محمد مكي آل عيسى
الفرج . . . . يوم الجمعة ضحى على جسر بغداد
هكذا وردتنا رواية علي بن سويد
لقد كان إمامنا (صلوات الله عليه) على علم بوفاته أرواحنا له الفداء ووفاته كانت هي الفرج له , لكن ابن سويد عندما سأل الإمام عن الفرج كان يقصد خروج الإمام من السجن حراً طليقا فتفرح بذلك الأمة
والإمام كان على علم بما يقصده ابن سويد، فلماذا لم يخبره بالحقيقة؟
ولماذا قال له أن الفرج قريب يوم الجمعة ضحى ببغداد عند الجسر . . . وكأن الإمام (صلوات الله عليه) ترك ابن سويد ليفهم الأمر بصورة خاطئة ولم يوضح له الحقيقة من الفرج المقصود عند الإمام وهو وفاته
فلماذا ترك الإمام ابن سويد لفهمه الخاطئ والذي رتب عليه ابن سويد إخبار شيعة الإمام وطرق الأبواب ليدعوهم للقاء لن يتحقق؟؟
هل كان الإمام (صلوات الله عليه) يريد تضليل الأمة ؟ وحاشاه
أم أن هناك رسالة عميقة كان الإمام يريد إيصالها لهذه الأمة ؟
وبالتأكيد فإن فعل الإمام فعل هادف موزون لا يمكن إلا أن نفسره على أن هناك رسالة عميقة ومهمة كان يجب أن تصل للأمة، فما هي هذه الرسالة ؟؟
الظاهر أن الأمة في زمن الإمام (صلوات الله عليه) لم تكن أيقنت بعد أهمية وجود الإمام بين ظهرانيهم ,لم تكن الامة قد وصلت إلى مستوى من الوعي بضرورة الدفاع عن إمام زمانها , مازالت الأمة ترى في الإمام الإنسان الطيب الصالح الذي تحبه لا الإمام المعصوم الذي يجب أن تطيعه وتدافع عنه وتفديه بروحها .
نعم يبدو أن الأمة لم تكن قد وصلت إلى مرحلة من النضج الفكري الذي يلهبها روح التضحية والثورة لتنتفض على هارونها محررة إمامها من السجن.
فكان لا بد للإمام المربي أن يوقظ الأمة بعد سباتها وغفلتها هذه وأن يوجه لها صعقة جديدة لتدب فيها الحياة مرة أخرى فاتخذ هذا الأسلوب بأن جعل الأمة تتهيأ لفرحة كبيرة وهي خروج الإمام الطيب من السجن فتنشرح بذلك النفوس وتهدأ بذلك الضمائر شبه الحية فيعاجلهم خبر استشهاد إمامهم مسموما والأغلال في يديه على مرأى من هذه الأمة التي تدعي المحبة وتكون صاعقة هذا الخبر أشد وطـءاً لتستيقظ الأمة وتعلم مقدار تقصيرها بحق إمامها الذي تركته يساق من سجن لسجن وهي تقف موقف المتفرج.
وبالتأكيد أن خبر استشهاد الإمام في وقت تتأمل الأمة أن تفرح بخروجه من السجن أوقع في النفوس وأشد إيلاما وأكبر تأثيرا.
لذا نرى أن هذه الصعقة قد حركت الأمة وأعادت لها نبض الحياة فخرجت الجماهير لتشييع هذا الإمام بتظاهرة صارخة تتحدى الطاغوت لكنها متأخرة هذه التظاهرة كان يجب أن تكون في حياة الإمام إعتراضا على سجنه.
وهكذا كانت حياة الإمام ثمناً غالياً لصحوة الأمة من جديد كما كانت حياة الحسين (صلوات الله عليه)
واليوم أين أمتنا من أئمتنا؟ هل عرفنا قيمة الإمام المفقود؟ هل وصلنا لإعطائه حقه إلى الحد الذي تكون فيه نفوسنا بين يديه يفعل فيها ما يشاء؟
والله العالم