|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 48151
|
الإنتساب : Feb 2010
|
المشاركات : 2,264
|
بمعدل : 0.42 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
هجرة الرسول(ص) للمدينة
بتاريخ : 05-11-2013 الساعة : 12:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهجرة للمدينة
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
إن وجود فكرة الهجرة فى نفس أى إنسان يعنى وجود سبب لوجودها وحتى نتحدث عن هجرة الرسول (ص)لابد أن نقارن بين المهاجر الآمن والمهاجر غير الآمن فالمهاجر الآمن يكون سبب هجرته هو نفع يظن تحققه له من خلال الهجرة وهو يعرف أن لكى يهاجر لابد أن يصفى أمواله فى البلد الذى سيهاجر منه بقدر الإمكان وهو قبل هجرته قد ذهب لبلد الهجرة ليعد سكنه ويعلم ماذا يفعل فيها ليحصل على الرزق ومن ثم فهو إذا انتهى من تصفية ماله حمله ومتاعه على وسائل النقل وهو يعرف أماكن توقفه فى الطريق لبلد الهجرة ويعد الطعام والشراب اللازم لسفره حتى لا يحتاج لشىء أو يعرف أحد يعد له المكان والوظيفة ويكون سفره غالبا فى النهار وأما المهاجر غير الآمن أى الخائف فسبب هجرته دفع الضرر عن نفسه وهو يعلم أنه لا يقدر على تصفية أمواله فى بلده لأن هذا سيلفت نظر العدو لما يريد فعله وهو يريد الهجرة إلى أى مكان يظن أنه سيحصل فيه على الأمن فليس عنده اختيار للمكان إلا من خلال معرفته وسماعه بالبلاد الأخرى ومن ثم فهو يحاول التخلص من أمواله تدريجيا أو يحمل ما خف حمله وغلا ثمنه فقط عند هجرته وهو لا يسلك طريقا معلوما حتى لا يبحث عنه عدوه فيجده وإنما يسلك طريقا مجهولا للعدو ويسافر غالبا فى الليل لأنه أخفى له ولا يكشفه لعدوه وهو يحاول أن يسلك أقصر الطرق وأسرعها ووسيلة هجرته ليست محددة فهى حسب الظروف وهو يعد الطعام الذى سيأخذه حتى لا يتوقف فى طريقه وحتى لا يقابل أناس قد يبلغون عدوه إذا اشترى منهم الطعام أو الشراب وهو إذا وصل مكان هجرته وصل متعبا مرهقا وهو مضطر للبحث عن سكن وعمل إذا كان لا يعرف قريبا أو صاحبا له فى البلد التى هاجر إليها
وهجرة محمد(ص)مرتبطة بهجرة المؤمنين قبله ومن ثم لا يمكن أن نتحدث عن هجرته دون الحديث عن هجرتهم التى كانت تمهيدا لهجرته وإقامة مأوى له ولهم وقد شرع الله الهجرة للمؤمنين بسبب استضعاف كفار مكة لهم فأنزل العديد من الآيات التى تحثهم وتأمرهم بالهجرة حرصا على دينهم حتى لا يدخلوا النار ومنها قوله تعالى بسورة الزمر "قل يا عبادى الذين امنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة "وقوله بسورة العنكبوت "يا عبادى الذين أمنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون "وقوله بسورة النساء "ومن يهاجر فى سبيل الله يجد مراغما كثيرة وسعة "وقوله "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم "فالآيات الأولى تحث على الهجرة من أجل تقوى الله وهى عبادته والحصول على الرزق الكثير وهو السعة والآية الأخيرة تأمرهم بالهجرة لأن عدم الهجرة عقابه هو دخول النار ولم تكن هجرة المؤمنين عشوائية فقد نظمها النبى (ص)من حيث المكان لأن الله حدد المكان وهو الدار التى سيهاجرون لها وهى البلد الذى آمن كثير منهم بالإسلام وفيهم قال تعالى بسورة الحشر "والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم "ونظمها من حيث الخروج فلم يطلب منهم الخروج الجماعى وإنما طلب منهم الخروج التدريجى كل عدة أيام أسرة أو اثنين حتى لا يأخذ الكفار حذرهم فيمنعونهم من الهجرة أو يقتلونهم وحتى لا يظنوا أنهم يعدون العدة لقتالهم فى المستقبل وسبب الهجرة وصف فى سورة النساء بالإستضعاف وفسره الله بسورة النحل بالظلم فقال "والذين هاجروا فى الله من بعد ما ظلموا "وفسره فى نفس السورة بالفتنة وهى الإيذاء بشتى الوسائل وهو قوله "ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا "وبعد هجرة بعض المسلمين للمدينة بقى فى مكة البعض الأخر وقد أقلق الكفار وجودهم فاجتمع كبارهم فى مكان التشاور عندهم واتفقوا على خطة لطرد البقية الباقية من مكة وقد قامت هذه الخطة على التالى :
