بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
الامام علي عليه السلام وتواضعه
1 - قال العلامة المجلسي رحمه الله: (بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام أنه قال: أعرف الناس بحقوق إخوانه، وأشدهم قضاء لها أعظمهم عند الله شأنا، ومن تواضع في الدنيا لأخوانه فهو عند الله من الصديقين، ومن شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام حقا، ولقد ورد على أمير المؤمنين عليه السلام أخوان له مؤمنان أب وابن، فقام إليهما وأكرمهما وأجلسهما في صدر مجلسه وجلس بين أيديهما، ثم أمر بطعام فاحضر، فأكلا منه، ثم جاء قنبر بطست وإبريق خشب ومنديل ليلبس (خ ل)، وجاء ليصب على يد الرجل، فوثب أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ الأبريق ليصب على يد الرجل، فتمرغ الرجل في التراب، وقال: يا أمير المؤمنين ! الله يراني وأنت تصب على يدي ؟ قال: اقعد واغسل فإن الله عز وجل يراك وأخوك الذي لا يتميز منك ولا ينفصل عنك يخدمك، يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا وعلى حسب ذلك في مماليكه فيها.
فقعد الرجل، فقال له علي عليه السلام: أقسمت بعظيم حقي الذي عرفته ونحلته، وتواضعك لله حتى جازاك عنه بأن تدنيني لما شرفك به من خدمتي لك لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبرا، ففعل الرجل ذلك، فلما فرغناول الأبريق محمد بن الحنفية، وقال: يا بني ! لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده ولكن الله عز وجل يأبى أن يسوي بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان، لكن قد صب الأب على الأب فليصب الابن على الابن، فصب محمد ابن الحنفية على الابن، ثم قال الحسن بن علي العسكري عليهما السلام: فمن اتبع عليا على ذلك فهو الشيعي حقا).
2 - الصادق عليه السلام: (كان أمير المؤمنين عليه السلام يحطب ويستسقي ويكنس، وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز).
3 - (الأبانة) عن ابن بطة، و(الفضائل) عن أحمد: أنه اشترى تمرا بالكوفة، فحمله في طرف ردائه، فتبادر الناس إلى حمله وقالوا: يا أمير المؤمنين ! نحن نحمله، فقال عليه السلام: رب العيال أحق بحمله.
4 - عن أبي طالب المكي في (قوت القلوب): كان علي عليه السلام يحمل التمر والمالح بيده ويقول:
لا ينقص الكامل من كماله * ما جر من نفع إلى عياله
5 - زيد بن علي: إنه كان يمشي في خمسة حافيا ويعلق نعليه بيده اليسرى: يوم الفطر والنحر والجمعة وعند العيادة وتشييع الجنازة ويقول: إنها مواضع الله واحب أن أكون فيها حافيا.
6 - زاذان: إنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو ذاك يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ: (تلك الدار الاخرة نجعلها )الاية (1).
7 - عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام على أصحابه وهو راكب، فمشوا خلفه فالتفت إليهم فقال: لكمحاجة ؟ فقالوا: لا، يا أمير المؤمنين ! ولكنا نحب أن نمشي معك، فقال لهم: انصرفوا فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي، قال: وركب مرة اخرى فمشوا خلفه، فقال: انصرفوا فإن خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النوكي.
(1) 8 - عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام: أن عليا عليه السلام صاحب رجلا ذميا، فقال له الذمي: أين تريد، يا عبد الله ؟ قال: اريد الكوفة، فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه علي، فقال له الذمي: أليس زعمت تريد الكوفة ؟ قال: بلى، فقال له الذمي: فقد تركت الطريق ! فقال: قد علمت، فقال له: فلم عدلت معي وعلمت ذلك ؟ فقال له علي عليه السلام هذا: من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبينا، فقال له: هكذا ؟ قال: نعم، فقال له الذمي: لاجرم إنما تبعه من تبعه لافعاله الكريمة، وأنا اشهدك أني على دينك، فرجع الذمي مع علي عليه السلام فلما عرفه أسلم.
9 - وترجل دهاقين الأنبار له وأسندوا بين يديه، فقال عليه السلام: (ما هذا الذي صنعتموه ؟ قالوا: خلق منا نعظم به امراءنا، فقال: والله، ما ينتفع بهذا امراؤكم، وإنكم لتشقون به على أنفسكم، وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وما أربح الراحة معها الأمان من النار (2).
(1) - النوكى: جمع الأنوك، الاحمق.
(2) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 53 - 56