لماذا اهتز الفاتيكان لحادث مهاجمة الحمائم .
موضوع متمم ، تحليل لظاهرة جديدة.
مصطفى الهادي .
الحمائم البيضاء هي من الرموز المقدسة جدا في المسيحية وقيام الفاتيكان باطلاق هذه الحمائم له دلالات كبيرة تنطلق من صميم عقائد المسيحية.
فلماذا؟ ...
يقول الإنجيل : بعد أن اعتمد السيد المسيح عليه السلام في نهر الأردن على يد يوحنا انفتحت السماء ونزل الوحي عليه وقد كان نزول الوحي على هيئة (حمامة بيضاء استقرت على كتف السيد المسيح) كما جاء في إنجيل متى : (( فلما اعتمد يسوعُ صعد للوقت من الماء، وإذا السماوات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه)) . (1)
ثم تتالى نزول الحمائم على حواريين السيد المسيح وعلى القديسين ومن هنا فإن تقليد الفاتيكان ينطلق من عقيدة إنجيلية مقدسة مفادها ان الحمامة البيضاء هي (الوحي)ولذلك حفلت كل كنائس العالم باختلاف مذاهبها على رسم الحمامة البيضاء في كنائسها فلا تكاد ترى كنيسة تخلو من هذه الحمائم ، ولكن ما حصل في باحة القديس بطرس عند النافذة المقدسة ـــ التي اعتاد البابا ان يلتقي من خلالها مع الناس او الالقاء الخطابات او لإعلان الاشياء المهمة ـــ كان حدثا مهما تشائمت منه الكنيسة بشدة وعقدت اجتماع لمناقشة مسألة مهاجمة ( الغراب وطير النورس) لحمامتي السلام اللتان تمثلان الوحي الروح القدس.
وذلك لأن المسيحية تتشائم جدا من الغراب الذي تعتبر ظهوره في اي حدث مصدر الخراب ومطمار الخلاء اي ابادة المكان كما جاء في سفر إشعياء من اشارة إلى ذلك : (( والكركي والغراب يسكنان فيها ، ويمد عليها خيط الخراب ومطمار الخلاء)) . (2) ومن هنا اعتبرت الكنيسة الرومانية ان مهاجمة هذا الطائرة للحمائم نذير شؤم وله دلالات يجب دراستها كما جاء في نص الفيديو الذي نشرته وكالات الانباء العالمية.
الغراب طائر مفترس يعيش على الجيف وصيد الحيوانات الصغيرة ولكنه لا يهاجم الطيور الكبيرة ويعيش معها ــ انظر الصورة المرفقة ـــ وطائر النورس ايضا لا يهاجم الطيور عادة (3) ومن هنا اصاب الخوف والتشائم الجميع من أن تكون هذه علامة نذير شؤم لكونها تحصل اول مرة والسؤال هو : لماذا لم يهاجم طائر النورس الغراب ، والغراب لماذا لم يهاجم طائر النورس بل كانا ينتظران يمين وشمال النافذة ومن الذي جمعهما في هذه اللحظة؟ وكيف انطلقا في توقيت معين لشن الهجوم القاتل على الحمائم البيضاء وتمزيقهما ثم الاختفاء في عمق السماء.
الكتاب المقدس نفسه يُجيبنا على هذا التساؤل فيقول بأن الرب هو من يأمر الطيور ان تأكل من اللحوم ويعتبرها جيشا يأتمر بامره كما ورد في سفر الرؤيا حيث يقول : ((فصرخ ــ الملاك ــ بصوت عظيم قائلا لجميع الطيور الطائرة في وسط السماء : هلم اجتمعي إلى عشاء الإله العظيم، لكي تأكلي من لحوم ملوك ... ولحوم الكل حرا وعبدا صغيرا وكبيرا... وجميع الطيور شبعت من لحومهم)) . (4)
من هذا النص نستطيع القول ان الطيور هي جنود الله تاتمر بأمره كما يقول في القرآن : (( وارسلنا عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل)).(5)
المراجع .
1- إنجيل متى 3: 16إنجيل مرقس 1: 10. اضافة إلى متى فقد جاء نزول الوحي على عيسى على هيئة حمامة في ثلاث مواضع وهي قول مرقس المتقدم ، وكذلك لوقا في 3 : 22 : (ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة) . وذكره ايضا يوحنا في 1 : 32 فقال : (وشهد يوحنا قائلا : إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه).
2- سفر إشعياء 34: 11
3- طائر النورس المهاجم من فصيلة نورس الريسا (الاسم العلمي:Rissa) هو جنس من الطيور من رتبة الزقزاقيات وهو المعروف بـ (زمج الماء) يعيش على الاسماك والقشريات ولا يهاجم الطيور بل يعيش معها.