- إخراج الضعفاء الذين ليس لهم قوة ولا عصبية إخراج علنى ومن ثم الإستيلاء على بيوتهم وأموالهم
- المظاهرة على إخراج أقوياء المؤمنين وذلك بأن يقوم أهل المؤمن بإخراجه مع مساعدة الأهالى الأخرين لهم وفى هذا قال تعالى بسورة الممتحنة "إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم "وقال بسورة البقرة "والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله "ولم يجد المخرجون مكانا سوى المكان الذى هاجر إليه اخوانهم من قبل وهو المدينة ولم يتبق فى البلد الحرام سوى العبيد ومن لهم أهل لا يرضون بطردهم وقد اتفق الكفار على إخراج هؤلاء ومنهم النبى (ص)وكان الهدف من عمليات الإخراج والطرد هو الحصول على أموال المؤمنين وبيوتهم وقد عمل الكفار على استفزاز النبى (ص)والمراد على إيصال الضرر والأذى له حتى يترك أرض مكة طاردا نفسه وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها"
وقد بين الله لنبيه(ص")أن الكفار لو نجحوا فى إخراجه وهو طرده من البلد الحرام ما لبثوا بعد خروجه سوى وقت قليل وهذا يعنى أنه سيهلكهم جميعا وفى هذا قال تعالى فى بقية الآية السابقة "وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا "ونتيجة علم الكفار بهذه الآية كفوا عن استفزازه واتجهوا اتجاها أخر هو البحث عن علاج أخر يخلصهم من النبى(ص)دون أن يعرضوا أنفسهم لهذا الهلاك وكأن الله لن يعاقبهم على هذا العلاج الأخر فاجتمعوا فى مكان مشورتهم وبحثوا عن الحلول المخلصة فتفرقوا لثلاث جماعات الأولى طالبت بتثبيته (ص)وهو حبسه فى سجن دائم والثانية طالبت بقتله والثالثة طالبت بإخراجه من مكة نهائيا وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك "وفى مقابل هذا المكر وهو تدبير المكائد لتنفيذ أحد الحلول كان مكر الله هو إصدار الأمر للنبى (ص)بالهجرة للدخول فى مدخل الصدق وقد أمر الله نبيه(ص)أن يقول بسورة الإسراء "وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا "وبناء على هذا الأمر كان لابد من الإعداد لرحلة الهجرة فقام النبى (ص)بالإتفاق مع صاحبه الصديق على الهجرة معا وجلسا يفكران فى حيلة وهى خطة الهجرة الخادعة للكفار مصداق لقوله تعالى بسورة النساء "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا "فقد استطاعا الحيلة وهى :
- إعداد وسيلة السفر التى يسافران بها
- إعداد ما يحتاجان إليه فى الرحلة من طعام وماء مع الاقتصار طبعا على الطعام الذى يعيش فترة أطول
- الخروج فى الليل والناس نيام
- الإختباء لمدة حتى يخف الطلب وينسى الناس أنهما لم يصلا لمقصدهما
- السير فى الطرق المجهولة فبدلا من الإتجاه للمدينة اتجهوا وجهة مغايرة وهو ما لا يتوقعه الكفار وساروا فى طرق غير مطروقة كثيرا بعد خروجهم من الغار
وقد خرج الصاحبان ليلا ولم يعلم أحد بوجهتهم وفى الصباح لم يجدهم الكفار فى مكة فلعبت بهم الظنون واعتزموا قتلهم ومن ثم كان النداء ابحثوا عن محمد وصاحبه واقتلوهما وزاد كبار القوم من قتلهما أو أسرهما أو أخبر عنهما فله الجائزة منا ومن ثم خرج كثير من الكفار حاملين سلاحهم للبحث وبلغة العصر لمطاردة الصاحبين وكان أن اقترب بعضهم من الغار وسمع الصديق أصواتهم فدخل الحزن وهو الخوف قلبه فعرف محمد(ص)ما به فقال لا تحزن عن الله معنا أى لا تخف إن الله منقذنا منهم فنزل جبريل(ص)بالسكينة وهى الوحى المطمئن على النبى (ص)فطمئن صاحبه فسكن قلبه وكان التأييد الإلهى جنود لم يراها الناس أى جنود خفية قامت بإبعاد الكفار عن الغار وطريق الصاحبين ولا يوجد تفسير للجنود الخفية يتفق عليه فهى تحتمل الملائكة وغيرهم من المخلوقات الخفية كالجراثيم التى تعمى أو تذهب السمع وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم "ومعنى الآية إن لم تؤيدوه فقد أنقذه الله حين طارده الذين كذبوا الوحى ثانى فردين إذ هما فى الكهف حين يقول لصديقه