالة من المستحيل أن يتوجه الإنسان إلى غير الله).
يذكر القرآن الكريم اسم طائفتين عرفتا الله معرفة شهودية وهما: الملائكة وألو العلم: ﴿ شهِدَ اللّهُ أَنّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَ الْمَلَئكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ﴾.
وقد وصف لنا الإمام علي(ع) حلاوة معرفة الطائفة الأولى أي طائفة الملائكة بقوله: (ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته الأعلى من ملكوته خلقاً بديعاً من ملائكته ... قد استفرغتهم أشغال عبادته ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته قطعهم الإيقان به إلى الوله إليه ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره قد ذاقوا حلاوة معرفته وشربوا بالكأس الرؤية محبته).
الوصول إلى مرحلة المعرفة الشهودية
ليس من سبيل لبلوغ مرحلة المعرفة الشهودية سوى تطهير مرآة القلب من غبار الرذائل قال الإمام السجاد(ع) في الدعاء الذي نقله عنه أبو حمزة الثمالي: (وأن الراحل إليك قريب المسافة وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الأعمال دونك)
فليس لله حجاب ولكن أعمالنا هي التي تحجبنا عنه ولو أزيل الصدأ الذي خلفته أعمالنا القبيحة على مرآة القلب سيشاهد القلب جمال الله ويقع في حبه.
وهذا هو قول الشاعر: جمال الحبيب لا ستر له ولا حجاب
أزل غبار الطريق لكي تستطيع النظر إليه
ولأجل إزالة غبار الطريق وجلاء القلب من حجاب الأعمال الرذيلة يجب قبل كل شئ تخلية القلب من حب الدنيا الذي هو رأس كل خطي