الحريات ضمان لحقوق الإنسان وحصانة من تسرّب الاستبداد إلى الدولة والمجتمع، وإن الدولة العادلة – كما يقول الإمام الشيرازي الراحل – هي دولة الحريات وحقوق الإنسان والمؤسسات الدستورية التي تضمن حق النقابات والأحزاب ووسائل الإعلام في التعبير عن الرأي، وحق التظاهر ونقد حالات الفساد والانحراف. وإذ يشير المرجع الديني سماحة آية الله السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله إلى أنه:
«يجب أن لا يسير أحد خلف الأسماء والشعارات، بل خلف الواقع»، يؤكد دام ظله أن: «السبب فيما نراه في البلاد الإسلامية اليوم من أزمات يعود إلى أنها إسلامية بالاسم فقط». مبيناً سماحته أنه:
«لا يكفي للحاكم أن يقول إنني حاكم إسلامي، فالحاكم الذي لا يعمل وفق أحكام الإسلام هو في واقعه غير إسلامي وإن تسمّى بالإسلام – كما يحدث اليوم - فإن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لم يقتل أحداً من المشركين بسبب عدم إسلامه، ولا أجبر أحداً على الإسلام، بل تركهم على دينهم, مع أنه باطل وخرافي, لكيلا يسلبهم حرية الفكر والدين، كما أن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه مع أنه معصوم لا يخطئ ولا يطغى، قد سمح بالحرية والتعددية والتعبير عن الرأي، فكيف إذا استبد غير المعصوم بالحكم؟!».
ما تمخّض عن حركة الشعوب - مؤخراً - للخلاص من أنظمة الجور والفساد التي لم تتورع عن استخدام وسائل حرمتها الأديان وأدانتها القوانين الوضعية، يؤكد أن لكل شعب يريد الخلاص ظروف تتحكم بعوامل النجاح أو الفشل، إذ كيف يمكن لشعب الخلاص من حاكم يستخدم الأسلحة الكيمياوية ضد معارضيه ومعهم نساؤهم وأطفالهم، فضلاً عن استخدامه الصواريخ والمدفعية والدبابات؟! وكيف يمكن لشعب التحرّر من حاكم استحوذ على مفاصل السياسة والاقتصاد وسخر لخدمته جيوشاً من العبيد (يتدينون) بقمع المتظاهرين وقتل المعارضين؟. لذلك ولأن الإمكانيات من عوامل فشل ونجاح انتفاضات الشعوب التي تنشد الحرية دعا المصلح الإنساني الكبير الإمام الشيرازي الراحل إلى ضرورة دعم الشعوب التي تنشد الخلاص والحرية من خلال حث المجاميع الدولية على تكثيف الضغط السياسي والعسكري على كل حكومة تريد ظلم شعبها، ذلك أن الإنسان من حيث هو إنسان لا يرى فرقاً بين ظلم أهل الدار بعضهم لبعض وبين ظلم الآخرين له. حيث يرى قدّس سرّه أنه:
«لا يجوز - في حكم العقل والشرع - أن يترك الظالمون يفعلون ما يشاؤون بشعوبهم مصادرة للأموال وتشريداً وقتلاً بحجة أنها شؤون داخلية».