لا تخف إن الله منقذنا فأوحى الله طمأنينة له ونصره بعسكر لم تشاهدوها وجعل دين الذين كذبوا الذليل ودين الله هو العزيز والله قوى قاضى بالعدل ومن ثم رجع الكفار خائبين لمكة لم ينالوا شىء مما يريدون وكان لابد من عقابهم على مطاردتهم للنبى(ص)وصاحبه بغية قتلهم وكان العقاب هو الدخان المبين الذى أحال حياتهم لآلام مستمرة حتى قالوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون وفى هذا قال تعالى بسورة الدخان "فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون "وقد قالوا ما قالوه خداعا ونفاقا وقد كشف الله العذاب عنهم بعد فترة متوعدا إياهم بالبطشة الكبرى وهى عذاب القيامة بعد عودتهم إليه وفى هذا قال بسورة الدخان"إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون "ولا يمكن تفسير الدخان بأنه من علامات القيامة بسبب هو أن عذاب القيامة لا يكشف أى لا يخفف مصداق لقوله تعالى بسورة فاطر "ولا يخفف عنهم من عذابها "ونعود للصاحبين فنقول إنهما خرجا من الغار فى ظل حراسة الجنود الغير مرئية لهما وسارا بإتجاه المدينة فى دروب غير معلومة للكفار ووصل الصاحبان المدينة –يثرب-فى أمن وسلام واستقبلهم أهل المدينة المسلمون أفضل استقبال وكان لابد لهما من مأوى يبيتان فيه فباتا فى دور بعض المسلمين الأنصار وفى اليوم التالى كان لابد للنبى (ص)أن ينظم شئون دار الإسلام حتى تقدر على مواجهة الأعداء مستقبلا وكان للهجرة نتائجها فى مكة والمدينة ففى المدينة حدث التالى :
- تغيرت القيادة فبدلا من الرؤساء الذين كانوا فى المدينة أصبح النبى (ص)هو الحاكم بحكم الله ونتيجة لهذا التغير حدث النفاق فى بعض الناس من الرؤساء السابقين
- أصبحت أموال الأنصار برضاهم شركة مع المهاجرين حتى أنهم كانوا يعطون من نصيبهم الأخر للمهاجرين مؤثرين لهم على أنفسهم وهذا مايسمى الاقتصاد الإشتراكى أو اقتصاد الشراكة المتساوية وفى هذا قال تعالى بسورة الحشر"والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة "
- أصبح الأنصار والمهاجرين أولياء أى أنصار أى إخوة ينصرون بعضهم على عدوهم وإخوة فى المال يتقاسمونه وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "إن الذين أمنوا وهاجروا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض "
- أسس المسلمون مسجد التقوى وهو مسجد النبى (ص)حتى يكون بيتا للصلاة وأعدوا مكان للتشاور ومدرسة للتعلم ومحكمة للفصل بينهم ومأوى لمن ليس له مأوى منهم حتى يجد المأوى له
- أسس النبى (ص)بيتا له ولنساءه بالإشتراك مع المسلمين
- عقد النبى (ص)مع أهل الأديان الأخرى فى المدينة عقد ينص على التعايش السلمى وعلى حماية المدينة ممن يريدون أهلها بسوء
وأما فى مكة فقد حدث التالى :
-نزول العذاب الممثل فى الدخان على الكفار نتيجة إلحادهم وهو ظلمهم للنبى (ص)والمؤمنين وفى هذا قال تعالى بسورة الحج"ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم "
-استولى الكفار على دور النبى (ص)والصديق ومن هاجر أو أخرج وما فيها من متاع وفى هذا قال تعالى بسورة الحشر "للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم "
-إزداد الكفار فى تعذيب المسلمين الضعاف خاصة بعد كشف عذاب الدخان عنهم حتى جعلوا غالبيتهم يكفرون بالإسلام فى الظاهر وإن كانت قلوبهم عامرة بالإيمان وفيهم قال تعالى بسورة النحل "وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان "وعملوا على إخراج من لديه مال أو ديار من المسلمين بشتى الوسائل حتى لحقوا بالنبى (ص)فى المدينة وذلك حتى يستولوا على المال والدور
وعلى المستوى التاريخى كانت الهجرة نقطة تحول فبعد أن كان المسلمون مشردين ضعفاء أصبح لهم دولة تحميهم فالهجرة كانت بداية الدولة الإسلامية ومن ثم يعتبر حادث الهجرة من أهم الحوادث فى تاريخ المسلمين مثله مثل نزول الوحى الإلهى على النبى (ص)وإكتمال الدين الإسلامى وكلها أحداث تمثل سلسلة متماسكة متتابعة كان لابد من حدوثها
|
|
|
|
|